<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->

<!--<!--<!--[if !mso]> <object classid="clsid:38481807-CA0E-42D2-BF39-B33AF135CC4D" id=ieooui> </object> <style> st1\:*{behavior:url(#ieooui) } </style> <![endif]--><!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} </style> <![endif]--><!--<!--

ظاهرة الأدب  المعاصر ظاهرة تاريخية , أفرزتها عوامل ثقافية و نفسية , و تطورات متعاقبة , فتشكلت بارزة بعد الحرب العالمية الثانية , و أشكالها و أجناسها متعددة : شعر حر , قصة قصيرة , رواية , مسرحية ........ غير أن الشكل الأدبي الذي أثار اهتماما كبيرا و جدلا و نقاشا هو الشعر ذلك لأن ثقافتنا الأدبية أنتجت من الشعر ما لم تنتجه الأمم الأخرى , و ذلك عندما ظهرت حركة الشعر الحر الذي لا يقوم على وزن قديم وقافية معروفة , أثارت الكثير من الجدل لأنه بمثابة تمرد على أصالة عربية ترعرعت و نمت في ظروف و ظل المرحلة الكلاسيكية و الرومنسية , إذ لم يكن في المنطق من دعاة الشعر الجديد و دعاة القصيدة القديمة , و التوافق و التلاؤم .

 

   الصراع لم يحدث في الأجناس الأدبية الأخرى , لأن تلك الأجناس ليست من صلب أدبنا العربي و إنما هي ابتكار و إبداع غربي , جاء ليضاف إلى مجموعة الثقافة العربية , أما بالنسبة للشعر الحر فالأمر مختلف , إذ كاد يكون بديلا عن الشعر القديم , و على الرغم من أن الشعر العربي لم يكن يوما أسير نمط شعري واحد , فقد عرف أنماطا عدة من التجديد مثل : الموشحات و الأجزال ...... غير أنها لم تلق المعارضة لأنها كانت في إطار الشكل العمودي للقصيدة العربية بخلاف الشعر الحر و النقد المعاصر ( البنيوية ) , لذلك ظهرت معركة حامية الوطيس بين أنصار القديم و أنصار الحديث , فكل خرق لذائقة جمالية موروثة تثير صراعا حادا .

 

 

 

الشعر الحر

 

        ظاهرة الأدب المعاصر ظهرت عقب ح ع П فهذه الحرب تمثل مفصلا تاريخيا يمكن من خلالها أن نفسر تطور العديد من الظواهر و المسائل على مختلف المستويات , فتغيرت الكثير من الأمور و هدمت قيما روحية و تاريخية و ثقافية , إذ تغيرت الجغرافيا و الأنظمة السياسية و الأنساق الفكرية .... إذ على المستوى التاريخي أصبحنا نعيش مرحلة ما بعد الحرب بظهور دول و طمس دول أخرى .....

   تغيرت جغرافية الإنسان الداخلية , فبرزت فلسفات جديدة كالفلسفة الوجودية , و العبثية ..) تعبر عن عبثية الإنسان و الدرك الذي وصل إليه ... فالوجودية شاهدة على الدمار الذاتي الذي ألحقه الإنسان بذاته و كذلك العبثية التي جاءت لتتحدث عن تراجيديا الإنسان الفاقد لمعناه و معنى الحياة .

   و بهذا و منذ سنة 1947 طرأ على الشعر العربي تحول كبير بظهور قصيدة : الكوليرا للشاعرة العراقية ( نازك الملائكة ) و قصيدة ( و هل كان حبا ) للسياب . فالحركة الشعرية المعاصرة كانت عراقية المنشأ ثم انتشرت في الشام و في مصر .....

وبهذا لم تقف حركة التطور الموسيقية للقصيدة العربية عند حدود التحرر الجزئي من قيود القافية ، بل تخطتها إلى بعد من ذلك ، فقد ظهرت محاولة جديدة وجادة في ميدان التجديد الموسيقى للشعر العربي عرفت " بالشعر الحر " .

وكانت هذه المحاولة أكثر نجاحا من سابقتها كمحاولة الشعر المرسل ، أو نظام المقطوعات ،  وقد تجاوزت حدود الإقليمية لتصبح نقلة فنية وحضارية عامة في الشعر العربي ، ولم يمض سنوات قلائل حتى شكل هذا اللون الجديد من الشعر مدرسة شعرية جديدة حطمت كل القيود المفروضة على القصيدة العربية ، وانتقلت بها من حالة الجمود والرتابة إلى حال أكثر حيوية وأرحب انطلاقا .

      وبدأ رواده ونقاده ومريدوه يسهمون في إرساء قواعد هذه المدرسة التي عرفت فيما بعد بمدرسة الشعر الحر ، ومدرسة شعراء التفعيلة أو الشعر الحديث ، وفي هذا الإطار يحدثنا أحد الباحثين قائلا " لقد جاءت خمسينيات هذا القرن بالشكل الجديد للقصيدة العربية ، وكانت إرهاصاتها قد بدأت في الأربعينيات ، بل ولا نكون مبالغين ( إذا قلنا ) في الثلاثينيات من أجل التحرك إلى مرحلة جديدة ، مدعاة للبحث عن أشكال جديدة في التعبير ، لتواكب هذا الجديد من الفكر المرن ... وقد وجدت مدرسة الشعر الحر الكثير من المريدين ، وترسخت بصورة رائعة في جميع البلدان بدءا ( بالملائكة والسياب والبياني ) في العراق في الأربعينيات ، ثم ما لبثت هذه الدائرة أن اتسعت في الخمسينيات فضمت إليهم شعراء مصريين آخرين مثل صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطى حجازي ، وفي لبنان ظهر أحمد سعيد ( أدونيس ) وخليل حاوي ويوسف الخال ، وكذلك فدوى طوقان وسلمى الخضراء الجيوسي في فلسطين ، أما في السودان فقد برز في الأفق نجم كل من محمد الفيتوري وصلاح محمد إبراهيم .

 مسميات الشعر الحر وأنماطه :

        لقد اتخذ الشعر الحر قبل البدايات الفعلية له في الخمسينيات مسميات وأنماطا مختلفة كانت مدار بحث من قبل النقاد والباحثين ، فقد أطلقوا عليه في إرهاصاته الأولى منذ الثلاثينيات اسم " الشعر المرسل " " والنظم المرسل المنطلق " ranning blank veres   و " الشعر الجديد " و " شعر التفعيلة " أما بعد الخمسينيات فقد أطلق عليه مسمى " الشعر الحر " ومن أغرب المسميات التي اقترحها بعض النقاد ما اقترحه الدكتور إحسان عباس بأن يسمي " بالغصن " مستوحيا هذه التسمية من عالم الطبيعة وليس من عالم الفن ، لأن هذا الشعر يحوى في حد ذاته تفاوتا في الطول طبيعيا كما هي الحال في أغصان الشجرة وأن للشجرة دورا هاما في الرموز والطقوس والمواقف الإنسانية والمشابه الفنية .       أما أنماطه فهي أيضا كثيرة وقد حصرها ( س . مورية ) في دراسته لحركات التجديد في موسيقى الشعر العربي الحديث في خمسة أنماط من النظم أطلق عليها جميعا مصطلح الشعر الحر فيما بين عامي 1926 م ـ 1946 م وها هي بتصرف .

       النمط الأول :استخدام البحور المتعددة التي تربط بينها بعض أوجه الشبه في القصيدة الواحدة ، ونادرا ما تنقسم الأبيات في هذا النمط إلى شطرين . ووحدة التفعيلة فيه هي الجملة التي قد تستغرق العدد المعتاد من التفعيلات في البحر الواحد أو قد يضاعف هذا العدد وقد اتبع هذه الطريقة كل من أبى شادي ومحمد فريد أبي حديد .

      النمط الثاني : وهو استخدام البحر تاما ومجزوءا دون أن يختلط ببحر آخر في مجموعة واحدة مع استعمال البيت ذي الشطرين ، وقد ظهرت هذه التجربة في مسرحيات شوقي .

      النمط الثالث : وهو النمط الذي تختفي فيه القافية وتنقسم فيه الأبيات إلى شطرين كما يوجد شيء من عدم الانتظار في استخدام البحور ، وقد اتبع هذه الطريقة مصطفى عبد اللطيف السحرتى .

      النمط الرابع : وهو النمط الذي يختفي فيه القافية أيضا من القصيدة وتختلط فيه التفعيلات من عدة بحور ، وهو أقرب الأنماط إلى الشعر الحر الأمريكي ، وقد استخدمه محمد منير رمزي .

     النمط الخامس : ويقوم على استخدام الشاعر لبحر واحد في أبيات غير منتظمة الطول ونظام التفعيلة غير منتظم كذلك ، وقد استخدم هذه الطريقة كل من علي أحمد باكثير وغنام والخشن .

وهذا النمط الأخير من أنماط الشعر الحر التي توصل إليها موريه هو فقط الذي ينطبق عليه مسمى الشعر الحر بمفهومه بعد الخمسينيات ، والذي نشأت أولياته على يد باكثير ـ كما ذكر موريه ـ ومن ثم أصبحت ريادته الفعلية لنازك الملائكة ومن جاء بعدها ، ولتأكيد هذا الرأي نوجز مفهوم الشعر الحر في أوائل الخمسينيات وجوهره ونشأته ودوافعه وأقوال بعض النقاد والباحثين حوله .

 مفهوم الشعر الحر :

     تقول نازك الملائكة حول تعريف الشعر الحر ( هو شعر ذو شطر واحد ليس له طول ثابت وإنما يصح أن يتغير عدد التفعيلات من شطر إلى شطر ويكون هذا التغيير وفق قانون عروضي يتحكم فيه ) .

ثم تتابع نازك قائلة " فأساس الوزن في الشعر الحر أنه يقوم على وحدة التفعيلة والمعنى البسيط الواضح لهذا الحكم أن الحرية في تنويع عدد التفعيلات أو أطوال الأشطر تشترط بدءا أن تكون التفعيلات في الأسطر متشابهة تمام التشابه ، فينظم الشاعر من البحر ذي التفعيلة الواحدة المكررة أشطراً تجري على هذا النسق :

فاعلاتن    فاعلاتن    فاعلاتن     فاعلاتن

فاعلاتن    فاعلاتن

فاعلاتن    فاعلاتن    فاعلاتن   

فاعلاتن 

فاعلاتن    فاعلاتن    فاعلاتن

فاعلاتن    فاعلاتن

ويمضي على هذا النسق حرا في اختيار عدد التفعيلات في الشطر الواحد غير خارج على القانون العروضي لبحر الرمل جاريا على السنن الشعرية التي أطاعها الشاعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا هذا .

     ومن خلال التعريف السابق تؤكد نازك ما توصل إليه موريه في النمط الخامس من أنماط الشعر الحر الذي أشرنا إليه سابقا والذي يعتمد على البحر الواحد في القصيدة مع اختلاف أطوال البيت وعدد التفعيلات ، مع تعديل يسير في تعريف موريه وهو أن تضع كلمة شطر بدلا من كلمة بيت ليستقيم التوافق مع مفهوم الشعر الحر بعد الأربعينيات لأن كلمة بيت تعني التزام نظام الشرطين المتساويين في عدد التفعيلات والروي الواحد ، وهو النظام المتبع في القصيدة التقليدية بشكلها الخليلي ، والشعر الحر الذي يعنيه موريه ليس كذلك .

      وقد أشار الدكتور محمد مصطفى هدارة إلى نظام التفعيلة في الشعر الحر وعدم التزامه بموسيقى البحور الخليلية فقال : " إن الشكل الجديد ( أي الشعر الحر ) يقوم على وحدة التفعيلة دون التزام الموسيقى للبحور المعروفة ، كما أن شعراء القصيدة الحرة يرون أن موسيقى الشعر ينبغي أن تكون انعكاسا للحالات الانفعالية عند الشاعر .

     ومما سبق تتضح لنا طبيعة الشعر الحر ، فهو شعر يجري وفق القواعد العروضية للقصيدة العربية ، ويلتزم بها ، ولا يخرج عنها إلا من حيث الشكل ، والتحرر من القافية الواحدة في أغلب الأحيان . فالوزن العروضي موجود والتفعيلة ثابتة مع اختلاف في الشكل الخارجي ليس غير ، فإذا أراد الشاعر أن ينسج قصيدة ما على بحر معين وليكن " الرمل " مثلا استوجب عليه أن يلتزم في قصيدته بهذا البحر وتفعيلاته من مطلعها إلى منتهاها وليس له من الحرية سوى عدم التقيد بنظام البيت التقليدي والقافية الموحدة . وإن كان الأمر لا يمنع من ظهور القافية واختفائها من حين لآخر حسب ما تقتضيه النغمة الموسيقية وانتهاء الدفقة الشعورية .

     وإنما الشطر هو الأساس الذي تبنى عليه القصيدة ـ وقد رأى بعض النقاد أن نستغني عن تسمية الشطر الشعري بالسطر الشعري ـ وله حرية اختيار عدد التفعيلات في الشطر الواحد وذلك حسب الدفق الشعوري عنده أيضا ، فقد يتكون الشطر من تفعيلة واحدة ، وقد يصل في أقصاه إلى ست تفعيلات كبيرة " كمفاعلين ومستفعلن " ، وقد يصل إلى ثمان صغيرة إذا كان البحر الذي استخدمه الشاعر يتكون من ثماني تفعيلات صغيرة كفعولن وفاعلن ، غير أن كثير من النقاد لم يحدد عدد التفعيلات في الشطر الواحد ، وإنما تركت الحرية للشاعر نفسه في تحديدها كما أسلفنا " وفقا لتنوع الدفقات والتموجات الموسيقية التي تموج بها نفسه في حالتها الشعورية المعينة " .

      أما من حيث القافية فيحدثنا الدكتور عز الدين إسماعيل قائلا : " فالقافية في الشعر الجديد ـ بباسطة ـ نهاية موسيقية للسطر الشعري هي أنسب نهاية لهذا السطر من الناحية الإيقاعية ومن هنا كانت صعوبة القافية في الشعر الجديد وكانت قيمتها الفنية كذلك ... فهي في الشعر الجديد لا يبحث عنها في قائمة الكلمات التي تنتهي نهاية واحدة ، وإنما هي كلمة " ما " من بين كل كلمات اللغة ، يستدعيها السياقان المعنوي والموسيقي للسطر الشعري ، لأنها هي الكلمة الوحيدة التي تضع لذلك السطر نهاية ترتاح النفس للوقوف عندها .

     ومع أن الشاعر الذي يكتب قصيدة الشعر الحر ، يمكنه استخدام البحور الخليلية المفردة التفعيلات والمزدوجة منها على حد سواء إلا أن البحور الصافية التفعيلات هي أفضل البحور التي يمكن استخدامها وأيسرها في كتابة الشعر الحر ، لاعتمادها على تفعيلة مفردة غير ممزوجة بأخرى حتى لا يقع الشاعر في مزالق الأخطاء العروضية ، أو يجمع بين أكثر من بحر في القصيدة الواحدة .

     والبحور الصافية التفعيلات هي : التي يتألف شطرها من تكرار تفعيلة واحدة ست مرات كالرمل والكامل والهزج والرجز والمتقارب والمتدارك . كما يدخل ضمن تلك البحور مجزوء الوافر " مفاعلتن مفاعلتن " . وهذا ما جعل نازك الملائكة تقرر بان الشعر الحر جاء على قواعد العروض العربي ، ملتزما بها كل الالتزام ، وكل ما فيه من غرابة أنه يجمع الوافي والمجزوء والمشطرور والمنهوك جميعا . ومصداقا لما نقول أن نتناول أي قصيدة من الشعر الحر ، ونعزل ما فيها من مجزوء ومشطور ومنهوك ، فلسوف ننتهي إلى أن نحصل على ثلاث قصائد جارية على الأسلوب العربي دون أية غرابة فيها .

 

   إن الظاهرة   الأدبية بهذا ليست فردية بل هي ( تاريخية ) اجتماعية , إذ ليس متاحا للأديب أن يقضي الليل يفكر في تغيير تاريخ الأدب , فالتجارب الفردية استجابة لمعطيات تاريخية قد تنجح و قد تفشل .

 

   و قد ظهرت محاولات شعرية في العشرينات , لم تنجح لأنها في الأصل تعبر عن معارضة مع وجود سلطة مهيمنة هي القصيدة ( الرومنسية ) , فظهر ( لويس عوض ) بقصائده عام 1938 لكنها لم تبرز فكانت معارضة لقصائد ( علي طه , إبراهيم ناجي ....)

  نموذج من قصيدة لويس عوض :  

                                                      أبي ...... أبي    

                                                  أحزان هذا الكوكب ...

             ( بحر الرجز )                   ناء بها قلبي الصبي ...

                                                   الشوق من حنبي ... جراح الهدب ...

 

   و قد نجحت نازك الملائكة بقصائدها نتيجة ما صاحبها من إحساس جديد بالمعاصرة يصاحب الناس , و بهذا ظهر الشكل الجديد للشعر و هو ما سمي بالبند , و هو نص نثري موزون يشبه القصيدة المدورة أو الدائرية ( و قد ظهر هذا النوع في العراق ) . و البند مصطلح فارسي و هو لا ينظر إلى القافية و سنرى نموذجا للبند :

 

(أ هل تعلم أم لا أن للحب لذاذات

 و قد يعذر و لا يعذل من فيه غراما و جوى مات

فذا مذهب أرباب الكمالات                                                            بحر الهزج (مفاعيلن)

فدع عنك من اللوم زخاريف المقالات

 فكم قد هذب الحب بليدا

 فغدا في مسلك الآداب و الفضل رشيدا

 صه فما بالك أصبحت غليظ الطبع لا تعرف شوقا

 لا و لا تظهر توقا

 , لا و لا شممت بلحظيك سنا البرق اللموعي ..... إلخ . )                                                                                                                            

 

و البند لم يدخل في أي صراع لأنه لم يرق إلى الشعر و الدلالة و الايقاع , وقد حاولت نازك الملائكة أن تجعله سطورا    شعرية , و لعل أفضل كتاب ألف عن البند لعبد الكريم العجيلي ( البند تاريخه و نصوصه ) .وخلاصة القول أن (البند) نص نثري  لم يهتم به النقاد والمبدعون ,

 

  نظام القصيدة المعاصرة :

 أول ما يلفت الانتباه في القصيدة الحرة هو نظامها الجديد المختلف , فالقصيدة تكتب على شكل أسطر ذات قافية , ليس لها طول ثابت و إنما يصح أن يتغير عدد التفعيلات من سطر إلى سطر فهذا ما ينطبع في الذهن عند رؤية القصيدة الحرة فهي لم تتلزم بنظام الشطرين بل إنها قائمة على نظام السطر الواحد , وهو ليس خال من الوزن بل إنه يعتمد الأوزان بشكل معاصر ومغاير .

 

فلسفة الشعر المعاصر في الوزن :

ما الذي يحقق الإيقاع الموسيقي في القصيدة ؟ البحر او التفعيلة؟ ما هي اصغر وحدة في القصيدة ؟

* في القديم كان البحر بتفعيلاته الست أو الثمان أو الأربع ...

أما بالنسبة للشعر الحر فينظر إلى المسألة على أن فيها شيئا من الاستنتاج , فإن كانت أصغر وحدة هي البيت فإننا في الشعر الحرنجزؤه  إلى عناصر ( تفعيلات ) فالوحدة الإيقاعية هي التفعيلة لا البيت فالبيت  تكرار لمجموعة من التفعيلات وخلاصة لمجموعة من العناصر المستقلة .

والشعر المعاصر : يستغل كثيرا البحور الصافية لأنها أسهل ( وهي التي تكون من تفعيلة واحدة تتكرر كالمتقارب , الرجز , الكامل الوافر , أما البحور الممزوجة فبشكل اقل (وهي التي تتكون من تفعيلتين مختلفتين ) .

موسيقي الشعر الحر :

 إن المسألة ذات بعد نفسي , فالشاعر في حالة المخاض الشعري يكون متوترا , لتصبح اللغة عاجزة عن التعبير بهذا التوتر والتأزم , لتصبح التجربة الشعرية اكبر من طاقة الشعر , ليصبح الشاعر أسير الأصوات والإيقاعات . وقبل البدء يدندن بأصوات , هذا المخزون العاطفي يعطل اللغة عن التعبير فيستيقظ الجهاز المؤلف للأصوات , لكنها أصوات منظمة في شكل إيقاعات موسيقية غامضة باهتة , ثم يبدأ الإيقاع بتذويب ذلك المخزون العاطفي لذلك فالوزن في الشعر ضرورة نفسية يولد مع القصيدة ولكن هذا ما يعني انه يأتي من فراغ , بل هو نتاج مخزون فكري وقراءات متعددة .

 

هل هناك أسباب تجعل الشاعر يتوجه نحو بحر معين دون آخر ؟

السر يمكن في الكلمة الأولى فبمقتضاها ينبني اختيار الشاعر للبحر الذي يتم انتقاؤه إلا أن بعض الشعراء يعيشون هاجسا موسيقيا منحصرا في بحر واحد ,

 

هدف الوزن :

 هو توفير الانسجام الصوتي داخل القصيدة و إحداث نوع من التشكيل النغمي و البعد عن أي نشاز تنفر منه الأذن

 فالنظام الموسيقي هو الذي يميز الشعر و الوزن يميز بين نص و آخر .

و الشاعر لا يذهب إلى الوزن و لا يختاره لأن ذلك يجعله نظما سفيفا .

و الإيقاع و الوزن يوفر الإحساس بالانسجام و هو أحد مكونات الرؤية الجمالية و تزداد ضرورة الوزن و الإيقاع عند من يهتمون بالشعر و يتذوقونه تذوقا جماليا .

مصدر الإيقاع : هل هو البحر أو القافية ؟

   إن البيت في الشعر العمودي هو مصدر الموسيقى أما في الشعر الحر فإن التفعيلة الواحدة كافية لتحقيق الإيقاع الموسيقي , فالتفعيلة أساس الإيقاع للبيت و من ثم للقصيدة ككل , فالتفعيلة إذا أساس العروض و الانتقال من البيت إلى التفعيلة هو التغير الذي حدث .

   و النصوص الأولى للشعر الحر كانت عام 1947 لنازك و السياب , فنازك كتبت قصيدة      ( الكوليرا ) و هي من الوزن المتدارك ( الخبب) :

                      طلع الفجر

                      اصغ إلى وقع خطى الماشين

                      في صمت الفجر , أصخ , انظر ركب الباكين

                      عشرة أموات , عشرونا

                       لا تحصى , أصخ للباكينا

                       اسمع صوت الطفل المسكين .

                       موتى , موتى , ضاع العدد

                       موتى , موتى , لم يبق غد

                       في كل مكان جسد يندبه محزون ...

 

و من ديوان ( أزهار ذابلة ) للسياب برزت قصيدة " هل كان حبا " من بحر الرمل :

                      هل يكون الحب أني

                      بت عبدا للتمني

                      أم هو الحب أطراح الأمنيات

                      و إلتقاء الثغر بالثغر و نسيان الحياة

                      و اختفاء العين في العين إنتشاء

                      كانثيال عاد يفني في هدير

                      أو كظل في غدير

 

جوهر الشعر الحر :

      أما جوهره فهو التعبير عن معاناة الشاعر الحقيقية للواقع التي تعيشه الإنسانية المعذبة .

فالقصيدة الشعرية إنما هي تجربة إنسانية مستقلة في حج ذاتها ، ولم يكن الشعر مجرد مجموعة من العواطف ، والمشاعر ، والأخيلة ، والتراكيب اللغوية فحسب ، وغنما هو إلى جانب ذلك طاقة تعبيرية تشارك في خلقها كل القدرات والإمكانيات الإنسانية مجتمعة ـ كما أن موضوعاته هي موضوعات الحياة عامة ، تلك الموضوعات التي تعبر عن لقطات عادية تتطور بالحتمية الطبيعية لتصبح كائنا عضويا يقوم بوظيفة حيوية في المجتمع . ومن أهم تلك الموضوعات ما يكشف عما في الواقع من الزيف والضلال ، ومواطن التخلف والجوع والمرض ، ودفع الناس على فعل التغيير إلى الأفضل .

 

الشعر الحر و الظروف الاجتماعية :

 

  تربط نازك الملائكة بين المظهر العروضي و الدلالة الاجتماعية و ذلك ما أبرزته في أربع قضايا أولها :      1-النزوع إلى الواقع :

  فالأوزان الحرة تتيح للفرد المعاصر أن يهرب من الأجواء الرومنسية , إلى جو الحقيقة الواقعية

2 – الحنين إلى الاستقلال : الشاعر المعاصر وجد في الثورة على القوالب الشعرية متنفسا لهذه الحرقة إلى الاستقلال فثار عليها .

3- النفور من النموذج : أي الخروج على النمط الأول القديم ونظام الشطرين هذا النظام الهندسي الصارم , وبذلك فالشاعر المعاصر يبحث عن الحرية ويريد أن يحطم القيود ويعيش ملء مجالاته الفكرية والروحية

4- إيثار المضمون : الحياة الجديدة التي يعيشها الشاعر المعاصر تفرض شعرا يعبر عنها . ويكون المضمون الذي هو الواقع الجديد الموجه الرئيس  في اختيار بيت شعري قادر على احتضان واقع مغاير لم يعرفه الشعر السابق على الشعر الحر .

 

  و يستلزم مفهوم نازك الملائكة للشعر الحر ضبطا لأسسه النظرية و يمكن تلخيص ذلك في النقاط التالية :

1- تعريف الشعر الحر بالعروض .

2- أسبقية المعنى في بناء النص الشعري .

3- اللغة الشعرية لغة متعدية فالشاعر غايته التعبير و الخلق لا الجمالية الظاهرية , ( خلق الأفكار و الدلالات المتعددة ) .

 

 

 

 

 

 

الشعر العربي المعاصر

 

 

 

    إن الكتابات النظرية الخاصة بهذا الشعر واسعة و سنقتصر على نصين أو علمين      ( يوسف الخال و أدونيس ) كونهما يلخصان أهم الأسس النظرية التي تصدر عنها النصوص الواصفة برمتها لمتن الشعر المعاصر .

 

1- يوسف الخال :     المعاصرة و الحياة ...

   وضع يوسف الخال أسسه النظرية لمفهوم الشعر المعاصر في ست قضايا هي :

- اللغة الشعرية لغة متعددة .

- القصيدة بناء يعتمد الوحدة .

- أسبقية المعنى على المبنى .

- الشعر معرفة .

- النص مشروط بالتداخل النصي .

 

   و الحداثة في الشعر عند ( يوسف الخال ) لا تعتبر مذهبا كغيره في المذاهب بل هي حركة ابداع تماشي الحياة في تغيرها الدائم و لا تكون وقفا على زمن دون آخر فحيثما يطرأ تغيير على الحياة , تتبدل نظرتنا إلى الأشياء . يسارع الشعر إلى التعبير عن ذلك بطرائق خارجة عن المألوف و المعتاد .

 

 

 

 

2- أدونيس :      من الرؤيا إلى التخيــيــل ...

 

   أما القضايا التي صدرت عنها مفاهيم أدونيس للشعر المعاصر فهي :

1 – الشعر الرؤيا .

2 – ( الشكل ) , الشعر خلق شعري لانهائي .

3 – ( اللغة ) لغة الشعر لغة خلق لا تعبير .

4 – الغموض

 

   الرؤيا عند أدونيس قفزة خارج المفاهيم القائمة , فهي تمرد على الأشكال و المناهج الشعرية القديمة و رفض لمواقفه و أساليبه التي استنفذت أغراضها . و إن جوهر الشعر المعاصر قائم على القيم الواقعية إنه يبدل هرمونيا إبداعية و يجد حقيقة خاصة وراء وقائع العالم . إن على الشاعر المعاصر أن يتخلص من كل شيء مسبق و في كل الآراء المشتركة , إن هدف القصيدة المعاصرة هو القصيدة نفسها فهي عالم متكامل , إنها عالم الحركة لا السكون و ليس مقياس عظمتها في مدى عكسها أو تصويرها للأشياء و المظاهر الواقعية , بل في مدى إسهامها بإضافة جديد ما إلى هذا العالم . فالشعر المعاصر مركز جاذبية لكل حقول الفكر .

   و الشعر خلق في الشكل و هو ملزم أن يكون جديدا و الشكل مغامرة للمعرفة , فطاقة المعرفة الخلاقة تظل فوق الأشكال الممكنة كلها ..

   أما اللغة فكانت في القديم لغة تعبير أما عند أدونيس فهي لغة خلق جديد , و لا بد للكلمة أن تعلو على ذاتها و أن تزخر بأكثر مما تعد به فالكلمة لا تحمل فكرة واحدة ثابتة و لكنها ( رحم لخصب جديد في كل مرة ) , و الشاعر ثائر على اللغة و قواعدها لتتشكل في ثوب جديد و هندسة جديدة و مبنى جديد لقراءات متعددة دلالية لا نهائية .

   لا بد للكلمة أن تخلق الموضوع و تطلقه خارج نفسه .

 

   أما الغموض , فبما أن الشعر رؤيا و الرؤيا تخضع للغة خلق باطنية . فلابد أن تخرج على المألوف و المعتاد و ننتمي لمنطق ( الغرابة ) الذي يتحرر من الصورية إلى الجدلية و من الثابت إلى المتغير و من الساكن إلى المتحرك .و الشعر المعاصر نفاذ إلى أعماق الواقع المتشابك المتداخل المتصارع فلا بد أن يكون الشعر غامضا غير بائن .

 

   هذه القضايا الأربعة تستهدي بأسس نظرية يمكن إيجازها على النحو التالي :

1-    الشعر رؤيا ذات بعد فكري و روحي

2-    الشعر بناء يعتمد الوحدة

3-    الشعر إيقاع

4-    اللغة الشعرية متعدية

5-    المعنى الشعري لاحق و متعدد

6-     

 نلحظ في نص أدونيس أو قضاياه أن الرؤيا هي العنصر الباني لتنظير منفتح باستمرار على مستقبله يوازيه مصطلح ( التخييل ) 

و التخييل هو يعني شيئا أشمل و أعمق من الخيال , فالتخييل هو رؤية الغيب و معنى التخييل نجده عند معظم الصوفيين .

  فالبديل الشعري للانهاية هو التخييل أو التصور , فالتخييل هو الملمح الأساسي في الشعر المعاصر و هو القوة الرؤياوية التي تستشف ما وراء الواقع فيما تحتضن الواقع , أي القوة التي تطل على الغيب و تعانقه فيما تنغرس في الحضور تصبح القصيدة جسرا يربط بين الحاضر و المستقبل , الزمن و الأبدية , الواقع و ما وراء الواقع , الأرض و السماء .

 

 

الكتابة الجديدة :

أدونيس , ملامح و اتجاهات :

 

يحدد لنا أدونيس ما سماه ملامح الحداثة ال�

abdoucom

الكاتب الاجتماعي والاديب والشاعر : نزار عبد الرزاق .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2939 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2014 بواسطة abdoucom

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

68,277