لقد وَضَعَت الشرائع والقوانين والأعراف مجموعة من المبادئ التي تحكم وتهيمن على أداء كل من الزوجين لواجباته وحصوله على حقوقه وذلك انطلاقا من أن الزواج علاقةٌ اجتماعيةٌ إنسانيةٌ ربانية قبل أن تكون علاقةً ماديةً أو شهوانية ، ومن هذه المبادئ:ـ(التعامل بالمعروف)
إننا حين نتأمل الآيات القرآنية التي تتناول التعامل بين الزوجين أو معهما نجدها توصي دائماً بأن يكون هذا التعامل بالمعروف وتكرر ذلك وتؤكد عليه حتى عند الفراق بينهما : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) ( البقرة: 228 ) ،( فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ..) (البقرة:231) ( وأتمروا بينكم بمعروف ) ( الطلاق :6)
والآيات في هذا الباب كثيرةٌ وواضحة الدلالة على ذلك ، وهو أمرٌ عجيب يسترعي الانتباه ويقتضي التوقف عنده .
والمعروف يعني أمرين ويتدرج بين مستويين:
أ) مراعاة ما تعارف عليه الناس في أمور التعامل بين الزوجين وهو ما قصده الفقهاء عند حديثهم عن مراعاة الكفاءة ومهر المثل إلى غير ذلك ، وهذا يضمن أن تقوم هذه الشراكة الزوجية والأسرة الجديدة كحدٍ أدنى على ما تعارف عليه الناس وليس أقل من ذلك وهو ما يُحقق بدايةَ أداءٍ جيدٍ لهذا البيت الناشئ ،
والمعروف هنا يتعلق بالعادات والأعراف الحسنة التي أقرها الناس ، وليس تقليدهم والجري وراء تقاليعهم وعمل حسابهم ومراءاتهم في كل صغيرة وكبيرة كما يفعل بعض الناس.
ب)- أما المعنى الثاني أو المستوى الثاني للمعروف فهو يشير إلى عمل الخير وصنع الجميل بصفة عامة ؛
وهذا المعنى يرتفع ويرتقي بأداء الزوجين إلى مستوى أعلى مما تعود عليه الناس ؛ في مراعَى فيه المبادئ والآداب والأخلاقيات النبيلة (مبادئ الإحسان والإكرام والأخلاق الفاضلة ...إلخ ) ولذا ستلحظ عند تناولنا للحقوق والواجبات أننا نقسمها إلى مستويين: الواجبات والحقوق، الآداب والأخلاقيات.
فعلينا كزوجين أن نتعامل في مسألة الواجبات والحقوق بالإحسان والإكرام ؛ فإن لم نستطع فعلى الأقل بالأصول التي تعارف عليها الناس ولا نهبط أبداً إلى مستوى الظلم والضرر النفسي أو المادي والاجتماعي لأن في هذا الهبوط والتدني خرابٌ للبيت وخرابٌ للنفوس والقلوب وتشريدٌ للأبناء وإيذانٌ بمستقبلٍ كئيبٍ مظلم .
نسأل الله ألا يجعل جسورا للشيطان داخل بيوتنا وأن يديم الود والمعروف في علاقاتنا : مع خالص تحياتي.
ساحة النقاش