ملخص المادة العلمية |
|||
1- فضل الحياء. 2- تعريف الحياء وأقسامه. 3- كيف يكون الحياء من الله تعالى. |
|||
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله هذا حديث عظيم، بيّن فيه النبي ولما كان الإسلام أشرف الأديان أعطاه الله سبحانه أسنى الأخلاق وأشرفها وهو الحياء. ولقد كان النبي ولقد كثرت الأحاديث عن النبي عن أبي هريرة وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي وعنه وعن ابن مسعود وقد اختلفت عبارات العلماء في الإعراب عن معنى الحياء. فقيل: هو خلق يبعث على فعل الحسن وترك القبيح. وقيل: هو انقباض النفس خشية ارتكاب ما يكره. وقال الزمخشري: هو تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم. وقال الراغب: الحياء انقباض النفس من القبيح. وهو من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي فلا يكون كالبهيمة. وهو مركب من جبن وعفة، فلذلك لا يكون المستحي فاسقا، وقلّما يكون الشجاع مستحيا. فالحياء خلق الكرام، وسمة أهل المروءة والشرف، وعنوان الفضل والعقل، من حرمه حرم الخير كله، ومن تحلى به ظفر بالعزة والكرامة ونال الخير أجمع. والحياء أمارة صادقة على طبيعة الإنسان، فهو يكشف عن قيمة إيمانه ومقدار أدبه. فعندما ترى الإنسان يشمئز ويتحرج من فعل ما لا ينبغي، أو ترى حمرة الخجل في وجهه صابغة إذا بدر منه ما لا يليق، فاعلم أنه حي الضمير، نقيّ المعدن، زكي العنصر. وإذا رأيت الرجل لا يكترث ولا يبالي بما يبدر منه فهو امرؤ لا خير فيه، وليس له وازع يمنعه من ارتكاب الجرائم، واقتراف الآثام الدنايا. وقد جعل العلماء الحياء قسمين: الأول: الحياء من الناس. ومنه أن يطهّر الإنسان فمه من الفحش، وأن يعزّ لسانه عن العيب، وأن يخجل من ذكر العورات، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها. ومنه أن يقتصد المسلم في تحدّثه بالمجالس، فإن بعض الناس لا يستحيون من امتلاك ناصية الحديث في المحافل الجامعة، فيملئون الأفئدة بالضجر من طول ما يتحدثون. ومنه أن يخجل الإنسان من أن يؤثر عنه سوء، وأن يحرص على بقاء سمعته نقية من الشوائب، بعيدة عن الإشاعات السيئة. ومنه أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم، وأن يؤتي كل ذي فضل فضله، فللغلام مع من يكبرونه، وللتلميذ مع من يعلمونه مسلك يقوم على التأدب والتقديم، فلا يسوغ أن يرفع فوقهم صوته، ولا أن يجعل أمامهم خطوة. وأما القسم الثاني من الحياء فهو الحياء من الله عز وجل، فنحن من خيره، ونتنفس في جوّه، وندرج على أرضه، ونستظل بسمائه، والإنسان بإزاء النعمة الصغرى من مثله يخجل أن يقدم إلى صاحبه إساءة، فكيف لا يخجل الناس من الإساءة إلى ربهم؟ الذي تغمرهم آلاؤه من المهد إلى اللحد، وإلى ما بعد ذلك من خلود طويل. إن حق الله على عباده عظيم، ولو قدروه حق قدره لسارعوا إلى الخيرات يفعلونها من تلقاء أنفسهم، ولابتعدوا عن السيئات خجلا من مقابلة الخير المحض بالجحود والخسّة. ولقد بيّن النبي وهكذا بيّن وأول هذه الأمور: حفظ الرأس مجملا عبارة عن التنزه عن الشرك، فلا يضع رأسه لغير الله ساجدا، ولا يرفعه على عباد الله تكبرا، فإن السجود لغير الله شرك، قال والتكبر على عباد الله كبيرة، وكلاهما من موجبات النار. قال تعالى: وقال النبي وأما تفصيلا: فحفظ الرأس معناه: أن يحفظ العبد الرأس وما وعاه من الحواس كالفم واللسان، والعين والأذن. فحفظه يكون باجتناب أكل الحرام وما فيه شبهة، فإن النبي وأكل الحرام يمنع قبول الدعاء كما في الحديث: ((إن الله تعالى طيّب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.)) وأما اللسان فإمساكه عن الحرام والشر واجب، وقد كثرت الأحاديث في الأمر بصيانة اللسان، منها: قوله ولما أرشد النبي وإنما كان اللسان بهذه المنزلة من الخطر: لأن به يكون الشرك بالله، والكفر به، وبه يكون الكذب، والغيبة، والنميمة، وشهادة الزور، وبه يكون القول على الله بغير علم، وكل ذلك من الموبقات. وأما العين فقد أمر المسلم بحفظها عن النظر إلى ما متّع الله به الكفار من متاع الحياة الدنيا. قال الله تعالى: وقال تعالى: وعن أبي هريرة وقد أمر الله تعالى أيضا المؤمنين والمؤمنات بغض البصر عما لا يحل النظر إليه. قال تعالى: وقال وسئل وقال فقال وإنما شدد الإسلام في النظرة لأنها بريد الشهوة ورائد الفجور، ولقد أحسن من قال: كل الحوادث مبدأها النظــر ومعظم النار من مستصغر الشرر والمرء ما دام ذا عين يقلبـها في أعين الغيد موقف على الخطر كم من نظرة فعلت في قلب صاحبها فعل السهام بلا قوس ولا وتــر يسـر ناظـره ما ضـر خـاطره لا مرحبا بسرور جــاء بالضرر ومما يجدر التنبيه عليه أنه لا فرق في النظرة بين أن تكون مباشرة أو غير مباشرة، فالنظرة إلى الصورة في الورق أو في المجلة أو على الشاشة حرام كالنظر إلى المرأة. أما الأذن: فحفظها يكون بترك الاستماع إلى الخنا والفجور، وبترك الاستماع إلى القينات والمعازف، وبترك الاستماع إلى كل ما حرم الله الاستماع إليه، فإن المسلم مخاطب بتغيير المنكر إذا رآه أو سمعه، فإذا استمع الإنسان للمنكر ألفه قلبه، حتى لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. وقد جعل النبي ويدخل في حفظ الرأس حفظه عن نظر من لا يجوز له النظر إليه، فرأس المرأة عورة، و((الأذنان من الرأس))، كما قال النبي أما الرجل فقد فطره الله على أن يكون ذا لحية قد تكثف وقد تخف، فلا يجوز للرجل أن يعتدي على لحيته بالإزالة، أو بالأخذ منها أخذا يشبه الإزالة، فقد أمر النبي أما المرأة فقد خلقها الله لا لحية لها، لكنها قد ينبت في وجهها شعر خفيف، وقد يثقل فيرى، وفي هذه الحالة لا يجوز لها إزالة هذا الشعر، فإن فعلت فهي ملعونة على لسان محمد وأما حفظ الفم، كما يدخل فيه حفظه عن الحرام وما فيه شبهة، كما سبق في حفظ الفم، كما يدخل فيه حفظه عن أن يمتلأ بالمباح، فإن الله تعالى يقول: وقال النبي وأما ما حواه البطن فالمراد به الفرج، وحفظ الفروج قد أمر الله به فقال: ومدح الحافظين فروجهم فقال: وحفظ الفرج يكون بحفظه من الوطء الحرام، والنظر الحرام، واللمس الحرام، وقد قال ومما يحزن القلب تساهل المؤمنات في الذهاب إلى الأطباء الرجال لأتفه الأسباب، وتمكينهم من الكشف على العورة المغلظة والنظر إليها ولمسها من غير ضرورة. فاتقين الله معشر المسلمات، واحفظن فروجكن، واعلمن أن الحياء والإيمان قرناء، إذا رفع أحدهما رفع الآخر. ورحم الله الداية!!. ويدخل في حفظ ما حوى البطن وحفظ الرجلين عن السعي بها إلى الحرام، وتختص المرأة بحفظ رجليها عن نظر من لا يجوز له النظر إليهما، فرجلا المرأة عورة، ومعنى ذلك أن المرأة التي تلبس جلبابا فوق الكعبين لم تحفظ رجليها ولم تستح من ربها حق الحياء، فكيف بالتي تلبس الملابس التي دون الركبتين أو فوقهما حتى تبدو رجلاها، لا بل فخذاها! إي والله فخذاها، فماذا تستر هذه الجيبة الضيقة القصيرة المفتوحة من الخلف، وإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تهلكنا بما فعل المبطلون. ومن حقيقة الاستحياء من الرب: ذكر الموت، لأن من ذكر أن عظامه تصير بالية، وأعضاءه متمزقة، هان عليه ما فاته من اللذات العاجلة، وأهمه ما يلزم من طلب الآجلة، وعمل على إجلال الله وتعظيمه. ومن أراد الآخرة أي الفوز بنعيمها ترك زينة الدنيا، لأن الآخرة خلقت لحظوظ الأرواح، وقرّة عين الإنسان، والدنيا خلقت لمرافق النفوس، وهما ضرتان، إذا أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى، فمن أراد الآخرة وتشبّث بالدنيا كان كمن أراد أن يدخل دار ملك وعلى عاتقه جيفة، والملك بينه وبين الدار، لابد أن يمر عليه، فكيف يكون حينئذ؟ فكذا مريد الآخرة مع تمسكه بالدنيا، فآثروا ما يبقى على ما يفنى. |
ساحة النقاش