<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
إجراءات استكشاف الوحدة الموضوعية في النص القرآني الكريم
أتغيا من تسليط الضوء على هذا المجال الحي والحيوي من البحوث القرآنية الكريمة: [مجال الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم] إلى أن يوجد فريق من الباحثين مؤسس روحيًّا ومؤهل عقليًّا يخوضون غمار هذا النوع الشريف من البحث العلمي في كل السور القرآنية الكريمة حتى نخرج منها بدراسة موضوعية متكاملة، فتكون لبنة طيبة في هذا المجال الفكري الجديد.
ولعل من أهم الإجراءات المرحلية المتدرجة، المرجوة في تنفيذ هذا المنهج الأدبي البناء على النص القرآني الكريم، ما يلي:
أسئلة المنهج:
تتمثل مشقة خوض غمار هذا البحث في تلك الأسئلة التي يفرضها هذا المنهج الأدبي على الباحث، والتي تتمثل غالبًا في الأسئلة الآتية:
ما مظاهر الوحدة القرآنية بين الآيات والسور؟ وما الحكمة من الترتيب المصحفي؟ وما الحكمة من افتتاح السورة؟ ولماذا جاءت السورة مدنية؟ وهل هناك علاقة بين القرآن المكي والقرآن المدني؟ وإلى أي قسم تنتمي السورة من أقسام القرآن الكريم ؟ وما الحكمة من افتتاح السورة بهذا المطلع؟ وهل هناك وحدة بين السورة والسور المتطابقة أو المتقاربة لها في المفتتح؟ وما أوجه الارتباط والتناسب والتناسق بين الآيات في السورة الواحدة؟ وبين الكلمات في الآية الواحدة؟....
ما قبل الاستكشاف:
*إكثار القراءة وإدمانها:
النص القرآني يحتاج إلى قراءات كثيرة جدًّا، قراءات متنوعة، من حيث الهدف، والأسئلة والوسائل، حتى تعطي كل قراءة جديدًا؛ فإدامةُ التأمل والتدبر من أهم ما يفتح على الإنسان من أسرار، ويهديه إلى معان جديدة. ومما يصبُّ فيما نحن بصدد الحديث عنه، العكوف على قراءة القرآن مع التأمل والنظر والتفكر في آياته، وهذا ما حثَّ عليه القرآن نفسه؛ يرشد لهذا العديد من الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر في آيات الله، من ذلك - مثلاً - قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (سبأ:46) فالتفكر والتدبر والنظر والتأمل يفتح لقارئ كتاب الله كثيراً من المعاني، التي لا يمكن أن يكتسبها قارئ كتاب الله إلا من خلال ذلك.
يقول ابن القيم :" وليعلم طالب العلم، ودارس القرآن الكريم أنه ليس أنفع له في معاده ومعاشه وحياته الدنيا وآخرته،وأقرب إلى سلامته ونجاته وسعادته من تدبر القرآن الكريم، وفهمه،وإطالة التأمل فيه،والعمل بمقتضاه، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما. وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتَتُل (تضع) في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه. وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم. وتبصره مواقع العبر. وتشهده عدل الله وفضله. وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه،
وقواطع الطريق وآفاتها. وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم. ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه. وافتراقهم فيما يفترقون فيه. وبالجملة تعرفُهُ الرب المدعو إليه، وطريق الوصول إليه، وما له من الكرامة إذا قدم عليه".
"[ابن القيم، مدارج السالكين، بيروت : دار الفكر، 1402هـ، ج1، ص452 ].
*التثقيف الذاتي:
ينبغي للباحث في هذا المجال أن يطلع على الجهود السابقة عن السلف والخلف اطلاع تعلم وتفقه؛ فيبدأ بالمأثور عن السورة الكريمة، وينتقل إلى المعقول. ومن ثم يكون على دراية تامة بالنص القرآني المبحوث، فيكون تحليله عن خبرة عقلية منداحة متنوعة، فتأتي أحكامه موفقة. قال ابن عبد الهادي عن شيخه الإمام ابن تيمية: "كان -رحمه الله- يقول: ربما طالعتُ على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني! ويذكر قصة معاذ بن جبل، وقوله لمالك بن يخامر لما بكى عند موته وقال: إني لا أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان الذين كنت أتعلمهما منك، فقال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، فاطلب العلم عند أربعة، فإن أعياك العلم عند هؤلاء فليس هو في الأرض، فاطلبه من معلم إبراهيم"[ العقود الدرية ص42-43].
*التسلح بآليات معايشة النص القرآني الكريم:
ينبغي للباحث في هذا المجال أن يتسلح بما يتصف به المفسر عند أسلافنا وفي عصرنا، من آداب وعلوم، على النحو التالي:
1_ إخلاص النية لله تعالى، فيجب أن يكون متوجه الإرادة لله تعالى، وأن يعلم أنه لا يفسر بيتًا من الشعر أو النثر، وإنما يفسر كلام الله تعالى والخطأ فيه ليس كالخطأ في غيره؛ فالمعول في ذلك كله على حسن النية، وخلوص القصد، وصدق التوجه في الاستمداد من المعلم الأول؛ معلم الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنه لا يرد من صدق في التوجه إليه لتبليغ دينه وإرشاد عبيده ونصيحتهم والتخلص من القول عليه بلا علم، فإذا صدقَتْ نيتُه ورغبتُه في ذلك لم يعدَم أجراً إن فاته أجران والله المستعان"[ إعلام الموقعين 4/257-258]
2- التخلص من آفات النفس وحظوظها فلا يكون من هم الباحث تخطئة السابقين أو سرقة نتاجهم والانتفاع المادي بما كانوا يقولون!
3- اعتقاد الباحث هيمنة القرآن، بأن تصبح الآراء والأفكار والأعمال مستنبطة من القرآن لا أن القرآن يؤيدها !
4- توجد جملة من العلوم بمثابة أدوات تعصم الباحث من الوقوع في الخطأ وتحميه من القول على الله بدون علم، وهي: اللغة، والنحو والصرف والاشتقاق، والبلاغة[معرفة لغة العرب وأساليبهم البيانية، فلا يخفي أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب وبلسانهم، وهو لا يُفهم إلا بفهم ما به نزل، ولذلك وجدنا أهل العلم كافة يهتمون بمعرفة لغة العرب، ويوصون طلبة العلم بذلك]، والقراءات، وأصول الفقه، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والسيرة والتاريخ، والحديث ومصطلحه، أن ينظرَ في الوقف والابتداء وأثر ذلك في الدلالة والتوسع في المعنى أو التقييد فيه وما إلى ذلك.
وأن يطالع مسلمات العلوم التجريبية الحديثة، ويعرف الاتجاهات والتيارات الفكرية المعاصرة المختلفة....
5_النظرُ في السياق؛ فبالسياق يتضح كثير من الأمور ويتضح سبب اختيار لفظةٍ على أخرى، وتعبير على آخر، ويتضح سببُ التقديمِ والتأخير والذكرِ والحذف ومعاني الألفاظِ المشتركة. فالسياق من أهم القرائن التي تدل على المعنى. وعدم النظر في السياق قد يوقع في الغلط أو عدم الدقة في الحكم.
كما أن إسقاط النص القرآني على الواقع وتفسيره بما يوافق ذلك؛ إذ إن القرآن الكريم قد اختزل الزمان والمكان، وركز على جنس الإنسان بغض النظر عن زمانه ومكانه، فأحكامه أصول ثوابت لا بد أن تؤخذ بالحسبان أثناء الخوض في هذا الميدان، ليكون التفسير واقعاً في موضعه الصحيح دون إفراط أو تفريط.
6_مراجعةُ المواطن القرآنية التي وردت فيها أمثال التعبير الذي يراد تبيينه لاستخلاص المعنى المقصود، مراجعةُ المواطن القرآنية التي وردت فيها المفردة التي يراد تفسيرها لمعرفة استعمالاتها ومعانيها ودلالاتها، ومعرفة خصوصياتٍ الاستعمال القرآني وأسراره. والغوص على معرفة المنهج القرآني في تناول وضع الكلمة، أو الموضوع، حتى صار حقيقة واقعة مسلمة...
7_ ولعل الجمع بين الاستقراء والتحليل للسورة الكريمة، وأحياناً الموازنة والترجيح بين الأقوال المختلفة، من الآليات البحثية المطلوبة في مثل هذه البحوث البناءة.
8_ ثم تأتي الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بعلمه، وإليه الإشارة بقوله تعالى:" واتقوا الله ويعلمكم الله" [البقرة / 282].
[يراجع في ذلك الإتقان 1/ 180 ـ182، والتفسير والمفسرون 1/ 265 ـ 272،للذهبي، وعلوم القرآن صـ 87، 88 د نور الدين عتر...إلخ]
إجراءات الوحدة الموضوعية الخارجية:
يقصد بالوحدة الموضوعية الخارجية تلك السياحة مع النص القرآني الكريم من خلال عنوانه، وكمِّه، ومكانه، ومقامه، وزمانه، والجو التاريخي الذي أنزل فيه، وتتم تلك السياحة من خلال المحطات الآتية:
1_ مقام السورة وتاريخها:
يُعنى الباحث ببيان فضل السورة، وعدد آياتها، وزمان نزولها، ومكان نزول السورة، وهل السورة مكية أم مدنية؟ وبيان جو نزول السورة، وهل نزلت في المرحلة المتقدمة أو المرحلة المتوسطة أو المتأخرة من مرحلة الدعوة الإسلامية في عهدها المكي أو المدني؟
2- اسم السورة التوقيفي أو الاجتهادي
يذكر الباحث اسم السورة التوقيفي، وإذا كان لها أكثر من اسم توقيفي يذكره، ويبين حكمة تسميتها بذلك الاسم، ويلاحظ الصلة بين اسمها التوقيفي وبين موضوعها العام، ويُحرص على الاسم الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فإنه ـ بلا شكَّ ـ ما سمَّى السورة إلا لحكمة،وقد تكون هذه الحكمة في التسمية مرتبطة بمقصد السورة.
كما يذكر اسم السورة الاجتهادي سواء أطلقه عليها علماء سابقون، أو تمكن هو من إدراكه والربط بين اسمها الاجتهادي وبين موضوعها. كما يبين علاقة اسم السورة أو أسمائها بمحورها الرئيسي ومقاطعها الفكرية.
3_هيكل السورة:
يقصد به تبين مواطن التأنق في السورة المتمثلة في المطلع، وموطن التخلص من موضوع إلى آخر، ثم موطن الختام.
إجراءات الوحدة الموضوعية الداخلية:
يقصد بالوحدة الموضوعية الداخلية تلك السياحة مع محتوى النص القرآني الكريم من خلال محوره، وأقسامه الفكرية، ومقاصده الشرعية، فعند تناول المحتوى القرآني، ينبغي -أولًا- أن يحدد محور النص، وهوما يمكن أن يكون عنوانًا له، وفي الغالب يعالج النص عددًا من القضايا أو الأفكار العامة، ومن المهم أن نقسم النص -من حيث هذه الأفكار العامة- إلى مقاطع، يسمى كل مقطع باسم يحمل الفكرة التي يحتويها، ومن المهم -أيضًا- أن نتناول العناصر الفرعية، أو قل المعاني الجزئية التي يحتويها كل مقطع من خلال آياته التي اشتمل عليها. وبعد تقسيم النص إلى أفكار عامة، وتقسيم كل فكرة منها إلى عناصر فرعية، يأتي تفسير هذا المحتوى فكرة فكرة، أي مقطعًا مقطعًا.
وينبغي أن يكون معلومًا أن توضيح هذه الأفكار العامة، وما تحتويه من عناصر ومعانٍ جزئية، يجب أن يكون دقيقًا بلا إطناب ولا ثرثرة. وخلال معالجة المحتوى -على نحو ما تقدم- يقوم قارئ النص بالكشف عن مدى الترابط بين أجزاء المضمون العام للنص التي تمثلها أفكار العامة، وعن مدى الترابط -أيضًا- بين عناصر الفكرة العامة التي تمثلها آيات كل فكرة، بحيث يكشف عن مدى هذا الترابط والتلاحم، ليزيل شبهة التفكك والانفصال التي قد تأتي عند القارئ العادي للنص القرآني. ولا يستطيع أحد أن يتعلل -للتفكك والانفصال- بتعدد موضوعات النص، إذ سيظهر بعد هذا التحلي حسن التلطف، ودقة التخلص في الانتقال من موضوع إلى آخر، فتبدو المقاطع كأن كل مقطع ينادي أخاه، كما يقوم فيه القارئ باستجلاء ما في النص من قيم شعورية ومعانٍ إنسانية. وهذا يدل على تناسق القرآن الكريم وتناسب آياته وسوره وأجزائه.
ويمكن تحديد تلك الوحدة من خلال المحطات التالية:
- المحور الرئيسي للسورة ومحاورها الفرعية
التعرف على موضوع السورة الرئيس، ثم التعرف على محاور السورة وخطوطها الرئيسة وربط هذه المحاور والخطوط مع عمود السورة والاستشهاد على ذلك بآيات السورة.
تقسيم السور الطويلة والمتوسطة إلى أقسام وبيان مقدمة السورة وأقسامها وخاتمتها وتوزيع آياتها على الأقسام.
وإذا لم يتيسر تقسيمها إلى أقسام، تقسم إلى وحدات أساسية وذكر موضوع كل وحدة وآياتها وبيان الصلة بين تلك الوحدات.
- الأهداف الفرعية للسورة:
تحديد أهداف السورة الأساسية ومقاصدها الرئيسة، واستخراج هذه الأهداف والمقاصد من خلال القراءة الواعية المتدبرة لآيات السور عدة مرات، والاستدلال على كل هدف أو مقصد يسجله بمجموعة من آيات السورة.
ثم يستخلص أهم حقائق السورة والدلالات التي نقررها، والإشارة إلى أبعاد السور الواقعية وكيفية معالجتها لمشكلات الإنسان المعاصرة. أي أن الباحث ينتقل من التصور الكامل للنص القرآني إلى بنياته الوسطى ثم بنياته الثانوية.
وهذا ما يمكن الاصطلاح عليه بأنه بلاغة مكان السورة، حيث تبين مدى التناسب في الآية، وفي السورة كلها، وفي علاقتها بالقرآن الكريم كله، على النحو التالي:
- التناسب في الآية.
- التناسب بين الآيات: ترتيب الآيات واعتلاق بعضها ببعض وارتباطها وتلاحمها وتناسقها..
- مناسبة السورة لما قبلها: نزوليًّا ومصحفيًّا.
_ التناسب بين السورة القرآنية ومحورها العام الذي تدور عليه.
_ التناسب بين افتتاحية السورة القرآنية وخاتمة تلك السورة.
_ التناسب بين افتتاحية السورة القرآنية وافتتاحية السورة التي تليها في الترتيب.
_ التناسب بين افتتاحية السورة القرآنية وخاتمة السورة التي تليها.
_ التناسب بين افتتاحية السورة القرآنية وافتتاحية أي سورة مطلقاً.
_ التناسب بين افتتاحية السورة القرآنية وخاتمة أي سورة مطلقاً.
_ التناسب بين مقاطع السورة ومحورها.
_ التناسب بين مقاطع السورة نفسها.
_ التناسب بين مضمون السورة ومضمون السورة التي تليها.
_ التناسب بين مضمون السورة وسورة الفاتحة...
- علاقة السورة بالسور المتجاورة.
- علاقة السورة بالسور ذات المطالع المتشابهة.
- التناسب بين القصص القرآني في السورة[إن وجد] وفي غيرها.
- التناسب بين قصص السورة الواحدة، وتشكل قصة جديدة من قصص السورة، والتناسب بين القصة أو القصص في السورة وواقع الدعوة.
ومع كل صحبة للسورة القرآنية تزداد أنواع التناسب، قال سهل بن عبدالله التستري:" لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه لأنه كلام الله وكلامه صفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه .. وإنما يفهم كل بمقدار ما يفتح الله على قلبه وكلام الله غير مخلوق ولا يبلغ إلى نهاية فهمه فهوم محدثة مخلوقة "[البرهان في علوم القرآن للزركشي1/9، دار المعرفة ببيروت سنة 1957م. والله أعلم.
الأساليب المحققة للوحدة الموضوعية:
ينبغي لقارئ النص القرآني أن يحدد الأساليب الرابطة بين جزئيات النص الكريم وعناصره ومقاطعه . ثم يبين الأدوات الشكلية التي أعانت على التعبير عن مقاصد النص القرآني ومحاوره الفكرية؛ ومن ثم يظهر التلاؤم والانسجام فيه، فتتآلف الألفاظ والأساليب، وصور الخيال، والإيقاع مع التجربة الشعورية، والمعاني والأفكار، التي تنمو داخل النص.
ولعل من أبرز هذه الأساليب: الاستئناف البياني، والاستئناف التقريري، والتفنن في الكلام ونقله من أسلوب إلى أسلوب، والتضاد : وهو الجمع بين المعنى وضده كالجمع بين الترغيب والترهيب، وإلحاق النتائج بالمقدمات، وذكر الخاص بعد العام، والتنظير : وهو إلحاق النظير بالنظير ، وبيان الرابط بينهما، والتفصيل بعد الإجمال، والتمهيد والتوطئة،و دفع الإيهام، ومراعاة السياق، وبيان فواصل الآي ومناسبتها للآي التي ضمنت بها....إلخ
... وهكذا بقراءة النص القرآني الكريم قراءة متدبرة واعية يكون وقوف الباحث على ما ينطوي عليه النص من أفكار ومشاعر وغايات، فيخلص إلى تحليله إلى عناصره المختلفة حتى يبلغ الفكرة الجوهرية التي يقوم عليها، وهو في مرحلة التحليل هذه يتناول المحتوى والشكل، كل على حدة، دون أن ينسى أنهما مرتبطان بلا انفصال.