القطاعات الاساسية في ادكو مثل صيد السمك والسياحة تأثرت سلبا بسبب نشاطات شركات الغاز - تصوير ناصر جودة
أدى اكتشاف مكمن غاز هائل بالقرب من ادكو قبل 10 سنوات إلى توافد شركات الغاز والبترول إلى المنطقة من أجل الاستثمار فيها، غير أن عوادم المصانع التي أقامتها تلك الشركات تسببت في تلويث البيئة المحيطة، مما أدى إلى خراب اقتصادي وصحي لسكان المنطقة. "من يوم ما جت شركات البترول عندنا مشفناش استثمار ولا غيره ..مشفناش الا وقف الحال وخراب الديار". هكذا يلخص بعفوية عبد القادر سعد طيلون أحد الصيادين بمدينة ادكو بمحافظة البحيرة مأساة مدينته التي تطل على البحر المتوسط (200كم من القاهرة ) بعد غزو شركات النفط والغاز لها وإقامة استثمارات صناعية هائلة في السنوات الماضية، نتج عنها تلوث مياه البحر وقطع أرزاق الآلاف من الصيادين بسبب عوادم ومخلفات تلك الشركات. ويضيف سعد "أصبح أكثر الصيادين في حالة بطالة. كنا قبل إنشاء هذه الشركات نذهب بمركب الصيد لنأتي بأكثر من 100 كيلو من الأسماك يوميا. النهاردة اكتر الأيام المراكب بترجع فاضية. وكثير من الأسماك البحرية انقرضت فنضطر إلى الصيد في أعالى البحار ليتم اعتقالنا من حرس الحدود”. ويكمل الحديث حسن عوض احد صيادي ام الخلول ( وهى كائنات بحرية تحيا داخل قواقع بقاع البحر وتؤكل مملحة) "قبل أزمة التلوث التي نعيشها الآن كان صياد ام الخلول يعمل لمدة 3 ساعات فقط ليحصل على دخل مجزي للغاية يفوق 200 جنيه يوميا ولكن التلوث قضى على القواقع تماما الآن ولم يعد لنا دخل على الإطلاق، وأصبح من المعتاد أن نرى الأسماك النافقة عائمة على سطح البحر من شدة التلوث”. استثمارات هائلة و تعود بداية القصة إلى بداية الألفية الجديدة عندما تم
أسماك نافقة على شاطئ ادكو
اكتشاف ما يسمى بمكمن للغاز الطبيعي قبالة سواحل الدلتا وبالتحديد قرب مدينة ادكو على البحر المتوسط. ويحتوي على هذا المكمن على كمية هائلة من الغاز. بعدها بدأت تتوافد استثمارات الشركات الأجنبية العاملة في هذا المجال والدخول بشراكات مع الحكومة المصرية، بدايةً من شركة رشيد للبترول في عام 2002 ثم شركة الغاز المسال عام 2005 باستثمارات تقدر بحوالي 2 مليار دولار وبطاقة إنتاجية تفوق10 مليار م مكعب في السنة. وحاليا تعد شركة شركة بى - بى البريطانية مشروعا في المنطقة تقدر استثماراته ينحو 11مليار دولار، وتزيد طاقته الإنتاجية عن مليار قدم مكعب من الغاز، وسيمثل سدس إنتاج مصر من الغاز سنويا وفقا لمصادر حكومية في قطاع البترول. غير أن هذه المشاريع الاستثمارية الهائلة لها جانب آخر، فأهالي المنطقة التي يقطنها حوالي نصف مليون نسمة يشكون من التأثيرات البيئية الناتجة عن عوادم ومخلفات هذه المشروعات خاصة على الماء والأراضي الزراعية، إضافة إلى تعريض صحة المواطنين للخطر. فالرياح الشمالية الغربية التي تهب معظم السنة على المنطقة تحمل معها المخلفات الغازية والتراب الكيميائي معرضة السكان لأمراض رئوية سرطانية لاسيما بين الأطفال وكبار السن، وذلك كما ورد في رسالة تضامنية مع السكان كتبها ابن مدينة ادكو وخبير الجيولوجيا وعلوم البحار د.عبد المنعم عبد الجواد الذي يدرس في جامعة كورين الأمريكية. وبجانب ذلك تؤدي العوادم الكيميائية المتسربة من المصانع إلى تلوث مخزون المياه الجوفية، خاصة أن أهالي إدكو يعتمدون بدرجة كبيرة على المياه الجوفية لمزارعهم والتي ستتأثر بها النخيل ومحاصيل البلح والفواكه. مضيفا أن تلوث مياه البحر يؤدي إلى الخراب الاقتصادي لصيادي السمك. تدمير آلف الأفدنة الزراعية
أدخنة شركات استخراج الغاز لها مضار صحية على سكان ادكو أدخنة شركات استخراج الغاز لها مضار صحية على سكان ادكو وبالفعل فإن المزارعين يشكون أيضا من تدمير آلاف الأفدنة من أجود مزارع الفاكهة كما يوضح محمد صفار الذي قابلناه في مزرعته على الطريق الدولي الساحلي لنتعرف على حجم الدمار الذي لحق بأراضيه، فيقول: "شركات البترول دى كانت وبال على جميع أهل ادكو. فالأرض الآن شبه بور بسبب مياه الري الملوثة بمخلفات الصرف الصناعي التي دمرت اكثر من6 الاف فدان من اراضى المنطقة والبقية تأتى”. مضيفا : "ان سعر الفدان انخفض الى 30 الف جنية بعد ان كان سعره يفوق 250 الف جنيه. واصبح الوضع سيى للغاية فعندى 7 اولاد لا عمل لهم بعد تدمير اراضينا. وطالبنا المسؤلين اكثر من مرة بإيجاد حلول قطعية لتلك الأزمة دون جدوى.” حل الأزمة التي أضحت تتعلق أيضا بصحة المواطنين وليس فقط بمصادر رزقهم هو مطلب يتفق عليه أيضا المهندس الزراعي-علىصبح إذ يقول "ان هذه الشركات لا تلوث مياه البحر والري فقط بل خطرها اكثر من ذلك، فبسب مشاعل تلك الشركات ىتتعبق الأجواء بسحب الأدخنة السامة ليل نهار. والتي غيرت من الطبيعة المناخية للمنطقة. ولذلك نطالب الحكومة المصرية بوقفة حازمة تجاه هذه الشركات بالإضافة إلى إنشاء محطة رصد بيئي لحماية المدينة من الدمار". "جريمة ضد الأجيال القادمة"
"جريمة ضد الأجيال القادمة"
جنازة للحياة في ادكو. احدى نشاطات حملة مقاومة مشروع بي بي
جنازة للحياة في ادكو. احدى نشاطات حملة مقاومة مشروع بي بي الأهالي لم يقفوا مكتوفين الأيدي فقد نظموا حملةً لمقاومة مشروع شركة بي بي العملاق تخوفا من تأثيراته الكارثية على البيئة، ويقول عماد احمد زيتون المحامى وأحد منسقي الحملة: "معنا المستندات التي تثبت صحة كلامنا ولذلك أقمنا عدة دعاوى قضائية لمنع إقامة هذا المشروع لانه يعد جريمة فى حق المواطنين وفى حق الأجيال القادمة. وقمنا أيضا برفع دعاوى على شركات البترول الحالية لتصحيح أوضاعها وبالفعل حصلنا على أحكاما عدة لتعويض المواطنين عما لحق بهم من أضرار اقتصادية وبيئية ولكن للأسف لم تنفذ حتى الآن”. ويضيف زيتون أن هناك الكثير من شرفاء المجتمع المدني قد تضامنوا مع "حملتنا المشروعة مثل المستشار محمود الخضيرى الذي قدم مؤخرا بلاغا للنائب العام ا للتحقيق فى الفساد الحكومي إبان النظام السابق الذي منح امتيازات هائلة لشركات البترول بادكو بالمخالفة للقانون". ويتفق محمد قاسم أحد شباب ائتلاف الثورة بادكو على تحميل النظام السابق المسؤولية حيث يقول "كان نظام مبارك البائد يتعالى دائما على مطالب المواطنين ولا يهمه حجم الضرر الواقع عليهم. فكل ما يشغله قيمة العمولات والأرباح التي يأخذها من الشركات الدولية ولذلك شجع هذه الشركات على ارتكاب كل المخالفات بدون اى رقيب". “حملات مضللة” شعارات مناوئة لمشاريع الغاز في ادكو شعارات مناوئة لمشاريع الغاز في ادكو ومن أجل عرض رأي الجانب الآخر حاولنا أكثر من مرة الاتصال بمسؤولين من شركة بي بي لكننا لم ننجح في الحصول على رد منهم على هذه الاتهامات. لكن مسؤولي قطاع البترول سبق وأن نفوا وجود أي أضرار لهذه المشروعات، حتى أن المهندس عبد الله غراب وزير البترول اعتبر ما يجري على ارض ادكو من احتجاجات ما هي إلا «حملات مضللة» تستهدف تزيف الحقيقة أمام الرأي العام. وأعرب غراب مؤخرا فى - تصريحات إعلامية - عن أسفه لأن بعض المواطنين في مدينة ادكو يرفضون تسليم الأرض المخصصة لمشروع تنمية حقل شمال الإسكندرية والذي تنفذه شركة «بريتش بتروليم» بتكلفة ١١ مليار دولار بحجة أنه سيحرمهم من مصدر رزقهم فى الصيد بالمنطقة رغم عدم صحة ذلك بالمرة على حد قوله. مشيراً إلى أن الشركة وهيئة البترول قدمتا كثيراً من الحلول للأهالى لإزالة مخاوفهم لكن دون جدوى. ووصف «غراب» ما يتردد حول وجود أضرار بيئية للمشروع، بأنه أقوال مرسلة وغير صحيحة.
الصور المصاحبة للموضوع تصوير ناصر جودة
- 19 October 2011 english