قال الله تعالى في الحديث القدسي على لسان نبيه الكريم (صلى الله عليه وسلم ) :
( إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة ) ( أخرجه البخاري )
ولأنك امتنعت عن الطعام والشراب والشهوة لبعض الوقت في نهار الصيام ، تقربا لربك واتخذت خطوة للأمام في علاقتك به فانظر كيف استقبل ذلك وماذا أعد لك ؟
جعل الله بعض جزاء صومك عنده هو:
<!--أن ينظر إليك نظرة كلها رحمة وحب
<!--أن يكون خلوف فمك حين تصوم أطيب عنده من ريح المسك
فما بالك إذا كان صلاة أو صدقة ... الخ.
<!--أن يجعل الملائكة تستغفر لك
<!--أن يطلب من الجنة أن تتزين لك
<!--أن يخصص لك ولمن معك من الصائمين بابا مخصوصا في الجنة
يسمى باب الريان يدخلون منه .
وقد ورد ذلك وغيره في أحاديث صحيحة منها:
عن سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :
( أُعطيت أمتي في شهرِ رمضانَ خمسًا لم يُعطهنَّ نبيٌّ قبلي :
أما واحدةٌ: فإنه إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ نظر اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم ومن نظر اللهُ إليه لم يعذبْه أبدًا وأما الثانيةُ : فإنَّ خَلوفَ أفواهِهم حين يمسون أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المسكِ، وأما الثالثةُ : فإنَّ الملائكةَ تستغفرُ لهم في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وأما الرابعة : فيأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ جنتَه فيقولُ لها
استعدي وتزيني لعبادي أوشك أنْ يستريحوا من تعبِ الدنيا إلى داري وكرامتي، وأما الخامسة : فإذا كان آخرُ ليلةٍ غُفر لهم جميعًا فقال رجلٌ من القومِ: أهي ليلةُ القدرِ؟ فقال: لا ألم تر إلى العمالِ يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورَهم؟
أخرجه الدمياطي في المتجر الرابح الصفحة رقم: 132 بإسناد لا بأس به . وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنّة ثمانية أبواب، فيها باب يُسمى الريّان، لا يدخله إلا الصائمون ) رواه البخاري، وزاد النسائي : ( فإذا دخل آخرهم أُغلق ، من دخل فيه شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبداً.
فإذا كان الصيام في غير شهر رمضان:
<!--إذا صمت يوما في سبيل الله باعدإ الله وجهك عن النار سبعين خريفا ، كما ورد في حديث النبي (ص) (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً. رواه البخاري ومسلم
قال المناوي في فيض القدير (6/161): "قوله: " سبعين خريفاً ": سنة،-أي نَجَّاه وباعده منها مسافة تقطع في سبعين سنة، إذ كل ما مر خريف انقضت سنة، فهو من إطلاق اسم البعض على الكل" ـ
، وهذا بصيام يوم واحد، فما ظنك بصيام شهر كامل، وهو شهر رمضان؟!
واستمع إلى هذا الحديث الآخر: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام يوماً في سبيل الله تعالى جعل الله بينه وبين النار
خندقاً كما بين السماء والأرض" قال الهيثمي في "المجمع" (3/194): رواه الطبراني في "الصغير"، و"الأوسط" وإسناده حسن،
ب) فإذا كان الصيام في الصيف سقاك الله يوم العطش،
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على سرية في البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذ هاتف فوقهم يهتف: "يا أهل السفينة ! قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبراً. قال: إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أن من أعطش نفسه له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش." قال المنذري: رواه البزار بإسناد حسن إن شاء الله، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب "(1/412)
ت ) فإذا كان اليوم الذي صمته في الشتاء فهي الغنيمة الباردة : فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة. أخرجه البيهقي في "الشعب" عن جابر، عن عامر بن حسنه الألباني في "صحيح الجامع" (2898) وأشار إلى حسنه السيوطي.
وقال عمر رضي الله عنه: "الشتاء غنيمة العابدين." موقوف صحيح على عمر، وهو عند أحمد في "الزهد" (175) وغيره.
وقال الحسن البصري: "نعم زمان المؤمن الشتاء، ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه".
ث) فإذا كان اليوم الذي صمته يوم عرفة فهو يكفر سنتين سنة ماضية وأخرى مستقبلة كما في الحديث عن أبي قتادة (رضي الله عنه ) قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) عن صوم يوم عرفة ، قال؛ ( يكفر السنة الماضية والباقية) (أخرجه مسلم).
ج) وإذا كان هذا اليوم يوم عاشوراء فهو يكفر سنة ماضية
كما في الحديث؛ عن أبي قتادة (رضي الله عنه) قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ( يكفر السنة الماضية ) ( أخرجه مسلم ). كذلك يوم التاسع من المحرم فعن بن عباس ( رضي الله عنهما ) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ؛ ( لئن بقيت إلى قابل لأصوم من التاسع ) ( أخرجه مسلم ). وهذه مجرد أمثلة أما الجزاء الأوفى إلى جانب ما ذكر وغيره فهو لك عند الله الكريم فاستمع إلى هذا الحديث القدسي الجليل: الذي رواه أبو هريرة وأخرجه الإمام مسلم: (كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي.
قال الإمام ابن عبد البر: (كفى بقوله: "الصوم لي " فضلا للصيام على سائر العبادات.(
فإذا كان الصيام فريضة أو نافلة فإليك هذا الحديث القدسي أيضا
(ما تقرب الي عبدي بشيء افضل من اداء ما افترضت عليه وما زال يتقرب عبدي الي بالنوافل حتى احبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ولئن سألني لاعطينه ، ولئن دعاني لاجيبنه ولئن استعاذني لاعيذنه ، وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت واكره مساءته ( رواه ابو هريرة ) (صحيح البخاري).
فانظر إلى هذا الجزاء العظيم لصيام يوم واحد (وهو عمل قد يستقله بعض الناس)لكنها رحمة وفضل الرب الجواد الرحيم بعباده المؤمنين ، فهيا لنجتهد في الطاعات وسل الله الكريم أن يجعلنا أهلا لهذا الفضل (آمين).
وكل عام وأنتم بخير.
ساحة النقاش