تعبر هذه المدرسة عن فلسفة للإدارة أخذت الحكومات تطبقها منذ ثمانينيات القرن العشرين لتحديث القطاع العام . والإدارة العامة الجديدة مصطلح واسع النطاق شديد التعقيد يستخدم لوصف موجة إصلاحات القطاع العام التي اجتاحت العالم خلال هذه الفترة.وتسعى الإدارة العامة الجديدة –استنادا إلى مدارس الإدارة والاختيار العام –إلى تعزيز كفاءة القطاع العام . والافتراض الرئيسي لهذه المدرسة هو أن مزيد من التوجه  نحو السوق في الإدارة العامة من شأنه أن يؤدي إلى كفاءة أكبر للحكومة في تكاليفها.
  ويمكن القول أن مدرسة الإدارة العامة الجديدة نشأت في ثمانينيات القرن العشرين بعد اتجاه السياسات الاقتصادية الليبرالية نحو الخصخصة، وذلك مع وصول تاتشر إلى الحكم في بريطانيا ووصول ريجان إلى الحكم في الولايات المتحدة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن المنصرم. الأمر الذي يمكن أن نستنتج منه التأثير الرئيسي الكبير لاتجاهات السياسات الاقتصادية الليبرالية على تطور علم الإدارة العامة.
  وينظر باحثون إلى حركة الإدارة العامة الجديدة على أنها  تعبر عن الكيفية التي يتم بها تطبيق أساليب إدارة الأعمال المعنية بإدارة القطاع الخاص في الإدارة العامة المعنية بإدارة الخدمات العامة ، ويتحدثون عن أن الإدارة العامة الجديدة تقوم على أربعة عناصر رئيسية وهي:
-quasi-market  أي حالة تماثل السوق بما يحكمه من آليات التكلفة والعائد.
-decentralization اللامركزية بما يؤدي إلى تقليل البيروقراطية(أو التخلص منها كما يتحدث البعض).
-quality الجودة أي التوجه نحو تحقيق الجودة وقياس جودة أداء الإدارة العامة.
 -consumerism أي التوجه نحو المستهلك والتركيز على إرضائه.
 فبعد أن كان هناك فصل بين القطاع العام والقطاع الخاص في أسلوب ومجالات العمل طالب أنصار الإدارة العامة الجديدة بالاستعانة بالقطاع الخاص بل ونقل أسلوب إدارته إلى المنظمات الحكومية ، حتي يتحقق إصلاح وكفاءة ورشادة وربحية الإدارة الحكومية ، وسادت مفاهيم استعادة التكلفة ورسوم الانتفاع والتعاقد الخارجي وآليات السوق.
 وسادت مدرسة الإدارة العامة الجديدة اتجاهان : إعادة إختراع الحكومة(التخلص من البيروقراطية) و ال Governance، وكذلك ساد هذه المدرسة نموذج Managerialism.
الاتجاه الأول : اتجاه إعادة اختراع الحكومة واللابيروقراطية
    وطرح  أوسبورن وجبلر مفهوم إعادة اختراع الحكومة عام 1993 وقدما نموذجا لدور الحكومة ؛ بحيث تكون: حكومة إنجاز مهام تركز على النتائج وليس القواعد ، وحكومة مشروعات (حيث يكون الكسب أكثر من الإنفاق ) ، وحكومة حافزة تركز على التوجيه أكثر من التنفيذ ، وحكومة تعمل بأسلوب الوقاية بدلا من العلاج ، وحكومة تنافسية تدخل المنافسة في تقديم الخدمات ، وحكومة تضع الميزانية على أساس الأداء ، وحكومة تتجه نحو التجديد والابتكار.   وجاء نشر كتاب " تفويض بالتغيير" ليعبر عن فلسفة حكم جديدة لعهد جديد في السياسة الأمريكية.
  ثم قدم David Osborne   مع زميله Peter Plastric مفهوما آخر يدعم مفهوم إعادة الاختراع وهو مفهوم " التخلص من البيروقراطية" ؛ حيث كان منطقهم هو ضرورة تغيير العنصر الوراثي للنظام وهو يشمل الهدف الذي يسعى وراءه أي نظام إداري ونظمه الخاصة بالمسئولية وهيكل سلطاته وثقافة النظام.
الاتجاه الثاني  Governance (الحوكمة)
 ويعبر اتجاه الحوكمة  عن عدة محاور أبرزها  : الاتجاه نحو الحد من التدخل الحكومي وضبط النفقات العامة والاتجاه نحو الخصخصة كمؤشرات للتعبير عن دولة الحد الأدنى التي لا تتدخل عند الضرورة ، والاتجاه نحو إدخال أساليب إدارة الأعمال في المنظمات العامة وإدخال قيم جديدة مثل المنافسة ومعاملة متلقي الخدمة على أنه زبون. ولكن الحوكمة تغفل الدور الاجتماعي للدولة بصفة عامة والحاجة إلى وجود فاعل يستطيع أن يتوجه بخدماته للمواطنين بصرف النظر عن كون هذه الخدمة ربحية أو غير ربحية.
   ويلاحظ أن اتجاه  الحوكمة  يعبر هو الآخر عن عودة إلى الفكر الليبرالي الرأسمالي الكلاسيكي في دور الحد الأدنى للإدارة الحكومية في الاقتصاد، وهو يتفق بذلك مع اتجاه إعادة اختراع الحكومة.  ولكن  الحوكمة  قدم بديل يتمثل في تفعيل دور المنظمات غير الحكومية غير  الهادفة للربح  واشتراكها مع الحكومة والقطاع الخاص في وضع السياسات العامة وتنفيذها.
نموذج الManagerialism
جاء هذا النموذج تعبيرا عن الاتجاهات السابقة التي سادت مدرسة الإدارة العامة الجديدة . ويستند هذا النموذج إلى عدة عناصر أبرزها -الكفاءة الاقتصادية كقيمة أساسية توجه عمل المديرين وقراراتهم ؛ بما يعني السعي الوصول إلى أكبر حد ممكن من المخرجات بأقل قدر ممكن من المدخلات.
  ويعبر هذا النموذج عن السيادة التي تحققت لعلم إدارة الأعمال ، وهو ما يلاحظ بقوة في الجامعات والأكاديميات المصرية والأجنبية من انتشار أقسام إدارة الأعمال في مختلف كليات التجارة وأكاديميات الإدارة ، بينما تتضاءل أقسام الإدارة العامة إلى أدنى حد ؛ حيث لا يوجد سوى قسمين للإدارة العامة في الكليات الحكومية المصرية :أحدهما في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، والآخر في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية.
 وبشكل عام تعبر الإدارة العامة الجديدة عن حكومة صغيرة وعن خصخصة وظائف الحكومة، لكي تتحسن الخدمات من خلال المنافسة والمقارنة المرجعية بأفضل الممارسات ،وحتى يتحسن باستمرار نظام الحكم وإدارة شئون المجتمع ويتعزز التوجه نحو إرضاء الزبون  ويتم التحول من التنظيم الهيراركي إلى التنظيم المنبسط .
 ويلاحظ أن هذين الاتجاهين إعادة اختراع الحكومة والحوكمة اتسما باتساق كبير في محاولة التقريب بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال بدرجة ما ؛ بما أدى إلى إفراز نموذج الManagerialism الذي يعد في الواقع تطبيق فكر وممارسات إدارة الأعمال في الإدارة العامة.
  بيد أنه وجهت انتقادات لمدرسة الإدارة العامة الجديدة خاصة لاتجاه إعادة الاختراع واللابيروقراطية  من حيث أنه قد حوى متناقضات ؛ حيث بوصي اتجاه إعادة الاختراع واللابيروقراطية باستخدام المنافسة بين الوحدات الحكومية لتحسين مستوى الجودة بينما يوصي أيضا بعدم تضخم الأجهزة الحكومية ويعتبره مؤشرا على الاختلال الوظيفي ، كما يفضل اتجاه إعادة الاختراع القطاع الخاص كوسيلة لتحقيق الأهداف العامة، بينما يطالب القطاع العام بأن يحقق الأرباح ويتبنى توجها استثماريا.
 هذا بالإضافة إلى أنه من غير المنطقي أن تقوم الإدارة الحكومية بمنافسة القطاع الخاص، لأن الإدارة الحكومية هي التي تقوم بتنظيم نشاط القطاع الخاص ومراقبته والحكم عليه بالعقوبات في المخالفات ، فكيف يتأتى للإدارة الحكومية أن تقوم مع هذه المهام بمنافسة القطاع الخاص. فلو حدث ذلك، سنكون كما لو كنا في مباراة يقوم أحد الأشخاص باللعب في المباراة وفي نفس الوقت بدور الحكم؛ الأمر الذي يشكل تداخلا وتناقضا في الأدوار؛ وبالتالي لا يعد منطقيا . ومن ثم يمكن القول بعدم سلامة عدد من الأسس المنطقية التي تقوم عليها مدرسة الإدارة العامة الجديدة .

المصدر: - د.سلوى شعراوي جمعة - ويل مارشال ومارتن شرامر - ديفيد أوسبورن - دانيل وليمز - Lane, Jan -Eirk -Wikipedia- Osborne and Gaebler- Edwards ,J.David- Francisco,Ted
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 123/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 2227 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2011 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

749,154

ابحث