هل فكرت يوماً أن تضع أصبعك بين فكي عقرب الساعة لتعيد الزمن إلى نقطة ما؟ لتمحو كلمة قلتها.. أو خطأ اقترفته.. أو صلاة ضيعتها؟ وهل تمنيت أن تطبق يدك على أنفاسها لتوقف لحظات سعيدة لا تريدها تنتهي؟ أو تلفها بسرعة - كما لو كنت تقلب كوب الشاي بأصبعك - ليمر الوقت سريعاً لأنك لا تطيق لهفة الانتظار؟
بعض الناس يحيطون أنفسهم بتلك العقارب؛ على الحائط وحول معاصمهم وفوق المكتب وبجانب السرير وفي الأجهزة المحمولة ومع ذلك أوقاتهم لا قيمة لها وآخرون يشعرون بالاختناق بمجرد ارتدائهم الساعة ولكن عندهم تقدير كبير للوقت بشعور داخلي لا علاقة له بتكتكات الساعة؛ فهم يلهثون وراء دقيقة ينجزون فيها أعمالهم لأن أوقاتهم ثمينة لا تحتمل العبث. وهناك من تجمد الوقت عنده فأيامه تتشابه ملامحها كثيراً خلف القضبان وفي المستشفيات تتلوى عقارب الساعة ببطء تلسعهم سياط الندم ولهيب الترقب. ومن أصيب بتخمة الوقت ينسج الكسل خيوطه حول عضلات عقله فيصيبها الترهل والوهن فتمر الأيام والسنين دون أن ينجز شيئاً، وكثيراً ما يتسرب الوقت من بين يديه حتى يباغته العمر فيجد نفسه قد بلغ منتصف العمر وقد نحتت خطوط الزمن قلبه فأصابته الشيخوخة المبكرة يشعر بدقاته مبحوحة تكسوها التجاعيد دون أن يترك بصمة أو يصنع أثراً.
أوقاتنا أعمارنا وهي الكنز الوحيد الذي يمتلكه الغني والفقير بنفس المقدار ٢٤ ساعة. يختلف استثمارها بحسب الأشخاص فالساعة التي تقضيها في قراءة سورة البقرة آخر يقضيها في رسم لوحة أو كتابة قصيدة أو زيارة مريض وصلة رحم وآخرون يحرقونها في اللهو والعبث المحرم! وفي القرية الصغيرة التي ضاقت علينا بسبب مواقع التواصل والشبكة العنكبوتية ذات الأسلحة المتعددة الأرجل جعلت متابعة أخبار العالم من حولنا عادة يومية تستهلك الوقت وتهزم الطاقة؛ فلم نكتف بهمومنا حتى نقحم أنفسنا في هموم الآخرين بدافع الحمية والشهامة والبطولة والفضول أحيانا! قد نقضي سنوات طويلة من أعمارنا دون أن نفهم الوقت أو نحسن التعامل معه وتمضي الأيام والأعوام لندرك كم ضيعنا!. وأنا صغيرة كنت مفتونة بساعة الكوخ المعلقة على الحائط وأنتظر بشغف العصفور الصغير الذي يخرج من الكوخ مزقزقاً ليعلن عن تمام الساعة، فكانت الساعة تعني لي عصفوراً يغرد وحين كبرت عرفت أن الوقت كالعقرب إن لم تفهمه قتلك.
مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.