" فإن الله يحب المتقين "..

 

                        أحمد السيد كردى .

 

التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله , و السبيل إلى التقوى هو مراقبة النفس و منعها من إتباع أهوائها بما يناقض أوامر الله تعالى.

فمن ثمرات التقوى محبة الله سبحانه وتعالى لعبده التقى النقى , قال تعالى " ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) , (آل عمران:76) . وعن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الله يحب العبد التقى الغنى الخفى ) , ( مسلم:2965) .

وأمر الله بالتقوى عباده المؤمنين وأنها أفضل ما يتزود به العبد في طريقه إلى الله قال تعالى :

 " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة:197) , أنها الميزان الذي يقرب العبد من ربه ويدنيه قال تعالى :

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) , من أسباب قبول العمل قال تعالى : (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27)

والتقوى مكانها القلب أهم عضو في جسم الإنسان والذي به الصلاح والفساد , "التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "

فكلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) هى كلمة التقوى , قال تعالى" فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا " ( الفتح: 26) . وهى وصية الأنبياء لقومهم أن اتقوا الله , وهى صفة لأولياء الله وطريق لولاية الله " إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (لأنفال:34)

والتقوى تبعث في القلب النور وتقوي بصيرة العبد فيميز بين ما ينفعه وما يضره , قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (لأنفال:29)  , وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (الحديد:28) , والتقوى حصن الخائف وأمانه من كل ما يخاف ويحذر ، من سوء ومكروه في الدنيا والآخرة , قال تعالى " (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الزمر:61)

وتعطي العبد قوة لغلبة الشيطان قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:201), وكذلك النصر على الأعداء ورد كيدهم والنجاة من شرهم , قال تعالى :(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران:120) , وقال (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (فصلت:18) , وهى سبب لنجاة العبد يوم القيامة قال تعالى : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) (مريم:72)

 

وهى تفريج للكرب و توسيع للرزق و الخيرات قال تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً, وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) (الطلاق: 3,2)

 

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (( التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل )).

 

قال بن رجب رحمه الله : ( وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه ) .

 

التقوى كلمة جامعة، لها أبعادٌ تنبثق عنها دلالات ومدلولات، وأبعادها تمتد حتى تغطي جوانب العقيدة والعبادات والمعاملات والسلوك والأخلاق، تابعوا معي قول الله سبحانه وتعالى في بداية سورة البقرة " أَلَمِ، ذلك الكتاب لا ريب، فيه هدىً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويُقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون".


فالإيمان بالغيب هو الجانب الذي يتصل بالعقيدة، وإقامة الصلاة هو الجانب الذي يتصل بالعبادات، والإنفاق هو الجانب الذي له علاقة بالمعاملات ومن كان في هذه القيم كما ينبغي لا شك أن ذلك ينعكس على سلوكه وأخلاقه .

 

وإن من الأمور التي تسر المسلم تلك البشارات التي بشر الله بها المتقين ومن ذلك:[1]


أولاً: البشرى بالكرامات قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فى الحياة الدنيا وفى الأخرة} [يونس: 63 ، 64].

ثانياً: البشرى بالعون والنصرة قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} [النحل: 128].
ثالثاً: البشرى بالعلم والحكمة قال تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29].


رابعاً: البشرى بكفارة الذنوب وعظم الأجر قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5].

 

خامساً: البشرى بالمغفرة قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 69].

 

سادساً: البشرى باليسر والسهولة في الأمر قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].

 

سابعاً: البشرى بالخروج من الغم والمحنة قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2].

 

ثامناً: البشرى بالرزق الواسع دون تعب أو نصب قال تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].

تاسعاً: البشرى بالنجاة من العذاب والعقوبة قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم: 72].

 

عاشراً: البشرى بالفوز بالمراد وحصول المطلوب قال تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61].

 

اثنا عشر: الشهادة لهم بالصدق قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].

 

ثلاثة عشر: البشارة بالأكرمية على الآخرين قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

 

أربعة عشر: البشارة بالمحبة قال تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76].

خمسة عشر: البشارة بالفوز والفلاح قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189].

ستة عشر: البشارة بالقرب ونيل المطلوب ووصول ثمرة العمل قال تعالى: {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].

سبعة عشر: نيل الجزاء بالمحنة ووصول ثمرتها قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].

ثمانية عشر: البشارة بقبول الصدقة قال تعالى :{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].

تسعة عشر: البشارة ببلوغ كمال العبودية قال تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].

العشرون: البشارة بالجنات والعيون قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45].

الحادي والعشرون: البشارة بالأمن من البلية قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان: 51].

الثاني والعشرون: البشارة بالفوقية على الخلق يوم الفزع قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 212].

الثالث والعشرون: البشارة بزوال الخوف وذهاب الحزن من العقوبة قال تعالى: {فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأنعام: 48].

الرابع والعشرون: البشارة بالقرب من الرحيم الرحمن واللقاء الذي يتمناه كل مسلم على ظهر الأرض قال تعالى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54 ، 55].

الخامس والعشرون: البشارة بالنور ومغفرة الذنوب قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الحديد: 28].


قال ابن القيم رحمه الله: (وإذا حدث خلل في التقوى كانت النتيجة قلة التوفيق وقسوة القلب ومحق البركة في الرزق والعمر ولباس الذل وإهانة العدو وضيق الصدر وطول الهم والغم).

 


 

التقوى وسيلة ربانية للتقرب الى الله سبحانه وتعالى وإسناد للروح في مسيرة العبودية على أحسن وجه، ومنهج للحياة لمن أراد التقيد بقيودها وان يجعلها من برامجه اليومية المتنوعة، وذلك في كافة المجالات.
فلنقرأ معا هذه القواعد الربانية للتربية والتنمية الذاتية في مفهوم التقوى، ليس حصرا ولكن كنماذج للتوغل في لجج الموضوع وفق المفهوم القرآني:
ونبدا بقوله تعالى ((ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا)).
- مفاهيم التنمية في هذه الآية:-
1ـ توضيح في اصل النشأة الانسانية.
2ـ بيان للمصدر الأول للبشرية.
3ـ حث على التوافق والتقارب المستمر بين الجنسين وفق القوانين الإلهية.
4ـ تحسين العلاقات مع أولى القربى.
5ـ تنمية الحس الإيماني للمراقبة المستمرة.
ويذكرنا رب العزة في محكم تنزيله ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب))متضمنا الأسس الثلاثة للتنمية:-
التقوى منهجاً لحياة المؤمن وشرطاً للبركات.
2ـ حتمية التوفيق الرباني وبشرى للخروج من المصائب.
3ـ اطمئنان للمستقبل.
وفي قوله تعالى: ((ياايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن الا وانتم مسلمون))ويستفاد من الآية للاستمرارية في مدارج الارتقاء:
• يجب أن يكون التقوى بإحسان وإتقان وبإخلاصٍ وبنية صادقة.
• الاستمرارية على مناهج التقوى.
• على المتقي أن لا يملّ حتى ياتية اليقين.
ومن أسرار قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) تاتي دور النتائج المفرحة واستشعار اللذة الحقيقية
1ـ بيان علاقة التقوى بالكلام والتحدث وآفات اللسان.
التقوى ميزان فيما يقوله الشخص.
3ـ النتائج المفرحة والعطايا الربانية من التوفيق.
4ـ يجب أن يكون التقوى دعما مستمراً للالتزام والإتباع.
جميع هذه الدروس والفوائد يفيد في التنمية الذاتية ويجعل من المؤمن المتقي..
1. حريصا على وقته..
2. دقيقا في تصرفاته..
3. مستمرا على التطوير..
4. مقاوما للملل واليأس.
المصدر: 1- أحمد السيد كردى , هؤلاء يحبهم الرحمن فأيهم تحب أن تكون , تحت الطبع 2010 م. 2- إسماعيل رفندى , http://www.hrdiscussion.com/hr100.html 3- عبدالله بن محمد الطيار ... ( بشارات الله للمتقين ) .. http://www.alukah.net/Sharia/0/9605/
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 113/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
38 تصويتات / 1125 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,915,382

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters