المــوقـــع الــرســمى الـخــــاص بــ "د/ تــامر المـــــلاح"

"تكنولوجيا التعليم " الحاسب الألى " الانترنت " علوم المكتبات " العلوم التربوية " الدراسات العليا "

D المنهجية المتعددة التخصصات:

تهدف المنهجية أو المقاربة المتعددة التخصصات إلى التعامل مع النص أو الخطاب أو الظاهرة في ضوء مجموعة من التخصصات العلمية والمعرفية المتداخلة والمتقاطعة. ويعني هذا أنه من الصعب بمكان الحديث في هذا السياق عن منهجية خالصة ومستقلة، بل نجد تلك المنهجيات المستخدمة  منصهرة في بعضها البعض، ومندمجة بشكل كلي، يخدم فيه المنهج الواحد المنهج الآخر. أي: إن المقاربة المتعددة التخصصات مقاربة منهجية مفتوحة، تدرس النصوص والظواهر في مختلف تجلياتها، وذلك في ضوء مجموعة من العلوم والتخصصات المعرفية المتعددة والمتشعبة، بغية الحصول على الدلالة، وبناء المعنى. وبهذا، تكون هذه المنهجية مرنة، ومنفتحة، وموسوعية، تشترك في بنائها مجموعة من المناهج والتخصصات المتعددة. فليس ثمة نظرة ضيقة أحادية، ولابعد منهجي واحد في التعامل مع القضية التربوية أو الظاهرة الثقافية فهما وتفسيرا.

هذا، وتعمل هذه المنهجية على استجلاء مختلف مستويات الدلالة النصية، وتفسيرها ضمن تعددية دلالية وتأويلية. بمعنى أن ظاهرة ما، كالظاهرة التربوية مثلا،  تقدم معرفة إنسانية معقدة في مختلف تمظهراتها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية، والثقافية، والبيداغوجية، والديداكتيكية.  بمعنى أنها ظاهرة متشعبة ومركبة، من الصعب مواجهتها بمنهج علمي واحد، محدد نظريا وتطبيقيا. فلابد من الاستعانة بجميع المناهج، قصد الإحاطة بالظاهرة التربوية من جميع جوانبها سطحا وعمقا، بغية الظفر بالدلالة التي قد تنتج عن مستويات مختلفة للمعنى. زد على ذلك، تتعامل المقاربة المتعددة التخصصات - بالضبط - مع الظواهر المركبة التي تحمل في طياتها أنساقا متعددة، ومستويات مختلفة من الدلالات. كما تتعامل هذه المنهجية مع الظواهر الغامضة والمعقدة والمركبة والمتشعبة، كالظواهر التربوية والديداكتيكية...

وعلى أي حال، تدرس المقاربة المتعددة التخصصات موضوعا اختصاصيا ما، وذلك في ضوء تخصصات أخرى في آن معا. ويعني هذا أننا إذا أخذنا موضوع العمل مثلا، فيمكن دراسته أو معالجته من زوايا متعددة (اقتصادية، واجتماعية، ونفسية، ودينية، وأخلاقية، وسياسية، وتربوية...)، حيث يمكن لأي باحث، في أي ميدان أو تخصص ما، أن يدلي بوجهة نظره حول الموضوع. أي: إن العلماء في شتى التخصصات سيقدمون آراءهم حول هذا الموضوع المرصود بشكل علمي وموضوعي، من خلال التركيز على مجموعة من الفرضيات والأهداف والمبادىء والوسائل والقيم. ومن هنا، فالمقاربة المتعددة التخصصات، مادامت أنها منهجية تعتمد على التعددية في الآراء، وتستند إلى فلسفة التنوع، ومنطق الاختلاف في إصدار الأحكام التقويمية، فهي تتنافى مع المنهجية الأحادية النسبية التي تقصي المعارف والعلوم الآخرى، وتبعد كل وجهات النظر المقابلة والمخالفة.

هذا، وقد ظهر مصطلح تعدد التخصصات (interdisciplinarité ) بالولايات المتحدة الأمريكية في سنوات الأربعين من القرن العشرين، للإشارة إلى الأبحاث التي أجريت على الذكاء الاصطناعي. وبعد ذلك، وبالضبط في سنوات الخمسين والستين من ذلك القرن، أصبح المصطلح يطلق على العلوم والتطبيقات والمعارف المتجاورة، وذات البعد المتعدد التخصصات. وكانت هذه المقاربة المنهجية تطبق، في البداية، على المشاكل المعقدة، والوضعيات الصعبة، والظواهر الثقافية المركبة. ومن أهمها: المواضيع المعرفية والبيئية والتربوية والاقتصادية مثلا. ولقد تم تطبيق هذه المقاربة في مجال الثقافة والتربية والتعليم  والمعرفة؛ لأن الظواهر الثقافية والتربوية والمعرفية مركبة، تحتاج إلى التسلح بمجموعة من المناهج، للإحاطة بهذه الظواهر المتشعبة. ومن ثم، ارتبطت المنهجية المتعددة التخصصات بالأبحاث والتطبيقات التي تحتاج إلى تعدد العلوم والمنهجيات والمعارف، مثل: التكنولوجيا، والكيمياء الإلكترونية، وسوسيولوجية الفن، وعلم النفس الاقتصادي. ومع سنوات السبعين والثمانين من القرن نفسه، بدأ الدارسون والباحثون يتعمقون بشكل جيد في المنهجية المتعددة التخصصات. وقد تعددت المصطلحات المتعلقة بهذا المفهوم، فأصبحنا نتحدث عن المنهجية المتداخلة التخصصات (interdisciplinarité hétérogène )، أو المنهجية الاستدماجية (interdisciplinarité intégratrice )، إلى جانب مصطلحات أخرى لاتخرج عن مفهوم تعدد التخصصات والاهتمامات، مثل: (multidisciplinarité)،و(Pluridisciplinarité)،

و( interdisciplinarité)،و( transdisciplinarité  ). بيد أن الفيلسوف الفرنسي إدغار موران (Edgar Morin) كان يدافع كثيرا عن مصطلح المقاربة المتعددة التخصصات (interdisciplinarité )، فآثر استخدامه نظريا وتطبيقيا في مجال الفلسفة والمعرفة الإنسانية، ثم استبعد المصطلحات الغامضة الأخرى. ويعني هذا أن إدغار موران إلى جانب جان بول روسويبر من المدافعين في مجال الفلسفة والعلوم الإنسانية عن المقاربة المتعددة التخصصات؛ لأنها منهجية وتقنية ونظرية.هذا، وترتبط المنهجية المتعددة التخصصات (Pluridisciplinaire ) في مجال الفلسفة والتربية والنقد الأدبي بجان بول روسويبر (Jean-Paul Resweber)، وذلك منذ سنة 1981م، مع صدور كتابه:( المنهجية المتعددة التخصصات/ la méthode interdisciplinaire ).

 ولاتعتبر هذه المقاربة النقدية منهجية أساسية خالصة، بل هي منهجية المنهجيات، حيث تتكئ نظرية وتطبيقا على باقي المناهج العلمية الأخرى. بمعنى أن هذه المنهجية المرنة تتسم بالانفتاح على تعدد الاختصاصات، فتدرس الظواهر الثقافية المركبة، في ضوء منظورات علمية ومعرفية مختلفة ومتباعدة، ومتباينة نظريا وتطبيقيا. كما تعتمد هذه المنهجية على الفلسفة، والأسلوبية، والسيميوطيقا، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والرياضيات، واللسانيات، والهيرمونيطيقا، وعلم التفكيك....

 

 

المصدر: إعداد م/ تامر الملاح
tamer2011-com

م/تامر الملاح: أقوى نقطة ضعف لدينا هي يأسنا من إعادة المحاولة، الطريقة الوحيدة للنجاح هي المحاولة المرة تلو المرة .."إديسون"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2716 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2013 بواسطة tamer2011-com

ساحة النقاش

م/ تامر الملاح

tamer2011-com
باحث فى مجال تكنولوجيا التعليم - والتطور التكنولوجى المعاصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,895,965

بالـعلــم تـحـلـــو الحـــيـاة

للتواصل مع إدارة الموقع عبر الطرق الأتية:

 

 عبر البريد الإلكتروني:

[email protected] (الأساسي)

[email protected]

 عبر الفيس بوك:  

إضغط هنا

(إني أحبكم في الله)


أصبر قليلاً فبعد العسر تيسير وكل أمر له وقت وتدبير.