قبيلة جرهم و اختفاء بئير زمزم

إغلاق


لا يفنى ماؤه ولا ينقطع على كثرة الاستسقاء .. وباقٍ ما بقيت الدنيامع خطايا وظلم (جرهم) نضب بئر زمزم واختفىبسيف (خــزاعـــة) كان فناء جرهـــم ووليت الكعــبة وحــكم مكة
 بئر زمزم تحدثنا في الحلقة الماضية عن الفصل الأول من قصة بدء حياة الوادي غير ذي زرع.. وكيف تفجر نبع الماء المبارك الشريف في البقعة المباركة الأطهر على وجه البسيطة فكان ماء زمزم النعمة العظمى والآية الكبرى من آيات الله البينات في بيت الله وحرمه ومن اعظم المنافع المشهودة فيه .. وكانت أولى الثمرات التي اعطاها الله تعالى لنبيه ابراهيم الخليل عليه السلام حين دعا ربه بقوله (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) ابراهيم آية 73 ـ وكان ماء زمزم سقيا الله وغياثه لولد خليله اسماعيل عليهم االسلام بواسطة الأمين جبريل عليه السلام ومن تحت قدمي الوليد الذي لم يكمل العامين.

واليوم نكمل ما بدأناه في الحلقة الماضية فنتناول كيف كانت قبيلة جرهم سبباً في نضوب الماء المبارك ثم نتناول كيف حفر جد النبي صلى الله عليه وسلم عبدالمطلب بن هاشم بئر زمزم المبارك.

استخفاف جرهم والعقاب

لم يكن ببطن مكة ماء ولم يكن لأحد فيها قرار حتى أظهر الله تعالى لإسماعيل زمزم على النحو الذي أوضحناه سابقاً فعمرت مكة يومئذ وسكنتها (جرهم) احدى القبائل اليمنية من أجل الماء بعد ان أذنت لهم أم اسماعيل.. هاجر بشرط ان لا يكون لهم في الماء شيء إلا ما يشربون منه وما ينتفعون به فوافقوا ونزلوا وأرسلوا الى أهليهم فنزلوا معهم.. وظلت جرهم تشرب من ماء زمزم ومكثت بذلك ما شاء الله لها ان تمكث.. فلما استخفت (جرهم) بالحرم وتهاونت بحرمة البيت الحرام وأكلوا مال الكعبة الذي كان يهدى لها سراً وعلانية وارتكبوا بالاضافة الى ذلك أموراً عظاماً فنضب ماء زمزم وانقطع.. وذلك عقوبة لهم على أفعالهم المشينة حتى ان موضعه ظل يَدْرُس ويتقادم وتمر عليه السيول عصراً بعد عصر حتى اختفى مكانه.

وقد ذكر الازرقي خبر (جرهم) وافعالهم التي كانت سبباً لحرمانهم من البيت العتيق والحرم وما فيه وكيف قُتِلُوا وخرج من بقي منهم بذلٍ وصَغَار.. فقد روى عن طريق عثمان بن ساج عن الكلبي عن أبي صالح قال: (لما طالت ولاية جُرهم استحلوا من الحرم أموراً عظاماً ونالوا مالم يكونوا ينالون.. واستخفوا بحرمة الحرم.. واكلوا مال الكعبة الذي يهدى اليها سراً وعلانية و ظلموا من دخل اليها من غير أهلها ... فرقّ أمرُهم فيها وضعفوا وتنازعوا أمرهم بينهم واختلفوا وكانوا قبل ذلك من أعزّ قبائل العرب. وأكثرهم رجالاً وأموالاً وسلاحاً وأعزّ عزة).

تحذيز مُضَاض لقبيلته

كان مُضَاض بن عمرو بن الحارث بن مُضَاض ابن عمرو واحداً من ابناء جرهم وكان يرى ويعرف بشكل يقيني ما كانوا يفعلونه وما يخططون له ولم يكن راضيا عن ذلك وكان كارهاً له ويعرف جيداًً عاقبته عليهم فقام فيهم خطيباًً وواعظاً واخذ يحذرهم من البغي والظلم وعواقب افعالهم الشائنة وقال لهم: ياقوم ابقوا على أنفسكم وراقبوا الله في حَرَمه وزمنه.. فقد رأيتم وسمعتم من هلك من صدر هذه الأمم قبلكم.. قوم هود وقوم صالح وشعيب.. فلا تفعلوا .. وتواصلوا وتواصوا بالمعروف .. وانتهوا عن المنكر.. ولا تستخفوا بحرم الله تعالى وبيته الحرام ولا يَغُرَّنّكم ما أنتم فيه من الأمن والقوة فيه .. وإياكم والإلحاد فيه بالظلم فإنه بوار عظيم.

لا بقاء لأهل البغي

وقال مُضاض لقبيلته محذراً أيضاً : وأيم الله لقد علمتم انه ما سكنه أحد قط (يقصد الحرم) فظلم فيه وألحد إلاّ وقطع الله عز وجل دابرهم واستأصل شأفتهم وبدل أرضها غيرهم فاحذروا البغي فانه لا بقاء لأهله.. قد رأيتم وسمعتم من سكنه قبلكم من : طمس وجديس والعماليق ممن كانوا أطول منكم اعماراً وأشد قوة واكثر رجالاً وأموالاً وأولاداً فلما استخفوا بحرم الله وألحدوا فيه بالظلم اخرجهم الله منها بالأنواع الشتى فمنهم من أُخرج بالذرّ ومنهم من أُخرج بالجذب ومنهم من أُخرج بالسيف.. وقد سكنتم مساكنهم وورثتم الأرض من بعدهم .. فوفِّروا حرم الله ـ اي راعوا حُرُماته ـ وعظِّموا بيته الحرام.. وتنزَّهوا عنه وعما فيه.. ولا تظلموا من دخله وجاء معظما لحرماته.. وآخر جاء بائعاً لسلعته أو مرتغباً في جواركم.. فإنكم ان فعلتم ذلك تخوفت أن تُخرَجوا من حرم الله خروج ذُلٍّ وصَغَار حتى لا يقدر أحدّ منكم أن يصل الى الحرم ولا الى زيارة البيت الذي هو لكم حِرزٌ وأمان وأمن والطير والوحوش تأمن فيه.

إذا جاء الأمر بطل ما تقولون

وبعد ان انتهى مضاض من تحذيره لقبيلته قال له قائل منهم رداً على خطبته ويقال له مجذع: من الذي يخرجنا منه؟ ألسنا أعزّ العرب.. وأكثرهم رجالاً وسلاحاً؟.

فقال له مُضَاض بن عمرو : اذا جاء الأمر بطل ما تقولون.. ولكنهم لم يُقصِروا عن شيء مما كانوا يصنعون فعمد مُضَاض الى غزالين من ذهب كانا في الكعبة وأسياف قَلعيَّة نسبة الى بلد في الهند كان ساسان ملك الفرس قد أهداها الى الكعبة فدفنها في موضوع بئر زمزم وعندما نضب بئر زمزم نتيجة ما أحدثته جرهم في الحرم قام مُضَاض وبعض ولده في ليلة مظلمة فحفر في موضع البئر ثم دفن فيه الأسياف والغزالين.. ثم سلط الله خُزاعة فأخرجت جرهم من الحرم وفنيت جرهم بسيف خزاعة ووليت خزاعة الكعبة والحكم بمكة ما شاء الله أن تَليه.

عندما آن لظهور زمزم ثانية

وقد ظل موضع زمزم غير معروف لتقادم الزمان حتى بوأه الله تعالى لعبدالمطلب بن هاشم ـ جد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أراد الله ذلك فخصه به من بين قريش.. حيث كانت زمزم ماتزال مختفية آثارها حتى آن مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي تتفجر من بين بنانه ينابيع الماء.. وصاحب الكوثر والحوض الرَّواء فلما آن ظهوره أذن الله تعالى لسقيا الخليل أن تظهر فرفعت عنها الحجب برؤيا منام رآها عبدالمطلب فأمر بحفرها وأُعلمت له بعلامات تعرف بها على موضع زمزم فحفرها وبحسب ما روى الأزرقي في أخبار مكة من طريق ابن اسحاق عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه وهو يحدث حديث زمزم حين أمر عبدالمطلب بحفرها قال : قال عبدالمطلب : إني لنائم في الحجر (حجر اسماعيل) إذ أتاني آتٍ فقال : احفر طيبة .. قال : قلت : وما طيبة؟.. قال ثم ذهب عني.. فرجعت الى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال : احفر بَرَّه.. فقال : قلت : وما بَرَّه؟ قال : ثم ذهب عني.. فلما كان من الغد رجعت الى مضجعي فنمت فيه.. فجاءني فقال : احفر زمزم.. قال : قلت : وما زمزم؟ قال : لا تُنَزفُ ابداً ولا تُذَمّ أي لا ينقطع ماؤها ولا يقل.. تسقي الحجيج الأعظم عند قرية النمل.. قال : فلما أبان له شأنها ودُلَّ على موضعها وعرف أنه صُدِق .. غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبدالمطلب فحفر.. فلما بدا لعبد المطلب جوانب البئر وحوافها كبر فعرفت قرين أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا يا عبدالمطلب انها بئر إسماعيل

المصدر: قناة القلم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3792 مشاهدة
نشرت فى 9 ديسمبر 2012 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

902,171

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.