يبدو أن القدر قد كتب علي أهالي قرية برج مغيزل التابعة لمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ أن تعيش في أحزان دائمة ومستمرة, وألا تعرف الافراح..
فلا يكاد يمر يوم إلا وتسمع عن أنباء احتجاز مركب صيد والقبض علي عدد من الصيادين من أبناء القرية, والتعدي عليهم بالضرب, وسوء معاملتهم بالإضافة إلي إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية, والقبض علي عدد كبير من أبناء القرية بالإضافة إلي غرق العديد من الصيادين من أبناء القرية خلال رحلات الصيد.
وتعتبر قرية برج مغيزل أكبر قرية علي مستوي المحافظة, بل الجمهورية التي ترتفع بها نسبة الأرامل من زوجات الصيادين بعد وفاة هؤلاء الصيادين في رحلات الصيد أو في مياه البحر المتوسط أو نهر النيل خلال صيد الاسماك.
الأسوأ من ذلك هو معاناة أبناء القرية من سوء المرافق العامة والخدمات, وسوء حالة الطرق والمواصلات حث يصعب الوصول إليها من مركز مطوبس التابعة له لسوء حالة الطريق المؤدي إليها, ويعتمد أبناء القرية علي مدينة رشيد في قضاء مصالحهم, وذلك عن طريق استخدام المعديات من شاطئ نهر النيل, وهذه المعديات متهالكة, ويتم حشر الركاب بها بالمخالفة للعدد المقرر لكل معدية, وهي معديات قديمة ومتهالكة, ويحدث لها العديد من الحوادث بالغرق في قاع النهر, كما حدث خلال الفترة الماضية.
ولن يتوقف البكاء وهذه الأحزان المستمرة علي تشييع جثمان هذا الشهيد, فحسب, بل يعيش أبناء القرية حاليا في مأساة حقيقية بعد احتجاز أكثر من 120صيادا من أبناء القرية في ليبيا وتونس. وهم من الصيادين أبناء القرية, وكذلك احتجاز أكثر من 10مراكب صيد تصل قيمتهما لأكثر من 30 مليون جنيه في المواني الليبية والتونسية بحجة الصيد المخالف في المياه الاقليمية, وتقديم هؤلاء الصيادين إلي المحاكمات هناك, وسوء معاملتهم والتعدي عليهم بالضرب المبرح, ومنع الطعام عنهم لعدة أيام بعد مطاردة هذه المراكب في مياه البحر المتوسط خلال رحلات الصيد العادية إلي جزيرة مالطا في المياه الدولية مما يضع الأهالي خاصة كبار السن والسيدات والأطفال في مآسي حقيقية, ويعرض العديد منهم للتشرد والتسول للانفاق علي أبنائهم وأسرهم لحين عودة هؤلاء الصيادين خاصة أن 90 % من أبناء القرية يعتمدون في مصدر رزقهم علي الصيد ومهنة الصيد وركوب البحر في رحلات صيد علي مدي العام.
وقد أكد أحمد عبده نصار نقيب الصيادين بالقرية رئيس جمعية الرعاية الخاصة بالصيادين أن مشكلة القبض علي مراكب الصيد في ليبيا مستمرة دائما خاصة المراكب المصرية المملوكة لأبناء قرية برج مغيزل.
ففي خلال ديسمبر عام 2011 تم القبض علي7 مراكب جميعها من القرية يعمل عليها أكثر من 100صياد من برج مغيزل, وقبلها خلال شهر نوفمبر تم القبض علي3 مراكب يعمل عليها 43صيادا من أبناء القرية, وكان هناك مركب رابع تم القبض عليه خلال شهر أكتوبر في تونس, حيث يوجد أكثر من 150 صيادا من أبناء القرية وأكثر من 10مراكب صيد محتجزة في ليبيا وتونس حتي الآن تم إطلاق سراح 17صيادا منهم فقط بعد حصولهم من المحاكم التونسية علي حكم قضائي بالبراءة ووصلوا إلي القرية منذ عدة أيام بالإضافة إلي عودة 16صيادا آخرين من ليبيا قبلهم, ومازال هناك أكثر من 120صيادا محتجزين هناك لا يعرف أحد عن مصيرهم أي شيء.
وطالب نقيب الصيادين بسرعة تدخل المجلس العسكري لوضع حد لهذه المهزلة, وعقد اتفاقيات مع الدول العربية, خاصة ليبيا وتونس لضمان حرية الصيد للمراكب المصرية في المياه الدولية وتعديل جميع الاتفاقيات الخاصة بالصيد في البحر المتوسط.
في حين أكد حمودة فهمي شيخ الصيادين بالقرية أن أبناء القرية قد طالبوا أكثر من مرة بضرورة عقد اجتماع أو مؤتمر مع المسئولين عن الخارجية والثروة السمكية, ووزارة الزراعة والتعاون الدولي لمناقشة, وبحث هموم ومشكلات الصيادين ودراسة هذه الظاهرة. ويجب علي الجميع العمل علي حماية المراكب والصيادين المصريين خلال رحلات الصيد في مياه البحر المتوسط خاصة في ظل المعاناة الشديدة لهذه المراكب من مطاردة حرس الحدود وقوات غفر السواحل الليبية والتونسية في مياه البحر المتوسط, بصفة دائمة, والقبض علي المراكب المصرية, وهذا لا يحدث من الدول الأوروبية أو من الدول المطلة علي البحر الأحمر, حيث تعمل المراكب المصرية بحرية شديدة في الصيد داخل المياه الدولية علي عكس البحر الأبيض المتوسط.
حيث تتعنت السلطات الليبية والتونسية مع المراكب المصرية بخلاف مراكب الدول الأخري رغم أن الصيادين من أبناء القرية يساهمون في الدخل القومي, ويعرفون تماما خطورة الملاحة الدولية والمياه الدولية للدول المطلة علي البحر المتوسط.
وأكد محمد صابر صياد من أبناء القرية أن قرية برج مغيزل بكفر الشيخ ترتفع بها نسبة الأرامل عن أي قرية أخري بسبب وفاة عدد كبير من الصيادين خلال رحلات الصيد في مياه البحر المتوسط أو نهر النيل تاركين خلفهم أسرا فقيرة لا تجد( قوت) يومها وهذه الأسر تحتاج إلي رعاية شاملة وعلاج, وصرف إعانات شهرية من خلال وزارة التضامن الاجتماعي, وحل مشكلات الصيادين.
في حين أكد إبراهيم الفقي صياد من أبناء القرية أن القرية تعاني أشد المعاناة من نقص المرافق العامة والخدمات وإنتشار التلوث بها وسوء حالة المستشفي ومياه الشرب والصرف الصحي, وسوء حالة المواصلات والطرق ونعيش في عزلة تامة عن باقي المدن والقري علي مستوي المحافظة( فهل يتم حل مشكلات القرية) خلال الفترة المقبلة, حيث نرتبط أكثر بمدينة رشيد عن طريق المعديات ولا ترتبط بمدينة مطوبس التابعين لها, ونطالب بسرعة إنشاء رافد الطريق الدولي الساحلي الجديد, وسوق أبو الروس لربط القرية بالطريق الدولي ومدينة مطوبس, وباقي المدن مع إنشاء كوبري علوي علي نهر النيل لربط مدينة رشيد بالقرية والطريق الدولي الساحلي الجديد.
وطالب عدد كبير من الصيادين من أبناء القرية بضرورة إنشاء وزارة للثروة السمكية والمصايد أسوة بباقي الدول العربية والأوروبية لتراعي مشكلات الصيادين الذين يمثلون نحو13% من سكان مصر وينتشرون في جميع المحافظات من بحري إلي الصعيد ويمدون الأمن الغذائي بنحو45% من احتياجات مصر.