من أجلك

خدمة وتنمية المرأة والأسرة العربية .

كتبت: الداعية ألفت مهنا

إرادَتُكَ التَّجْريدَ مَعَ إقامَةِ اللهِ إيّاكَ في الأسْبابِ مِنَ الشَّهْوَةِ الخَفيَّةِ، وإرادَتُكَ الأَسْبابَ مَعَ إقامَةِ اللهِ إيّاكَ فِي التَّجْريدِ انْحِطاطٌ عَنِ الهِمَّةِ العَلِيَّةِ.

الإرادة: طلب الشيء والتعلق بفعله. وهي في التصوف جمرة من نار المحبة في القلب، مقتضية لإجابة دواعي الحقيقة.

والتجريد: التفرغ لعبادة الله وترك الاشتغال بأسباب تحصيل الرزق توكلا على الله وتبتلا له.

إقامَةِ هو الوصف الذي يثبت عليه السالك ويقيم، فإن لم يثبت سمّي حالاً.

السبب (ج. الأسباب): اسم لما يتوصل به إلى المقصود، وفي الشريعة عبارة عما يكون طريقا للوصول إلى الحكم غير مؤثر فيه.

الهِمَّةِ - القوة المنبعثة في طلب المقاصد.

لا شك أن النفس البشرية التي أراد الله سبحانه وتعالي أن يحقق بها مراده في الابتلاء فقد قال سبحانه : {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }
خلقها وجعل لها إرادة تتحرك بها في هذه الحياة وتكافأ عليها في الآخرة وكلما كانت إرادتها موافقة لمراد الله كلما وصلت إلي مراتب القرب منه سبحانه .
وهنا يخاطب سيدي أحمد بن عطاء الله النفوس التي شمرت عن ساعد الجد تريد الوصول إلي درجات الإحسان ولا تري إلا الله مراد لها . مبينا أنه وإن كان أسس في الحكمة الأولي أن الأسباب لا تعمل بذاتها فلا يظن السائر إلي الله أن معني ذلك أنه يدعو إلي ترك الأسباب و لكنه يقول أن الأخذ بالأسباب أو تركها ليس هو الميزان بل الميزان هو ألا يكون لك مراد مع مراده ، فإذا وضعك في حالة الشغل والعمل وأخذ الأسباب ولكنك سمعت عمن يرزقه الله بلا حول منه ولا قوة ومعالجة للأسباب فطاقت نفسك لذلك , يكشفها لك ويقول إنها تجرك وتدعوك لشهوتها الخفية لأنها لا ترضى بما أقامها الله فيه.
وإذا كنت ممن فرغك الله من المشاغل والأسباب وساق إليك رزقك من حيث لا تحتسب ثم شغلتك نفسك بالعودة إلي الأسباب فهي أيضا تهبط بك عما أكرمك الله به من المقام العالي الذي أرادك فيه له وهو أن يكون فراغك له عما سواه .
والسلامة في ذلك أن لا يكون لك إرادة مع إرادته ولكن يكون منه الإرادة ومنك عبودية الرضا و التسليم . فتكون إرادتك به و ليست لك أو له .
ولذلك قال في كتابه التنوير : والذي يقتضيه الحق منك أن تمكث حيث أقامك , حتى يكون الحق هو الذي يتولي إخراجك كما تولي إدخالك , وليس الشأن أن تترك السبب بل الشأن أن يتركك السبب.
اللهم أجعلنا ممن قال سيدنا النبي فيهم : " أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ ، وَلا مُعْطٍ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ ، مَنْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

اللهم إن كان صوابا فمنك ومن مدد سيدنا رسول الله فتقبله مني
وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان فاغفره لي. أمين.

المصدر: الداعية ألفت مهنا - مجلة من أجلك

ساحة النقاش

من أجلك

menaglec
من أجل تنمية المرأة والأسرة العربية ومشاركتها اهتماماتها المختلفة. »

ابحث

تسجيل الدخول