كيفية تساقط الأوراق و الأزهار و الثمار الحديثة العقد في أشجار الفاكهة؟
ا.د. عاطف محمد إبراهيم
كلية الزراعة, جامعة الإسكندرية, مصر

مقدمة:
تتركب كلمة انفصال "Abscission" من مقطعين في اللغة اللاتينية وهما: "ab" وتعني بعيداً "away" و "scission" و التي تعني انفصال أو قطع "to cut", و هي تعني في المجمل تساقط أجزاء مختلفة من النبات مثل سقوط الورقة, الزهرة, الثمرة أو البذرة.
* أهمية أو وظيفة التساقط:
يقوم النبات بإسقاط جزء ما إما للتخلص منه أو تقليل عدده حيث أنه أصبح غير ضروري, كما هي الحال عند سقوط الورقة خلال الخريف أو سقوط الزهرة عقب الإخصاب أو بغرض الإكثار. معظم النباتات المتساقطة الأوراق تسقط أوراقها خلال الشتاء, في حين تستمر النباتات المستديمة الخضرة في إسقاط أوراقها على مدار العام, غير أنها تنتج الأوراق الحديثة قبل إسقاط الأوراق الكبيرة السن. هناك طراز آخر من التساقط وهو تساقط الثمار, و الذي يسقط فيه النبات الثمرة قبل اكتمال نموها بهدف توفير المدد الغذائي اللازم لاكتمال نمو الثمار المتبقية عقب عملية التساقط, كما أنه إذا حدث تلف للورقة ربما يقوم النبات بإسقاطها للحفاظ على الماء و كفاءة عملية التخليق الضوئي و ذلك اعتمادا على جهد النبات ككل. تتصف منطقة الانفصال باللون المخضر - الرمادي.
و يمكن أن يحدث التساقط أيضاً للأوراق غير البالغة كوسيلة لحماية النبات ذاته, حيث لوحظ تساقط الأوراق غير البالغة كاستجابة لإصابتها بحشرات المن التي تتسبب في وجود تدرنات أو إنتفاخات , فسقوط مثل هذه الأوراق التي تعمل كعائل لتلك الحشرات يقلل إصابة النبات بحوالي 98 ٪ و ذلك نتيجة لسقوط و موت هذه ألإنتفاخات, و تجدر ملاحظة أن عملية التساقط هذه عملية اختيارية , حيث يزداد تساقط الأوراق بزيادة عدد ألإنتفاخات. كما أن الورقة التي تحمل ثلاثة أو أربعة إنتفاخات أكثر عرضة للتساقط من الورقة التي تحمل انتفاخ أو تورم واحد و أكثر 20 مرة من الأوراق الخالية من التدرنات.
* مراحل تكون طبقة الانفصال:
يحدث الانفصال في سلسلة مكونة من ثلاث مراحل هي 1 - إعادة التحرك "remobilization", 2 - تشكيل طبقة الحماية "protective layer formation" و 3 - الانفصال "detachment".
1. إعادة التحرك "remobilization": تتضمن هذه العملية تحطيم الكلوروفيل و ذلك لانتزاع أو استخلاص معظم المواد أو المكونات الغذائية الموجودة به, حيث يوجد به عنصر النيتروجين الذي يعتبر عنصراً محدداً لنمو النبات, حيث يحتاجه النبات بكميات كبيرة لبناء الأحماض الأمينية, الأحماض النووية, البروتينات و بعض الهرمونات النباتية. بمجرد استخلاص النيتروجين و المغذيات الأخرى من الكلوروفيل, تنتقل هذه المغذيات إلى أنسجة أخرى داخل النبات. إعادة التحرك هذه هي السبب في تحول لون الأوراق خلال فصل الخريف. تجدر ملاحظة أن الكاروتنويدات أقل تحللاً من الكلوروفيل, و من ثم يظهر الأوراق خلال الخريف بألوانها الصفراء و البرتقالية.
2. تشكيل طبقة الحماية "protective layer formation": تنقسم الخلايا الكائنة أسفل منطقة الانفصال لتكون طبقة من خلايا الفلين, و لقد أثبتت الدراسات التي قام بها هوبكنز و آخرون (Hopkins et.al. , 2009) و التي أجريت على جانبي منطقة الانفصال أن هناك طبقات من الخلايا البارانشيمية التي تنتج و تحقن السوبارين و اللجنين أسفل منطقة الانفصال إلى طبقة خلايا الفلين الجديدة, هذه المواد تقوم بتخليق طبقة متينة و مضادة للماء بهدف حماية النبات عقب انفصال العضو النباتي.
3. الانفصال "detachment": يمكن أن تحدث هذه الخطوة بعدة طرق, يتوقف ذلك على النوع النباتي, غير أنها غالباً ما تحدث عند منطقة الانفصال, يمكن أن يحدث الانفصال عندما تقوم طبقات الخلايا البارانشيمية بإفراز إنزيمات جدر الخلية و التي تقوم بهضم ذاتي للصفيحة الوسطى "middle lamella" التي كانت تعمل على ربط جدر الخلايا ببعضها في منطقة الانفصال كما يذكر كوزلووسكي (Kozlowski, 1973), هذه العملية تتسبب في تحطيم الخلايا بمنطقة الانفصال مؤدية إلى تساقط الأوراق و أجزاء أخرى من النبات. هناك طريقة أخرى تسبب التساقط و هي الانتفاخ و تشرب الماء, حيث تقوم خلايا النبات في منطقة الانفصال بامتصاص كميات كبيرة من الماء, فتنتفخ ثم تنفجر في النهاية مما يتسبب في العضو النباتي, شكلي (1 و 2).

شكل (1)

شكل (2)

كما يمكن شرح هذه الميكانيكية فيما يلي:
1. المرحلة الإنشائية: تسمى منطقة السقوط أيضاً باسم منطقة الانفصال في الأشجار المتساقطة الأوراق, و هي عادة ما تتكون في قاعدة العنق, و هي تتألف من طبقة علوية تحتوي على خلايا ذات جدر ضعيفة, و طبقة قاعدية, تتمدد خلال الخريف مما يؤدي إلى كسر أو تحطيم الخلايا ذات الجدر الضعيفة الموجودة في الطبقة العلوية, هذه العملية تسمح بسقوط الورقة.
2. نقص الكلوروفيل كنقطة بداية: نقص تخليق الكلوروفيل في الورقة نتيجة انخفاض ضوء الشمس خلال الخريف يفسر لماذا يتحول لون بعض الأوراق إلى اللون الأصفر , و مع ذلك هذا اللون الأصفر يجذب حشرات المن, و من ثم يتحول لون الأوراق إلى اللون الأحمر, نتيجة حقن الأوراق بواسطة تلك الحشرات بصبغات براقة , و قد يسهم فقدان الكلوروفيل أيضا في حدوث التساقط المفاجئ.
3. المواد الكيميائية: خلال المراحل التي يتعرض فيها النبات لعوامل الإجهاد (بيولوجي أو غير بيولوجي) التي تشمل الأشعة فوق البنفسجية, درجات حرارة باردة, كثافة ضوئية عالية,مسببات الأمراض , الطفيليات و الملوحة المرتفعة, يخلق النبات خلال وقت التعرض مجموعة متباينة من أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS), فوجود هذه المجموعة و استمرار إنتاجها يسبب حدوث اضطراب في توازن المكونات الخلوية, مما يؤدي لحدوث خلل أيضي و تخليق الإنزيمات المحطمة لجدار الخلية (WDEs).
4. الهرمونات: في حين أكدت الأبحاث الأصلية أن حمض الأبسيسيك "abscisic acid" هو الهرمون الذي ينشط التساقط أو الانفصال الفجائي "abscission" (الذي اشتق اسم الهرمون منها), غير أنه قد ثبت بعد ذلك أنه لا يلعب دوراً أساسياً في هذه الحيثية. و في حقيقة الأمر وجد أن الأوكسين و الهرمون النباتي و كذلك الإثيلين لها دوراً واضحاً في تنظيم عملية الانفصال المفاجئ , حيث يعمل المركبين بطريقة تعاونية, فمع نقص مستويات الأوكسين, يقل تدفق الأوكسين لمنطقة الانفصال. و استنفاذ الأوكسين يجعل منطقة الانفصال المفاجئ حساسة للإثيلين. و عند تعرض النبات للإثيلين, ينشط التعبير الجيني للإنزيمات المحطمة لجدر الخلايا مثل إنزيمات السيليوليز "cellulase" و البوليجالاكتويورينيز "polygalacturonase" , و مع ذلك هذا لا يعني أن الإثيلين ينشط مباشرة التعبير الجيني للإنزيمات المحطمة للجدر (WDE), وذلك لأن العناصر المسئولة عن رصد أو كشف الإثيلين لم يتم العثور عليها في منطقة الجين المنظم. كما أن انخفاض مستويات الأوكسين مسئول أيضاً عن تغير لون الأوراق في الخريف.

المصدر

1. Williams, A.G., & T.G. Whitham (1986). Premature leaf abscission: an induced plant defense against gall aphids. Ecology, 67(6), 1619-1627.
2. Addicott, F.T. 1982. Abscission. University of California Press, London, England.
3. Keskitalo, J., G. Bergguist, P. Gardestrom, and S. Jansson. 2005. A Cellular Timetable of Autumn Senescence. Plant Phys. 139 : 1635-1648.
4. Hopkins, W.G. and N.P.A. Huner. 2009. Introduction to Plant Physiology. Fourth edition. Wiley & Sons, Hoboken, NJ.
5. Kozlowski, T.T. 1973. Shedding of Plant Parts. Academic Press, New York, NY.
6. Solomon, E.P., L.R. Berg., and D.W. Martin. 2011. Biology. Ninth edition, Brooks/Cole, Belmont, CA.
7. Highfield, Roger (22 Sep 2008). "Why leaves fall off trees is discovered". Telegraph.co.uk. The Daily Telegraph. Retrieved 1 Nov 2009.
8. Sakamoto, M., I. Munemura, R. Tomita, & K. Kobayashi (2008). Reactive oxygen species in leaf abscission signaling. Plant Signal Behavior, 3(11), 1014-1015.

 


 


 


 

 

  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 1664 مشاهدة
نشرت فى 27 فبراير 2017 بواسطة FruitGrowing

PROF.DR.Atef Mohamed Ibrahim

FruitGrowing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

779,687