آية خارقة للعادة الجارية في سائر المياه

زمـزم عـين من الجـنة طعمه الخاص فيه سر إلهي دقيق والباعث على حبه وشربه الإيمان

لا يفنى ولم ينقطع والناظر في بئره يجد مســــتوى الماء فيه لا يتغير

استعرضنا على مدار الحلقتين الماضيتين مسيرة خليل الله بصحبة زوجته هاجر ورضيعها إسماعيل عليهم السلام من بلاد الشام إلى البلد الحرام استجابة لأمر الله عز وجل وبإرشاد الأمين جبريل تلك المسيرة التي مثلت بدء التأريخ لمولد الحياة على أرض وادي أم القرى الموحش وغير ذي زرع عبر تفجر الماء الطهور ليغيث الأم والرضيع بعد ان استودعهما خليل الله في ذلك الوادي المقفر، والذي كان يعيش حياة الجدب في كل شيء كما تناولنا ايضاً كيف جذب هذا الماء الطهور القبائل العربية وعلى رأسها قبيلة جرهم التي طغت فيما بعد وآذت وافسدت فاستحقت العقاب على أيدي خزاعة وطمرت البئر وجفت واختفت حتى إذا ما أذن لها الرحمن في الظهور مرة ثانية قيض الله لهذه المهمة عبدالمطلب بن هاشم برؤيا منام .

واليوم نكمل فضل زمزم وعمر ظهور الماء على وجه الأرض ووصف البئر والعيون التي تغذيه.

فضل عظيم

ماء زمزم هو الماء المبارك الشريف الذي ظهر في أطهر بقعة مباركة لسيد مبارك بواسطة الأمين جبريل عليه السلام.. وهو نعمة عظمى وآية كبرى من آيات الله البيانات في بيته الحرام.. ومن أعظم المنافع المشهودة فيه.. وهو أولى الثمرات التي أعطاها الله لنبيه إبراهيم الخليل عليه السلام.. له فضل عظيم وقدر كبير.. هو سيد المياه وخيرها وأشرفها وأجلها.. وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم) .. ماء غسل به قلب النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وما كان ليغسل إلا بأشرف المياه.

وقد خص الله تعالى هذا الماء المبارك بخصائص فريدة وبركات عظيمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها مباركة إنها طعام طعم، وشفاء سقم) إن شربه المرء بنية الشبع أشبعه الله.. وإن شربه بنية الشفاء شفاه الله وإن شربه لأي حاجة قضاها الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (ماء زمزم لما شرب له) وهو ماء بارك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف فزاده بركة على بركة.. وسن الوضوء به وجعل الإكثار من شربه والتضلع منه علامة للايمان وبراءة من النفاق.. يقول صلى الله عليه وسلم(إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم).. ولما كان لماء زمزم هذا الفضل العظيم والخير العميم كان زمزم من أفضل التحف والقرى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم.. وسن التزود منه وحمله إلى الآفاق وكان صلى الله عليه وسلم يستهدي منه.. وهو ماء كثير لا يفنى ولا ينقطع رغم كثرة الاستقاء.. باق ما بقيت الدنيا وهو عين من عيون الجنة.

عمر ظهور ماء زمزم

لقد مضى على ظهور ماء زمزم على وجه الأرض منذ أن نبع لإسماعيل عليه السلام إلى يومنا هذا ما يقرب من خمسة آلاف عام..

وصف البئر والعيون المغذية

يقع بئر زمزم بالقرب من الكعبة المشرفة، ولكن فتحة البئر الآن واقعة تحت سطح المطاف على عمق 1.56 متر، وفي أرض المطاف خلف المقام إلى اليسار وأنت تنظر إلى الكعبة المشرفة، وضع هناك حجر مستدير مكتوب عليه: (بئر زمزم)، يتعامد مع فتحة البئر الموجودة في القبو أسفل سطح المطاف، وقد جعل في آخر المطاف خلف المقام درج يؤدي إلى فتحة البئر.

هذا عن مكانه، أما وصف البئر فهو ينقسم إلى قسمين.

الأول: جزء مبني عمقه 12.80متر عن فتحة البئر.

والثاني: جزء منقور في صخر الجبل، وطوله 17.20متر.

وعلى هذا فعمق البئر 30 متراً من فتحة البئر إلى قعره.

ويبلغ عمق مستوى الماء عن فتحة البئر حوالي أربعة أمتار، وعمق العيون التي تغذي البئر 13 متراً، ومن العيون إلى قعر البئر 17 مترا.

وقطر البئر، يختلف باختلاف العمق، وهو يتراوح بين 1.5متر و2.5متر.

أما (العيون التي تغذي بئر زمزم فهي ثلاث عيون: عين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء جبل ابي قبيس والصفا، وعين حذاء المروة).

هذا هو التحديد القديم لعيون زمزم في القرن الثالث وما قبلها، أما التحديد الجديد الذي تم سنة (1400) فيصفه المهندس الاستاذ يحىى كوشك بقوله:

(المصدر الرئيسي فتحة تتجه جهة الكعبة المشرفة في اتجاه ركن الكعبة الغربي ـ الحجر الأسود ـ وطولها 45 سم، وارتفاعها 30 سم، ويتدفق منها القدر الأكبر من المياه، والمصدر الثاني فتحة كبيرة باتجاه المكبّرية، وبطول 70سم، ومقسومة من الداخل إلى فتحتين، وارتفاعها 30سم.

وهناك فتحات صغيرة بين أحجار البناء في البئر تخرج منها المياه، خمس منها في المسافة التي بين الفتحتين الأساسيتين، وقدرها متر واحد، كما يوجد 21 فتحة أخرى، تبدأ من جوار الفتحة الأساسية الأولى، وباتجاه جبل أبي قُبيس والصفا والمروة)

الطعم الخاص لماء زمزم


تم إنشاء مصنع لتوزيع ماء زمزم يزيد إنتاجه اليومي على 200 ألف عبوة بسعة 10

جعل الله تعالى لماء زمزم طعماً خاصاً يعرف به، ويتميز به، فمن ألف شربه وعرف طعمه، يُميّزه عن سائر المياه سريعاً ولو مرَّت عليه أعوام عديدة لم يذقه فيها.

والمؤمن يجد طعمه حلواً عذباً سائغاً شرابه، وكلما ازداد شرباً منه ازداد حباً له.

وهذا الطعم الخاص لزمزم فيه سر إلهي دقيق، يجعل الباعث على حبه وشربه هو الايمان، أما من لم يكن الإيمان كاملاً في قلبه، ويجهل فضل ماء زمزم وخيراته وبركاته، وحكم عقله ونفسه، فيجد طعمه غير معتاد عليه، فلا يستسيغه، ويرى فيه بعض الملوحة.

ولهذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الاكثار من شرب ماء زمزم، والتضلع منه علامة الإيمان وبراءة من النفاق .

وللإمام الحافظ المفسر ابن علان الصديقي المكي، المتوفى سنة 1075، رحمه الله تعالى، نظم فائق في طعم زمزم حيث يقول :

وزمزم قالوا فيه بعض ملوحة

ومنه مياه العين أحلى وأملح

فقلت لهم: قلبي يراها ملاحة

فلابرحت تحلو لقلبي وتملُح

وقد عاينت بعضا من الناس ممن يعيشون في بلد زمزم بلد الله الحرام، يفضلون شرب مايسمونه : (مياه الصحة)!على زمزم، بل تعدى بعضهم ووصل به الأمر الى انك لو أعطيته زمزم لا يشربها، ويطلب غيرها من المياه.

فليحذر هؤلاء الذين حرموا أنفسهم خيراً كبيراً وليراجعوا إيمانهم وتصديقهم بما ثبت وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن زمزم وفضلها.

وجعل الله تعالى ماء زمزم ماءً فريداً في خصائصه وميزاته، ولا مثيل له في الدنيا أبداً فلا يقاس على غيره ولا يقارن به، فمن الخطأ أن يقارن مثلاً بين نسبة الأملاح الموجودة في ماء زمزم مع غيره من المياه، ويتوصل حينئذ إلى عدم النصيحة بشرب زمزم، فهذه المقارنة ليست في محلها وفيها ظلم لماء زمزم، لأنه ماء فريد في بابه وخصائصه ومزاياه وله آثار طيبة، وخيرات عظيمة، نتيجة شربه والتضلع منه بايمان صادق، أخبرنا عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، كلها غير موجودة في غير ماء زمزم.

ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض

ولهذا يبقى الأمر في ماء زمزم ايماناً صرفاً، وآية من آيات الله عز وجل خارقة للعادة الجارية في سائر المياه.

المصدر: الكاتب : علاء عبدالرحيم ( الحلقة 25 ) صحيفة الندوه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 630 مشاهدة
نشرت فى 8 ديسمبر 2012 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

902,414

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.