<!--<!--<!--

الأهمية الاقتصادية والقيمة الغذائية و الطبية لثمار البلح

بقلم

الدكتور / عاطف محمد إبراهيم

الأستاذ بكلية الزراعة – جامعة الإسكندرية – مصر

دكتوراة في العلوم الزراعية – جامعة ولاية أيوا - أمريكا

لثمار التمر قيمة غذائية عالية, فقد روى ابن ماجة بسنده عن أبي هريرة  - رضي الله عنه قال: "العجوة من الجنة وهي شفاء من السم" ولقد تناول هذا الحديث الكثير من الأطباء الأقدمين و المعاصرين. من ذلك ما قله ابن سيناء عن البسر و البلح بعد أن أدخلها داخل معمله و أجرى عليها العديد من التجارب:" أنهما جيدان للوقاية من الكثير من الأمراض".

ويقول الربيع ابن خيثم : ليس للنفساء عندي دواء إلا الرطب كما  أمر الله تعالى أم عيسى عليه السلام أن تأكل رطباً جنياً في حالة نفاسها, ويقول أيضاً: الرطب يلين الطبع و يزيد المني. وقد جاء العلم الحديث بعد أربعة عشر قرناً من الزمان أو يزيد ليفسر لنا هذا السر وما فيه من بعد قرآني معجز, جعل البتول مريم تقر عيناً و تطيب نفساً وتهدأ بالاً. حيث أثبتت الأبحاث العلمية و التحاليل المعملية أن للرطب (التمر) عناصر غذائية جمة و منافع وفوائد لا تحصى, فاحتوائه على فيتامين ( أ) يساعد على تقوية أعصاب البصر ومكافحة العشى الليلي – ومن هنا جاءت شهرة سكان الصحراء بحدة البصر – ويصف الأطباء الأخصائيون فيتامين (أ) لتقوية الأعصاب السمعية, ولمساعدة جسم الأطفال و الشباب على النمو و التكامل. ولا يخشى من التمر على الفتيان و الفتيات من زيادة الوزن, لأن خلوه من المواد الدهنية و الشحمية لا يؤدي إلى السمنة.بالإضافة إلى أن هذا الفيتامين يضع التمر في طليعة الثمار التي تساعد النفوس المضطربة و الخواطر القلقة على الهدوء و السكينة و الدعة وصفاء المزاج و الإقبال على الحياة.

كما يقوم فيتامين (ب) بتليين الأوعية الدموية و الأعصاب, ويصفه الأطباء اليوم للمرضى اللذين يعانون من استرخاء القلب و القرح المعوية, ويوصون به للناقهين و الرياضيين, كما أن له فوائد كثيرة لمرضى الكبد و تشقق الشفاه و تكسر الأظافر وجفاف الجلد. كما تحتوي الثمار على مواد تعمل على خفض ضغط الدم عند الحوامل وتقوية عضلات الرحم في الأشهر الأخيرة من الحمل ويساعد على سهولة الولادة. فضلاً عن كونه من أفضل الأغذية المناسبة للنفساء, و المرضع ويغني حليب الرضاعة بكل العناصر الأساسية التي تُكسب الرضع صحة و مناعة... وهنا تتجلى لنا أكثر حكمة المولى عز وجل في قصة مريم حين طلب منها وهي في ساعة المحنة من مخاض الولادة, أن تتقوى بالرطب كي تتجاوز تلك اللحظات العصيبة بسلام, نفسياً و جسدياً. كما تحتوي التمور على كميات مرتفعة من عنصر الفلورين تقدر بخمسة أضعاف ما تحتويه الفواكه الأخرى من هذا العنصر, وهذا يؤكد القول بأن تناول التمور لا يؤدي إلى تسوس الأسنان بل يحافظ عليها. ويؤكد احتفاظ البدو بأسنان سليمة رغم تناولهم كميات كبيرة من التمر. كما تساعد الأملاح المعدنية الموجودة بالثمرة مثل البوتاسيوم و المغنيسيوم و الحديد و الكالسيوم على تكوين العظام و الأسنان و الجلد. كما يوفر غناها بالألياف عنصر وقاية من سرطان الأمعاء و يحفظها من الالتهاب و الضعف.

كذلك تحتوي التمور على نسبة عالية من السكريات و التي تزيد عن 85 % من وزنها الجاف, ومن هنا يمكن اعتبار التمور من أغنى الفواكه قاطبة في محتواها من الطاقة الحرارية.

وقد ذكر أطباء العرب أن طلع النخيل يقوي الجسم و يزيل العقم, ولقد أثبتت البحوث الحديثة صدق ذلك, فقد ثبت أن الطلع يحتوي على سكر القصب بنسبة وجوده في قصب السكر, كما يحتوي على نسبة عالية من المواد الزلالية تفوق نسبتها في اللحوم, ويحتوي على عناصر الكالسيوم و الفسفور و الحديد, وعلى فيتامينات (ب و ﺠ ), كما أمكن فصل مادة الروتينين منه, وهي المادة اللازمة لمرونة الشعيرات الدموية, وثبت أيضاً أن الطلع يحتوي على هرمون الإيسترون الذي ينشط المبيض و يساعد على تكوين البويضة.

وفي مصر القديمة, كان للتمر استخدامات طبية كثيرة منها علاج الكحة, تنظيم إدرار البول وقد استعمله بعض الأطباء لتحسين خصوبة المرأة العاقر. وهناك أسطورة للبلح على قيمته الغذائية عند القساوسة و الرهبان عثر عليها في بعض الأديرة القبطية, ولعل ذلك يرجع إلى أنه كان طعام السيدة العذراء مدة حملها بالسيد المسيح. وتبين بيانات الجدول التالي قائمة بنسب القيمة الغذائية للتمور الجافة و الطازجة.

* = كوب واحد من الثمار المقطعة