مستشارك النفسى و الأسرى ( د. أحمد شلبى)

موقع للارشاد النفسى للمتميزين وذوي الإعاقة والعاديين

هل هو مصنع حقيقي ؟؟

ما قصته ؟ ما هي الظروف والملابسات التى أحاطت به ؟

المصانع كثيرة في الدنيا فلماذا هذا المصنع بالذات ؟

من هو صاحبه ؟؟

أسئلة كثيرة تطرح نفسها نحاول أن نجيب عليها في السطور التالية .

الحاج / صبحي كما يعرفه المحيطون به " متزوج ويعول ، يربي أولادة علي الأخلاق الكريمة والعطاء والتسامح_ حتى مع من أساء إليهم_ وحب الناس وعمل الخير وحب التدين ومساعدة الآخرين .

كان يعيش كبقية الشباب ، وبينما الحياة تسير علي غاية ما يحب وهو في ريعان الشباب والقوه والصحة إذا به يصاب بضمور في العضلات يفقده القدرة علي الحركة إلا بصعوبة شديدة حتى أن ركوب المواصلات العامة أصبح أمراً صعباً جداً بالنسبة له فهو يحتاج إلي من يسنده وأن تقف السيارة أو الباص بطريقة معينة . إذا أنه لا يمتلك سيارة .

قصة المرض :-

ذهب إلي الكثير من الأطباء ، مكث في المستشفيات طوال عام كامل ، وإستغرقت رحلة العلاج أكثر من أثني عشر عاماً ، وكان الهدف من الأدوية والعلاج أن يتوقف المرض عند هذا الحد ولا يمتد إلي بقية أجزاء الجسم ، ومع ذلك حتى هذه المحاولات لم تنجح .

صارحه الأطباء بأن مرضه ليس له علاج وهو يزداد مع الوقت لقد كان شاباً كسائر الناس .وفي أيام معدودات أصابه ما أصابه ، كان يعمل كهربائياً والعمل بالكهرباء يحتاج إلي مجهود ، وجهده كل يوم في تناقص مع انتشار المرض أكثر وأكثر في أجزاء متعددة من جسمه .

أهــداف واضحة :-

لقد كان واضحاً مع نفسه وقرر أنه لن يستسلم للمرض والتعب ( ولن أكون أقل من الإنسان السوي بل سأفعل أفعالاً لن يستطيع الإنسان السليم أن يقوم بها ) هذه بعض كلماته وليس معني ذلك عيباً في الأسوياء أو أنه يوجه إنتقاضاً لهم .

لكنها رسالة تشير إلي التحدي الذي ألزم به نفسه بعد الإستعانه بالله القادرالذى جعله أمام عينه في كل كلمة وفي كل تصرف .

* وكان من أهدافه أيضاً إلي جانب عدم الاستسلام للمرض والسعي لعلاجه . . .

- الحصول علي رزق حلال                    - السعي إلي شراء سيارة معاقين تيسر له سهوله الحركة

- تربية أولادة تربية حسنه                    - مساعدة الناس قدر إستطاعته.

* تلك كانت أهدافه وزاده في الحياة بعد جلسة عاصفة من المصارحة مع النفس .

 

 

بداية المشوار :-  

وأمام هذه الظروف الجديدة أضطر عم صبحي عبد المقصود إلي أن يغير مساره؛ فالجهد عاماً بعد عام يقل نتيجة لزيادة الضمور في العضلات ، لكنه لم يستسلم وتسلح بالإرادة والإصرار وبعد أن كان يعمل كهربائياً وهي مهنه تحتاج إلي بذل الجهد والتعب والحركة ، اتجه إلي مجال التجارة لأنه رائها أنسب المهن التي تتفق مع حالته الجديدة .

بدأ في شراء بضائع من أماكن مختلفة وتوزيعها علي التجار ونجح في خلق سوق جيدة لها بسبب معاملته الحسنة وصدقه مع من يتعامل معه ، وفتح له ذلك مجالاً جديداً فبدأ يحدد التجار الذين يتعامل معهم ويلمس منهم المعاملة الحسنة .

* كانت نقلة صعبه من الكهرباء إلي التجارة, إذ كان مجالاً جديداً تماماً بالنسبة له ، درس السوق قبل أن يقدم عليه وقام بدارسة جدوى لمشروعة ، لم يستسلم لتعبه رغم ما يحتاجه هذا المجال الجديد من جهد وفكر وبخاصة في مرحلته الأولي لكنه قال ( لم أنظر إلي الخلف لكنني سأنظر دائماً إلي الأمام ) استعان بالله القادر وسلك هذا الطريق, حقق مكاسب وأيضاً حدثت له خسائر إذا أن التاجر في السوق معرض للمكسب والخسارة .

* ونتيجة لتغير في ظروف السوق بعد أن دخله بفترة غير قصيرة حدثت له خسائر كبيرة قدرها بستة أمثال ما كان معه من رأس مال في ذلك الوقت ولم يستسلم أيضاً واستطاع في مدة عامين ونصف تسديد هذه الديون جميعاً ، ولعلك تتسائل كيف حدث ذلك ؟ هو نفسه لا يعرف ويتسائل معك وتكون إجابته دائماً هى تيسير الله في المقام الأول ثم التفكير الجيد والأخذ بالأسباب مع النية الحسنة .

من التجارة للصناعة :-

* ومنذ حدثت هذه الخسارة وقام بتسديد ما عليه من ديون لم ييأس نعم لكنه فكر في الأشتغال بعمل جديد ، درس ما لدية من إمكانيات وقدرات ومواهب يمكن الإفادة منها وقرر أن يتجه إلي الصناعة ، إنه يريد فكرة تدر عليه دخلاً تضمن رزقاً لأولاده وتكون قليلة الحركة تتفق مع امكاناته الحالية المحدودة ويستفيد فيها بمواهبه في التسويق والتجارة .

بعد وضع كل هذه الأمور في الحسبان قرر أن يبدأ في صناعة الملابس والتي كان يتاجر فيها من قبل فبدأ بشراء بعض الماكينات علي قدر إمكانياته وحتى إذا خسر في هذا المجال تكون الخسارة محدودة .

بدأ بإنتاج نوعيات جديدة وبأسعار رخيصة عن مثيلاتها في السوق فأقبل عليه التجار والمحلات وبخاصة الذين كانوا يتعاملون معه ويعرفون صدقه و أمانته .

إن مع العسر يسرا :-

وفي إحدي الليالي إذا بإحدى السيدات تتصل به وهي صاحبه أحد المراكز التى تعالج مثل هذه الحالات المرضية ( ضمور العضلات ) إذا بها تتصل من المملكة العربية السعودية وتخبره أنهم علي استعداد لعلاجه ومتابعتة وما عليه إلا أن يأتي إليهم وسيكون تحت رعايتهم رعاية كاملة ، كم كانت سعادته بهذا الخبر شكر هذه المتصلة ودعا الله أن يكون في ذلك الشفاء والعافية .

 

من مقومات نجاحه :-

(1 ) الأمل في الله وحسن الظن به فقد لاحظنا أنه كان يضع الله سبحانه وتعالي أمام عينه في كل أزمانه وتصرفاته ومن العجيب أن عم صبحي قد أعتبر هذا المرض حباً كبيراً من الله له ( كما يقول ) فإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه وهذا جزء من حديث للمصطفي صلي الله عليه وسلم .

وإحساسه إن الله إبتلاه بهذا المرض حباً له جعله يأخذ الأمر بحب ورضا فقد إعتقد أن هذا المرض قد جاء لتنقيته وتطهيره من الذنوب فكلنا بشر وكلنا ذنوب وكان يقول إذا كان المسلم الصابر علي الابتلاء في الفردوس الأعلى فماذا يريد العبد أكثر من ذلك تكريم وحب من الله تعالي .

( 2 ) وضع أهداف واضحة يريد الوصول إليها وتحديد الوسائل الصحيحة التي تمكنه من تحقيقها .  

( 3 ) الإرادة والإصرار وعدم الاستسلام للمشكلات أو للخسارة أو للمرض كما لاحظنا .

( 4 ) الرزق الحلال : حيث رأى أنه أساس أي تجارة أو عمل مفيد وهو الذي يضمن استمراره ويكون وسيلة كريمة لرزق أولاده .

( 5 ) الصلاة الخاشعة : فالأزمات كانت كثيرة والركعات كانت كثيرة أيضاَ لكن بعد كل أزمة كان يجد لها حلاً ويعطيه الله بعدها من فضله ما طلبه منه وما لا يطلبه .

( 6 ) التفكير الجيد والدراسة للأمر قبل الأقدام عليه ثم الأخذ بالأسباب المتاحة .

( 7 ) وضع مواهبه وإمكاناته وقدراته فى الاعتبار وهو يقدم على أى عمل و أى مشروع وحسن الإفادة منه

( 8 ) الصبر وعدم اليأس فالصبر فى نهاية لا يأتى إلا بخير .

( 9 ) التأسى ببعض النصائح الجيدة التى رأها فى السوق وأثناء حياته .

(10) الرغبة الصادقة فى مساعدة الآخرين والتسامح مع من أساء إليه منهم .

(11) إتقانه لعمله ومحاولة إخراجه فى أحسن صورة والثقة واليقين بأنه لن يصح فى النهاية إلا الصحيح.

(12) حسن التعامل مع الناس والصدق والأمانة .

* ماذا يقول عنه العاملون معه ؟

بصفه عامة فإن الذين يعملون معه في المصنع يتعاطفون معه ويدعون الله له بأن يعينه ويقويه ويوسع عليه في رزقه أكثر ويكون المصنع أكبر وأكبر ومن أقوالهم :

( عـم صبحي يعتبر والد لنا لأنه إنسان محترم جـداً وأخ كبير لنا جميعاً ، وهو يعتبرنا أصحاب مكان ) ، ( إن الله يكرمه من أجلنا ولأجل بيوتنا المفتوحة ، وهو رجل مجتهد ، وكما يقولون لكل مجتهد نصيب ) ، أنا معه منذ أربع سنوات لم أرى منه شيئاً سيئاً فمعاملته جيدة ومع الناس كلها ) ، ( عنده الشغل شغل والحق حق وعندما تنتهي من عملك تأخذ حقوقك دون تأخير ) ، ( علينا جميعاً أن ننظر إليه ونجعله قدوة لنا ) .

* رسائل ذات معنى :-

إن في قصة الحاج صبحي عبد المقصود معاني لا تنتهي ، ورسائل لنا جميعاً : لكل أسرة ، ولكل صاحب مرض أو إعاقة أو ظروف خاصة ، لكنى أكتفي هنا بأن أقدم رسالة من خلال هذه القصة إلي كل شاب يؤثر الكسل ولا يبحث عن عمل .

إلى كل شاب يبحث عن عمل:

- ابحث عن العمل المناسب .

- إجتهد وأخلص فيه حتى تتقنه .

- لا تنظر خلفك أو تحت قدميك بل أنظر أمامك وتفائل بمستقبل مشرق .

- إجعل الله أمام عينك في كل كلمة وفي كل تصرف ، أدعوه في ركعاتك والجأ إليه في أزماتك .

- اجعل الحرص علي الحلال من أسس عملك فإن رأيت أنه سبب عائق في أى أمر فأعلم أنه ليس المخطأ وإنما الخطأ في فهمنا أو تصرفنا .

- اعمل حتى ولو كنت ميسور الحال وعندك ما يكفيك وزيادة فإن للسعي علي الرزق طعم خاص وحين يكون من عمل يدك طعم آخر وحين يكون رزقاً حلالاً ، وحين تنام علي فراشك وأنت مجهد متعب من آثار العمل وتعلم أن الله سيبارك سعيك ويكفر ذنبك وحين تنتصر علـي ما يواجهك من عقبات وتحقق هـدفك ، كـل هذه وغيرها متع لن تستطيع أن تذوقها إلا وأنت تعمل ( والله لا يضيع أجـر مـن أحسن عملاً ) .

- اعمل لكل شئ حسابه وأدرس الأمر قبل أن تقبل عليه ولا تجعل الكسب السريع همك .

- استمتع بما يواجهك من أزمات فكل إنسان معرض للمكسب والخسارة لكن عليه أن يستفيد ويتعلم دروساً من أخطائه ولا يغير من مبادئه .

- اعد للأعمال العظيمة صبراً وأملاً عريضاً .

- ثق في نفسك وفي قدرتك وأعلم أن النجاح حلفيك في النهاية لأنه لا يصح إلا الصحيح ، وحين تذوق الثمرة ستنسي كل ما مر بك .

 

والله يوفقنا ويوفقك......

بقلم:د.احمد مصطفى شلبى

 

mostsharkalnafsi

بقلم د. أحمد مصطفى شلبي [email protected]

  • Currently 231/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
73 تصويتات / 407 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2009 بواسطة mostsharkalnafsi

ساحة النقاش

disability
Dear Dr. Shalaby I am one of the social worker that have special interest in working alongside people with special needs in Toronto, Canada. I had the opportunity to look at many of your articles. I just want to thank you for your effort. In particular I enjoyed this article with all what it entails from hope as well as particular points leads to success Thanks again, All the best.

د.أحمد مصطفى شلبي

mostsharkalnafsi
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

328,494