بشرى للتائبين ..

                               أحمد السيد كردى .

 

فالله سبحانه وتعالى يحب من عباده التوابين كثيرى التوبة أى كلما فعلوا ذنب او لم يفعلوا تابوا إلى الله تعالى و رجعوا إليه , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيرة و قد أضلها فى أرض فلاة )) . و قال تعالى { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (74) سورة المائدة .

 

فالذنـوب تجعلك ذليلاً لشهواتك .. وهى سبب زوال النعم وحلول النقم .. وهى السبب فى محق البركة .. والسبب فى تعسير الأمور .. إن عرفت ذلك ستتعطش إلى العلاج،

 

وها هي خطوات العلاج بين يديك .. أنقشها على قلبك وضعها أمام عينيك ..

 

فأولى خطوات التوبة: اعترافك بذنبك واستشعارك لخطورته ..

قال  "فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه" [صحيح البخاري] ولا تيأس إذا وقعت في هذا الذنب مرات أخرى عديدة،

قال  "ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذكر ذكر" [صحيح الجامع (5735)]

 

الخطوة الثانية: معرفة فضل التوبة .. حتى تشتاق لها نفسك ويتحرك لها قلبك،

 

 من فضــــــائـــــــل التوبـــــــــــــــة:

 

1) حب الله لك ..

إذا ما تبت توبة صادقة سيحبك الله، قال تعالى {.. إِنَّ اللَّهَ يحِبّ التَّوَّابِينَ ..} [البقرة: 222] وإن أحبك الله عز وجل ستحلّ جميع مشاكلك،

فقد قال تعالى في الحديث القدسي "..فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه" [صحيح البخاري]

 

2) فرح الله عز وجل بك .. قال  "لله أفرح بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها " [صحيح مسلم]

3) يبدل الله سيئاتك حسنات .. قال تعالى {إِلَّا مَن تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأولَئِكَ يبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّه غَفورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70]

 

4) يمتعك متاعًا حسنًا .. وليس كنعيم الدنيا الفاني، قال تعالى {وَأَنِ استَغفِروا رَبَّكم ثمَّ توبوا إِلَيهِ يمَتِّعكم مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مسَمًّى وَيؤتِ كلَّ ذِي فَضلٍ فَضلَه وَإِن تَوَلَّوا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيكم عَذَابَ يَومٍ كَبِيرٍ} [هود: 3]

 

5) سبب للنصرة والفوز والفلاح فى الدنيا والآخرة .. فيسدد الله خطاك ويعطيك كل ما تريد، قال تعالى {..وَتوبوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيّهَا المؤمِنونَ لَعَلَّكم تفلِحونَ} [النور: 31]

 

ألم تشتهى التوبة بعد كل هذا؟ ألم تتحرك نفسك إلى التوبة ؟

 

الخطوة الثالثة: تعرف ربك وتتعلق به .. إن كنت تريد أن تعرف ربك، فعليك بالآتي:

 

1) اكثر من قراءة القرآن .. قال  "أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا" [صحيح الجامع (34)] ..

 

فليكن لك وردًا ثابتًا من القراءة لا تتركه أبدًا،  لكي تصل ما انقطع بينك وبين الله .. قال  "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف" [صحيح الجامع (6289)] ..

 

2) تأمل في صفات ربك .. فسبحانه كريم، رحيم، ودود، قريب، وهــــاب .. ربٌ هذه صفاته، كيف لا تتمنى قربه؟!! كيف تترك طريقه؟ كيف لا ترجع إليه؟ كيف لا تتودد إليه؟

 

3) اكثر من الدعاء .. النبي  قال "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها"، قالوا إذا نكثر، قال "الله أكثر" [رواه أحمد وصححه الألباني] .. وقال "من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]

 

الخطوة الرابعة: أحكم إغلاق الأبواب في وجه الشيطان .. فالشيطان يدخل لك من أربع أبواب:

 

1) الخاطرة .. فكل معصية بدايتها خاطرة، ولكي تُطهر قلبك منها عليك أن تُكثر من الاستعاذة وأن تُمرر هذه الآية على قلبك طوال الوقت {..وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ..} [البقرة: 235] ..

 

2) النظرة .. سهم إبليس المسموم الذى يقطع به قلوب المؤمنين، وهذا الطريق تُغلقه بغض البصر ..

 

3) الكلمة .. فلسانك أحد أسلحة الشيطان الخطيرة، رسول الله  قال "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه.."[رواه أحمد وحسنه الألباني] .. فاجعل لسانك يعتاد دائمًا على ذكر الله ..

 

4) الخطوات .. وهذا الطريق تُغلقه بأن تتمهل في خطواتك ولا تأخذ قرارات سريعة، قال تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]

 

واكثر من هذا الذكر، كي يكون حرزًا لك من الشيطان .. قال رسول الله  "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه" [متفق عليه]

 

 

الخطوة الخامسة: تخلص من جميع الأسباب التى جعلتك تقع فى المعصية وألقها في البحر .. خذ قرارك بشجاعة ولا تتردد، فإن التردد من صفات المنافقين {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ..}[النساء: 143]

 

الخطوة السادسة: غيّر صُحبتك .. قال رسول الله  "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" [رواه أحمد وحسنه الألباني] .. وقال تعالى {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] .. فجالس الأخيار الصالحين واظفر بمرافقتهم، لتنال بهم الشفاعة يوم القيامة.

 

الخطوة السابعة: انسى الذنب ولا تُفكر فيه ..

 

الخطوة الثامنة: إياك أن تُعيِّر أخاك بذنب .. وتذكر قول الله تعالى {..كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94] .. لا تكثر الشماتة بأخيك  فيرحمه الله ويبتليك.

 

الخطوة التاسعة: لابد من أعمال صالحة متدرجة تحل محل الذنوب والمعاصى .. قال تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] ..

 

فعليك بهذه الأعمال: الصلاة على وقتها في جماعة، صلاة 12 ركعة نافلة، صلاة الضحى، قيام ليل، صيام 3 أيام من كل شهر، صدقة السر، داوم على الاستغفار، بر الوالدين وصلة الأرحام، وحاول أن تحجّ في أقرب فرصة أو على الأقل لتكن لك نية فيرزقك الله من حيث لا تحتسب.

 

الخطوة العاشرة: إياك أن تتعدى الخطوط الحمراء .. فلا تجاهر بالمعصية أبدًا، قال  "كل أمتي معافى إلا المجاهرين .." [صحيح الجامع (4512)]

 

 

الخطوة الحادية عشر: عش حياة الصالحين فى خيالك وإستبدل أحلام اليقظة الحرام .. داوم على سماع القرآن ودروس العلم  .. اقرأ فى كتب السير .. حتى تنسى الماضى تمامًا ويصفو قلبك لله سبحانه وتعالى.

 

وأخيرًا: أحسن الظن بالله تعالى .. عن جابر قال سمعت رسول الله  قبل موته بثلاثة أيام يقول "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم] .. تبّ إلى الله وأنت موقن بأنه سيتوب عليك.

 

 

"قال الله: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" [رواه الترمذي وصححه الألباني]

 

 .. فهلا أجبت داعي الله؟؟ ..

 

وقال  "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" [رواه مسلم]

 

.. فإيـــــــــــــــــاك أن ترد يد مولاك عز وجلَّ،،

 


كثيرًا ما تتردد على أسماعنا عبارة "التوبة النصوح"، وقد عرفها العلماء بأنها هي التي تتضمن الإقلاع عن الذنوب كلها، والندم عليها، والعزم على عدم العودة إليها، ورد المظالم إلى أهلها، وأن تكون طلبًا لثواب الله ورحمته، وهربًا من عذابه وعقوبته، يقول الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ويُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ".

ونحن نحتاج للتوبة دائمًا، في كل وقت وفي كل حين، فالتوبة لازمة لجميع المؤمنين، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة، فقال: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" وقال عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا}، وقال عز وجل: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ)).

أي هذه الصور صورتك؟

وللتائبين صور متعددة، فانظر أين تجد نفسك في هذه الصور..

الصورة الأولى:

عبد مستقيم على التوبة والإنابة، لا يحدث نفسه بالعودة إلى معصية طيلة حياته، يستبدل بسيئاته الحسنات، وهذا سابق بالخيرات، نفسه مطمئنة، راضية مرضية.

الصورة الثانية:

عبد عاقد على التوبة، وفي نيته الاستقامة، ولا يسعى في المعصية، ولا يقصدها، ولا يهتم بها، ولكنه قد يُبتلَى بدخولها عليه من غير قصد منه، ويُمتَحَن بالهم واللمم، فهو مؤمن تُرجَى له الاستقامة؛ لأنه في طريقها، ونفسه نفس لوامة، تلومه إن عصى، وتلومه إن قصَّر في الطاعة.

الصورة الثالثة:

عبد يعصي ثم يتوب، ثم يعود للمعصية، ثم يحزن على فعله لها وسعيه إليها، إلا أنه يُسَوِّف بالتوبة، ويحدث نفسه بالاستقامة، ويحب منازل التوابين، ويرتاح قلبه إلى مقام الصديقين؛ لكن الهوى يغلبه، والعادة تجذبه، فهو ترجى له الاستقامة لمحاسن عمله، وتكفيرها السالف من سيئاته، وقد يُخشَى عليه الانتكاس والانقلاب، لمداومة خطئه.

ونفس هذا العبد نفس مُسَوِّلة، وهو ممن خلط عملاً صالحًا وآخر سيئًا، عسى الله أن يتوب عليه فيستقيم ويلحق بالسابقين.

الصورة الرابعة:

إنه أسوأ العبيد حالاً، وأعظمهم على نفسه وبالاً، وأقلهم من الله نوالاً، يعصي ثم يتبع المعصية بمثلها أو أعظم، يقيم على الإصرار، ويحدث نفسه بفعل المعاصي إذا قدر عليها، لا ينوي توبة، ولا يعزم استقامة، لا يرجو من الله وعدًا، ولا يخشى منه وعيدًا. ونفس هذا نفس أمَّارة، وروحه من الخير فرارة، ويُخشى عليه سوء الخاتمة لسلوكه طريقها. 

انظر لثلاثة أشياء

قالوا: يجب عند توبتك من الذنب أن تنظر إلى ثلاثة أشياء:

انخلاعك من العصمة حين إتيانه، وفرحك عند الظفر به، والإصرار عليه وقعودك عن تداركه، مع تيقنك نظر الله عز وجل إليك.

انخلاعك من العصمة حين إتيانه:

فإن الله عز وجل ما خلى بينك وبين الذنب إلا بعد أن خذلك وخلى بينك وبين نفسك .

المصدر: 1- أحمد السيد كردى , " هؤلاء يحبهم الرحمن فأيهم تحب أن تكون " , تحت الطبع 2010م. 2- الشيخ / هانى حلمى , محاضرة نفسى أتوب .... http://www.manhag.net/mam/haml-almsk/2ryd-2n-2twab-walkn-kyf.html 3- صيد الفوائد .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 153/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 2968 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,914,702

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters