تشكل الشركات المتعددة الجنسيات اليوم القوة المحركة في النظام الاقتصادي والسياسي الدولي الراهن، وهي ظاهرة اقتصادية مهمة في مجال العلاقات الدولية، بحيث أنها تمثل اليوم إحدى القوة المؤثرة في صنع الأحداث والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم المعاصر، وبالتالي أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات تعد بمثابة الحكومة الكونية Global Government كما أضحت تلك الشركات تتحكم في موارد طبيعية هائلة وتسيطر مباشرة على أهم النشاطات الاقتصادية في كل المجتمعات في العالم، وقد دفع تعاظم نفوذ هذه الشركات إلى خلق نوع قوي من المزج بين الوحدات الإنتاجية والمؤسسات المالية والمصرفية العالمية على الصعيد العالمي.

وتعد الشركات متعددة الجنسية قوة هائلة في الاقتصاد العالمي المعولم، وتمارس عملها من خلال شبكة معقدة من الهياكل التنظيمية وتنخرط في عمليات الإنتاج الدولي وفق نظام عالمي متكامل يضع تحت إداراتها ما يناهز ثلث الإنتاج العالمي. كما وتعد الشركات متعددة الجنسية المحرك الرئيس لظاهرة العولمة التي تمثل المحدد الاساسي لمسار النمو والتنمية في مختلف دول العالم اليوم.

ويمثل ظهور الشركات متعددة الجنسيات الصورة الجديدة لتنظيم النشاط الاقتصادي في الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة، حيث أن الشركة متعددة الجنسية أو عبر الوطنية كما تسمى في بعض الأحيان، تمثل التجسيد الحي لظاهرة كوكبة الحياة الاقتصادية، حيث أخذت هذه الشركات تسيطر على العالم، مخترقة كافة مناطق السيادة الوطنية بسلعها، خدماتها، أموالها، تكنولوجياتها، اتصالاتها البعدية، بطاقة ائتمانها وأنماطها الاستهلاكية.

وأخذ نشاط الشركات متعددة الجنسيات يحظى بأهمية كبيرة في العديد من ادبيات السياسة والاقتصاد، وفي تقارير العديد من المنظمات الدولية، على رأسها تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD حول الاستثمار العالمي، نظرا للدور الذي تلعبه في السيطرة على عمليات نقل التكنولوجيا ومؤسسات التمويل واسواق العمل ومنافذ التسويق وتدفقات وحركة رؤوس الاموال والاستثمار، وانعكاسات هذا الدور على مستقبل تطور الاقتصاد العالمي.

تعرف الشركاتُ متعدّدة الجنسياتِ (بالإنجليزية:( Multinational Enterprise بأنّها شركاتٍ تخضعُ في ملكيتها تحت سيطرة جنسيّات متعددة حول العالم، بحيث يتولّى إدارتَها أشخاصٌ من جنسيّات متعددة أيضاً، وتمارسُ هذه الشركاتُ نشاطاتها المختلفة في البلاد الأجنبيّة المختلفة، على الرغم من أنّ استراتيجياتها وخططَها وسياساتِها تكون موجّهة للعمل في دولة معيّنة فيما تُعرف باسم الدولة الأمّ، ولكن يتجاوزُ عمل هذه الشركات الحدودَ الوطنيّة الإقليميّة للدولة الأمّ، ويتسعُ لدولٍ أخرى تُعرفُ باسم الدول المضيفة.

التعريف الاقتصادي للشركات متعددة الجنسيات: تعتبر الشركات متعددة الجنسيات شركات تعمل في أكثر من دولة وتتمتع بوجود هيكل تنظيمي معقد يتألف من مكاتب وفروع في عدة دول، وتتخذ قرارات استراتيجية تؤثر على أعمالها في جميع الأسواق التي تعمل فيها.

ومن الناحية الاقتصادية، تمتلك الشركات متعددة الجنسيات مزايا كثيرة، حيث يمكن لها تقديم المزيد من الفرص للعملاء والمستثمرين عن طريق توفير خدماتها ومنتجاتها في مواقع متعددة. كما أن لديها القدرة على تقليل المخاطر التي تواجهها عند توسيع نطاق عملها، إذ أنها تستطيع التوزيع على عدة أسواق بدلاً من الاعتماد على سوق واحد.

وتعتبر الشركات متعددة الجنسيات أيضاً مهمة للاقتصاد العالمي، حيث يمكنها تحقيق فوائد كبيرة للدول التي تعمل فيها، وتعزيز التجارة الدولية وزيادة الاستثمارات والوظائف. ومن الممكن أن تتعاون الشركات متعددة الجنسيات مع الحكومات والمؤسسات الدولية لتحسين البيئة الاقتصادية والاجتماعية في الدول التي تعمل فيها.

التعريف القانوني للشركات متعددة الجنسيات: الشركات متعددة الجنسيات هي شركات تمتلك مكاتب وفروع في عدة دول وتقوم بتنفيذ أنشطتها التجارية في أكثر من دولة. ومن الناحية القانونية، يتم تنظيم نشاط هذه الشركات بموجب القوانين واللوائح الوطنية والدولية التي تنظم نشاط الشركات.

تختلف قوانين تأسيس الشركات وتسجيلها وتشغيلها من دولة إلى أخرى، وعادة ما تتضمن هذه القوانين شروط ومتطلبات معينة يجب على الشركات الامتثال لها. وبما أن الشركات متعددة الجنسيات تعمل في عدة دول، فيجب عليها التزام بمتطلبات القوانين في كل دولة تعمل فيها.

ومن بين الأمور القانونية التي يجب على الشركات متعددة الجنسيات الالتزام بها هي دفع الضرائب والرسوم والالتزام بقوانين العمل والبيئة والصحة والسلامة، وكذلك الالتزام بالمعايير المحاسبية والتقارير المالية.

وتخضع الشركات متعددة الجنسيات أيضاً للقوانين الدولية التي تنظم التجارة الدولية وحماية حقوق الملكية الفكرية والتعامل مع الفساد والرشوة، وغيرها من القوانين واللوائح التي تنظم نشاط الشركات على المستوى الدولي.