قليلة هي الميزانيات المخصصة لأغراض البحث العلمي في الكثير من بلداننا العربية، رغم أن الدراسات تشير إلى أن ما ينفق على البحث العلمي يأتي بمردود اقتصادي أكبر ففي بعض الدول المتقدمة حين تخصص 35 % من ميزانيتها لأغراض البحث العلمي تؤدي الغرض الذي أنفقت من أجله وتحقق مردودا اقتصاديا إضافيا يزيد على 35 %.
وأقل من الميزانيات المرصودة لأغراض البحث العلمي المراكز التي تنشأ خصيصا لهذا الغرض وتتفرغ لداء هذه المهمة، على الرغم من أننا جميعا نسلم بأنه لن يتقدم فرد أمي، ولن تنهض أسرة جاهلة، ولن يرتقي مجتمع يعتمد على العشوائية واسبهللة في إدارة الكثير من أمور حياته.
وأن تجد مركزا متخصصا في أبحاث الإعاقة (كما هو الحال مع مركز الأمير سلمان) فهذا حلم غير متوقع على الأقل في واقعنا الحاضر وفي مرحلتنا الراهنة رغم أن الإعاقة مشكلة كبيرة تبلغ نسبة الإصابة بها ضمن أفراد أي مجتمع ما بين 11 إلى 13.2 % ،وترتفع هذه النسبة أو تقل وفقا لمدى تقدم أساليب التوعية والوقاية والاكتشاف المبكر والعلاج والرعاية للمصابين بالإعاقة، إذن أن يصاب 12.1 % من أفراد المجتمع في المتوسط بالإعاقة فهذا رقم كبير، وتزداد خطورته عندما نعلم أن الأسباب الوراثية للإصابة لاتتعدى 10 % من مجموع المصابين أي حوالي 1.2 % فقط وأما النسبة الباقية وهي حوالي 10.9 من مجموع المجتمع فتصاب بالإعاقة لأسباب مكتسبة أي صنعناها نحن بأيدينا، ويمكن عن طريق الدراسة والبحث والوقاية والعلاج التصدي لها والقضاء عليها، فهل تتخيل أننا بإنشاء أمثال هذا المركز وبالدراسة والبحث ووضع الاستراتيجيات والأساليب الفاعلة نستطيع أن نقضي على الإعاقة لدى 10.9 % تقريبا من سكان العالم وأن ننقذ حوالي عشر المجتمع من هذا الخطر الداهم؟هذا رقم ضخم ومشروع كبير يستحق أن نعمل له وأن نبذل الجهد من أجل تحقيقه وبخاصة ان أساليبنا الخاطئة هي التي صنعته فعليا على الأقل أن نصلح ما أفسدناه.
وفي زيارتي الأخيرة للمملكة العربية السعودية لفت نظري (مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة) وهو –على حد علمي- أول مركز متخصص في الوطن العربي ينشأ لهذا الغرض، ومن اللافت للنظر إيضا أنه مؤسسة غير حكومية أقامها نخبة من الأمراء ورجال الأعمال والعلماء-جزاهم الله خيرا- ، وأنه لا يكتفي بالعلماء والباحثين المحليين بل يستقدم العلماء والخبراء من شتى بقاع الأرض كي يقوموا بإجراء البحوث وإلقاء المحاضرات وتقديم الدورات وورش العمل لتوعية وتعليم وتدريب العاملين بهذا المجال والارتقاء بمستوى أداء أصحاب الإعاقة أنفسهم، ولحفز الباحثين في هذا المجال فقد خصص جائزة قدرها 250 ألف ريال سعودي للأبحاث التي ترشح لنيل هذه الجائزة.
وهو يعتمد في أبحاثه منهجا عمليا غير بعيد عن الواقع، بل ملتصق به، فهو يقوم باستطلاع رأي العاملين في مراكز ومؤسسات رعاية الفئات الخاصة وتعرف المشكلات والقضايا التي تشغلهم أو يعانون منها، ويقوم المركز بإجراء البحوث والدراسات لحل هذه المشكلات ومعالجة تلك القضايا وتيسير العديد من الخدمات لهذه المراكز والمؤسسات العاملة، والحقيقة أن هذا فكر وجهد يستحق منا كل إجلال وتقدير.
أما عن كيف نشئة هذا المركز؟ ومن المؤسسون له؟
وما هي فلسفته، منطلقاته، خدماته و الأنشطة التي يقدمها؟ فهذا أمر شرحه يطول: ولذا فسأخبرك بالموقع الألكتروني لهذا المركز أو هذا الصرح الشامخ كي تتعرف عليه وعلى انجازاته بنفسك: ولهم ولكم التحية:
الموقع هو(www.pscdr.org.sa/ )
بقلم د. احمد مصطفى شلبي
Email: [email protected]
ساحة النقاش