الادمان - جرعته من المخدرات والتي تسـكن الام الإدمان

الادمان مرض تعاني منه المجتمعات حيث يستنزف ثروتها وعمادها والمتمثلة في شبابها اولاً الذي يبدد كل غال في سبيل الحصول علي جرعته من المخدرات والتي تسـكن الام الإدمان التي يعتصر بها جسده. ومن هذا المنطق تدخل المجتمع الدولي متمثلاً في الهيـئات الرسـمية من خلال منظمات المجتمع المدني التعاوني لمحاربته وتوعية الافراد باضرار المخدرات علي المتعاطي وعلي اسرته ثم علي المجتمع بأسره. الا ان هناك العديد من الافراد الذين يبغون تحقيق مكاسب شخصية من وراء هذا المرض وهم الذين وجب علي المجتمع محاربتهم اولا.
ليس فقط ممن يروجون هذه السموم وانما ايضا وللاسف مستشفيات لمعالجة الادمان من بين 4 الاف مركز ومصحة في مصر تقوم بالبحث عن المكاسب المادية من جراء هذ المرض اللعين. حيث يؤكد الخبراء ان 95% من هذه المراكز هدفها الاول جمع المال اذ تصل تكاليف الليلة الواحدة للمدمن في غرفة تضم ثلاثة افراد الي اكثر من 160 جنيهاً كحد ادني وترتفع حسب دخل المريض ومطالبه لتصل الي 650 جنيها بخلاف تكاليف الاشراف الطبي. وتشير التقارير كذلك الي ان حوالي 78% من رواد هذه المراكز يخرجون منها كما دخلوها بل ان هناك 14% يكتسبون انواعاً جديدة من الادمان لم يتعرفوا عليها قبل دخولهم المصحة. يقول أحمد أنور 30 سنة احد المرضي المتعاملين مع عدة مراكز لعلاج الإدمان انه بدا التعاطي في بداية سن العشرينات من عمره بسبب ارتباطه الشديد بالدراسة ويضيف حيث كنت أتناول بعض الحبوب لتنشيط ذاكرتي ومساعدتي علي المذاكرة في مدة بسيطة أصبحت لا استطيع الاستغناء عنها سواء للدارسة او حتي العيش بدونها.
وفي اطار ذلك كنت قد جربت العديد من المواد المخدرة الاخري الا ان اسرتي حينما اكتشفت ذلك الحقتني سرا باحدي المصحات العلاجية والتي رأينا فيها حالات أخري من المدمنين وكانت أشبه بالفندق الصغير يقوم بالاشراف الطبي فيه اسماء شهيرة من أساتذة النفس والاجتماع وكل ذلك نظير أجر يتم دفعه بالدولار .وقد ظللت بها أكثر من شهرين استنزفت أسرتي خلالهما كل مدخراتها وخرجت من المستشفي بعد أن اكدوا لي أن قد شفيت بنسبة 60% وللاسف لم تمض سوي أشهر قليلة لأعود للادمان من جديد. انتكاسة علاجية وعلي مستوي اخر تقول منال رضوان 28 سنة إنها بعد مرحلة كبيرة من الادمـان دخـلت أحد المستشفيات لعلاج الادمان حيث كانت تدمر الهيروين لتقـضي رحلة علاج تنفـق خلالها كل مـا تمتكله. لتعود بعد خروجها من المصحة مرة ثانية الي الدخول في دوامة جديدة كانت اخر محطتها ان ترجع للادمان مرة اخري للهروب من الواقع السلبي الذي دخلت فيه دونما أن تجد العلاج الأمثل له بعد أن ذهبت اليه بالفعل داخل المصحة بمحض ارإدتها.
وعن طرق العلاج وفشل هذه المصحات في علاج مرضاها يقول د. هشام بحري استاذ الامراض النفسية والعصبية بطب الازهر انه لابد ان يعتمد علي تدريبات رياضية كمدخل اساسي للعلاج مع الاخذ في الاعتبار نقاط القوة في الجسم بحيث لا يكون المدمن في حاجة للمهدئات والمخدرات. ويمر المنهج العلمي للعلاج بعدة خطوات تبدا بجلوس المريض واجراء حوار تواصلي معه لكشف الدوافع التي حدت به للادمان وكشف ما اذا كانت هذه الدوافع ارادية او غير ذلك حيث يمكن ان يتحدد عليها مدي استجابة المدمن للعلاج. وتأتي الخطوة الثانية بازالة السموم من الجسم حيث يحتفظ الجسم بالمخدر في الخلايا الذهنية وتساعد جلسات الساونا والتدريبات الرياضية علي اخراجها من الخلايا بجانب بعض الفيتامينات. وتتمثل الخطوة الثالثة في التواصل مع الاسرة والمجتمع بكل اشكال التواصل من خلال النوادي والتجمعات الاخري والتي تساعد المريض علي الخروج من عزلته ثم ياتي دور تنشيط العقل بتشجيعه علي القراءة واداء بعض التدريبات الذهنية لتنشيط الذاكرة وتنتهي بالعمل الجماعي واعتراف المدمن بالخطأ في حق نفسه واسرته ومجتمعه ومن ثم هذه الخطوة التي تؤكد بعدها استشفائه.


إعادة تأهيل


ويؤكد د. خليل فاضل الإخصائي النفسي انه لا يوجد علاج حقيقي للادمان في مصر وان هذه التكلفة تقع علي عاتق الاسرة التي تعاني من احد افرادها كونه مدمنا. ويختلف علاج الادمان في الخارج عنه في مصر حيث انه يقدم في الخارج بإبعاد المدمنين كلية عن البيئة التي ادت الي ادمانهم علي الاقل لمدة عام كامل يقوم فيه المتخصصون بإعادة تأهيل المدمن نفسيا واجتماعيا. ويوفرون له فرصة عمل حقيقية في هذه المراكز المؤهلة حيث يقوم المدمن بالعمل والتعايش والبعد عن كل ما يمت بصلة للمخدرات حتي يكتمل العلاج والتاهيل ليعود بعدها وقد تعافي جسديا وجسمانيا. اما في مصر فالحقيقة ان هذا المجال يعتبر مصـدر رزق وسـبوبة للاطـباء المشرفين علي علاج المدمنين. وفي المقابل يقول خالد عبد المنعم المدير التنفيذي لاحدي جمعيات محاربة الادمان ان سبب الادمان في مصر انخفض منذ 17 عاما بين الشباب كما ان نسبة 19% من الاناث في مراحل التعليم الثانوي يقبلون علي هذا التعاطي للمخدرات من خلال البانجو و15% من طلبة الجامعات.  مؤكداً أن محافظة الاسكندرية تشهد اقبالا غير مسبوق علي المخدرات بانواعها ليصل حجم الانفاق السنوي علي هذه التجارة إلي نحو 16 مليار جنيه سنويا باعتبارها السلعة الوحيدة في عالمنا العربي التي لم تنالها مستويات كساد او ارتفاع اسعار. ويضيف ان 90% من اسر المدخنين فقراء وتكاليف علاج الادمان مرتفعة جدا اذ تتراوح ما بين  700 و 4500 الف جنيه ويختلف المبلغ علي حسب المكان الذي يتم فيه العلاج. ويؤكد انه خلال حملته لمحاربة الادمان التي تتنباها الجمعية يقوم بدور الوسيط بين مراكز علاج الادمان المتخصصة التي تقرر التنازل عن نسبة كبيرة من تكاليف العلاج مناصفة بينها وبين اهل المريض ممن يختارون المبلغ المناسب لهم وفي حالة وجود حالة فقيرة جدا يتم جمع البيانات الخاصة بها وبحث حالتها ومحاولة ايجاد مكان لتوفير خدمة العلاج المجاني.

علاج نصف اليوم

وتتجاذب شيرين يحيي اخصائي التنويم الابحاثي طرق الحديث قائلة ان الذين يستخدمون محاولات بدائية لعلاج الادمان وتكبيد الاسرة فوق طاقتهم فان محاولاتهم لتاهيل المدن نفسيا قد لا تنجح حيث انني رايت كثيراً من المدمنين حالتهم مدمرة ومشكلتهم الاساسية انهم يتمتعون بوضع اجتماعي حساس ولا يستطيعون العلاج في مصحات معروفة خشية الفضيحة. ويتم اقناعهم باتباع طريقة علاج نصف اليوم حيث يقيم المدمن بشكل كامل اول خمسة ايام في مركز اعادة التاهيل وهي المرحلة الاولي للعلاج وتعرف باسم الدوتيكسة او انسـحاب المخدر من الجسم وهي من اهم واصعب المراحل التي يمر بها علاج المدمن . وفي المرحلة التي تليها يدخل المدمن في جلسات منتظمة تتيح له فرصة التعبير عن مشاعره بصراحة دونما خجل كما انها تمثل حائط صد لحماية المدمن من الانتكاسة في العلاج. وتضيف:  ان علاج المدمن في النهاية يعتمد بالدرجة الاولي علي ارادته الشخصية فقط الامر الذي قد يكون بالصعوبة علي مدمنين اخرين الامتثال معه للاستشفاء ممن لا تتوافر لديهم الارادة الكاملة. ويؤكد د. خالد التباع المستشار الطبي لبرنامج الحرية لعلاج المدمنين ان المستشفيات لا تقدم علاجا حقيقيا للمدمن بل تستنزف اموالاً كبيرة دون طائل ولا يحدث معها اي تغيير وانهم في المركز لا يقومون فقط بسحب المخدر من جسم المريض بل يعملون علي اعادة تاهيله نفسيا وجسديا حتي يمكنه ان يعاود حياته بشكل صحي. ويضيف : ان هذا البرنامج يتم تفهم حالة المدمن بحذافيرها وكيفية التعامل معه وتقديم الطريقة المثلي للتواصل من خلاله مع الطبيب المعالج لذلك يجب ان تحدد لهم لقاءات اسبوعية يتجمع خلالها علي الاقل للتواصل مع المعالجين حتي يسهموا في انجاح مشروع العلاج لان المدمن حين يخرج ولا يجد طريقة سليمة في التعامل ربما يدفعه ذلك الي الادمان مرة اخري. ويشير الي ان العلاج المعروف للسلوك من خلال 12 خطوة قد اعطي نسبة نجاح في العلاج وصلت الي 62% ويعتبر العلاج السلوكي مدخلا تربوياً ونفسيا لانه يمكن المعالج من تكوين علاقة بالمريض تشبه علاقة المعلم بتلميذه. ويمكن ان يتم خلال هذه المرحلة تقديم التوعية للمتعالج بطرق تختلف عن برامج الاقامة الكاملة. مشيرا الي ان اسلوب المجتمع العلاجي والذي يقيم اسواراً عالية ضد حياة كريمة للمدمن بعد استنشفائه هو السبب الاول في انتكاسته مرة اخري ومن ثم يجب ان ينجح هذا الاسلوب العلاجي في تطبيقه بجعل وحداتنا في المستشفيات الكبري لعلاج الادمان لدينا امراً اساسياً كمادة دولية للعلاج من اجل حياة افضل يتم رسمها لأولئك المتعالجين وتقديمهم للمجتمع بصورة انقي وافضل.

المصدر: ( وكالة الصحافة العربية )
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 383 مشاهدة
نشرت فى 14 مايو 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

901,033

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.