جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
نحو منظومة مساءلة فعالة بالمنظمات العامة
د/عصام السيد سليمان خبير في الإدارة الضريبية
تحتاج المنظمات العامة بشكل عام - لتوافر منظومة للمساءلة بها لتحقيق أهدافها، والتي تختلف بطبيعة الحال من منظمة لأخرى ، ويعد غياب المساءلة أمراَ يرجح عدم الفعالية والمشروعية في الأداء، إلا أن مجرد وجود هذه المنظومة في حد ذاته غير كاف، بل يجب أن تتسم تلك المنظومة بالفعالية – تلك الفعالية متعددة الأبعاد، حيث تتمثل في الكفاءة في استغلال الموارد، و يتم التحقق منها من خلال مقارنة كل وحدة مدخلة بالوحدة المخرجة – كما تمتد إلى الأداء الفردي والجماعي في المنظمة وكذلك الفعالية في الإنجاز بوجه عام .
هذا ويخلط البعض بين مفهومي الكفاءة والفعالية نظراً للتداخل والتكامل بينهما، إلا أنهما مفهومان متكاملان لتقييم أداء أي نظام، فالكفاءة تهتم بكفاءة العمليات التشغيلية في التفاعل مع المخرجات بالشكل الذي يساهم في تحقيق أهداف النظام، بينما مقاييس الفعالية تهتم بمدى ملاءمة المخرجات في تحقيق أهداف النظام – وعليه فإن استخدام مقاييس الكفاءة والفاعلية يتطلب بيانات عن المدخلات والعمليات التشغيلية والمخرجات والتغذية العكسية.
ومن ثم يمكن القول بخضوع المساءلة إلى مفاهيم الكفاءة والفعالية حتى تحقق الغرض منها على أكمل وجه.
ولتطبيق هذه المساءلة الفعالة وتعزيزها، فلابد من وجود متطلبات هامة تتمثل في مجموعة من الشروط والعناصر والاحتياجات التي ينبغي توافرها ومن أبرزها :
1-نشر ثقافة المساءلة الإدارية بين أطراف العمل وقطاعاته لتوعيتهم بمفهوم المساءلة وعناصرها واهميتها في تطوير الآداء ،وتهيئهم نفسياً لفهمها وتقبلها بما يضمن التزامهم وينمي احساسهم بالمسئولية.
2-وضوح أهداف المساءلة الإدارية وإمكانية قياسها من خلال وضوح اللوائح والقوانين المنظمة للعمل، وتوافر قنوات اتصال وتبادل المعلومات.
3-وضع آليات عمل واضحة وإجراءات غير معقدة بحيث تكون ملائمة لتحقيق الأهداف.
4-وضوح الأدوار والمسئوليات لجميع الأطراف المعنية لتحديد علاقة التبعية بين الرؤساء والمرؤوسين بما يمكن من تحديد مسار المساءلة.
5-استمرارية التقويم والرقابة للأداء لإعطاء صورة دقيقة عن أداء المنظمة وبالتالي المساعدة على اتخاذ القرارات المناسبة.
6-المشاركة الشاملة من جميع العاملين بالمنظمة.
7-بناء مؤشرات يعتمد عليها في اجراء المساءلة وتقويم الآداء على أن تكون هذه المؤشرات مباشرة وموضوعية وعملية وملائمة – على أن يتم تحديثها بانتظام.
8-تطوير شبكة معلومات ونظام جيد للتواصل بين كافة الدوائر والمؤسسات لتسهيل تدفق المعلومات .
9-مصداقية الإدارات العليا واضعي خطط المساءلة وكذلك واقعية الجهات المعنية بتنفيذها؛ حيث يكون الهدف الأساسي هو الارتقاء بمستوى الآداء المؤسسي بعيداً عن أي علاقات شخصية مع وجود دعم سياسي ، وكذلك بنية مجتمعية تتسم بوضوح الرؤية ، ومناخ ديمقراطي سليم ، وإدارة وطنية قادرة على إتخاذ القرار.
10-الشفافية ونشر المعلومات والتقارير؛ وذلك من خلال توفير المعلومات وتداولها ، بما يمكن من إتخاذ القرارات المناسبة وإكتشاف الأخطاء وحماية حقوق أصحاب المصالح.
11-تحسين الإدارة عن طريق البرامج التدريبية المختلفة؛ بما يمكن من القيام بالمهام على خير وجه وتحقيق الابداع في العمل.
12-تنمية قدرات العاملين على التقييم الذات مع ضرورة التركيز على اجراء تقييم للأساليب التنظيمية التي تفرضها السلطة على المستوى المركزي .
وفي الواقع فإنه لا يوجد نموذج ثابت للمساءلة يمكن أن تتبناه المنظمات العامة، فحتى الآن لا يوجد نموذج نظري يمكن لنا أن نتبناه للحكم على فعالية نظام المساءلة في أي منظمة، ولكن هناك مجموعة من العناصر الهامة والتي يجب أن يتسم بها نظام المساءلة بأي منظمة وتتمثل في:
1-ضرورة ملاءمته لشكل وطبيعة عمل المنظمة وأن يكون ذا معنى وهدف.
2-أن يكون مقبولاً من كافة المتعاملين داخل المنظمة وخارجها.
3-احتوائه على كافة روابط المسئولية.
4-التركيز دائماً على متلقي الخدمة.
5-إعطاء الأهمية بشكل متوازن لكافة جهات المساءلة المختلفة.
6-ضرورة تحقيق الكفاءة والرشادة في استغلال الموارد.
7-سهولة فهمه والتعامل معه.
ومن ثم فإن النظام الجيد للمساءلة ؛ هو ذلك النظام الذي يجب تأسيسه بناء على اجراء دراسة متعمقة لعناصر وأبعاد الإدارة الاستراتيجية ، اعتماداً على عدة محاور تتمثل في:
-أمر التفويض الخاص بالمنظمة- رسالة وقيم المنظمة - كل من البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة من خلال نتائج التحليل الرباعيSWOT لنقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات.
-انتهاج وتبني التفكير الاستراتيجي بدراسة كافة القضايا والخيارات التي تواجه المنظمة، بغرض تحقيق التنمية الاستراتيجية وذلك بتحقيق أهداف وموضوعات المنظمة.
-ضرورة التغلب على مشكلات تطبيق المساءلة الفعالة سواء كانت مشكلات خاصة بتحديد المسئولية عن الآداء أو قياس المساءلة وتقويمها او قياس وتعريف النتائج ،وكذلك معوقاتها سواء كانت إدارية ( كسطوة المركزية الشديدة – ضعف اللامركزية على مستوى الإدارة - عدم تحديد الأدوار بدقة -التداخل في الواجبات والمهام -تعقد اللوائح والإجراءات - كثرة المتغيرات في القوانين والتعليمات)، أو كانت إجتماعية (كشيوع المحسوبية - إنتشار الفساد الإداري – افتقار الأنشطة التدريبية لتعميم ثقافة المساءلة – ضعف التنشئة الاجتماعية الأساسية للأفراد العاملين بمنظمات الإدارة العامة – الاتجاهات السلبية تجاه المساءلة).
المصدر: ١- حنين نعمان علي الشريف ، " أثر المساءلة الإدارية على الأداء الوظيفي للعاملين الإداريين في وزارة التربية والتعليم العالي بقطاع غزة " ، رسالة ماجستير في إدارة الأعمال ، كلية التجارة ، الجامعة الإسلامية ، غزة ، ٢٠١٣.
٢-د. صالحة عبد الله عيسان ، أ. شيخه بنت سعيد الخروصي ، متطلبات تطبيق المساءلة الإدارية على المدارس الحكومية في سلطنة عمان من وجهة نظر مديريها مجلة العلوم التربوية والنفسية ، المجلد ١٧ ، العدد ٢ يونيو ٢٠١٦.
٣-نجوان فاروق شيحه، " مساءلة المنظمات غير الحكومية - مع التطبيق على مصر - دراسة حالة الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية وجمعية الصعيد للتربية والتنمية " ، رسالة ماجستير ، كلية الإقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، ٢٠٠٣.
موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم -
يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس