عندما يصرح المستشار السياسي للرئيس أسامة الباز بأن الرئيس يريد أن يتنحي ولكنه لا يجد الرجل المناسب الذي يحل مكانه، وعندما يصرح الرئيس نفسه قبل ذلك بأنه لم يعين نائبا له لأنه لم يجد الرجل المناسب لهذا المنصب، وبمنتهي الاستخفاف يضيف بأن السادات كان محظوظا بكونه كان نائبا له وعندما يصرح رئيس الوزراء الحالي بان الشعب المصري غير ناضج سياسيا هذه التصريحات كلها تصب في خانة اهانة الشعب المصري. وعلي الرغم من ذلك فهي غالبا ما تمر مرور الكرام، وهنا نقف لنتساءل هل يمكن أن ترد مثل هذه التصريحات علي لسان أي مسؤول في دولة من دول العالم الديمقراطي الحر؟
من الصعب التصور بأن ذلك يمكن أن يحدث ليس لأن حكامهم ومسؤوليهم لا يعانون من النرجسية وتضخم الأنا مثل حكامنا ومسؤولينا بل لأنهم يعلمون جيدا أن شعوبهم لن تسكت علي مثل هذه الاهانات، ستثور في وجوههم وستقتلعهم من فوق كراسيهم لتضع بدلا منهم أشخاصا يحترمونهم ويدركون أنهم انما تولوا تلك المناصب الا برغبة وارادة شعوبهم فتلك شعوب حرة أبية لا ترتضي الضيم لنفسها، أما في بلادنا فالأمور لا تجري علي هذا النحو بل هي لا تجري علي أي نحو فشعوبنا لا هي بالحرة ولا هي بالأبية أما الضيم فترتضيه أو علي الأقل تعيشه منذ أمد بعيد حيث لن تسمع كثيرا في بلادنا مصطلحات كالحرية والاباء والعزة والكرامة والثورة علي الظلم فقد استبدلت ومنذ أمد بعيد أيضا بـ لقمة العيش و الأولاد و البعد عن الشر والغناء له .
أما الأحرار في بلادنا فيعيشون طوال حياتهم غرباء حيث السواد الأعظم فيها من الخانعين السلبيين، هم نوعان نوع ينعم بعبوديته للمال والثراء والنفوذ والسلطان والنوع الآخر هو في شقاء ابدي بعبوديته للقمة العيش وللخوف المرضي من الأنظمة، ولا غرابة في أن كل الفظائع والكوارث التي ارتكبها النظام أو تسبب في حدوثها باهماله وفساده لم تثر ثائرة جموع الشعب أو توقظها من سباتها فعندما احترق قطار الصعيد مخلفا مئات القتلي والمصابين لم يحرك هذا في الشعب ساكنا وعندما احترق مسرح بني سويف بمن فيه لم يحرك هذا في الشعب ساكنا، وعندما انتهكت أعراض النساء في يوم الاستفتاء لم يحرك هذا في الشعب ساكنا وعندما أهدرت كرامة المواطنين بالضرب والسحل والرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع في الانتخابات التشريعية الماضية وبخاصة في المرحلة الثالثة لم يحرك هذا في الشعب ساكنا، أما لماذا لم تحرك كل تلك الفظائع والكوارث في المجتمع ساكنا لأنه وببساطة مجتمع من العبيد والعبيد لا يثورون لأنفسهم أو لقتلاهم أو لأعراضهم أو لكرامتهم، واذا كان عجز المجتمع يجعله يكتفي بلعنة حكامه ومسؤوليه الطغاة الفاسدين فألف لعنة عليه اذا ما استمر في خنوعه واستسلامه لهم.

محمد الطناوي
[email protected]

  • Currently 26/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 324 مشاهدة

ساحة النقاش

tulipe

tulipe
IDB »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,323