صعوبات البحث في التربية المقارنة
يواجه الباحثون في الدراسات المقارنة العدد من الصعوبات التي ترجع إلى طبيعة التربية المقارنة والتي يتمثل أبرزها فيما يلي:
1- انتقاء المادة العلمية من مصادر مختلفة: فالتربية المقارنة علم متداخل التخصصات يحتاج إلى انتقاء المادة اللازمة من مصادر متعددة تتمثل مختلف العلوم الأخرى من أجل إلقاء الضوء على المشكلات التربوية وهي بذلك تتطلب من الباحثين الإلمام بالمعارف التربوية وغير التربوية، وتحتاج إلى معرفة واسعة بعلم الاقتصاد والسياسة والاجتماع والجغرافيا والفلسفة والتاريخ والإحصاء والقانون، ثم يصبح من الصعب على الباحث الفرد أن يعلم جميع هذه الميادين بصورة كافية، وتتضح هذه الصعوبة بصورة أكبر عندما لا يتيسر دراسة كثير من الموضوعات التعليمية الهامة بطريقة سليمة إلا في ضوء صلتها بالعلوم الأخرى.
2- اختلاف المصطلحات المستخدمة في مجال التربية: حيث تختلف هذه المصطلحات من بلد لآخر فالمدارس الثانوية تسمى بهذا الاسم في بعض الدول العربية وتسمى بالمدارس الإعدادية في بلاد عربية أخرى والمدارس العليا في أمريكا، والمدارس البريطانية المسماة بالمدارس العامة ليست هي المدارس العامة الموجودة في مختلف بلاد العالم كما يدل عليها اسمها وإنما هي المدارس الخاصة ذات المصروفات العالية، وهذا الاختلاف في المصطلحات يفرض على الباحث في التربية المقارنة الدقة والحذر أثناء دراسته للنظم التعليمية في البلدان المختلفة.
إن اختلاف المصطلحات المستخدمة في مجال التربية واختلاف مراحل التعليم وطول كل منها من دولة إلى أخرى يتطلب من الباحث اليقظة التامة وهو يترجم هذه المصطلحات ويقارنها بنظيراتها في الدول الأخرى التي يقوم بالدراسة المقارنة فيما بينها.
3- الاتصال بالنظم التعليمية الأجنبية والمعرفة بلغاتها: حيث يتطلب الإعداد المناسب للراغبين في الاشتغال بالدراسات المقارنة الاتصال بالنظم التعليمية والتدرب على الملاحظة للجوانب المتعلقة بها وجمع المعلومات التي من شأنها إعطاء القدرة على الرؤية الشاملة والدقيقة لها، ومما يساعد على تحقيق ذلك القيام بزيارة البلادة التي يدرسها الباحثون في التربية المقارنة والمعرفة الجيدة بلغاتها؛ لأن هذا يجعلهم أكثر قدرة على النفاذ إلى نظم تلك البلاد التعليمية والمعرفة الصحيحة بمشكلاتها ومن ثم الاستفادة من دراستها.
4- التحيز الشخصي والثقافي: ويتضح ذلك بشدة في أعمال المشتغلين بالتربية المقارنة عند اختيار المشكلات وفرض الفروض وجمع المعلومات وتفسيرها، كما يتضح في النتائج والتعميمات التي يمكن تستخلص منها.
ويعد التعصب لجنس من الأجناس أو وطن من الأوطان سبباً كبيراً للتحيز في الدراسات التربوية المقارنة، فكثير ما أدت تلك النظرة إلى رؤية الباحثين للمجتمعات الأجنبية رؤية مشوهة تفرضها عليهم خلفيتهم الثقافية أو اعتقاد سيادة مدنية ما، وعلى الرغم من التأكيد المستمر بالالتزام بالموضوعية والحقائق المجردة فقد يقع كثير من الباحثين في ذلك التحيز وتخضع تفسيراتهم المقارنة له بدون أن يشعروا.
5- التعميم: ويقصد به الوصول إلى تعميمات بخصوص البلدان التي تخضع لنظام سياسي وتعليمي واحد وعلى سبيل المثال فإن عند دراسة النظام التعليمي الأمريكي يصعب الوصول إلى تعميمات بشأنه وذلك بسبب اختلاف الممارسات التعليمية بين الولايات المختلفة.
ساحة النقاش