من هو المعلم؟ ما هو دوره؟

منذ القدم والنظرة للمعلم نظرة تقدير و تبجيل وعلى أنه صاحب رسالة مقدسة وشريفة على مر العصور، فهو معلم الأجيال ومربيها، وإذا أمعنا النظر في معاني هذه الرسالة المقدسة والمهنة الشريفة خلصنا إلى أن مهنة التعليم الذي اختارها المعلم وانتمى إليها إنما هي مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها ، وتعزي بعض الأمم فشلها أو نجاحها في الحروب إلى المعلم وسياسة التعليم كما أنها تعزي تقدمها في مجالات الحضارة والرقيّ إلى سياسة التعليم أيضاً.

النظرة قديماً وحديثاً للمعلم :

اختلفت النظرة عبر العصور من حيث الأدوار التي يؤديها المعلم ، فقديماً أي ما قبل عصر التربية الحديثة كان ينظر للمعلم على أنه ملّقن وناقل معرفة فقط وما على الطلاب الذين يعلمهم إلا حفظ المعارف والمعلومات التي يوصلها إليهم . كما أن المعلم يعتبر المسؤول الوحيد عن تأديب الأولاد وتربيتهم دونما أهمية لدور الأسرة والبيت في التنشئة والتربية السليمة .

تطور هذا المفهوم في عصر التربية الحديث ، وأصبح ينظر إلى المعلم على أنه معلم ومربٍ في آن واحد فعلى عاتقه تقع مسؤولية الطلاب في التعلّم والتعليم والمساهمة الموجهة والفاعلية في تنشئتهم التنشئة السليمة من خلال الرعاية الواعية والشاملة للنمو المتكامل للفرد المتعلم " روحياً وعقلياً وجسمياً ومهارياً ووجدانياً " هذا إضافة إلى دور المعلم في مجال التفاعل مع البيئة وخدمة المجتمع والمساهمة في تقدمه ورقيّه.

ويطلب من المعلم تجاه هذه الأدوار والمهام التي يؤديها ويمثلها أن يكون بمثابة محور للعمل في المدرسة وعمودها الفقري وترتكز قيمته على وعيه وإلمامه بمسؤولياته الجسام والجديدة والمتطورة والشاملة والمتناسبة مع روح العصر في تحقيق الأهداف التربوية بجوانبها المختلفة ، والمشاركة الفعّالة والإيجابية من خلال عمله كعضو في المؤسسة التعليمية ، في إعداد المواطن الصالح الذي يعرف ما له وما عليه ، ويكون ذلك برعاية النمو الشامل للتلاميذ المتعلمين جسمياً وعقلياً وانفعالياً.

وبشكل عام فإن النظرة الحديثة للمعلم تتمثل باعتباره معلم تراث ، معلم قدوة ويمثل دعامة أساسية من دعامات الحضارة فهو صانع أجيال وناشر علم ورائد فكر ومؤسس نهضة وإذا كانت الأمم تقاس برجالها فالمعلم هو باني الرجال وصانع المستقبل ، ولا عجب إذ ينادي رفاعة الطهطاوي بأن المعلمين هم خير من يمشي على تراب الأرض .

الأدوار التي يمثلها المعلم :

يمثل المعلم في العصر التربوي الحديث عدة أدوار تربوية اجتماعية تساير روح العصر والتطور منها:

1- دور المعلم كناقل معرفة :

في هذا الدور لم يعد المعلم موصلاً للمعلومات والمعارف للطلاب ولا ملقناً لهم ، لقد أصبح دور المعلم في هذا المجال مساعداً للطلاب في عملية التعلم والتعليم ، حيث يساهم الطلاب في الاستعداد للدروس والبحث والدراسة مستنيرين بإرشادات وتوجيه معلمهم الكفء الذي يعي الأساليب التقنية وتكنولوجيا التعليم ولديه القدرة والمهارات الهادفة في معاونة الطلاب على توظيف المعرفة في المجالات الحياتية المتنوعة هذا إضافة إلى قدرة المعلم على صياغة الأهداف الدراسية والتربوية والعمل على تحقيقها من خلال الدرس والحصة والنشاطات الصفية واللا صفية ، لذا فإن المعلم في هذا المجال يحتاج إلى التطور والتجدد باستمرار ليحقق الأهداف التعليمية التعلمية.

2- دور المعلم في رعاية النمو الشامل للطلاب :

من المعروف في العصر التربوي الحديث أن الطالب محور العملية التربوية بأبعادها المتنوعة وتهدف هذه العملية أولاً وأخيراً النمو الشامل للطالب " روحياً وعقلياً ومعرفياً ووجدانياً " وبما أن المعلم فارس الميدان التربوي والعملية التربوية فهو مسؤول عن تحقيق هذه الأهداف السلوكية من خلال أدائه التربوي الإيجابي سواءً أكان خلال الموقف التعليمي داخل غرفة الصف أو خارجها في المجتمع المدرسي والمحلي كل ذلك يتطلب من المعلم أن يضمن خططه سواءً أكانت يومية أو أسبوعية أو شهرية أو سنوية ، ولتحقيق الأهداف السلوكية التي تساعد في النمو المتكامل للطالب وتنشئته تنشئة سليمة وفي هذا المجال أيضاً يتطلب من المعلم أن يكون قادراً على تحليل المناهج والمقررات التي يدرسها عاملاً على إثرائها وتوظيفها لخدمة الطلاب ، كما ويترتب عليه وضع الخطط الهادفة للأنشطة الصفية واللاصفية التي تساعد في توظيف المعرفة وربطها بالواقع الحياتي الذي سيساهم به الطالب عندما يصبح أهلاً لذلك .

ويطلب من المعلم في هذا الدور أن يكون ذا علاقات إنسانية طيبة مع الطلاب والمجتمع المدرسي بأكمله ليتمكن من تحقيق إيجابيات هذا الدور.

3- دور المعلم كخبير وماهر في مهنة التدريس والتعليم :

يجب أن يسعى المعلم دائماً للنمو المهني والتطور والتجديد في مجال الاطلاع على خبرات المهنة الحديثة والمتجددة كما ويجدر به ويتطلب منه أن يعي الأساليب والتقنيات الحديثة ليقوم بنقل الخبرات المتطورة إلى طلابه بشكل فعال وإيجابي ، كما ويطلب منه أن يكون عصرياً في توظيف تكنولوجيا التعلم والتعليم المبرمج والأجهزة الإلكترونية الأخرى، ومتجدداً ومسايراً لروح العصر في أساليبه ومهاراته التعليمية ليستطيع بالتالي من المساهمة الفعالة في تحقيق الأهداف السلوكية التربوية المرجوة .

4- دور المعلم في مسؤولية الانضباط وحفظ النظام :

يعتبر المعلم في المجال مساعداً ووسيطاً لتحقيق سلوك اجتماعي إيجابي لدى الطلاب قوامه الانضباط والنظام ، بحيث لا يتأتى ذلك من خلال الأوامر والتسلط بل من خلال إشاعة الجو الديمقراطي الهادف لرعاية الطلاب في هذا المجال بحيث يساهم الطلاب في مشروعات وقرارات حفظ النظام والانضباط في حدود مقدرتهم وإمكانياتهم بشكل عام فالطالب الذي يساهم في صنع القرار يحترمه ويطبقه ، فمثلاً عندما تكون في المدرسة ظواهر شغب ومخالفات للقوانين والتعليمات وخرق لأنظمة الدوام يقع على عاتق المعلم إشراك الطلاب في دراسة الأسباب وعم البحوث بشأنها وبالتالي تتخذ التوصيات والاقتراحات بشأن العلاج وطبعاً لا بد من توجيه وإرشاد المربي في هذه الفعاليات والإجراءات .

5- دور المعلم كمسؤول عن مستوى تحصيل الطلاب وتقويمه :

إن مستوى التحصيل الجيّد في المجالات التربوية المتنوعة معرفية و وجدانية و مهارية يعتبر هدفاً مرموقاً يسعى المعلم الناجح لمتابعته وتحقيقه مستخدماً كل أساليب التقنية وتكنولوجيا التعليم في رعاية مستوى تلاميذه التحصيلي على مدار العام الدراسي بل والأعوام الدراسية وذلك في مجال ما يدرسه من مناهج ومقررات . فالمعلم الناجح هو الذي يوظف اللوائح المتعلقة بتقويم الطلاب في المجالات المعرفية والوجدانية والمهارية بشكل موجه وفعال ويلزمه في هذا المجال فتح السجلات اللازمة لتوثيق درجات الطلاب حسب التعليمات هذا إضافة إلى فتح السجلات التراكمية لمتابعة سلوك الطلاب وتقويمه كما ويتطلب منه أيضاً وضع الخطط اللازمة لمعالجة حالات الضعف وحفز حالات التفوق.

كما أن على المعلم في هذا المجال ، القيام بأبحاث ودراسات إجرائية لحالات التأخر في مجالات التحصيل المعرفي أو المجالات ا لسلوكية الأخرى متعاوناً بذلك مع زملائه وإدارة المدرسة ومع الأسرة .

وتجدر الإشارة في هذا المجال أن يتبع المعلم الأساليب المتطورة والحديثة في مجالات القياس والتقويم ويجب أن يكون المعلم حاكماً نزيهاً وقاضياً عادلاً في تقويمه لطلابه.

6- دور المعلم كمرشد نفسي :

على الرغم من صعوبة قيام المعلم بدور إرشادي وتوجيهي للطلبة إلا أنه يجب عليه أن يكون ملاحظاً دقيقاً للسلوك الإنساني ، كما يجب عليه أن يستجيب بشكل إيجابي عندما تعيق انفعالات الطالب تعلمه ويجب عليه أيضاً معرفة الوقت المناسب لتحويل الطالب للأخصائي النفسي طالباً المساعدة .

7- دور المعلم كنموذج :

بغض النظر عما يفعله المعلم داخل أو خارج الصف فإنه يعتبر نموذجاً للطلاب . ويستخدم المعلمون النمذجة بشكل مقصود ، فمثلاً العروض التي يقدمها المعلم في مادة التربية البدنية أو الكيمياء أو الفن تعتبر أمثلة مباشرة للنمذجة . وفي مرات عديدة يكون المعلم غير مدرك لدوره كنموذج سلوكي يحتذى به من قبل طلبته ، فعندما يدخن المعلم أمام طلبته أو يستخدم ألفاظاً نابية مع طلبته ، فإنه لا يدرك تأثير ذلك على سلوك طلبته المستقبلي.

8- دور المعلم كعضو في مهنته :

لا بد من انتماء المعلم للمهنة التي يعمل بها فينظم إلى نقابتها ويحافظ على شرفها وسمعتها ، ويسعى على الدوام بأن ينمو ويتطور من خلال جمعيات المعلمين ونقاباتهم لأن هذه المؤسسات تسعى دائماً لتطوير وتجديد منتسبيها من المعلمين من خلال اللقاءات والندوات والنشرات . كما أن المعلم في هذا الدور مطالب بالمساهمة في نشاط هذه المؤسسات والجمعيات لما له من مردودات إيجابية في مجال النمو المهني .

9- دور المعلم كعضو في المجتمع :

يطالب المعلم في هذا الدور أن يكون عضواً فعالاً في المجتمع المحلي ، بحيث يتفاعل معه فيأخذ منه ويعطيه ، فالمعلم في المفهوم التربوي الحديث ناقل لثقافة المجتمع ، فكيف يكون ذلك إذا لم يساهم المعلم في خدمة هذا المجتمع في مناسباته الدينية والوطنية والقومية هذا إضافة إلى فعالياته الاجتماعية الأخرى عن طريق مجالس الآباء والمدرسين والانضمام إلى الجمعيات الخيرية الموجهة لخدمة المجتمع والتعاون مع المؤسسات التربوية والمتخصصين الآخرين في المجتمع .

الخاتمة :

إن مهنة المعلم هي مهنة جديرة بالتقدير فكيف لا يكون ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما بعثت معلماً " فالمعلم مربي أجيال وناقل ثقافة مجتمع من جيل الراشدين إلى جيل الناشئين كما أن وظيفته وظيفة سامية ومقدسة تحدث عنها الرسل والأنبياء والرجال الدين والفلاسفة على مر العصور والأجيال .

ــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) محمد عبدالله البيلي: علم النفس التربوي وتطبيقاته. ط1، 1417هـ/ 1997م، مكتبة الفلاح -العين.
(2) محمود أحمد موسى : " المعلم : أنماطه وأدواره في التراث والتربية الحديثة " . ص51 ، مجلة الدراسات التربوية ، العدد الثاني ، 1986/1987م ، منطقة العين التعليمية .

(3) محمود عبدالقادر علي قراقزة : مهنتي كمعلم . ط1 ، 1416هـ /1996 م ، الدار العربية للعلوم -لبنان .

(4) محمود عبدالقادر علي قراقزة : نحو ميادين وفعاليات تربوية معاصرة . ط1، 1408هـ / 1988م ، مكتبة العلا- الشارقة ، دار العودة - دبي ، ص 98.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 146 مشاهدة
نشرت فى 18 فبراير 2015 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,708

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.