<!--<!--<!--
إن القيم الأساسية للموضة إنما تنحصر فى علامة الاستفهام التى تقيمها مستعينة بالإبراز الجميل لهذه الأجزاء أو تلك .
فموضة الشوال تنشر علامة استفهام هائلة وإن تركزن بصفة أساسية فى النصف الأعلى من الموضوع الأنثوى . أما موضة الجيبونة Jupon فهى استفهام ينصب على المنطقة الوسطى ، بينما يمتد فستان السهرة الكلاسيكى بالاستفهام إلى القدمين . ونظارة الشمس على العينين ، والقفاز فى اليدين ، شأنهما شأن برقع الأيام الغابرة على الوجه ، كلها ليست غير علامات استفهام فى صورتها البسيطة .
لكن ثمة نوعاً آخر من الاستفهام يعد أكثر إثارة بكثير من سابقه وهو مانسميه باستفهام الحدود . ففى هذا النوع من الاستفهام يقع الاستفهام على وجه الدقة فى خط الحدود ما بين المناطق المباحة وغير المباحة للرؤيا . فهذه الجيبة Jupe التى تنتشر اليوم فى الطرقات إنما تنتهى لاندرى أين ؟ أعند نهاية الركبتين أم بداية الفخذين ؟ إن حركة طفيفة تستطيع أن تحمل الرائى – إذا انتظر- عبر الحدود إلى مناطق محجوبة غير مباحة لم يستطع حتى وهيج الشمس أن ينال من ألوان بشرتها .
وتأتى القيم الخلقية والاجتماعية فتعانى هذه الرغبة ما يعرف بالإزاحة . بمعنى أن رغبة العرض عندها تنزاح من العضو إلى سائر أجزاء بدنها . أما عند الصبى الصغير فالرغبة عنده تنصب على لمس العضو الأنثوى . وتأتى التحريمات الخلقية والاجتماعية فتنهاه عن اللمس ، بل تنهاه بصورة عامة عن أن يلمس كل شئ يروقه دون تمييز . ومن هنا تعانى هذه الرغبة فى اللمس عنده إزاحة تنقلها إلى العينيين فيقنع بمشاهدة ما يرغب حقاً فى لمسه .
يكتب فرويد فى مقالاته الثلاث عن الحياة الجنسية : " إن مقداراً معيناً من اللمس أمر ضرورى ( فى جميع حالات بين البشر ) لكى يمكن بلوغ الهدف الجنسى السوى ". وكل فرد يعلم ما هو مقدار اللذة وماهو مقدار تدفق التهيج الذى تسببه الاحساسات اللمسية لجلد الموضوع الجنسى .... ونفس الأمر صحيح بالنسبة للنظر وهو نشاط مستمد أساسه من اللمس . إن التأثيرات البصرية هى أكثر الطرق التى تستخدم لإثارة التهيج اللبيدى .
إن إخفاء البدن الأنثوى يعمل على إبقاء حب الاستطلاع الجنسى فى حالة يقظة فيدفع حب الاستطلاع هذا إلى تكملة الموضوع الجنسى بكشف أعضائه المخفية . فالملابس تحفظ على المرأة قدرتها على الإثارة وتحفظ على الرجل قابليته للاستثارة ، وذلك بأن تبقى حب استطلاع الرجل فى حالة متصلة . تلك هى وظيفة الجذب " المنولوج " الذى تضطلع به موضات الملابس . ولكن حب الاستطلاع اليقظ يميل به قانون الإغلاق إلى أن يمضى فى طريقه إلى نهايته حتى تكتمل الرؤية وتنغلق الدائرة التى قطعتها الرغبة . تلك هى وظيفة الشبك " الديالوج " الذى تحققه الموضة بفتحاتها المغلقة وحديثها الغامض وكشفها الساتر . ولكن هذا الغموض وهذا الخفاء يمكن أن يزول فى لحظة أو بعض لحظة بحركة هينة . تلك هى وظيفة استنهاض الهجمة التى تضطلع بها الموضة بما توحيه إلى الرائى من تصدع الخط الدفاعى ، فتحقق فى مستوى الخيال وحدة الذات بالموضوع.
ساحة النقاش