يمكن القول بأن مدرسة الإدارة العامة الكلاسيكية قد  نشأت بشكل فعلي  كحقل علمي له استقلاليته عقب الحرب العالمية الثانية؛ وذلك  من خلال اتجاهين رئيسيين وهما: الإدارة العامة المقارنة، وتحليل السياسات العامة؛ فلم يبدأ الجهد الحقيقي والفعال في التحليل المقارن للإدارة العامة إلا بعد الحرب العالمية الثانية ، وذلك بسبب  توسع دور الإدارة الحكومية بعد هذه الحرب.   وعملت جماعة الإدارة المقارنة على تعزيز دراسات "إدارة التنمية" من خلال استخدام الخبرة الأمريكية في مساعدة الدول المستقلة حديثا على تعزيز قدرات أجهزتها الإدارية.
 ويلاحظ مما سبق أن التحليل المقارن للإدارة العامة نشأ في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ؛ حيث أخذت السياسات الاقتصادية الليبرالية تتجه نحو تدخل الإدارة الحكومية  بشكل كبير في الاقتصاد لعلاج مشكلاته ، كما أخذت الدول المستقلة حديثا في تبني سياسات اقتصادية ذات توجه اشتراكي لبناء الدولة والوصول إلى التنمية . ولقد أفرزت  الإدارة العامة المقارنة نماذج بارزة مثل إدارة التنمية، والبيروقراطية العامة وهو النموذج الذي يعبر  بشكل أكبر  عن الإدارة العامة من النموذج البيروقراطي التقليدي ل  Max Weber الذي يتعامل مع علوم الإدارة سواء أكانت إدارة عامة أو إدارة أعمال.
 و كان الاتجاه الثاني  في المدرسة الكلاسيكية للإدارة العامة هو ذلك التوجه نحو تحليل السياسات العامة والذي جاء نتيجة لنشأة تحليل السياسات العامة كعلم، وهو ما يعود  إلى "هارولد لاسويل" وكتابه " علم السياسات" الذي ظهر في خمسينيات القرن العشرين . وسرعان ما احتلت دراسات تحليل السياسات ومهنة محلل السياسات أهمية كبرى داخل مراكز المعلومات والبحوث الأمريكية. ومنذ ذلك الحين ، حدثت تطورات كبرى في منهاجيه البحث المرتبطة بالسياسات العامة بوصفه حقل علمي له ملامحه المستقلة.
 ويلاحظ هنا أن علم السياسات العامة عبر عن كونه حقل بيني بين علوم مختلفة وهو نفس طبيعة علم الإدارة العامة ، الأمر الذي قد يعبر عن تنافس في الأدوار، خاصة أن كلا الحقلين أخذا في الظهور كعلم له استقلاليته في فترة متزامنة وهي الخمسينيات ، كما اتضح مما سبق ، هذا بالإضافة إلى أن هناك مجال مشترك بين علمي الإدارة العامة والسياسات العامة .
  ويلاحظ أن اتجاه تحليل السياسات العامة-مثل اتجاه الإدارة العامة المقارنة- نشأ هو الآخر في خمسينيات القرن العشرين ، وذلك مع اتجاه السياسات الاقتصادية الليبرالية نحو زيادة دور الإدارة الحكومية في الاقتصاد وزيادة دور القطاع العام على حساب القطاع الخاص ؛ الأمر الذي يمكن أن يوضح التأثير الرئيسي لاتجاهات السياسات العامة الاقتصادية على علم الإدارة العامة.
  ومن ثم يمكن القول بأن الحقل الدراسي الكلاسيكي  للإدارة العامة  قد تنازعه اتجاهان رئيسيان : الأول وهو الإدارة العامة المقارنة والذي سعى إلى التأصيل العلمي للإدارة العامة وإلى أن يكون للإدارة العامة علم له خصوصيته واستقلاليته، بينما سعى الاتجاه الثاني وهو تحليل السياسات العامة  إلى احتواء حقل الإدارة العامة ودمجه في علم السياسات العامة الذي طرح نفسه كعلم بيني بين علوم اجتماعية متعددة شأنه شأن حقل الإدارة العامة.

المصدر: د.أحمد رشيد ، إدارة التنمية- تجارب عربية (القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 1992 ) -د.سلوى شعراوي جمعة (1999) - د.فيريل هيدي، محمد قاسم القريوتي (مترجم ) . - د.باسم شمس الدين (2006) - Heady:1999 -Riggs:1997 - wikipedia Encyclopedia-
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 163/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 1704 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2011 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

743,182

ابحث