لما كانت فنون اللغة تمثل المحتوى اللغوي للكتاب المدرسي في ضوء مدخل الاتصال اللغوي؛ فسوف يتناول الباحث كل فن من هذه الفنون بشيء من التفصيل مع إبراز المهارات اللغوية لكل فن والتى يسهم فى تنميتها الكتاب المدرسي للغة العربية ، فإلى تفصيل ذلك:
أولاً : الاستماع :
أهمية الاستماع في تعليم اللغة العربية :
إن من يتدبر آيات القرآن الكريم يجد أن الله تعالى يركز فيها على "طاقة السمع" ويجعلها الأولى بين قوى الإدراك والفهم لدى الإنسان، فيقول سبحانه وتعالى :( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )النحل :87
ومما لا شك فيه أن تقديم القرآن الكريم السمع على البصر فى آيات كثيرة يدل دلالة قاطعة على أهمية حاسة السمع وعلى أنها أرقى وأرهف من حاسة البصر، وهذا لا يختلف مع ما أورده علماء التشريح من أن السمع يمتاز على البصر بإدراك المجردات كالموسيقى، وأيضا قدرة هذه الحاسة على التفريق بين التداخلات؛ فالأم مثلاً قد يتوه عنها طفلها بين الزحام ولكنها تستطيع أن تميز صوت بكاء طفلها من بين آلاف الأصوات.
هذا وقد فرق العلماء بين السماع والاستماع والإنصات، "فالسماع هو مجرد استقبال الأذن لذبذبات صوتية من مصدر ما دون إعارتها انتباهاً مقصوداً، أما "الاستماع" فهو مهارة أعقد من السماع لأن المستمع يعطى فيها انتباهاً مقصوداً، أما "الإنصات" فهو تركيز الانتباه على ما يسمعه الإنسان من أجل هدف محدد أو غرض يريد تحقيقه؛ ولذا يمكن القول أن الفرق بين الاستماع والإنصات فرق فى الدرجة فقط .
ويستخلص مما سبق أن الاستماع حاسة مهمة تسهم في تعليم اللغة واكتسابها وما يعانيه طلاب الجامعة من عدم قدرتهم على تتبع الأساتذة المحاضرين دليل على أنهم لم يتقنوا مهارات الاستماع في مراحل التعليم السابقة ، ويدل أيضا على إهمال فن الاستماع في المستويات الأولى لغير الناطقين باللغة العربية حيث يستعيضون عنه بفني القراءة والكتابة، وهذا أمر يدعو إلى الدهشة، ويؤدى إلى ضرر بالغ، فمهارة الاستماع قد تكون من أهم وسائل التحصيل لدى طلاب المستويات الأولى .
وانطلاقاً من أهمية الاستماع في تعليم اللغة العربية في المستوى الأول يرى الباحث ضرورة تدريب المتعلم في المستوى الأول على إتقان هذه المهارات من خلال محتوى الكتاب المدرسي للغة العربية الذي ينبغى أن يكون الأداة الأولى فى تعليم الطالب الاستماع وإتقان مهاراته، لما له من مكانة مهمة بين عناصر المنهج.
ولما كان فن الاستماع من أهم الفنون الأربعة فى تعليم اللغة، لأنه يتصل اتصالاً وثيقاً بباقى الفنون ويتأثر ويؤثر فيها لأن اللغة بصفة عامة واللغة العربية بصفة خاصة تعتمد على التكامل بين فنونها، أصبح لازماً على الباحث أن يوضح مدى تكامل فن الاستماع مع فنون اللغة الأخرى.
الاستماع والتكامل بين فنون اللغة العربية:
انطلاقاً من أهمية الاستماع في تعليم اللغة العربية وأن الأصل في التواصل باللغة هو المشافهة يجدر القول بأن مهارة الاستماع تكمن فعاليتها في تفاعلها وتكاملها مع المهارات الأخرى، فليس من الطبيعي أن تفضل مهارة الاستماع على غيرها من المهارات، وإن كانت هي الوحيدة التى تسود موقف بعينه، لأن ذلك لا ينفى وجود المهارات الأخرى فعندما يوجه الكتاب المدرسي للغة العربية مثلاً المتعلم أن يستمع إلى نشرة الأخبار فإن ذلك لا ينفى وجود مهارة التحدث، وفى تعليم القراءة وجد أن القدرة على الاستماع ترتبط ارتباطا وثيقا بالنجاح في القراءة لأن الاستماع والقراءة متشابهان وكلاهما يشمل استقبال الأفكار من الآخرين، كما أن ترتيب الفنون من حيث وجودها الزمني يدل دلالة قاطعة على تكاملها مع الاستماع، فالطفل يبدأ بعد الولادة فى تعرف الأصوات المحيطة، وفى نهاية العام الأول يبدأ النطق ومع بداية التعليم فى المدرسة يستخدم محصلة الأصوات المسموعة لديه في التمييز بين أصوات الكلمات المكتوبة، فيقرأ ويكتب.
ويستخلص الباحث مما سبق أن الاستماع لا غنى عنه لظهور الكلام والقراءة والكتابة ولاسيما فى المستويات الأولى لتعليم اللغة العربية خصوصا غير الناطقين بها ؛ لذا ينبغي أن يهتم كتاب اللغة العربية في المستوى الأول بتقديم هذه المهارات بشكل متكامل ومتوازن.
المهارات الأساسية للاستماع والتي ينبغي أن يسهم في تنميتها :
من الجدير بالذكر أن هناك عدة معوقات للاستماع يجب تلافيها حتى يستطيع طالب المستوى الأول إتقان هذه المهارات مثل : التشتت، الملل، عدم التحمل، التحايل، البلادة، التسرع.
كما ينبغي أن يراعى الآتي: حسن اختيار المكان، وضبط النظام، وربط المادة المسموعة بخبرات المتعلمين، وتوضيح معاني الكلمات، كما ينبغى تحديد الهدف من الاستماع وتحديد الأخطاء الواردة، وتوجيه المتعلمين إلى الإصغاء المهذب، والتفاعل الجيد، واستخدام اللغة الفصحى قدر الإمكان.
وبعد تلافى معوقات الاستماع وتوافر العوامل السابقة ينبغي أن يسهم كتاب دروس اللغة العربية في تنمية قدرة المتعلم على :
• أن يتعرف على الفكرة الرئيسة للحديث.
• أن يميز بين نغمة التأكيد والتعبيرات ذات الصيغة الانفعالية.
• أن يميز بين الأصوات اللغوية.
• أن يربط بين الكلمة ومعناها.
• أن يستخدم كلمات مما يسمع فى تعبيره حديثاً وكتابة.
• أن يقدر مشاعر المتحدثين ويجامهلم عند الحديث معه.
د وجيه المرسي د/ محمود عبد الحافظ
ساحة النقاش