طبيعة الكتابة:
الكتابة جزء متكامل من النمو اللغوي والمعرفي، وهي تحدث في عدد من السياقات الموقفية والاجتماعية لتخدم عددا من الأغراض ويرتبط فيها السياق بالهدف في حالات كثيرة، ويتغير بتغير مظاهر النمو، فالمتعلم يطور رؤى حول الكتابة قبل التعليم الرسمي وأثناءه لأن طبيعتها الكامنة بجانب ما يتعلمه بشكل صريح يكسب المتعلم عددا من سماتها المتفردة، مما يؤكد الطبيعة المعرفية اللغوية للكتابة من جهة، وكونها عملية تكاملية من جهة أخرى (Bruning&Horn,,2000 ppn25-30) والملاحظ أن النشاطات الكتابية الطارئة أكثر اجتماعية خاصة في مراحل التعليم الأولى، أما في المراحل المتقدمة فتركز الكتابة على الجمهور والوظيفة، وتكون – في الغالب – على شكل تلخيص أو تحليل أو عمل تقرير وتكتب للمعلم – بشكل أساسي – كفاحص، ومصدر المعلومات في معظمها – من المعلم أو الكتب المقررة (Bangert,Hurley&Wilkinson 2004 p29).
والكتابة الجيدة ليست خيارا بل هي ضرورة كالفهم القرائي، وهي متطلب أساسي للنجاح الأكاديمي والاشتراك في الأنشطة في الحياتية بفاعلية، ذلك أن أكثر سياقات الحياة تتطلب مستوى من المهارة في الكتابة، وهي طراز تتداخل فيه عوامل مختلفة، وتتأثر بمؤثرات متباينة فالكاتب الماهر هو الذي يكيف كتابته مع السياق الذي يكتب فيه.
وتعد الكتابة بداية استجابة لمثير يجعل الكاتب منعزلا عمن حوله، هذه الاستجابة لمن حولنا وللعالم من حولنا عن طريق الكتابة تمثل سياقا اجتماعيا؛ لأن الكاتب يكتب لجمهور أي أن الكاتب لابد أن يكون لديه إحساس حول توقعات القارئ في الوقت نفسه يكتب لأنه يريد الكتابة. إن فهم البعدين الاجتماعي والبلاغي يوجه الكاتب ليحدث هذا التوافق فالعملية – إذن – اتخاذ قرار لإحداث هذا التوفق الذي تتعدد أطرافه ( المثير – المتلقي – الأفكار – اللغة ) ( Levy، 1996 p32) من زاوية ثانية تعد الكتابة وفق هذا المنظور عملية خطية فالكلمات والجمل يجب أن تسلك طرقا معينة لتكون مفهومة لدى القاري.
والكتابة عملية معقدة ذات طبيعة مبهمة، كما أنها عملية مرنة واكتساب مهاراتها عملية صعبة المنال فهي ليست كالمهارات الأكاديمية الأخرى، فلا يستطيع المتعلم أن يكتب بطلاقة من مرة واحدة؛ ذلك أن الخطاب الكتابي ليس آلة لإنتاج الكلام المكتوب، أو نطاقا منظما للمخطوطات الذهنية، والتحليل والمقارنة. ومن منظور آخر فإن الكتابة تفسح للتفكير مجالا لقيب الفكرة في أكثر من اتجاه من خلال عمليات الفحص وإعادة النظر، وهي بذلك وسيلة تعبير عن الفكر يمكن ان تنقل إلى القاري أحاسيس متنوعة، كما أنها تنقل ما تدركه الحواس المختلفة تعبيرا عن هذا الإدراك (Langer ,1987 pp98-99).
فالكتابة إذا ليست عملا سهلا في أدائه، ولا بسيطا في مكوناته، فهي تتفاوت في الشكل وطريقة الإنتاج طبقا لطبيعة المكتوب ونوعية المستقبلين، فعمليات الكتابة وطرق التفكير التي تؤدي إلى كل هذه الأغراض متفاوته فصياغة بريد الكتروني إلى صديق تختلف عن كتابة رسالة في المضمون والفكرة والألفاظ فالأغراض تتشكل وتنمو وتخلق علاقات بين الكاتب والقارئ المحتمل، وتعكس مستويات في استعمال اللغة، وفرضيات حول المعرفة والتجارب المشتركة، مما يجعل الكاتب منشغلا بالتفكير فيما يعتقده القراء، ومركزا على الأفكار كيف يولدها ؟ وعلى المعلومات كيف ينظمها ؟ والجوانب الوجدانية وكيفية توظيفها في خدمة الغرض من الكتابة، أي أن التفكير والإجراءات والصياغة النهائية تتفاوت بين الكتاب (Keys، 2000 p676 -690 )
وفي سياق متصل يمكن النظر للكتابة على أنها عملية تكرارية يتحرك فيها الكاتب ضمن مكونات عملية الكتابة حسب الضرورة إلا أن كل كاتب يستعملها على نحو مختلف، فعندما يقرر الطالب ما سيكتبه محتفظا بأسبابه الخاصة للكتابة، مختارا للموضوع من تجاربه الخاصة مثلا، فإن هذا يدفعه للإحساس بملكية هذه الفكرة، مما يروج لقضية الالتزام والاهتمام المستمرين، وعندما يحدد جمهور الكتابة فهو مطالب بعرض الموضوع بشكل ملائم وعملي. إن طرفي القضية ملكية الفكرة وارتباطها بأهمية تجويد المنتج الكتابي، وقارئ له أهداف يجب مراعاته، وعليه فإن كل الكاتب يخطط لكتابته ويحررها ويراجعها ويطور عملية كتابة فردية، ويكتسب قدرات الكتابة بالممارسة والتكرار، ويمكن أن يكتسب مهاراتها ضمن سياق الأداء (Macarthur,Granam&Fizgerald,2006 pp20-21).
ساحة النقاش