وهو ما تشير إليه الآية الكريمة ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ..) ( البقرة : 228 ) ، وفي الحديث الشريف :( النساء شقائق الرجال) (صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(95)
ويمكن أن نلحظ من خلال الآية الكريمة والحديث الشريف مجموعةَ أمور منها:
- أن هذه الآية وهذا الحديث هما ضمن منظومةٍ نستطيع أن نُطلق عليها إعلاناً عالمياً للحقوق الإنسانية للمرأة أقرها الإسلام تخلصاً مما عانته المرأة من عسفٍ وظلمٍ في عصر ما قبل الإسلام وعصورٍ خلت قبله ، وفي الكثير من المجتمعات في القديم والحديث.
- كما نلحظ اقتران ما للشريكين من حقوق وما عليهما من واجبات بضمير نون النسوة ( لهن ، عليهن ) وفي ذلك إشارة إلى ضرورة الاهتمام بأن تُؤدي المرأة واجباتها وتحصل على حقوقها لأنها هي عماد البيت والراعية والمسئولة عنه (والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها...)أخرجه البخاري ومسلم وأحمد فى المسند (6026) واللفظ له ، وكذا الحال بالنسبة للرجل.
- كذلك نلحظ أن الخطاب يتَّجه إلى الرجل ؛ لأن له درجة القوامة والتي تعني القيام على شئون الأسرة من إنفاق عليها وحماية لها ومسئولية عنها ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ...) (النساء :34).
- وأيضاً نلحظ التساوي في واجبات وحقوق كل من الرجل والمرأة ، في التعليم والأهلية القانونية ، والتمتع بحياة إنسانية كريمة ، وفي الثواب والعقاب : (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض...) (آل عمران: 195).
وقال صلى الله عليه وسلم : (طلب العلم فريضة على كل مسلم)أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع(3913).
- وهذا التساوي لا يعني التشابه فقط وإنما يعني التنوع في الخصائص أيضاً ، وإلا لما كان هناك داعٍ لتقسيم الواجبات والحقوق والمهام بين الزوجين ، فلو كانت متشابهة لقام بها شريكٌ واحدٌ وما كان هناك مُبررٌ لوجود الشريك الثاني ، ونلحظ فى الواقع وجود أعمال مشتركة بين الجنسين ، وأعمال لا يستطيع الرجل القيام بها ، وهناك أعمال يختص بها الرجل وحده.
- ويعني التماثل والتناظر أنه على قدر ما يؤدي الرجل والمرأة من واجبات على قدر ما يأخذان من حقوق والعكس بالعكس، والرجل حين لا يؤدي واجباته لا يستحق درجة القوامة ، وكذا المرأة حين لا تؤدي واجباتها لا ينبغي أن تطالب بحقوقها لوجود التماثل والاقتران والتناظر بين الحقوق والواجبات .
- والواقع يشيرُإلى أن هذه الحقوق والواجبات قد تزيد وتنقص من مجتمعٍ إلى آخر وفقاً لنوع ثقافته ودرجة تقدمه وتحضره ، لكن هناك حقوق وواجبات ثابتة وأساسية للزوج والزوجة لا تتأثر بالعوامل الاجتماعية والثقافية ، وعندما تزداد الواجبات أو تتناقص في أي مجتمع لابد من التزايد أو التناقص في الحقوق لأنهما متماثلان ومقترنان ارتفاعاً وهبوطاً
- وعلينا أن نعلم أن واجب الزوج هو حقٌ لزوجته وأسرته لا ينبغي أن يقصرَ فيه ، وأن واجبَ المرأة هو حقٌ لزوجها وأبنائها لا يجب أن تهملَ في أدائه .
- كذلك لا بد من إيجاد التوازن بين واجبات وحقوق كل من الزوج والزوجة والأبناء، فهذا التوازن من الأسباب التي تحقق السعادة داخل البيت؛ بحيث لا تطغى حقوق و واجبات شريك على آخر، ولا يتحمل أحدنا الأعباء وحده ولكن على كلٍ منا دورٌ عليه أن يقوم َبه.
- إن الشارع الحكيم حين قرَّر الحقوق والواجبات الزوجية لم يجعلها سلاحاً أو امتيازاً لأحد الأطراف كي يستخدمه ضد الآخر، وإنما حرصاً على استقرار الأسرة وإيضاحاً لوظيفة كل فرد فيها وارتقاءاً بأدائها إلى أعلى المستويات .
مع خالص دعائي ببيت مطمئن وأسرة سعيدة.
ساحة النقاش