تدريس الكتابة:
من الأهمية بمكان ممارسة الكتابة في أغراض مختلفة، وأنواع متعددة تتعدد فيها سياقات الاستخدام مستمدة مادتها من الحياة؛ ليتعلم كيف تختلف الكتابة باختلاف طبيعة القراء، ومن زاوية ثانية فإن خصائص الكتابة الجيدة تتفاوت بين مجالاتها فالتقرير العلمي يختلف عن التاريخ لموضوع أو ظاهرة. وتزود هذه المعارف مجال تعليم الكتابة يجب الوعي بها عند تدريس الكتابة:
<!--تحديد أنواع مختلفة من القراء وربط هذا باستيعاب أن أغراض الكتابة تنشأ عن اختلافهم.
<!--إن استراتيجيات الكتابة تهدف إلى جعل المتعلم شريكا في المجتمع وليست مجرد عمل مدرسي.
جـ- ترتبط الكتابة عن النفس بالنمو الشخصي للمتعلم.
د- يجب الاهتمام بأغراض الترفيه والاكتشاف.
هـ- الأشكال الملائمة للمجالات الأكاديمية المختلفة وأغراضها والعلاقات بينها هي التي تخلق هذه الأشكال.
و- على المنهج أن يوفر فرصا كافية لممارسة الكتابة في هذه الأغراض.
ويتصل بهذه الجوانب النظر للكتابة على أنها ليست إثباتا لأن الطالب أدي ما هو مطلوب منه بقدر ما هي عملية تتفاوت خصائصها بتفاوت المجالات مما يقتضي:
<!--فهم أغراض الكتابة والأشكال الناشئة عنها.
<!--التدريب على الاستراتيجيات والمهارات التي تجعل الطالب يشارك بفاعلية في مجتمع ديمقراطي.
<!--تشجيع استخدام الكتابة كأداة للنمو الشخصي وانعكاس للتفكير.
<!--الأشكال الجمالية والفنية لكتابة النصوص الأدبية.
<!--تنظيم المناهج الدراسية بالشكل الذي يزود الطلاب بالتعليم الكافي ليكتبوا في الأغراض المختلفة للكتابة.
<!--التدريب على قواعد مراجعة النصوص المكتوبة.
فالكتابة مجال معقد للتعليم والتعلم لتضمنها العديد من المهارات التي يمكن تطبيقها بطرق مختلفة وهي مؤسسة على اللغة الشفوية إلا أنها تمتاز بأغراضها الفريدة ووظائفها المتنوعة، في الوقت الذي لا تعتمد فيه – كاللغة الشفوية – على التعليقات الشفوية واللاشفوية ولا تقدم الكثير من الأفكار السياقية للمساعدة في عملية الاتصال (Chafe&Tannen,1987p383)كما أنها تتطلب في إطار مقارنتها باللغة الشفوية تحديدا أكثر في الاستعمال اللغوي لتعويض ما توظفه اللغة الشفوية من متابعة آنية لمدى تقبل الملتقى واستيعابه ودعم ذلك بالتعبيرات الملمحية، ومن ناحية أخرى الإحساس بالجمهور الغائب لحظة الإنتاج الكتابي (Boscolo&Mason,2001pp83-48).
وتختلف الكتابة عن المجالات الأكاديمية الأخرى في أن مهاراتها تعمل متزامنة، ففي القراءة مثلا يمكن تنمية مناطق معينة في مهاراتها كالسرعة في القراءة، في الوقت نفسه فإن مكونات الكتابة أكثر مرونة مثل اختيار الكلمات وبناء الجمل وتنظيم الفقرات، أي أن متطلباتها مختلفة ومتغيرة في آن واحد وفقا للمهمة الكتابية (رسالة – تقرير – موضوع علمي ) كما أن العمليات معقدة في علاقاتها؛ مما يستلزم الانتباه إلى العديد من العمليات والتفاصيل عند عملية الإنشاء (Macarthur,Graham&Fitzgerald,2006pp21-23 ).
إن بناء قابليات لإنجاز التطبيقات الكتابية المتنوعة يستلزم تطوير مهارات التعلم الذتية أو المراقبة الذاتية لإكمال الطلاب للعملية بمفردهم، وهذا يتطلب معرفة عامة حول استراتيجيات إنجاز تعلم المهام، وفهم أن المهمة تحتاج إلى مراقبة استعمال الإستراتيجية وتقييمها، ومعرفة أن الاستعمال الحقيقي للكتابة يرتبط بتنفيذ مهمة معينة، وأخيرا فإن الحافز يسهم في وضع المعرفة موضوع التنفيذ.
وهذا يقود إلى تحديد المطلوب إنجازه:
<!--توليد الأفكار السليمة
<!--تجميع البيانات والمعلومات من مصادر الاتصال المختلفة وتقييمها
<!--استعمال الكتابة للأغراض الخاصة، وتعديل الكتابة لموافقة الجمهور
<!--المشاركة في نقد كتابات الآخرين.
وهذه المعطيات تقود إلى تحليل مكونات الكتابة، في محاولة لاستقصاء جوانبها المختلفة، ولتوضيح الأبعاد التي تعالجها الدراسة الحالية، كما أن هذا التحليل يوجه الأنظار إلى الكيفية التي تتفاعل بها هذه المكونات:
تتطلب الكتابة بناء وشحذ كفاءة في منطقتين واسعتين هما الشق اليدوي من عملية الكتابة أو ما يسميه البعض الكتابة الميكانيكية، والشق الثاني هو العمليات المتضمنة في الكتابة، وتحليل هذين الشقين يوقفنا على:
<!--التهجي السليم للكلمات
<!--الإدراك الرمزي
<!--المبدأ الأبجدي ( علاقة الرموز بالأصوات )
<!--التمييز البصري
<!--تعرف قواعد الكتابة وفهمها
<!--تذكر القواعد التي تحكم كتابة الكلمات بانتظام وبغير انتظام
<!--الفهم اللغوي للكلمات
<!--فهم الأنماط القواعدية
<!--علامات الترقيم
<!--نظام الفقرة في الكتابة
<!--فهم القواعد الدلالية وتطبيقها
ثانيا: أما بالنسبة للعمليات المتضمنة بالكتابة فهم معينة بمضمون عملية الكتابة وهي تشمل:
<!--التخطيط للكتابة وتحريرها
<!--توليد المعلومات وتنظيمها
<!--تصوير المهام المختلفة المرتبطة بالكتابة وتطبيق مهاراتها
<!--ذاكرتين طويلة المدى وقصيرة المدى
<!--استرجاع المعرفة
<!--ترجمة المعلومات الإدراكية لغويا
<!--فهم أهداف الكتابة
<!--معرفة خطوات الكتابة
<!--استعمال أدوات الكتابة وتنظيمها لإنجاز الهدف منها
<!--فهم قواعد الكتابة وتطبيقها من حيث:
<!--تصريف الكلمات
<!--تركيز الجمل والفقرات حول الموضوع
<!--تنظيم المعلومات من العام إلى الخاص
<!--فهم منظورة الآخرين
<!--تحرير النص بتطبيق ميكانيكيات الكتابة
<!--القدرة على تحديد الأخطاء وتصويبها
<!--القدرة على مراقبة النص ومراجعته
<!--القدرة على مراقبة التقدم الخاص في الكتابة
<!--تنظيم عملية بناء النص بشكل عام
إن تحليل الكتابة على النحو السابق يتطلب اقترابا منظما من المراحل التطورية لعملية الكتابة في محاولة لتأصيل هذه الجوانب ووضع تصور لبرنامج تعليم الكتابة. إلا أن إشكالية تطرح نفسها في هذا المجال وهي النظر للكتابة على أنها توليد للأفكار وتشكيلها من منظور، وتطبيق قواعد الكتابة من منظور آخر فمن المهم أن تكون الكتابة متوافقة مع القاعدة، وأن يكون الطالب قادرا على إنتاج نصوص صحيحة، لكن السؤال ماذا لو أن الطالب لما يتمكن من قواعد الكتابة ؟ وعليه فما قيمة نص أجوف فارغ من الفكر أو غير مناسب لجمهور القراء أو غير متسق مع الغرض من الكتابة ؟ (The Writing Study Group of Ncte,2004pp11-13)
من الواضح أن المسألتين مهمتان، وأن تطويرهما يجب أن يحدث بشكل ما، إلا أن الواقع ونتائج الدراسات يشيران إلى أن تطورهما لا يحدث بالدرجة ذاتها، فإذا كان الطالب يتعلم طرق التفكير الخلاق، وينتج نصوصا تتطلب التعامل مع محتوى غير مألوف فإن وقوعه في بعض الأخطاء – وفقا لمبدأ المعنى قبل الفظ في تعليم الكتابة – أمر مقبول ذلك أن الطاقة العقلية مركزة على التحديات الثقافية الجديدة، فمثل هذا النمو غير المتكافئ يجب أن يتقبل في مراحل تنمية الأداء الكتابي، ذلك أن التركيز الزائد على قواعد الكتابة يمكن أن يحول دون حدوث تطوير فيها، وعلى مستوى آخر فإن عدم إتقان قواعد الكتابة يؤدي إلى كتابة ضعيفة فكريا (Fearn&Farnan,2005p68).
في هذا الصدد قارنت دراسة نوتشي Noguchi 1999 بين مداخل ثلاثة لتعليم القواعد واستعمالها ضمن سياق الكتابة؛ الأول ركز على القواعد واستعمالها من خلال تدريبات، والثاني ركز على قضايا التعبير الذاتية دون معالجة القواعد، والثالث وازن بين التدريب على القواعد والتعبير، وجاءت النتائج لتشير إلي أن المدخل الأول تطلب وقتا لإنتاج كتابة جيدة، كما أن تدن في مهارات للكتابة اتضح في أداء الطلاب عزى إلى عنصر الوقت. أما المدخل الثاني فوفر للطلاب مساحات للكتابة بغض النظر عن الأسلوب، وأرجع السبب في تحسين النتائج إلى تحرر الطالب من قيود القواعد. وبالنسبة للمدخل الثالث فأوضحت النتائج أن الطلاب راعوا المبادئ الأساسية للكتابة، إلا أن قصورا في استعمال القواعد لدى الطلاب (Nogychi,1999 pp2-3).
وتشير الدراسة إلى انه لا ارتباط بين تدريس قواعد الكتابة ( نحو وأسلوبا وإملاء ) في العزلة وتطبيق تلك المعرفة في الكتابة، وذهبت إلى أبعد من ذلك موضحة أنه إذا كان الهدف تعليم الكتابة فإن النظر للقواعد هدر للوقت، وهذا الأمر يحتاج لوقفة فأمر القواعد وتطبيقها لا يقل أهمية عن الكتابة ذاتها إلا أن موضوع معالجاتها يحدث في مرحلتي التحرير والمراجعة، وهذا ما أكدت عليه دراسة (Abdulmoneim 1996) حيث أوضحت أن عملية تنقيح المكتوب، وتركيز تعليم الكتابة على الإنتاج الكتاب لا على أخطاء الكتابة من شأنه أن يحسن القواعد واستعمالها؛ ذلك أنه يحتاج إلى تعلم اللغة لا وصفها، كما أن مناط التركيز يجب أن ينصب على استراتيجيات وأوصاف المتعلمين لا على اللغويتين، وأن النظر إلى القواعد وتطبيقها يأتي في مرحلة تالية لتوليد الأفكار وتنظيمها وصياغتها (Abdulmoneim، 1996 pp22-23).
وحل هذا التشابك يمكن أن تتحدد ملامحه في وجوب تطوير العمليتين بشكل متزامن، وأن تعلم قواعد الكتابة عبر سياقات بدلا من التعامل مع الجوانب اللغوية متمثلة مهارات الكتابة بمعزل عن الجوانب المعرفية. من هنا استعراض مراحل النمو اللغوي من شأنه الإسهام في بناء برنامج يتحقق من خلاله إحداث التطوير المرجو في الأداء الكتابي (Hand، Hohenshell & Prain، 2005 pp186-199).
ساحة النقاش