طعم الإيمان ...

خالد رُوشه  | 30/1/1435 هـ

 


إن له حلاوة

تكتنف القلب وتحتويه وتفيض على الجوارح فتقوم سلوكها وتنير سبيلها , ذاك هو الإيمان , وتلكم هي نورانيته التي لا يستشعرها حق الاستشعار إلا من عظم قدر ربه وامتثل لأوامره واستقام على نهج نبيه صلى الله عليه وسلم
يقول صلى الله عليه وسلم : " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا " أخرجه مسلم
والذوق اما أن يكون للطعوم الحسية أو أن يكون بالوجدان للذائذ المعنوية , فللنفوس غذاء تدرك ما فيه من سكينة وطمأنينة وراحة , وحاجة النفوس إلى الغذاء لا تقل أهمية عن حاجة الأجسام له .

 

وأهم اللذائذ النفسية هي لذة معرفة الحق حقا , ومعرفة الباطل باطلا , بل هي نعمة ومنة لطالما علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن ندعوا الله أن يمن علينا بها وأن يرزقنا بصيرتها .
بيد أنه ليس كل من عرف الحق ذاقه , وليس كل من بصر الصواب استشعر لذته , فقد يعرف أحدنا الصواب لكن يقف نفوسنا عنده فلا تسعى نحوه ولا تقترب منه ولا تجاهد في سبيل نيله والفوز بمعانيه ومقاصده .
فلكي نستشعر لذة الحق لابد أن ترتاح له قلوبنا , وتطمئن له نفوسنا ,وتنعقد عليه ضمائرنا , ونحس ببرده على أفئدتنا , ونرضى به طوعا وحبا , فنبين ذلك علما وعملا .

فأخبر صلى الله عليه وسلم أن للإيمان طعما وأن القلب يذوقه كما يذوق اللسان طعم الطعام والشراب.
فهذه هي حقيقة الإيمان، وهو الرضى بالله تعالى ودينه ونبيه، ومعرفة هذه الأمور الثلاثة أصول عظيمة، وعنها سيسأل العبد في قبره، ولذلك سمى بعض الأئمة المتأخرين معرفة الله ومعرفة رسوله ومعرفة دين الإسلام بالأصول الثلاثة

فالرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا يدل على الاستسلام لله ورسوله، والانقياد التام لله ورسوله، ولذلك كان الصحابة يقولونها إذا استشعروا كراهية أوغضبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم , كما روى مسلم في "صحيحه" عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: "رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا".

فأما الرضى بالله ربا: فمعناه الرضا بألوهية الله تعالى وربوبيته وأسمائه وصفاته، فترضى به معبودا فلا تعبد أحدا غيره، ولا تدعو إلا إياه، وترضاه ربا فلا يدبر أمورك إلا هو ولا يصرفها إلا هو.

ولا شك أنه مما ينافي الرضا بالله ربا أن تصرف عبادة لغيره سبحانه , أو أن ترتجي سواه , أو أن تسأل غيره في الحوائج , أو أن تضجر من اقداره أو أن تسخط , أو أن تسخط على رزقك إن قل , أو أن تغفل عن ذكره وشكره سبحانه
وأما الرضا بالإسلام دينا , فمعناه الاقتناع بعظمة هذا الدين والاعتقاد في كونه حقا وصدقا , والاعتزاز به , وحمايته والدفاع عنه , والتقرب به إلى الله سبحانه , وألا تعدل عنه ولا تطلب غيره , كما قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )

وإن مما ينافي الرضى بالإسلام دينا البحث عن الهداية عند غيره من الأديان , او اعتقاد أن الإسلام لا يصلح في هذا العصر, او ترك شرعه , أو استشعر به نقصا أو خللا , أو لم يطمئن قلبه حبا له ويقينا به .

وأما الرضا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا: فمعناه أن تؤمن به وتتبعه وتقتدي به ، فتصدقه فيما أخبر، وتمتثل لما أمر، وتوقره وتحبه وتعظمه , وتنتهي عما نهى عنه ، وألا تعبد الله تعالى إلا بما شرع .

فن امتثل هذا الرضا وعقد عليه قلبه , وانقادت له جوارحه , فلينتظر فضلين عميمين , أولهما ثواب الله سبحانه في الآخرة , فقد روى مسلم في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة)
وثانيهما : أن يذوق طعم الإيمان وحلاوته وينشرح له صدره .

يقول ابن القيم :" وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: "إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور، يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول"

 

المصدر: موقع المسلم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,348

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.