القيم الإنسانية في زجل علاء الدين عيسى استنطاق نقدي رؤيوي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالزقازيق، في جامعة الأزهر الشريف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تقديم: مع بداية العصر الحديث واطلاع المثقف العربي على آفاق رؤيوية رحبة منداحة, تَفِد إليه من كل صوب وحدب, من شرقه السماوي روحًا، إلى غربه الأرضي مادة, مع هذه البداية العالمية العِلْمية، بدأ يظهر مناخ جديد في البحث الأدبي لم يكن لأسلافنا اهتمام كافٍ به, وهو ربط الأدب بالعلوم الإنسانية المختلفة من اجتماع ونفس, وفلسفة وغيرها. وهذا الربط أثمر مجالات نقدية جديدة في آلياتها وإجراءاتها، من أهمها مجال الاتجاه الإنساني في الإبداع الأدبي, حيث يتجاوز المبدع الحدود الزمنية والمكانية, والقيود العقلية, والعقَدِية والعصَبية, معبرًا عن الإنسان أيًّا كان, وأينَ كان, ومتى كان! فيصدر الأدب من إنسان، وخطابه إلى إنسان، ومضمونه عن إنسان في المقام الأول. ورغم موقفي النقدي من العامية شعرًا وشعراءَ، بحكم أزهريتي، وانتمائي عقيدة وبحثًا إلى رابطة الأدب الإسلامي العالمية، إلا أنني مع الزجال "علاء الدين عيسى، أخلع عباءتي الأزهرية والإسلامية، محترمًا ومبجلاً شخصيتَه وفنه، في جانبه الفكري والخيالي في المقام الأول. ولي في ذلك المنزع حجة سلفية عند ابن حجة الحموي(ت873ه) في كتابه "بلوغ الأمل في فن الزجل" حيث يقول:" ولما كان لا ينظم إلا باللفظ الصحيح المعرب، لم يصل إليه إلا من تعاطى الآلة في العلوم وتأدب، ولعمري هذا مضمار لم يحز قصبات السبق فيه غير الفحول، ولم يدرك شأوه إلا كل ضامر مهزول، ولكن في الناس مَن في طبعه ذوقُ الأدب والنكت الأدبية، ولم يعد نفسَه من فرسان العربية، منهم الشيخ برهان الدين المعمار رحمه الله تعالى، فإنه نشأ بالديار المصرية ونكَّت فاستحلَوْا على زايدِ النيل زايدَه، ونقل عن الشيخ جمال الدين بن نباتة أنه قال: قَطَعنا المعمارُ بمقاطيعه. وناهيك بهذه الصلة التي هي على مثله عايدة، واغتفر له أهل عصره اللحن وعدوه له من مطرب التلحين، فإنه أتى في نظمه بنكت تحرك العيدان وتغني عن القوانين، ولهذا عدل قبلة المغرب وهو الامام أبو بكر بن قزمان تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، واخترع فناً سماه الزجل لم يسبق إليه، وجعل إعرابه لحنه، فامتدت إليه الأيدي، وعقدت الخناصر عليه( )". فـ"علاء الدين عيسى"، في مخيلتي, هو ذلكم الرجل الأبيض المتوسط, المستقل استقلالاً عجيبًا وفريدًا, فهو خارج التصنيف، المهيمن على وطننا الآن، استمعتُ إليه كثيرًا وقرأته قليلاً, كان بزجله _منذ تسعينيات القرن العشرين, وما زال _فارس كل منتدى, ونجم كل صالون, وجاذب الجماهير, ومعشوقهم الأول, كأنه عبد الحليم أو أم كلثوم في الزمن الرومانسي الجميل, أو شعبان عبد الرحيم أو سعد الصغير في هذا الزمن القبيح المريض!. وذلك راجع إلى إلقائه المتميز, وطلَّته المبهرة, وسخريته اللاذعة, و واقعيته المبكية, في زجل ساحر شاعر آسر, يعبر عن كل حبيب في رحلته مع الحب منذ فترة الصبا، مرورًا بمرحلة المراهقة، وانتهاء بالرجولة، كما أن زجله يفعل فعل السحر في جانبه الواقعي؛ إذ يلامس شغاف المطحونين، ويصل إلى قلوب المنكوبين في وطن الصبر الأول :مصر: المحبوبة المأزومة, والمظلومة من أبنائها قبل أعدائها! وما هذا الحضور وهذه الجاذبية في الالمتلقين إلا لأنه إنسان أحس بالإنسان, وخاطب الإنسان, فأحبه الإنسان. أما فكره فهو صريح حاد جريء مستقل, وواقعي, متنوع الاتجاهات, خارج على كل الحظائر, وثائر على محاولات الأدلجة والخرفنة, أو القرصنة لعقله، وهو هادئ في الجمال الأنثوي, سائح في المكان المصري, محلق مع زمانه, وكاشف عن عصره وواقعه بطريقة نقدية لاذعة فاضحة! إنه أنموذج رائع لذلك المصري الأبيض المتوسط, في كل شيء, المطحون, الذي حُدِّد دخلُه, وشكلُه, ولم يستطع السيطرة على عقله وإنسانيته فغرد خارج الأسراب, وحارب نظام الحظيرة و"نخانيخها المحنطين المتكلسين"! إن فناننا بهذه الشخصية وهذا الفكر استدعى من كل باحث أن يقرأه مرارًا محاولاً استنطاق الآفاق الإنسانية والقيم التربوية في زجله عبر دواوينه المختلفة, ومختاراته الفنية البديعة، وهذا ما أحاوله في بحثي ذلك. وقد جاء هذه الاستيطان في تمهيد ومباحث ثلاثة هي: التمهيد: علاء الدين الإنسان. المبحث الأول: الأسرة في زجل علاء الدين عيسى. المبحث الثاني: الطبقة المطحونة في زجل علاء الدين عيسى. المبحث الثالث: القيم الإنسانية والتربوية في زجل علاء الدين عيسى. ولعل هذه المباحث وما بها من أنماذج تكون دليلاً على ما قلتُ في هذه المقدمة، وتفسيرًا لحبنا هذا الفنان الإنسان، والإنسان الفنان. ثم كانت الخاتمة التي أوجزت جواب السؤال: ماذا قال علاء الدين عيسى في الإنسانيات, وماذا لم يقل؟ إن هذه قراءة أولى في منجز الزاجل, ورجاء في مستقبله الزجلي والفني. أرجو أن تلقى القبول، وأن تكون مجدية في سبيل صيانة الإبداع الأصيل النبيل المستقل، وسط هذا الركام من الأدب الهزيل التابع المنبطح في الداخل والخارج! التمهيد: علاء الدين عيسى والإنسانية. الإنسان خلق في الأصل عالميًّا وفنيًّا، فنحن متساوون في الغرائز, متمتعون بنفس المواهب, والمطامح والمخاوف, والأفراح والأحزان, ولنا نفس والتقاسيم والملامح تقريبًا, وتأتي تقلبات الحياة لتغير وتشكل وتلوِّن. و"علاء الدين عيسى" الشهير بعلاء عيسى: إنسان شرقاوي مصري خمسيني, مثقف.. زجال وُلِد ناضجًا, وهو حين يعبر عن نفسه فإنما يعبر عن الإنسان, وهموم الإنسان وأفراح الإنسان وأتراحه, كل ذلك بكم كبير من الدفء والانفعال الحاد "كما يقول الشاعر الكبير الأستاذ بدر بدير( ). لم يعش لنفسه أو في نفسه, وإنما عاش للآخرين ومع الآخرين, تحرك في كل بيئة ثقافيًّا ووطنيًّا؛ فهو عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو دار الأدباء، وعضو مجلس إدارة أدب ديرب نجم بمحافظة الشرقية، وعضو أمانة مؤتمر ديرب نجم في دوراته المتتابعة، ومشارك إيجابي في ثير من التفاعلات الثقافية الإقليمية. معروف بشبابيته وشعبيته وجهارته الإبداعية، أشاد بشعره وشاعريته نقاد وأدباء كبار. قال عنه الدكتور/ مدحت الجيار:" من شعراء العامية المصرية الصبورين على نصوصهم إذ لا تقرأ له إلا بعد أن تعيش حالة الشعر بحس غنائي واضح... ثم نجد قصائده وقد توجهت للغرض مباشرة دون أن تستهلك مساحة من أذن السامع أو من عين القارئ بلا داع . هو قاصد إلى هدفه وهو أمر يعين المتلقي في عمل علاقة شعرية متميزة مع علاء دون بذل جهد ، بل يصرف جهده لمتعة المتابعة. وليس علاء من شعراء العروض ، أو من شعراء تكرار الجمل والعبارات إلا بتوظيف فنى واضح لمن يتابعه، ثم إن السخرية تغلف كل أعمال علاء عيسى، وهي سخرية الفاهم المدرك لتناقضات الإنسان الواقع تحت ضغوط ضخمة . بل المدرك لتناقضات إلغاء العقل وإطلاق الغرائز أو العواطف في مواجهة العالم المليء بالمواقف الصعبة والمقلوبة والمتناقضة . وهو يرصد هذه المتناقضات بروح مصرية ساخرة يعلن عنها كل فترة وأخرى بين قصائده ( ). حقًّا إنه صاحب زجل خرج من رحم المعاناة والكدر والكدح فكان معبرًا ومنفتحًا. ودليل ذلك هذه النتاجات الزجلية المتوالية، بدءًا من "العفو على أوتار ممزقة" سنة 1999م, و مرورًا بـ"عفوًا سقط العنوان سهوًا" سنة 2002م, و"عشرة طاولة" سنة2003م, و" واحد واخد على خاطره" سنة2004م, و " ترانيم شرقاوية"، و "خيانة" سنة2005م, و"وهذا إقرار مني بذلك" سنة2007م, و"الشعر إللي مبيصيش بيدوش" سنة2011م، وانتهاء بـ:"ولي فيها مآرب أخرى" سنة 2015م. وعناوين هذه الدواوين دالة على حضور البعد الإنساني في تجاربه حيث :التمزق، والسقوط، والآخذ على خاطره، والخيانة، والتناص مع المثل الشعبي:"العيار اللي ما يصبش يدوش"، كل هذه مفردات ذات صلة بالإنسان في جانبه المنكسر. أما:" الترانيم، والأغاني، والأنداء، والعزف فذات صلة بالجانب الرومانسي الذي هو فيه أستاذ ورئيس قسم فيه، على حد قول أحد أفراد جمهوره المتذوقين زجلياته الأنثوية! ثم يأتي حصده الجوائز الأدبية المختلفة دليلاً ثانيًا على مكانة "علاء الدين السيد عيسى" في دنيا الزجل والشعر العامي المصري المعاصر! ولعل المباحث التالية وما بها من أنماذج تكون دليلاً ثالثًا على قيمة قراءة هذا الفنان الإنسان, والإنسان الفنان والاستماع إليه! رغم اختلافي النقدي معه في لغة الفن! الإنسانية مفهوما وجذورًا: الإنسانية: مصدر صناعي من لفظ الإنسان, يدل على ما اختص به الإنسان من صفات, وأكثر استعمال هذا اللفظ في الأبجدية الثقافية العربية إنما هو للمحامد نحو: الجود والكرم والإيثار والتضحية, والإحساس بالآخرين وغير ذلك، وقد اختلف المناطقة والفلاسفة في تحديد مفهوم لفظ الإنسان اختلافًا يسيرًا في مضمونه, إذ دار مفهوم الإنسان عندهم حول مجموع خصائص الجنس البشري المقوِّمة لفصيله النوعي, التي تميزه عن غيره من الأنواع القريبة( ). وممن اهتم بمصطلح الإنسانية في تراثنا أبو حيان التوحيدي(ت نحو400هـ) في مقابساته, إذ سجل لنا تعريفًا عميقًا مترجمًا من أرسطو مفاده أن:" الإنسانية أفق, والإنسان متحرك إلى أفقه بالطبع, دائم على مركزه, إلا أنه مرموق بطبيعته,...( ) والشعر ظاهرة في الحياة الإنسانية, ربما لا نجد دليلاً عليه في اللغة بقدر ما نجده في طبيعة الإنسان, وامتزاجه بالحياة من خلال الزمان والمكان، والشعر قبل أن يكون شكلاً عروضيًّا مكونًا من بحر وقافية، فهو إلهام ومقدرة على الغوص في أعماق النفس الإنسانية. والدليل على ذلك أن الزجل اختُرِع بالأندلس بعد أن نضجت الموشحات وتداولها الناس بكثرة وحركت نفوس العامة فنسجوا على منوال الموشح بلغتهم الحضرية وقد كثرت أوزانه حتى قيل: "صاحب ألف وزن ليس بزجّال( )". قال العلامة ابن خلدون:" ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير أن يلتزموا فيها إعرابًا، واستحدثوا فنا سموه بالزجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة( )". ويعد أمير الشعراء أحمد شوقي أول من لفت النظر إلى الجانب الإنساني في تراثنا الشعري القديم، حيث يقول:" ما زال لواء الشعر معقودًا لأمراء العرب وأشرافهم، وما زال نظمه حبيبًا إلى علمائهم وحكمائهم يمارسونه حق المراس ويبنون كل بيت منه على أمتن أساس موفين إجلاله، حافظين خلاله،... لم تعزب عنهم الحقائق الكُبَر، ولم يفتهم تقرير المبادئ الاجتماعية العالية، وإنهم أقدر الأمم على تقريبها من الأذهان، وإظهارها في أجلى وأجمل صور البيان، كان أبو العلاء يصوغ الحقائق في شعره ويُوعي تجارب الحياة في منومه ويشرح حالات النفس ويكاد ينال سريرتها... ( ) و الأمثلة على ذلك معروفة ، فها هو ذا أمية بن أبي الصلت يقول: إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي وكل العالمين أقاربي( ) ....كانوا يبدعون تجارب صادقة فيها عاطفة صادقة تتألم لمآسي المعذبين البائسين, وتتطلع إلى تخليصهم من آلامهم وإخراجهم من محنهم وأزماتهم. عاطفة صادقة تفرح لكل مشاريع الخير والنبل والطهر والقطع البشري لعام، شعر يحمل رسالة للبشرية جمعاء, يدعو إلى الخير والحب والصلاح والسلام والتعاون والإخاء والوئام...وغير ذلك مما تفتقده البشرية وتحتاج إليه! والزجال علاء الدين عيسى صاحب نظرات إنسانية معدودة في إبداعه يتجه فيها إلى القيم السامية والمثل العلياء، ويبتعد فيها عن التبذل والأحاسيس الرخيصة. وذلك واضح في غزلياتٍ كثيرة جداً، تلك التي جعلته بحق أستاذ الرومانسية المميز في الزجل المصري الآتي!ولن أقف أمام هذا الجانب في نتاجه الكبير, فهو مدروس عند نقاد قبلي، ومرشح لأن يُطرَح حوله دراسات وتعليقات نظرًا لتميزه فيه! أقف في هذه الورقة البحثية مع التجارب الواقعية الدامعة تلك التي وصلت علاء الدين, من عصره الذي عاش ويعيشه زمانًا محيرًا، ومكانًا مأزومًا ومحطومًا.ومن نفسه الشفافة جداً التي لا تعرف إلا الحب: إن نفسا لم يشرق الحب فيها هي نفس لم تدر ما معناها أنا بالحب قد وصلتُ إلى نفـ سي وبالـــــــحب قد عــــــــــرفت الله( ) إنسانية المثير الشعري: من خلال قراءة ذاتيات الشاعر يتضح لنا أن اإنسانية هي المثير الأول على الإبداع،يقول علاء من قصيدة"الميزان في الودان":[الشعر ده عندي أنا/كلام باحسه واكتبه/ساعات باحس إنه انكسر/فألاقي نفسي إني انكسرت/أرجع واعاود واسمعه/ يصعب علي اني اوزنه...أحس لما بيتوزن/كأني نفسي انوزنت( )] فهو زجال حقًّا إنه زجال _كما يقول الأستاذ بدر بدير_له أسلوبه الخاص به، وطريقته التي تجعل له شخصيته المستقلة عن غيره من المبدعين، يستطيع أن يغوص في أغوار نفسه ونفوس الآخرين ليصوغ الفكرة، ويرسم الدفقة الشعورية لدى الإنسان في مواقف الحياة المتعددة بكلمات رشيقة ونغمات إيقاعية تستمد رقتها من رقة مشاعره ودفْ عواطفه( ) . وفي قصيدة "يا بنت الايه يقول":[باحبك حب خلاني/أقول للغنوة يا غنوهْ/تعالى قوام وبتجيني/بلاقي الغنوة مكتوبهْ/بتطلع مني بسهولهْ/كأن الشعر من دمي وتكويني( )]. فالحب هو المثير الأول لديه, وهو الذي يجعله يبهر دمًا وتكوينًا في الشعر. إننا أمام شاعر محب دائما لدرجة أنه يكرر الكلمة اثنتي عشرة مرة فى قصيدة عنوانها ( بحبك ( ) . وقد صدق فالحب وسيلة أي سلام مع النفس, ومع الوجود, ومع الله تعالى. إنه حب محتشم شرعي, يقول:[يا بنت الأيه أنا رايدك/في شرع الله تشاركيني/حياتي باشوفها من بعدك/دموع عاشق رموش عيني...( )]. و "حد الله" ذلك التعبير الشعبي المرادف للتعبير الإسلامي "شرع الله" هو أساس العلاقة بالمعشوقة, يقول:[حد الله في ما بيني وبينك... حد الله/لا تقول فيني ولا أقول فينك... حد الله/يا محيرني يا مسهرني/سيبني وروح منك لله/حد الله( )]. وليس معنى ذلك أنه برئ كل البراءة من هيام الشعراء في أودية تخالف "حد الله" استمع إليه يقول: [دَوَّري في كل القصايد/هتلاقيني كاتبها ليكي/كل حرف ف شعري ساجد/للجمال إللي في عنيكي]( )" فلفظة "ساجد" هنا غلو من الشاعر مرفوض إسلاميًّا وواقعيًّا، إنه هيام خارج على حد الله عز وجل وشرعه، فالسجود لا يكون إلا لله، وكان أمامه من ألفاظ العامية والفصحى ما يكفيه وزيادة، مثل:عاشق/ هائم/حابِب/ناظر/خاضع ! المبحث الأول: الأسرة في زجل علاء الدين عيسى. تأتي الأسرة في زجل علاء الدين، ثالثةً بعد المرأة المحبوبة واقعيًّا أو المنقودة رمزيًّا كمعادل موضوعي للوطن، وبعد تلك اللقطات المجتمعية الدامعة المثيرة الدالة، فهو يهتم ب الأسرة إضافة إلى ذاته يتناولها من خلال الابنة، والابن، و الأب. فعن البنت الكبرى، والصغرى، والزوجة، والجد والابن نجد رائعته "آه يا بنت القلب" تخلتط فيها الذات، بالأب، بالشاعر اختلاطًا عجيبًا ممتعًا، والذي يربط بين هذه الشخوص خطاب الأب علاء للبنت الكبرى، يقول في مطلعها:[علشان سارقاني الدنيا ووخداني بعيد/في همومها/بتسهيني/يا بنت الإيه/ وعمالة تكبري في ملامحك/عاملالي مفاجأة يا بت القلب/ وأنا فاكرك لسه البنت النونو] وينتقل إلى موقف الزوجة من الطفلة التي تمزق الأشياء:[وامك مستنية تشوف /على وشي/رد الفعل بتاعي...تضحك وتقولي/صحيح ما هي بنتك/واضحك ليها واغيظها/وأققول:انتي حيا الله مراتي/وما فيش بينا قرابة/روحي لأبوكي/قطعي في حاجاته براحتك/هوه كمان هيسيبك] فموقف الأب تجاه البنت واحد في كل حال ومآل. وينتقل إلى ذكر موقفه من ابنه قائلا:[عارفه يا بت يا دودي/ الواد السيد/أنا عارف بيدايقك/لكن والله/السيد/عيل مجدع/بيعاند فيكي/صحيح/ لكن عارفه لما تغيبي/يفضل يدوش في/ويسأل كل شويه عليكي] ونأتي لأنموذج آخر من البنات:[البت المقروضة/النوشة/بتاخد حقك/وبتستهوك/وبتضحك على قلبي وتفضل تحضن فيا/وبتفرش وشي/كل شويه ببوسة/لكن انتي البكرية يا بت/أول فرحة/وأول قلب يقول لي يا بابا] ويصنع علاء استرجاع"flash back( ) فيقول:[وكبرت يا دودي/ وبقيت تلاعبي اخواتك/شفت يا بت الدنيا ازاي بتدور/أنا شايفك دلوقتي وجدك شايلك/كان عندك م الأيام أسبوع/راح جدك/وانا قاعد/مش واخد باله انه صحيح فاتنا/فاكره لسه معانا/عمال/بيدلع فيكو/واتخانق وأقول له:/ شد يا ابويا شويه عليهم/ كان يفضل يشتم فيا/وانتي تبصي عليا/وتطلعي في لسانك ليا]. ثم ينتقل إلى إشكالية التوفيق بين الأسرة كوطن أول للإنسان، والوطن الأكبر له، ومتطلبات كل منهما، يقول:[عارفه يا دودي/ أمك كانت دايما تيجي تقول لي/نفسي اقرا لك/أي قصيدة لدينا/ دوواينك مكتوبة لمصر/اكتب عن أحلامك فينا/كنت أقول باكتب ليها وعشانها...والله عشانك/نفسي أشوفك عايشة بجد/واخده حقوقك/زي بقيت الناس/في العالم/عالم حر بجد] ويختم رائعته بالحقيقة التي ترددها الأجيال الكبيرة في آننا:[الأيام الجايه/ مش أيامي/شفنا كتير/وأسينا كتير/مش عايز حاجة شفتها عيوني/تلمحها/عيونكم/ولا يوم عشناه تعيشوه( )] وتهيمن الأسرة على مطلع قصيدة الباكية على فلسطين المحتلة: "عيد سعيد يا عرب" حيث يقول: [الأب ينام على قولة آه/وبيصحى يلاقي الآهه آهين/والإبن بيمشي يبص وراه/مستني في يوم الصعب يلين/والطفل يوماتي بيرضع جوع/من أمه اللي عايشه بزاد النوح/ولبنها بينزل كله دموع/على شعب اتعذب بات مجروح( )]. وللأب بواقعه المصري الطبيعي الساحر لا سيما في مرحلة شيخوخته حضور في رؤية "علاء الدين عيسى" يتمثل في قصيدته"السيد عيسى" التي يقدم فيها مقطعًا من سيرة الوالد في تعامله مع ابنه وأحفاد، وعلاقة زوجته به، مقررًا عدم موت الأب، ومقدمًا تعريفًا جديدا للموت، يقول:[وبرغم الوقت/وسنين بتعدي/هزار مع جد/أنا حاسس إنك ويانا/في عيون الواد وكلام البت] فهذا مطلع يمثل الفكرة الأساس للقصيدة، يفسرها بقول بعده:[الناس فاكرينك/إنك مت بجد وجد/بيقولوا عليك/أهو واحد مات/من إمتى يا ناس/الموت بالموت/الموت إحساس] ويزيد هذه الفكرة تأكيدًا بالقسم والمشاه الواقعية فيقول:[وأنا ممكن أحلف/وأنا صادق/إنك ويانا في قعدتنا/حكاوينا وضحكة لمتنا/بالقاني باجي لك/كالعاد/وتخبط إيدي على أوضتك/وأقولك جيت/ألاقيك تضحك لي/أما تشوفني/ومزاجك حلو/وكتير بتزعق/من خوفك إنك قلقان]. وهذا مشهد آخر:[وولادي بيصحو على صوتك/يضحكو أكتر/ونكمل سهرتنا في حجرك/تفتح في جيوبك وتوزع/وننام على إيدك ونبوسها/وتاخدنا في حضنك تدعي لنا...وتحسس بإيدك على دقنك/وتقول على شعرك بيدايقك/ومراتي بتفهم حركاتك/وتجيب المكنة وتحلق لك/وتقوم وانا أقعد مطرحها/وايديا بتمسح على دقنك/ونعطر فيك واحنا بنضحك/يتخانقو ولادي فيما بينهم/والشاطر يكسب ويساندك... ( )]... فالأب حي بينهم بتلك العلاقات الإنسانية الشفافة معه، التي فيها وفاء، وعطاء، ونقاء! المبحث الثاني: الطبقة المطحونة في زجل علاء الدين عيسى. لمصر بيئةً وإنسانًا حضور بارز في لقطاته الشعبية، يبدؤها بتلك الحقيقة المرة, عن سيطرة الثعالب على مقدرات الحمائم، يقول في رائعته "أيوب":[صبرك يا أيوب لسه/لسه الجراب يا ما فيه/حايه البالوي كتير/نفسَك قصير ليه/ولسه بدري لما تقول فاض بيَّ...] ثم يقول مقررًا تلك الحالة العقلية الفجة:[الصح هوَّه الغلط/والعيبة مش في الزلط/فهمت يا أيوب؟/لو يسألوك ع السكن/العيبة ع اللي سكن/هوه اللي زق الطوب/ فهمت يا أيوب! ( )]. وتصور قصيدة[لأ] صورًا من هذا الطحن للمواطن الذي يريد أن يكون إنسانًا في أيسر الحقوق ولا يجد:[دا الأكل أصبح مرض/حاجه تؤدي الغرض/وإحنا كده عايشين/في الذل كالمساجين/هما بياكلوا الشهد/واحنا بنلحس طين( )]. فأيوب رمز للإنسان المصري الصابر على طحنه ليل نهار، مع عدم وجود مقومات حياته الأساسية، وسط وطن مزحوم بالخيرات والرفاهية عند ولاد "الأيه"! وفي قصيدة "لو حصل ما تسألشي" مجموعة من الصور الإنسانية الكئيبة الحزينة المؤلمة عن حال البرحوازيين، ومن تحتهم في كل بقاع وطن الألم اللذيذ: مصر: ريفًا ومدينة, بحريًّا وقبليًّا، يقول:[لو حصل وشلت الهم من صغرك/فطارك مش وخياره/تروح الغيط وفوق كتفك/تشيل الهم في شكاره/يجرجر من التعب رجلك/رفيقك نقله وحماره/تلاقي القطن بيقابلك/بلوزة ودودة محتاره/تعبي اللوز في سيالتك/وتبكي الدمع يا خساره/وتلقى الحسبة محسوبهْ/تقاوي ورش طياره/وساعة الدفع راح تدفع/وتلقى الدنيا غداره/ما تسألسي"]( )، ويذكر من الأعاجيب الإنسانية في الوطن أنموذج المرفه المخبول، وذلك الصراع المادي في موضوع الخطوبة والزواج، فهي قصيدة عن المطحونين والمهمشين تحتاج إلى مزيد من الإضافات حتى تكون لوحة كبيرة عن هذا الجانب المدهش المثير! إلى أن يقول:[لو حصل وتلقى أب بيعافر/يسدد عمره في ديونه/وييجي شهر ويسافر/(سنين) وربنا في عونه/وتلقى الابن في البانجو/وتلقى مراته بتخونه/ما تسألشي"( )]. فهذه صورة المسافر المغترب لأجل المال تاركًا الأسرة فريسة الشهوات والشبهات والملذات مع الذئاب والكلاب. وفي قصيدة "عفوا" نجد المفارقة بين المطحون الهاوي والمكفوف السامي, يقول:[جراح وسط البلد/مكتوب عليه ممنوع/داملك لابن الذي/ولهيئة المشروع/سألت مين البيه/واسم الذي حارسه/قالوا لي بطل هبل/سك لنا ع الموضوع/دا ياما غيرك سأل/لكنه مات من الجوع]( ) وهذه نهاية كل باحث ومفكر وسائل وثائر في عصر الطبقية، والعنصرية. وإذا كان ابن الرومي يقول واصفًا حمالا بائسًا: رأيت حمالاً مبين العمى **** يعثر في الأكم وبالوهد مُحتَمِلاً ثِقْلاً على رأْسه **** تضعُفُ عنه قُوة ُ الجلْدِ بين جِمَالات وأشباهِها **** من بَشَر نامُوا عن المجْدِ أضحى بأَخزَى حالة ٍ بينهم**** وكلُّهم في عيشة رغْدِ وكلهم يَصْدِمُه عامداً**** أو تائهَ اللُّبِّ بلا عمدِ والبائسُ المسكِينُ مستسْلِمٌ **** أذلُّ للمكروه من عبْدِ وما اشْتهى ذاك ولكنَّه **** فرَّ من اللُّؤْم إلى الجَهْدِ فَرَّ إلى الحْملِ على ضعفه**** من كَلَحات المُكْثِر الوغْدِ( ) فإن الزجال الإنسان "علاء عيسى" يقدم صورة لامرأة مصرية ريفية مكافحة مثل هذا الحمال، ويعطيها بعدا سياسيًّا قائلاً: [شيلى يا وش الخير الجاى على قدومك/شيلى يا طابعة شكل الأرض في هدومك/شيلى يا صابرةْ وكلنا شايلين/شيلى وودى الشيلة للسلاطين/ما ينوبك الا الشمس فوق راسك/والرجل ماشية تدب جوة الطين( )"]. فهذه لقطة دالة موحية على حالة الفلاحين والعمال ، فهم مجتهدون، كادُّون، مُتعبون، صابرون، عل َّالخير يكون، لكن لا خير ولا حق، بل كل نهب وسرقة واستغلال واحتكار واحتقار لهذه المسكينة ومن تمثلهن وتمثلهم! وتلك معضلة الأوطان المنكوبة بالاستبداد والاستعباد و"الاستكراد"! ولعل هذه الصورة الواقعية أكبر دليل على المفهوم العلمي لمصطلح الاستعمار(ويسميه بعض منتقدوه «الاستدمار») فقد جاء في تعريفه أنه:" مصطلح يشير إلى ظاهرة سياسية، اجتماعية وثقافية تشمل إقامة مستوطنات أوروبية خارج أوروبا منذ القرن ال15 واستيلاء الدول الأوروبية سياسيا واقتصاديا على مناطق واسعة في جميع القارات الأخرى، بما في ذلك إخضاع الشعوب القاطنة فيها لحكم الدول الأوروبية واستغلال كنوزها الطبيعية وعمل السكان المحليين لصالح الدول الأوروبية. انتهى الاستعمار تدريجيا خلال النصف الآخر من القرن ال20 ولكنه يعتبر من أكثر الظواهر السياسية تأثيرا على صورة العالم المعاصر( )". وكأني بعلاء في شعره عن الطبقة المطحونة يردد بتفاصيل كثيرة قول الشاعر العباسي العظيم: ابن الرومي: نحن أحياء على الأرض وقد **** خسف الدهر بنا ثم خسف أصبح السافل منا عاليا **** وهوى أهل المعالي والشرف( ) ويحارب تلك العنصرية والطبقية الموجودة بالوطن في قصيدته ذات العنوان الموحي المكون من فعل الأمر العسكري التعليمي:"ساوي"، يقول: [ضمي ولادك يا بلدنا/على بعض وحازيهم/ما تفرقيش بين الجثث/ساوي التراب ع الكل/عشان يدفيهم/.../لو كنت بتساوي/ما كان شدا حالهم/الكل كان شاري/وانتي اللي بعتيهم( )] فالحل والخلاص في المساواة، والشر في الطبقية، وبيع الصغير وتضييعه من أجل الكبار النهابين "الهباشين"! وفي قصيدة من مواطن للحكومة سخرية تامة من الحالة السلبية التي تتعامل بها الحكومة مع مشاكل الشعب يقول:[السلام ده جي طاير/من مواطن عادي جدا للحكومة/قبل ما ابدأ في الكلام/المواطن يا حكومة ليه سؤال/لو حزام الصبر قرب ينقطع/يا ترى/تدونا غيره/هوه ده الطلب الوحيد منكم يا ساده/لجل ما كل واحد مننا يعرف مصيره/لو وافقتم يبقى إحنا أي حاجة تتعمل/ فينا تجوز/طالما كل حاجة بتتعمل/دائما بنقول آمين/ما فيناش من لوي بوز/ وللا إيه رأي الحكومة( ] المبحث الثالث: القيم الإنسانية والتربوية في زجل علاء الدين عيسى. زجل علاء الدين عيسى زاخر بالقيم الإنسانية والتربوية البناءة النافعة، لكنني سأقف هنا مع القيم الآتية، لحاجتنا إليها في آننا الأليم هذا: قيمة المقاومة: ينتقل بنا "علاء الدين" من مصر المطحونة إلى عالم المطحونين الخارجي، في قصيدته"والله فرصة يا عرب" مؤكدًا الملكية العربية للأراضي المحتلة، فيقول:[والله فرصة يا عرب/علشان تقولوا لإسرائيل/للقدس تنسى/دا الأرض دي أرضنا/والدم واحد دمنا/لويوم خدوها مننا/تبقى كارثة]" ثم يقدم آلية المقاومة، وهي الاتحاد قائلاً:"خلو الإيدين جنب الإيدين/ترجع حقوق المظلومين/دا الحق واضح هما إيه/عايزين يداروا الحق ليه] ويدعو لعلاج الفرقة قائلا:"إزاي نتوه عن بعضنا/واحنا مسيرنا لبعضنا/لويوم يفرقنا الزمن/لازم حنرجع للوطن" ثم يختم ببيت القصيد:[أصل الحياه ملهاش تمن/لوسبنا شبر من أرضنا] ( ). وتقدم قصيدة "بيبسي كولا" المقاطعة وسيلة شعبية فاعلة في الإحساس بقضية الأراضي المحتلة، فيقول علاء:[اخصي عليك يا بيبسي...طلعت مش نكتة/انت وأخوك الشيبسي...والباقي من اللسته/بفكرك مننا/أتاريك سلاح ليهم/داير في سوق البلد تنباع وتديهم/نشرب وندفع الثمن/يستوطنوا بيهم/ندرن علينا هنا/يا يبيسي يا كولا لو كنت حتى الدوا لنرجعك ليهم!!( )]. قيمة الإنصاف: يتصل بقيمة المقاومة قيمة الإنصاف لهؤلاء المناضلين في كل زمان زمكان، الذين رفضوا حياة الكبت والقهر وجهروا برأيهم ودافعوا عن اختيارهم وتوجههم، فكان السجن مصيرهم فقال في قصيدة"آهات": [انتوا اللى بره السجن/واحنا اللى جواه/يا أغلى ما في الوطن/وأحلى خلق الله/بتشاوروا ليه لينا؟!/واحنا كما الأموات/ما بقاش فى إيدنا شيء/غير بس قولة/آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه]. فهذه صورة واقعية فيها تألم لهؤلاء، وتعبير عن مكانتهم في نفوس العقلاء، وينتقل علاء إلى الصنف الأسمى من هؤلاء الشهداء، فيقول:[أبويا شاف الشهيد/ ع الشاشة قال مين ده/رديت عليه قلت له/بابا كتير من ده/فيه ناس بتهوى الموت/لأجل الكرامة تعيش/وناس كتير زينا/لاطايله ده ولا ده!]، فالشهادة سلوك إنساني نبيل فريد يقع من طائفة خاصة، نادرة المثال، وهي شرف وفخر، وغير الشهداء في مدن الكبت حالهم سيء على حد قول علاء في ختام آهاته:[مدام ما فيش شهدا/وانت طلعت بريء/خد محطتك تاني/من جملة الخوازيق( )] . فحديث الشاعر بهذه الجهارة عن هذين الصنفين البشريين في وقت يرفضهما كثير من البشر، دليل على إنصاف "علاء الدين" واستقلاليته! قيمة التآخي والسلام: ومن أروع ما قرأت لعلاء الدين قصيدته "العنوان" التي يقول فيها: [القمح ويا الدرة/دول زرعتين في الريف/متغيرين في الشكل/بين سنبلة وطراطيف/طول عمرهم في خصام/زي الشتا والصيف/وآخرة المسألة/يتجمعوا في رغيف( )]. فهي صورة شعرية ريفية المكان, والعناصر التقطها "علاء الدين" بشاعرية وشفافية عالية, لتقدم معنًى إنسانيًّا عظيمًا هو السلام والوئام بين الأطراف المتباعدة، مهما كان هذا التباعد، ومهما كان سببه!. فهذه التجربة [عنوان] زجل علاء الدين كله, و[عنوان] سلوكه مع الإنسان مهما كان جنسه أو لونه أو عقيدته أو توجهه، ومن ثم كان بليغًا كل البلاغة في اختياره لفظة [العنوان] عنوانًا لها! وهو يدندن عليها كثيرًا في تجاربه المختلفة. الخاتمة: بعد هذه القراءة الاستنطاقية الأولى في نتاج علاء الدين عيسى الزجلي يمكنني أن أقرر المعالم الرؤيوية الآتية: *علاء الدين عيسى زجال عاشق لفنه، نابع فيه من إنسان كبير، صبغته الحياة المصرية بحلوها مرها. *علاء الدين عيسى مستقل في رؤاه، غير تابع أو خادم لأيدلوجية أو نظام إلا ما يرضي الإنسان فيه! *علاء الدين عيسى عبر عن نفسه، عاشقًا، ومواطنًا، ومثقفًا، كما عبر عن أترابه من أبناء الطبقة الكادحة محدودة الدخل، محدودة الرفاهية، محدودة الحقوق! *عرفنا في زجل علاء الدين: الابن، والزوج، والأب. فيمكن لنا أن نترجم لحياته الأسرية من خلال قراءة شعره الاجتماعي! *من القيم الإنسانية والتربوية الممتعة في نتاج علاء الدين: قيمة المقاومة، وقيمة الإنصاف، وقيمة التآخي والسلام. وتوجد قيم أخرى، تحتاج قراءات أخر! *كان اهتمام علاء بالإنسان خارج الخريطة المصرية قليلاً، لا نكاد نجده إلا في قصيدتين أو ثلاث تقريبًا، والبعد الخارجي في رؤية العالم مطلوب لأي شاعر حتى يخرج من قيود القوقعة الوطنية أو البرج العاجي الرومانسي! *ما زال في الإنسان أنماذج مثيرة بإيجابيتها، أو مستفزة بسلبيتها، تحتاج من علاء النظر إليها وفيها وعنها. أبرز مصادر البحث ومراجعه: أولاً: المصادر[دواوين الشاعر]: *العزف على أوتار ممزقة، مكتبة الفارس بالزقازيق سنة 2000م. *عفوا سقط العنوان سهوا، طبع قصور الثقافية سنة 2001م. *خيانة ، طبع سلسلة أصوات معاصرة سنة 2005م. *وهذا إقرار مني بذلك طبع قصور الثقافية سنة 2008م. *ولي فيها مآرب أخرى ص24_31، طبع الهيئة العامة سنة 2015م. ثانيًا المراجع: * الاتجاه الإنساني في الشعر العربي المعاصر، د/رجا سمرين، دار اليراع سنة 2003م. *أهدى سبيل إلى علمي الخليل، للأستاذ محمود مصطفى، مكتبة المعارف سنة 2002م. * بلوغ الأمل في فن الزجل لابن حجة الحموي(ت837هـ)، تحقيق د/ رضا محسن القريشي، نشر وزارة الثقافة بسوريا سنة 1974م.. *تاريخ آداب العرب للأستاذ مصطفى صادق الرافعي، دار الكتاب العربي. * الخصائص الفنية لنص علاء عيسى، د/مدحت الجيار، بحث منشور في موقع شبكة قامات الثقافية. *الشوقيات، أحمد شوقي بك، تدقيق الأستاذ/محمد فوزي حمزة،طبع مكتبة الآداب، سنة 2012م. *المقابسات لأبي حيان التوحيدي(ت نحو400هـ)، تحقيق حسن السندوبي، دار سعاد الصباح سنة 1992م. *المعنى العميق والنغم الرقيق في أشعار علاء عيسى"، تقديم الأستاذ بدر بدير لديوان علاء عيسى: العزف على أوتار ممزقة سنة 2000م. ثالثًا: مواقع الشبكة الدولية للمعلومات: *موقع الموسوعة الحرة في الرابط:https://ar.wikipedia.org * موقع شبكة قامات ثقافية، في الرابط: www.qamat.org/909vb//showthread.php?t=1454 *صفحة الشاعر على موقع التواصل فيس بوك باسم:علاء عيسى(مواطن) https://www.facebook.com/alaa.eisa.127.
المصدر: مجلة كلية اللغة العربية بالزقازيق
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 461 مشاهدة
نشرت فى 27 أكتوبر 2015 بواسطة sabryfatma

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

327,365