أحمد الكردى                   

 

وفى سبيل العمل على تحسين أداء العاملين في المنظمات الخيرية عموماً, فلقد تقدمت بهذه المقالة لتركيز الرؤيه على العوامل المؤثرة على تنمية الأداء فى المنظمات الخيرية للعمل على وضع الحلول المناسبه للوصول بالمنظمات الخيرية إلى مستوى من الأداء يحقق الأهداف ويغطي احتياجات الشرائح المستفيدة من أعمال تلك المنظمات وتسعى لتحقيق هذه الرؤية من خلال تزويد العاملين بالمعلومات النظرية والتجارب التطبيقية التي من شأنها تحسين أدائهم وتحقيق أهدافهم , لذا كان من اللازم البحث فى العوامل المؤثره ومن أهمها :.

أولاً: توافر القناعة والاهتمام بالتعلم والنمو في المنظمات الخيرية .

 

إن الذي يتابع ويهتم سيجد أن هناك اختلافاً وتبايناً كبيراً في قناعة القائمين على الجهات الخيرية، وهذه القناعة بالتتبع يمكن تقسيمها إلى الأقسام التالية:

 

 الفئة الأولى : عدد من المنظمات الخيرية لا يؤمن القائمون عليها بأي فائدة للتعليم والتنمية البشرية للأفراد العاملين وليست لديهم قناعة بهذه العملية وبالتالي فهم لا يهتمون به إطلاقاً . أو أن قناعتهم محل تردد ومما يبقيها محدودة لا ترقى إلى مستوى الاهتمام بالتدريب وتحويله إلى برامج وميزانيات.

 

أسباب عدم القناعة هذه عادة تنحصر في النماذج التالية:

في بعض المنظمات الخيرية ما زال القائمون عليها من كبار السن البعيدين عن التغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع ، وهم غالباً محدودي الثقافة ولا يرون حاجة للاستفادة من المستجدات في العلم والوسائل .  ومثل هؤلاء تثبت التجربة والدراسه أنه لا يمكن حل المشكلة في وجودهم، أي أنه لابد أن يتغيروا، أو يتم تجاوزهم من خلال أفراد لديهم سلطة وصلاحيات أكبر.

 

في بعض المنظمات كان القائمون عليها يعتقدون -عن قناعة وجزم- بأن التدريب ليس سوى تسلية وضحك، وأنه يترتب عليه تعطيل للعمل.. وهذا الاعتقاد نشأ لأنهم قد حضروا بأنفسهم دورات تدريبية فكان الوضع مصداقاً لما قالوا. ومثل هؤلاء يجب أن توجه الجهود لتغيير قناعتهم من خلال دعوتهم لبرامج تدريبية مجانية جادة لمدربين متمكنين حتى يروا الصورة الإيجابية الحقيقية للتدريب.و مثل هذه الفئة تقل بشكل متزايد.. لكن وجود نماذج منها يسبب تأخراً كبيراً في انتقال المنظمة الخيرية إلى مرحلة تناسب التحديات المعاصرة.

 

الفئة الثانية: على العكس من الفئة الأولى فهناك عدد من المنظمات الخيرية تجد لدى بعض المسئولين فيها قناعة كبيرة مغرقة وإيماناً جازماً في النتائج الايجابية للتعلم والنمو للأفراد العاملين .. تحولت معه هذه القناعة إلى ما يشبه إدمان حضور الدورات التدريبية والعناية بها، وتجد أن غالب برامج المنظمة مرتبطة بالتدريب.. ويوجه جزء كبير من التفكير والتخطيط والموارد إلى التدريب وكأنه كفيل بحل كل المشكلات الإدارية -وغير الإدارية- فتراهم يحضرون الدورات تلو الأخرى عشوائياً وبتكرار وبلا أي تحسن أو تطور ملموس.

بل تجاوز البعض ذلك إلى حد أن أصبحوا يخططون لجعل التدريب أحد الموارد المالية للمنظمة الخيرية التي يقومون عليها .

 

لذا يمكن تركيز المشكلة والدراسة على شخص المسئول الذي أغرق في تبني التدريب ومناقشته لربطه بالأهداف المثلى والعامة للمنظمة الخيرية، أو تقليص صلاحياته وتأثيره بما يحقق التوازن المطلوب.

 

الفئة الثالثة: توجد جهات خيرية لدى القائمين عليها قناعة معتدلة، تحولت إلى اهتمام متوازن بأداء العمليات الخاصة بجانب التعلم والتنمية للأفراد العاملين بالمنظمة الخيرية  . فتجد أنهم يرسلون الأفراد العاملين أو مسئوليهم قدر الإمكان لحضور البرامج والانتفاع منها بما يحقق مصالح العمل. ويسعون لتوفير الدعم اللازم الخاص لصرفه على التدريب بشكل منظم قدر الإمكان.

 

إن بعض هذه المنظمات التي تكونت لديها القناعة بأهمية التعلم والنمو للأفراد العاملين ، وما زال الكثير منها لم يحول هذه القناعة إلى أفكار وخطط وبرامج عملية تطبق على أرض    الواقع، والذين فعلوا هذا، لم تتحول البرامج والخطط لديهم إلى استثمار مالي مدروس. والأسباب قد تختلف بعضها مما يمكن تجاوزه والبعض الآخر عائق حقيقي.. وسيتضح ذلك فيما يلي من فصول.

 

الفئة الرابعة: هناك منظمات خيرية يعتري القائمين عليها ما يشبه الموجة في القناعة والعناية بالتدريب، فجأة يصبح كل الحديث عن التدريب ويطلب من تنمية الموارد البحث عن متبرعين ، ويطلب من كل موظف حضور بعض الدورات.. ثم فجأة ينتهي كل شيء ويتوقف بلا سبب واضح إلا الحماس غير المنضبط ويرتفع النداء بترشيد النفقات وتوجيهها للمحتاجين..إلخ. و سبب ذلك هو الاجتهادات الفردية وتغير المسئولين. لذلك يجب ارتباط التدريب بآلية وبرنامج تطويري واضح.

 

* ماذا عن اهتمام المسئولين بالتطبيق العملي:

في كثير من المنظمات الخيرية التي مارست عمليات التعلم والنمو لرأس المال البشرى لديها لم يكن هناك مقاييس لتقييم الأداء المتوازن لعمليات النمو والتعلم والإبتكار ولم يكن هناك اهتمام ومتابعة من قبل المسئولين لنقل أثر التدريب إلى واقع العمل . بل إن المتدربين كثيراً ما يأتون بحماس كبير لممارسة ما تعلموه فيفاجئون بواقع يصادم ذلك.. ويواجهون مقاومة من قبل رافضي التغيير.

 

والمشكلة ليست في الدورة التدريبية أو شخصية المتدرب، بقدر ما هي في الإدارة التي لم تكن راغبة ولا صادقة ولا موضوعية في زيادة فاعلية عمليات العليم والنمو للأفراد العاملين بالمنظمة الخيرية عن طريق وضع معايير للأداء المتوازن لعمليات التنمية يستطيع من خلالها فريق العمل المدار ذاتيا من قياس الأداء المتوازن لجانب رؤية التعلم والنمو والإبتكار ونقل أثر التدريب وتطبيقه في واقع العمل الخيري.

 

ثانياً: مدى فاعلية المسئولية عن التعلم والنمو في المنظمات الخيرية .

 

الاهتمام بعمليات التنمية للأفراد العاملين على مستوى كثير من المنظمات الخيرية، وحتى في المنظمات التي ما زالت القناعة العامة والاهتمام فيها ضعيف بالتدريب نجد ما يمكن أن نسميه بحركات الالتفاف حول مقاومي التدريب .

 

إن المسئولية عن وجود التدريب الإداري في الجهات الخيرية يمكن أن يندرج تحت إحدى الفئات التالية:

 

الفئة الأول: كثير من المنظمات الخيرية لا يوجد فيها مسئول محدد عن التدريب وإنما يتم الأمر باجتهادات فردية مبعثرة من قبل المدير وبعض العاملين المهتمين بالتدريب.

 

لذلك لا بد أن تسعى كل منظمة خيرية مهما كان حجمها لوضع مسئولية التدريب بشكل واضح ومعلن ضمن مسئوليات شخص محدد. ولا سيما أن يكون أحد أفراد الفريق المدار ذاتيا أن يهتم بجانب التعلم والنمو لباقى أفراد الفريق وأن يكون مسؤل عن قياس الأداء المتوازن لعمليات النمو والتعلم حتى يستطيع الفريق من الرقابة الذاتية على تقييم وتصحيح المسار والإنحرافات نحو الأداء المتوازن لعمليات التنمية الفعالة .

 

الفئة الثانية: بعض المنظمات الخيرية تجد المدير فيها هو المسئول عن التدريب، وقد يكلف أحد العاملين بتحمل مسئولية التدريب.. وهذا هو حال أغلب المنظمات الخيرية التي تجاوزت قصور الفئة الأولى، وهم بلا شك قد تجاوزوا مرحلة ولكن بقيت أمامهم مراحل.

إن المشكلة في هذه الفئة هي أن المدير أو الموظف رجل غير متخصص ولا متفرغ لقضايا التدريب ولا يملك الخبرات اللازمة لتوجيهها بالطريقة الفعالة المناسبة، وإنما ينظر إلى العناوين الجذابة في الغالب أو التي لها احتياج ظاهر جداً (مثل دورة إدارة المخازن والمستودعات)، ويحاول اقتناصها مجاناً أو برسوم مخفضة. وينتهي الأمر عند نهاية الدورة فلا تجد متابعة لتطبيقها ونقلها إلى بقية العاملين في المنظمة.

 

الفئة الثالثة: بعض المنظمات الخيرية تولي مسئولية التدريب شخصاً مطلعاً على قضايا التدريب أو خبيراً متخصصاً في التدريب ( متعاوناً بأجر أو من غير راتب ليتفرغ فقط في وقت محدود) لمتابعته خلال أوقات محددة والتخطيط للأمر بشكل سليم ومتابعة التنفيذ. والنتيجة وجود جدية أكبر من الجميع وتحقيق فائدة ملموسة واستثمار طاقات معطلة في المجتمع.

 

تبقى إشكالية أن هذا الأسلوب -وإن كان أفضل مما سبقه- إلا أنه لا يجد نجاحاً كبيراً لأن هذا الشخص لا يملك عادة الوقت الكافي لمتابعة تنفيذ البرامج التدريبية وتقويمها بعد التخطيط بشكل سليم

   وحلقة الوصل تكمن في أن تقوم المنظمة الخيرية بتعيين شخص دائم من العاملين لتولي مسئولية التنفيذ حسب المخطط له والتواصل مع المستشار المعني والعمل تحت إدارته. 

 

ثالثاً: مدى توافر الإمكانيات المتاحة للتعلم والنمو في المنظمات الخيرية .

 

والمقصود بالإمكانيات هنا ما يتعلق بتوفير بيئة تدريب مثالية تتكامل فيها جميع الاحتياجات المطلوبة المالية والعينية كقاعة مناسبة وأجهزة وضيافة وغير ذلك .

 

سنجد أن الجهات الخيرية التي تمارس عمليات التعلم والنمو تنقسم إلى الفئات التالية:

 

الفئة الأولى : هناك الكثير من المنظمات الخيرية لا تفكر في موضوع الإمكانيات المتاحة لعمليات التنمية للأفراد العاملين لديها إلا كعنصر لاحق بعد ترتيب إقامة الدورة مع المدرب، وهذا يسبب الكثير من الفوضى والنقص وتأخير الترتيبات عند وقت تنفيذ الدورة التدريبية.. ومن ثم الرضى بما هو متوفر من إمكانيات متواضعة أو دفع الكثير من المال لتوفيره.

لذلك يجب أن ينظر إلى مستلزمات وبيئة التدريب باعتبارها عنصراً هاماً في نجاح العملية التدريبية وترتب بشكل كامل ومبكر.

 

الفئة الثانية: بعض المنظمات الخيرية تملك تجهيزات كبيرة تتمثل في قاعات تدريب مثالية ومتكاملة، وقد قامت بإعدادها بناء على استشارة متخصصين لتؤدي أهداف التدريب بمختلف أنواعه وتلبي جميع احتياجاته. ومن ثم حققت الكثير من الفوائد المادية والمعنوية.

 

الفئة الثالثة: جهات خيرية لا تملك الإمكانيات المتاحة ولكنها تبحث وتجتهد في توفير المناسب عن طريق جهات خارجية مثل: الجهات الخيرية الأخرى أو الفنادق المتاحة أو مراكز التدريب أو بعض الجهات الرسمية التعليمية ذات الإمكانيات المتوفرة أو الغرف التجارية وغيرها.

ويمكن فى هذا الصدد بتكليف فرد فيها بالتفرغ لعمل جولة على الفنادق والجهات ذات التجهيزات المتاحة في المنطقة، وذلك بهدف عمل قاعدة بيانات بالمواقع التي يمكن الاستفادة من خدماتها في إقامة الدورات إما بمقابل رمزي أو مجاناً.

كما أن عدداً من المنظمات الخيرية قامت بشراء أجهزة التدريب الثمينة ومن ثم إعادة تأجيرها برسوم مناسبة لمن يرغب في الاستفادة منها. 

 

الفئة الرابعة: بعض المنظمات الخيرية لا تلقي بالاً لموضوع التجهيزات مهما نقصت، المهم هو عقد دورة كيفما اتفق.. وقد ينظر إلى الاستفادة من الفنادق أو الانتقال إلى مكان آخر على أنه نوع من المبالغة لا حاجة لها.

 

 

الواقع أن تكاليف التدريب الإداري تبدو مرتفعة للمنظمات الخيرية التي تشترك في محدودية الموارد المالية غالباً، وهذا الارتفاع جعل المنظمات الخيرية تقع في شيء من الصور التالية:

 

الصورة الأولى: جهات لا تضع في ميزانيتها أي بند للتدريب، وترى أن عليها أن تبحث عن التدريب المجاني وتقتنص الفرص المتاحة وأن ذلك سيكفي للنهوض بها نحو تحقيق أهدافها..

ولا شك أن التدريب المجاني لا يضمن السير بخطة منظمة فضلاً عن كونه أقل جودة والتزاماً. خاصة إذا اتفقنا على أن المدرب جزء أو عنصر واحد من عناصر العملية التدريبية وليس هو كل العناصر، وإن كان أكثرها أهمية.

 

الصورة الثانية: جهات لا تضع ميزانية للتدريب من باب التورع عن إنفاق أموال المتبرعين على تدريب العاملين. وربما يتعرض هذا الأمر للنقاش على مستوى كل منظمة خيرية تمر بهذه الصورة.

 

الصورة الثالثة: جهات قامت بتخطيط برنامج تدريبي للعاملين، ثم قامت بإحضار العروض المالية من جهات التدريب المتخصصة.. ثم قامت بعرض الخطة والأسعار على أحد الداعمين ليدعم هذا البرنامج كمشروع مستقل.

و أكثر من حالة وجدت نجاحاً بالسير في هذا الاتجاه، خاصة أن بعض المتبرعين يعد هذا النوع من الإنفاق جديداً وأكثر أهمية من غيره.

 

الصورة الرابعة: جهات ترصد جزءاً من ميزانيتها لتدريب وتطوير العاملين وتطلب من إدارة تنمية الموارد دعم هذا الجزء من الميزانية. وهذه الجهات قليلة جداً وإن كانت تسير في الطريق الصحيح لجعل التدريب وسيلة لتنمية الموارد البشرية كمهمة لا تقل أهمية عن تنمية الموارد المالية.

 

    الصورة الخامسة: بعض المنظمات الخيرية توفيراً لقيمة وتكاليف التدريب الإداري تقوم بإعداد كل ما يلزم للدورات من مخاطبة وتنسيق أمور المدربين والمتدربين وموقع التدريب وإعداد وتصوير المواد التدريبية وإحضار الضيافة.. ثم تسعى لجعل التدريب وسيلة من وسائل تنمية المورد المالي لنفس الجهة. و لم يقدروا التكاليف الحقيقية التي وقعوا فيها: تكاليف العمال القائمين بكل هذا، وتكاليف الوقت وتكاليف الجهد، وتكاليف الانشغال عن الدور الحقيقي للمنظمة، وتكاليف الفشل إذا حدث، وتكاليف الوصول إلى مرحلة الاحتراف في هذا العمل.. إلخ. وهذا كله يمكن أن يكفوه بالدفع مباشرة لجهة متخصصة تضمن لهم النجاح والجودة .

 

أحياناً يتطلب حجم المنظمة الخيرية وعدد العاملين بها وجود مكان مخصص ومهيأ للتدريب وهذا لا شك أنه يساعد في توفير التكاليف.

 

وتشير بعض الدراسات السابقة إلى عدة مقترحات لعملية لخفض تكاليف دورات التنمية البشرية  في المنظمات الخيرية:

 

1- عقد اتفاقيات تعاون خاصة مع مراكز التدريب الخاصة والمدربين برسوم مخفضة وتسهيلات دفع تناسب المنظمات الخيرية.

2- الاستفادة من المدربين الموجودين في نفس المنطقة،  بحيث يمكن الحد من تكاليف السفر.. أو التنسيق بين عدة جهات خيرية للاستفادة من المدرب خلال زيارته للمنطقة في وقت واحد.

3- عقد اتفاقيات خاصة مع الفنادق لخفض رسوم القاعات والوجبات الخفيفة والوسائل المساعدة أو الحصول عليها مجاناً خاصة في أوقات الخمول وعدم وجود مواسم.

4- تكوين قاعدة بيانات للقاعات المجانية المناسبة التي يمكن الاستفادة منها في نفس المنطقة.

5- توفير تمويل من جهات الدعم الخيرية أو المتبرعين لشراء أجهزة التدريب، ومخاطبة محلات التوريد لتقديم عرض خاص للجهات الخيرية، والتنسيق بين أكثر من جهة لشرائها بسعر الجملة.

6- التعاقد مع المكتبات لتوريد الأدوات المكتبية بأسعار مخفضة بكميات كبيرة تشمل: أقلام ومراسم ومذكرات وتصوير أوراق.

7- ترشيح وإعداد أحد منسوبي الجمعية ليتم تأهيله كمدرب داخلي يدرب الموظفين الجدد في الأعمال الأساسية مستقبلاً، ويستثمر فيه على المدى القصير لينفع الجمعية على المدى المتوسط والطويل .

8- تقصير وتكثيف الدورات من خلال التركيز على موضوعات تفصيلية تقدم كورش عمل قصيرة المدة وقليلة التكلفة بدلاً من عرض موضوعات عامة طويلة إلا للحاجة.

9- اعتماد التدريب على رأس العمل على أساس كونه مهمة أساسية لكل مشرف ورئيس في هذه الجهة.. ويتم الأمر بطريقة حرفية منهجية مقننة ومتابعة.

 

إذا وفقت الجهات الخيرية لكثير من هذه الخدمات سوف تستطيع الحصول على دورات مخفضة من مراكز التدريب المتخصصة، حيث يمكن أن يضمنوا مدربين ذوي كفاءة عالية ومواد تدريبية جيدة.

 

رابعاً: تعاون المنظمة الخيرية مع المدربين .

 

في جانب الأداء المتوازن لعمليات النمو والتعليم  يعتمد نجاح الدورات بشكل أساسي على المدرب، وذلك لأن المدرب أهم عناصر العملية التدريبية وليس كل العناصر طبعاً. لذلك فعلاقة المنظمات الخيرية بالمدربين يجب أن تكون علاقة عمل احترافية فيها وضوح كامل للمهام المطلوبة من كل منهم حتى تتحقق الأهداف بأفضل شكل ممكن. لكن الواقع يعكس في أحيان كثيرة لذلك أحب أن أوضح هنا أبرز الأخطاء المتكررة من خلال النماذج التالية..

 

النموذج الأول: بعض المنظمات تتعاون مع مدربين أكاديميين على اعتبار أنهم أفضل من يقدم لها التدريب. ومع أن هذه خطوة جيدة إلا أن هذا الوضع لن يكون هو الأمثل إلا إذا كان الهدف من التدريب نظرياً تأصيلياً بحتاً. فالأكادميين يتميزون بقوة البحث والتأصيل النظري ويتبعون الأساليب التعليمية المنطقية وهو أمر لا غنى عنه في المجتمع.

 

لابد من ملاحظة أن للاعتماد على الأكاديميين فقط في التدريب الكثير من الآثار غير الجيدة على المتدربين، وخاصة تلك الشريحة التي لم تحضر الدورات التدريبية من قبل ولا تفرق بين التدريب والتدريس.. وتلك الشريحة التي لم تكمل تعليمها الجامعي. 

 

النموذج الثاني: بعض المنظمات الخيرية تستقطب كل مدرب ذو شهرة خاصة في موضوع ما (إداري أو غير إداري) حتى لو لم تكن بحاجة لهذا الموضوع.. فالذي يحكمهم في المدربين هو السمعة وليس الاحتياج.

 

إن عدداً من المدربين اشتهر بقدراته الإلقائية والاجتماعية مع عدم وجود نفس القدر من العمق التدريبي أو الخبرة العملية التي تساهم في إشباع احتياج المتدربين وإحداث نقلة سلوكية فيهم في مجال الإدارة.

 

النموذج الثالث: بعض المنظمات الخيرية لا تتعاون إلا مع مدربين يقدمون لها التدريب بالمجان، حتى لو لم يكن متميزاً ولا متمكناً مما سيدرب.. معيار المدربين الوحيد هو أن يكون التدريب بالمجان إلا في حالة الاضطرار.

 

النموذج الرابع: بعض المنظمات الخيرية تشترط أن يكون كل مدرب صاحب تجربة سابقة في العمل الخيري وذو استقامة ظاهرة والتزام بمظاهر السنة قبل أن تنظر في تخصصه وخبرته الإدارية. و هذا الشرط مطلوب إذا توفر.. لكن الواقع يشهد أنه لا يتوفر دائماً في كثير من موضوعات الإدارة خاصة تلك التخصصية والموجهة للإدارات العليا والتي تحتاج إلى مستوى تنظيمي دقيق. فليس من المناسب الإحجام عن أخذ الحكمة من أهلها والاستغناء بآخرين قد يهدمون أكثر مما يصلحون من حيث لا يشعرون.

 

النموذج الخامس: بعض المنظمات الخيرية تتأكد من اختيار المدرب الذي يجمع التخصص والخبرة والمهارة والقدرة على التدريب.

 

** ومن خلال بعض الدراسات الميدانية تم تصنيف المدربين الذي يعملون مع المنظمات الخيرية إلى الأقسام التالية:

 

القسم الأول: مدربون ذوو تخصص إداري إلا أنه ليس لهم خبرة في العمل الخيري ولا غيره. ولذلك تجد الكثير منهم يطرح أمثلة من واقع الشركات والنماذج الغربية ويطرح عموميات تحتاج إلى نوع من التفصيل التقريب إلى واقع الجهات الخيرية.

 

القسم الثاني: مدربون ذوو خبرة في العمل الخيري، ثم أصبحوا يدربون ما يحضرون من دورات وما يقرؤون من كتب في مجال الادارة من غير وجود شهادات ولا تخصص سابق ولا تأهيل في التدريب. وهؤلاء مجتهدون محسنون في كثير منهم إلا أن بعضهم ليس هذا مجاله الحقيقي.

 

القسم الثالث: مدربون جمعوا الاهتمام والممارسة الإدارية العامة مع الارتباط ببعض أوجه العمل الخيري. يدربون على قدر اهتمامهم وخبرتهم. 

 

القسم الرابع: مدربون لهم سمعة في مجالات غير إدارية.. ثم قاموا يدربون الإدارة للجهات الخيرية كنوع من التطوير لأنفسهم، وكنوع من التكسب قدر الإمكان في بعض الأحيان.

 

القسم لخامس: مدربون ذوو تخصص إداري، وخبرة إدارية عملية في مؤسسات ذات مكانة، ولديهم اطلاع وارتباط على العمل الخيري.. وهؤلاء مع قلة عددهم إلا أنهم يسهمون في إحداث نقلات حقيقية في العمل والجمعيات الخيرية.

 

وهناك بعض المعايير الجيدة يمكن أن تستفيد منه كل منظمة خيرية قبل التعاون والاتفاق مع أي مدرب أهمها مايلى :-

- وجود مادة تدريبية خاصة به وجاهزة .

- معيار مهارة الإلقاء عند المدرب .

 

 

خامساً: واقع المنظمات الخيرية مع اختيار الدورات المقدمة والمواد التدريبية .

 

كيف يتم اختيار الدورة التدريبية التي ستقدم لأفراد الفريق المدار ذاتيا أو سيرشح بعضهم لحضورها ؟ لا شك أن هناك طرق علمية وقنوات مقننة يجب أن يأتي اختيار البرنامج التدريب من خلالها .

وهنا يلزم الإشارة إلى واقع المنظمات الخيرية تجاه إختيار الدورات والمواد التدريبية المقدمة لفريق العمل الذاتى .

 

 أولاً: في عدد من الجهات الخيرية يحصل اختيار البرنامج التدريبي من خلال إطلاع المسئول على عنوان يشعر أنه مهم.. ثم يطلبه أو يرشح بعض أفراد الفريق لحضوره. والخطأ هو عدم تحديد الحاجة وعرضها على المتخصص ليجد الحل لها بأي طريقة.. بدلاً من سلوك أقصر الطرق واختيار المتاح فقط.

 

ثانياً: هناك عدد من الجهات الخيرية التي تشترك في دورة تدريبية لمجرد الإغراء الموجود في عنوانها، ثم يكتشفون أنها لا تمثل لهم أدنى أهمية أو إضافة حقيقية ويضيع الوقت والمال هباءً. و قد تتحمل أساليب التسويق المبالغ جزءاً من المسئولية، لكن يمكن تجاوز كثير من المشكلات بطلب قائمة بمحتويات البرنامج التدريبي وأسماء المدربين وخبراتهم. 

 

ثالثاً: هناك نوع من الدورات التدريبية (الإدارية وغيرها) ينتشر في المجتمع على شكل موجة أو موضة، يشعر معها القائمون على العمل الخيري أنه لا بد من حضورها والعناية بها ومتابعتها.. ثم تخبو هذه الموجة فيخبو اهتمام الجهة الإدارية بها وكأن المشكلة الإدارية قد حلت، أو أن حاجتنا السلوكية قد أشبعت، وأننا بحاجة لمتابعة الجديد وركوب الموجة التالية.

 

رابعاً: بعض المنظمات الخيرية لا تختار الدورة إلا بناء على احتياج فعلي بعيداً عن بريق العناوين, و أكثر من منظمة خيرية تقوم بمراجعة مفردات الدورة التدريبية وعناوينها وتطبيقاتها للتأكد من تلبيتها لاحتياجهم، وقد تطلب أحياناً الاستغناء عن جزء من الدورة أو استبداله بآخر..

ولا شك أن هذا دليل وعي وعمل منظم يجب أن يرتقي له العديد من القائمين على المنظمات الخيرية.

 

خامساً: هناك منظمات خيرية خطت خطوة جريئة ورائدة ، حيث قامت بعمل استشارة خاصة بعنوان "تحديد الاحتياجات التدريبية" عن طريق مركز تدريب متخصص، حيث يحضر مستشارو المركز على مدى عدة أسابيع ويرصدوا كل المعلومات اللازمة ويقوموا بعمل التحليل اللازم للمعلومات ويضعوا خطة التدريب حسب الأهمية لجميع المستويات الإدارية في المنظمة الخيرية.

وبالتالي قام التدريب في هذه المنظمة وفقاً للاحتياج وتبعاً لخطة زمنية ومقياس أهمية تساعد على استثمار الميزانية المتاحة بأفضل شكل ممكن.

 

سادساً: حضور أفراد الفريق للدورات التدريبية الخاصة بعمليات النمو والتعلم .

 

النموذج الأول: في عدد من المنظمات الخيرية نرى المتدربين يحضرون مضطرين مجبرين على الحضور بلا رغبة ولا دافع، والسبب هنا يكمن في نفس الأفراد حيث لا يرون أهمية للتدريب ولا يهتمون بالتطوير والتغيير إلى الأفضل ومن ثم يقاومون التدريب وقد ينقلون عنه انطباعاً سيئاً إلى الإدارة العليا في جهتهم وإلى الزملاء بعد العودة من التدريب.

 

لذلك يجب تركيز النظر من خلال هذه الدراسة إلى توجيه الإهتمام إلى أن يكون من ضمن دور المسئول عن التدريب في المنظمة الخيرية نشر الوعي بأهمية وثقافة التدريب من خلال الأمثلة الايجابية والتحفيز للحضور وغير ذلك.

 

النموذج الثاني: بعض العاملين في المنظمات الخيرية يعتذر أو يتأخر عن حضور الدورات التدريبية بسبب سوء تنظيم من نفس الجهة الخيرية.

المصدر: - أحمد السيد كردى " قياس الأداء المتوازن لتنمية فريق العمل المدار ذاتيا فى المنظمات الخيرية , مقترح رسالة ماجستير إدارة أعمال , كلية التجارة , جامعة بنها , مصر ,2010م .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 147/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 1608 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,779,572

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters