تقليل المخاطر الطبيعة علي بعض مواقع الآثار بهضبة أهرامات الجيزة والواحات الخارجة، الصحراء الغربية ، مصر وذلك بدراسة الظاهر الجيولوجية

مقدمة

          لما كانت الآثار المصرية تمثل ثروة قومية وتراثا ثقافيا عظيما، ولما كان الحفاظ عليها يمثل هدفا ساميا يخدم الاقتصاد القومي والتراث  الثقافي والحضاري المصري، فقد تقدم المكتب المصري للاستشارات الجيولوجية إلي اللجنة القومية المصرية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) باقتراح لإجراء دراسة للظواهر الجيولوجية لبعض مواقع الآثار بهضبة أهرامات الجيزة والواحات الخارجة وذلك لتقليل المخاطر الطبيعية علي تلك المواقع الأثرية، وقد تمت  الموافقة من قبل اليونسكو علي إجراء الدراسة وأدرجت تحت مشروع: . (EGY 18322409)

وكذلك تم الحصول علي موافقه من المجلس الأعلى للآثار المصرية علي تنفيذ هذه الدراسة بتاريخ 18 سبتمبر 2005م.

 

          وافقت اللجنة القومية المصرية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) علي خطة ومراحل الدراسة التي اقترحها المكتب المصري للاستشارات الجيولوجية والتي اشتملت علي أربعة مراحل هي: مرحلة الإعداد والتجهيز – مرحلة الدراسة الميدانية للظواهر الجيولوجية – مرحلة الدراسة المعملية ومرحلة إعداد التقرير النهائي.

 

الخلاصة

          يشتمل هذا المشروع علي دراسة الظواهر الجيولوجية في بعض مواقع الآثار بمنطقتي هضبة أهرامات الجيزة والواحات الخارجة بالصحراء الغربية، وذلك بغرض تقليل المخاطر الطبيعية علي تلك المواقع الأثرية الهامة. وفي خلال هذه الدراسة تم معالجة الصور الفضائية التفصيلية لتلك المواقع وذلك لعمل خرائط جيولوجية مبدئية، وخلال الدراسات الميدانية تم التحقق من الوحدات والتراكيب الجيولوجية المستنبطة لتحويل تلك الخرائط الأولية إلي خرائط جيولوجية والتي تحتوي علي معظم الظواهر الجيولوجية الهامة. وقد تم فحص المواقع الأثرية وتجميع الملاحظات الميدانية وخاصة العوامل التي تسبب تدهورا لتلك الآثار وتصويرها كلما سمحت الظروف.

          وقد اتضح خلال  هذه الدراسة أن المخاطر الطبيعية في هضبة أهرامات الجيزة يتحكم فيها عدد من العوامل أهمها نوعية الصخور السائدة وطبيعة صخور طبقات الأساس ومناطق الصدوع والشقوق. وتجدر الإشارة إلي أنا بعضا من هذه الصدوع يحتمل أن تكون من النوع القادر (Capable faults) أو النشط، زيادة علي ذلك وجود نطاقات شديدة التغير مثل ظاهرة (Karstification phenomenon)  والكهوف في طبقات الحجر الجيري نتيجة لتأثير التراكيب الجيولوجية والتغيرات الجيوكيميائية وحركة المياه الجوفية والأمطار والرطوبة وعوامل التلوث من البيئة المحيطة تشكل مخاطر أخري لا يستهان بها. كذلك اتضح وجود مخاطر أخري نتيجة لعمليات التعرية والتجوية علي مجمع الآثار في منطقة أهرامات الجيزة.

 

          ونتيجة للمخاطر التي تم تحديدها من خلال هذه الدراسة في منطقة هضبة الأهرامات يمكن التوصية بما يلي:

·   القيام بتثبيت ومعالجة وتدعيم المواقع الضعيفة والتي لوحظ وجود العديد من الكتل الصخرية الآيلة للسقوط علي حافة الهضبة الصغيرة القريبة من هرمي خفرع ومنقرع. كما يجب معالجة نطاق الصدع المتجه شمال غرب – جنوب شرق والذي توجد به العديد من الشقوق التي تقطع طبقة الأساس وتضعفها في الجزء الشمالي الشرقي لهرم خوفو.

·   تطبيق بعض الدراسات الجيوفيزيقية لتحديد مسارات الصدوع وخاصة التي تضرب في اتجاه شمال غرب – جنوب شرق وكذلك مواقع وجود الكهوف في هضبة الأهرامات. وترجع أهمية تلك الدراسات في أنها تساعد علي إيجاد أحسن الحلول لعمليات الترميم وتقوية مناطق الضعف وتلاشي المخاطر المحتملة في المستقبل.

·   دراسة التراكيب الجيولوجية الحديثة (Recent tectonics) . وتساعد هذه الدراسة علي تحديد الصدوع المحتمل ارتباطها بالزلازل المؤثرة والتي تمثل خطرا حقيقيا علي مجمع الآثار بهضبة الأهرامات. ويجب أن تشمل تلك الدراسة المقترحة مسح للصدوع السطحية لتحديد الأنواع النشطة منها، وإذا تم التحقق من وجود صدوع نشطة فإنه يتحتم تحديد أعمارها.

·   أما بالنسبة لأبو الهول، فقد أوضحت الدراسة أنه قد تم نحته في طبقات من الحجر الجيري المارلي والمارل، وتتصف هذه الصخور بعدم الصلابة (Soft rocks)  ، وأنها قد تأثرت بالعديد من الشقوق والفواصل المتقاطعة. زيادة علي ذلك فإن أبو الهول نفسه قد تأثر بالعديد من الشقوق، وتجدر الإشارة بأن تلك الشقوق والفواصل تمثل خطرا حقيقيا علي أبو الهول بالإضافة إلي عوامل التدهور الأخري. ومن ناحية أخري فإنه في حالة حدوث زلزال ولو بقوة متوسطة بالقرب من منطقة الأهرامات  فإن أبو الهول سوف يكون أكثر الآثار تضررا. ومن هنا تظهر أهمية التوصية بتحديد مواقع الصدوع النشطة  (Capable faults)  في الجزء الشرقي لهضبة الأهرامات.

·   ومن الملاحظات الهامة نتيجة لدراسة الظواهر الجيولوجية حول منطقة أبو الهول مخاطر المياه الجوفية حيث لوحظ تشبع بعض الأجزاء السفلي منه بالرطوبة، وذلك يرجع إلي موقع أبو الهول علي مستوي منخفض بالنسبة لهضبة الأهرامات، بالإضافة إلي قربه من قرية نزلة السمان العامرة بالسكان. لذلك نوصي بملاحظة مستوي منسوب المياه الجوفية والحفاظ عليه عند مستوي آمن لدرئ مخاطر المياه الجوفية وتأثيراتها السلبية علي أبو الهول.

 

أما عن منطقة الواحات الخارجة، فقد تم دراسة الظواهر الجيولوجية في عدة مواقع أثرية اشتملت علي معبد هيبس ، ومعبد النادورة البجوات، ومعبد الغويطة ومعبد قصر زيان. وقد أوضحت هذه الدراسة أنه من أهم الظواهر المؤثرة، والتي يمكن أنا تمثل بعض الأخطار علي تلك المواقع الأثرية، هي المياه الجوفية ( خاصة في موقع معبد هيبس) وطبيعة التربة ونوعية المواد المستخدمة في البناء والكثبان الرملية والشقوق والفواصل، بالإضافة إلي العوامل البيولوجية. وبناءا علي دراسة الظواهر الجيولوجية وتفحص البيئة المحيطة بتلك المواقع الأثرية بمنطقة الواحات الخارجة، يمكن التوصية بما يلي لتقليل المخاطر علي تلك الثروة القومية من الآثار:

·   لابد من دراسة وضع المياه الجوفية بالتفصيل في منطقة معبد هيبس، والعمل علي الحفاظ علي مستواها عند الحد الآمن بحيث لا تتضرر منها مشآت المعبد والذي يتم ترميمه حاليا (2005) ويتم ذلك بحجب حركة المياه الجوفية ومياه الرشح من الأراضي المنزرعة حوله، وذلك بعمل بعض الحواجز العازلة علي أسس تقنية سليمة. كذلك يتم تخفيض مستوي المياه الجوفية في التربة الموجودة تحت المعبد، ولكن لا بد أن يتم عمل ذلك علي أساس علمي وهندسي بحيث لايتسبب في أي انهيار في تربة الأساس نتيجة لعدم التوازن في الضغوط في بيئة المعبد. ويقترح تقوية طبقة الأساس بالمعبد وخاصة أنها تربة طينية ذات سمك كبير.

·   إجراء دراسة تفصيلية عن الكثبان الرملية بالواحات الخارجة مع التركيز علي الكثبان الموجودة بالقرب من المواقع الأثرية ويجب أن تشمل تلك الدراسة: ديناميكية الرياح ومعدل تقدم الكثبان الرملية في جميع اتجاهات والعوامل التي تتحكم في تجمع تلك الكثبان وأثر تلك الكثبان علي المنشآت الأثرية ومشروعات التنمية.

·   تطبيق جميع التقنيات الممكنة لتقليل مخاطر العوامل البيولوجية علي تلك الآثار. ويرجع ذلك إلي أنا التأثيرات البيولوجية تعتبر من أهم المخاطر التي تتعرض لها الآثار في تلك المنطقة وخاصة النقوش والكتابة، وقد لوحظ أن بعضا منها قد دمر بالكامل بسبب التأثيرات البيولوجية.

·   وفي نهاية التقرير العلمي لهذه الدراسة، تم وضع خطة للحفاظ علي تلك الآثار وصيانتها وترميمها في موقعي  هضبة الأهرامات والواحات الخارجة. وتشتمل هذه الخطة علي المراحل  اللازمة لصيانة المواقع الأثرية بدءا من الدراسة التاريخية للأثر وجمع البيانات المطلوبة والدراسات المعملية والحقلية حتى عمليات الصيانة والترميم للوصول بالأثر إلي حالة قريبة من حالته الأصلية بقدر الإمكان. وكذلك تم التركيز في هذه الخطة علي أبو الهول وذلك لإنقاذه من التدهور والحفاظ عليه. وقد اشتملت هذه الخطة المقترحة أيضا علي صيانة وترميم مواقع الآثار بالواحات الخارجة والحفاظ عليها من التدهور، ومن أهم هذه المواقع معبد هيبس، النادورة، البجوات، الغويطة وقصر زيان. وتعتبر هذه الخطة ذات نفع كبير ويمكن تطبيقها بسهولة، كما تفيد في الحفاظ علي الآثار وميكنة البيانات الخاصة بهذا التراث الحضاري والثقافي. 

ملاحظة: لمزيد من المعلومات اتصل بي علي: [email protected]

 

المصدر: دراسة أعدها المكتب المصري للإستشارات الجيولوجية برئاسة الدكتور عبدالعاطي سالمان لليونسكو للحفاظ علي الثراث الثقافي المصري
absalman

دكتور / عبدالعاطي بدر سالمان جيولوجي استشاري، مصر [email protected]

  • Currently 129/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
42 تصويتات / 2224 مشاهدة

ساحة النقاش

دكتور: عبدالعاطي بدر سالمان

absalman
Nuclear Education Geology & Development »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,441,571