<!--<!--<!--<!--

الهرمونات و دورها في نمو و تزهير و إثمار النباتات

بقلم الدكتور عاطف محمد إبراهيم

كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية

4 – الإثيلين

ما هو الإثيلين:

يرجع تاريخ اكتشاف الإثيلين (H2C=CH2) و هو من الهيدروكربونات البسيطة إلى القرن الثامن عشر, عندما كانت مصابيح إنارة الطرق تضاء عن طريق احتراق غاز الإضاءة, حيث لوحظ في ألمانيا أنه عندما تسرب لهذا الغاز من المناجم حدث تساقط أوراق أشجار الظل على طول الطريق. و في عام 1901, أوضح طالب الدراسات العليا ديمتري نيلجوبوف  ""Dimitry Neljubov بمعهد النبات بجامعة بطرسبرج بروسيا أن الإثيلين هو المكون النشط بغاز الإضاءة, و لاحظ أن تعريض نبات البسلة لغاز الإضاءة سبب نمو الساق في الاتجاه الأفقي, و عند اختبار غاز الإضاءة. و عند اختبار مكونات الغاز كلٍ على حدة لمعرفة تأثيراته المختلفة, وضح أنها جميعها باستثناء الإثيلين كانت غير مؤثرة, و أن الإثيلين سبب النمو الأفقي حتى عند تركيزات منخفضة تصل إلى 0.06 جزء في المليون في الهواء, و لقد أيدت و أُكدت النتائج التي تحصل عليها نيلجوبوف  بأعمال الكثير من الباحثين. و المعروف حالياً أن الإثيلين يحدث تأثيرات جوهرية في العديد – إذا لم يكن في جميع – مظاهر النمو و التطور و تعجيز (شيخوخة) النباتات.

على الرغم من أن الإثيلين يوجد في صورة غاز تحت الظروف الفسيولوجية من حرارة و ضغط, إلا أنه يعد من الهرمونات النباتية بسبب كونه ناتج طبيعي للعمليات الأيضية, و لأنه يعمل و يتداخل مع الهرمونات النباتية الأخرى بمستويات منخفضة جداً. و تجدر ملاحظة أنه يمكن ملاحظة تأثيرات الإثيلين خاصة خلال المراحل الحرجة من دورة حياة النبات.

و يعد الإثيلين من أيسر الهرمونات النباتية لإجراء التجارب عليه, و حيث أنه يتصاعد من الأنسجة النباتية, فإنه لا يحتاج إلى عمليات استخلاص أو تنقية قبل تحليله بالطرق الكروماتوغرافية. و على المستوى الخلوي, يبدو أن نظام تخليق الإثيلين يتواجد على سطح غشاء البلازما.  

دور الإثيلين:

  1. الإثيلين و نضج الثمار: يصاحب نضج الثمرة العديد من التغيرات, ففي حالة الثمار اللحمية (اللبية) يتحلل الكلوروفيل, و ربما تتكون صبغات أخرى تؤدي إلى تغير في لون الثمرة, و في ذات الوقت, تحدث ليونة (طراوة) في قوام الجزء اللحمي للثمرة, و ربما يرجع ذلك للهضم الإنزيمي أو تحلل البكتين الذي يعد المكون الرئيسي للصفيحة الوسطى لجدال الخلية. عندما تضعف الصفيحة الوسطى, تستطيع الخلايا الانفصال عن بعضها الواحدة تلي الأخرى و هكذا. خلال تلك الفترة, يبدأ تحول النشويات و الأحماض العضوية أو – كما هي الحال في ثمار الأفوكادو – تتحول الزيوت إلى سكريات, و كنتيجة لتلك التغيرات, تصبح الثمار صالحة للاستهلاك و جذابة للكثير من الحيوانات التي تلتهمها, ومن ثم تزيد من نشر بذور تلك الثمار. خلال نضج ثمار العديد من النباتات, لوحظ أن هنا زيادة واضحة في تنفس الخلايا, و يدل على ذلك زيادة امتصاص الأكسجين, هذه المرحلة تعرف باسم تنفس النضج "Climacteric".و هناك علاقة بين تنفس النضج و نضج الثمرة, و من ثم يمكن تأجيل أو تأخير نضج الثمار عن طريق تقليل تنفس النضج بتعريض الثمار لدرجات حرارة منخفضة, أو تخزين الثمار لفترات زمنية طويلة في جو مفرغ (خالٍ من الهواء).

 تحت هذه الظروف, تصبح كمية الأكسجين المتاحة عند أقل مستوى, و من ثم ينخفض التنفس الخلوي و يقل مستوى الإثيلين الذي يسرع من بداية حدوث تنفس النضج و الإبقاء عليه عند مستويات منخفضة. و بعد تنفس النضج, تبدأ مرحلة الشيخوخة, و تصبح الثمرة حساسة و عرضة لغزو الفطريات و الكائنات الدقيقة الأخرى.

في بداية التسعينيات من القرن الماضي, لجأ الكثير من الزراع إلى تحسين لون ثمار الموالح و زيادة محتوياتها من السكريات عن طريق تهيئة أو تقسية "curing" تلك الثمار بغرفة تحتوي على فرن يعمل بالكيروسين, و كان الاعتقاد هو أن الحرارة المنبعثة من الفرن هي التي تعمل على نضج الثمار, إلا أن بعض المزارعين اللذين استخدموا طرق أخرى غير مواقد الكيروسين, لاحظوا أن هذه التغيرات لم تحدث للثمار. و قد بينت نتائج التجارب المتتابعة أن نواتج الاحتراق غير التام للكيروسين هي المسئولة عن تلك التحولات, و عرف أن أكثر نواتج الاحتراق نشاطاً هو غاز الإثيلين, و عرف أن التركيزات الضئيلة التي ربما تصل إلى جزء واحد في المليون في الهواء تعمل على تسريع بداية تنفس النضج.

و في العقد الأول من القرن العشرين, ظهرت بعض التقارير تشير إلى أن الغاز المتصاعد من ثمار البرتقال قد أسرعت من نضج ثمار الموز, إلا أنه بعد حوالي 25 سنة من ذلك, وضح أن الإثيلين ينتج طبيعياً من ثمار و العديد من أنسجة النباتات. يوجد الإثيلين في أزهار, سيقان و جذور العديد من الأنواع النباتية و كذلك بعض أنواع الفطريات. و يستخدم الإثيلين في تشجيع نضج ثمار الكثير من الفواكه و الخضروات مثل الطماطم التي تجمع في مرحلة اللون الأخضر و تخزن في حجرات تحتوي على غاز الإثيلين حتى ميعاد تسويقها.

  1. الإثيلين و التساقط: ينشط الإثيلين من تساقط الأوراق, الأزهار و الثمار في الكثير من الأنواع النباتية, ففي حالة الأوراق, يعطي الإثيلين إشارة بدء عمل الإنزيمات التي تسبب تحلل جدر الخلايا و التي ينتج عنها تساقط الأوراق. من جهة أخرى استخدم الإثيلين على نطاق تجاري لتسهيل عمليات الجمع الآلي كما في الكريز و العنب حيث يسهل من فصل الثمار من الأشجار, كما استخدم أيضاً في مجال خف ثمار البرقوق و الخوخ و غيرها.
  2. الإثيلين و تحديد نوع الجنس: يبدو أن الإثيلين يلعب دوراً هاماً في تحديد جنس الأزهار في النباتات الأحادية المسكن (تحمل الأزهار المذكرة و الأزهار المؤنثة منفصلة على نفس النبات), ففي حالة القرع العسلي وجد أن ارتفاع مستوى الجبريلينات مرتبط بالذكورة, إلا أن المعاملة بالإثيلين تغير الجنس إلى الأنوثة. في دراسات أخرى على الخيار, وجد أن البراعم المؤنثة تنتج كميات من الإثيلين أكبر مما تنتجه البراعم المذكرة, و بالإضافة لذلك وجد أن نباتات الخيار النامية تحت ظروف النهار القصير, الذي يشجع على تكوين الأزهار المؤنثة, تنتج إيثلين  أكثر من مثيلاتها النامية تحت ظروف النهار الطويل, و على ذلك فإنه في حالة القرعيات يبدو أن الإثيلين يشارك في تنظيم الجنس و ينشط من ظهور الأنوثة.
  3. الإثيلين و الأوكسين: عند تركيزات معينة, يتسبب الأوكسين في بدء إنتاج الإثيلين في بعض الأجزاء النباتية لبعض النباتات. و بعض التأثيرات التي تحدث للثمار و الأزهار, و التي يعتقد أن الأوكسين هو السبب فيها, يبدو أن مرجعها الأساسي هو علاقة الأوكسين و تأثيره على إنتاج الإثيلين. كذلك لوحظ أن شكل و حجم الخلية محكومان إلى حدٍ بعيدٍ بالعلاقة بين الأوكسين و الإثيلين المنظمان لاستطالة الخلية و كبرها في اتجاهين متضادين, ففي حالة بسلة الزهور, على سبيل المثال, وجد أنه عند تركيزات معينة من إندول حمض الخليك "IAA", يحدث تراكم و ترسيب للألياف الدقيقة بجدار الخلية في اتجاه أفقي مما يشجع على استطالة أجزاء الساق, غير أن ذلك لم يحد من النمو الجانبي, و على العكس من ذلك, وجود تركيزات عالية من إندول حمض الخليك يؤدي لإنتاج مستويات مرتفعة من الإثيلين فيحدث تراكم طولي للألياف الدقيقة مما يؤدي إلى حدوث النمو الجانبي و انتفاخ أجزاء الساق.

من الأهمية بمكان معرفة أن الحجم النهائي و كذلك شكل الخلايا و التأثر بالإثيلين ليس كمحصلة للتفاعل مع الأوكسين فقط, بل نتيجة للتفاعل مع الجبريلينات و السيتوكينينات أيضاً, بالإضافة لذلك فإن النمو الطبيعي و التطور يتطلبان تفاعلات أو تداخلات هرمونية معقدة تشمل السيتوكينينات, الجبريلينات و حمض الأبسيسيك "ABA" و كذلك الأوكسين و الإثيلين.  

المراجع:

1 - عاطف محمد إبراهيم – 1998 – أساسيات إنتاج أشجار الفاكهة, زراعتها, رعايتها و إنتاجها. منشأة المعارف – الإسكندرية – مصر.

2 - عاطف محمد إبراهيم – 2003 – دور الكيمياء في نمو, تزهير و إثمار النباتات (4) الإثيلين – مجلة الجمعية الكيميائية الكويتية. 52: 18 – 20.

3 – Abeles, F. B. 1972. Biosynthesis and metabolism of action of ethylene. Ann. Rev. Plant Physiol., 23: 259 – 292.

4 – Abeles, F. B. 1973. Ethylene in plant biology. Academic Press, New York. 302 pp.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 5619 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2015 بواسطة FruitGrowing

PROF.DR.Atef Mohamed Ibrahim

FruitGrowing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

250,502