إنه عصر التكنلوجيا والمعلومة السريعة ، إنه عصر اللغة الإنجليزية ..لغة التقدم والحضارة - ولا نقول العكس - لكن أسفي ويا للأسف ، وليت شعري وما أنصفني ..!
في زمن شاعر النيل حافظ إبراهيم ، نطق بلسان اللغة العربية معاتبا :
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي * وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني* عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي * رِجالاً أَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً* وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة * وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامن * فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
آه لو يرى شاعر النيل واقع اليوم ، فسيموت كمدا ولن يقدر على نظم أي بيت ، فالأمر أدهى وأمر ! لقد هجر الشباب لغة الضاد وحسبوها إبريقا شائخا مكانه متحف عتيق ، فإن تحدثت فصاحة استغربوا ، وإن ذكرت زيدا أو عمرا تعجبوا .
المتنبي - عنترة - امرؤ القيس ..عندهم عناوين بالية أكل عليها الدهر وشرب ، فهم يرون أن الأدب العربي لا يسهم في تقدم حضاري ، وإنما العلوم الرياضية والفيزيائية هي الأهم ، ولعمري أنهم ظلموا أنفسهم ، فكيف سيصلون إلى هذه المراتب التي يزعمون إن لم يقومهم الأدب ، بمفهومه اللغوي والروحي ، أوليس علماؤنا العظام أمثال ابن سينا وابن حيان كانوا أهل فقه ولغة !!!
أعوام تمر ولغة تهجر ، فكان لزاما علينا أن نبعث في رماد عتيق روح طائر العنقاء الأسطوري مجسدا بروح جديدة ونفس قوي ، قوة اللغة العربية التي تصلح لأي زمان ومكان ، بحكم مرونتها وتكيفها مع أي تطور ، كيف لا وهي لغة كتاب العزيز الجليل الذي تعهد بحفظه .
طائر العنقاء هذا هو موقع أنا البحر ، والذي نترك لصاحبه ورقة التعريف بنفسه فيقول :
ببساطة وبدون أي مقدمات ، خادمكم ومدير موقع أنا البحر هو شاب يعشق لغة الضاد ومولع بالأدباء الأكارم والشعراء النوابغ الذين زخرفوا لغتنا الشامخة بموروث زاحر بدرر الكلام ونفائس القصص والأمثال .
لطالما فكرت في إنشاء موقع أحبب فيه الناس للأدب واللغة العربية لأنها أصبحت شبه مهجورة من الجيل الجديد المولع بآخر صرعات التكنلوجيا وتطبيقات الهاتف ، إنه عصر السرعة ..إضافة إلى سوء وقع تدريس المواد الأدبية على نفسية التلميذ والتي غالبا ما تجعله ينفر منها ويشعر بملل قاتل أثناء حضورها .
إنه عصر المعلومة السريعة . فيكفي أن تلج جل صفحات الفيسبوك الشهيرة أو حتى قنوات اليوتيوب حيث تجد الجمهور ينجذب للمعلومة الخفيفة اللطيفة بدون أي تعقيد .
لذا وانطلاقا من هذه الفكرة قررت أن ألج هذا المعترك الصعب وأبني موقعا جميلا لطيفا أتناول فيه لغتنا السمحة بأسلوب بسيط قدر الإمكان ، معتمدا على جمالية الصورة والمعنى ، منتهجا أسلوبا يتخذ من السرد والوصف والحكاية منبرا لإيصال عظمة لغتنا لزوار موقعنا .
وبما أننا في مأدبة فسأحاول إن شاء الله أن أرضي كل الأذواق ، فهناك القارئ الذي يحب كثرة التفاصيل والتعمق في القراءة ، وكذلك هناك من يفضل معلومات خفيفة لطيفة تحوي لغة سهلة قدر الإمكان ولا ترهق ذائقته . ونطمح إن شاء الله وبفضله وعونه أن يصل هذا الموقع إلى العالمية والاحترافية لكي يكون وليمة يجتمع فيها كل متذوق وعاشق لبنت عدنان .