الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يستند هذا الأساس على ما يزودنا به علم النفس التربوي من نظريات التعلم ومبادئه إجابة عن السؤال : كيف يتعلم الإنسان؟. ومن ثم كيف تتم عملية تعلم اللغة وتعليمها ؟ ويحتاج مخطط منهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والقائم على بنائه أن يعود للمصادر التي تتناول المبادئ النفسية والتربوية لتعلم اللغات الأجنبية، وللكفايات التي تتناول عملية اكتساب اللغة حتى يتسنى له مراعاة ذلك في كل عناصر المنهج، وسنكتفي هنا بإشارات موجزه لبعض مبادئ التعلم في عملية تعليم اللغة وتعلمها، وهي أن :
أ) نوعية الخبرات اللغوية ومواقف تعلم اللغة هي التي تحدد نوعية التعلم المطلوب والعكس صحيح.
ب) المواقف والخبرات اللغوية لا تكون ذات فعالية في مساعدة المتعلم على اكتساب اللغة إلا إذا كانت في مجموعها ذات معنى ودلالة، ووظيفية بالنسبة للمتعلم ومرتبطــة بأغراضه من تعلم اللغة.
ج) مواقف تعليم اللغة يجب أن تعتمد على استغلال نشـاط الـدارس ومشاركتـه فـي الممارسات اللغوية، وفعاليته في التجرؤ على استعمال اللغة دون خوف من خطأ، أو خجل من ضعف أو قصور في الأداء اللغوي.
د) الموقف الجيد لتعليم اللغة وتعلمها يعتمد على شمول وتنوع الخبرات اللغوية، إذ يجب أن يتضمن الموقف استماعاً وكلاماً وقراءة وكتابة، كمـا يتضمـن أنشطـة مرئيـة وصوتية، وحوارات ومناقشات، ولعب أدوار ومعامل وتدريبات... إلخ.
هـ) تنظيم خبرات تعلم اللغة يجب أن يكون في صورة قابلة للتعلـم مـن وجهـة نظـر الدارسين، فقد نبدأ من البسيط إلى المعقد، أو من السهل إلى الصعب، أو من الجزء إلى الكل، أو من الكل إلى الجزء، أو قد نبدأ بالأصوات ثم أشكال الحــروف ثـم الكلمات ثم الجمل.. إلخ، وقد نبدأ بالجمل ونتجه إلى الكلمات ثم إلى الحروف.. إلخ. المهم أن يتفق تنظيم المادة وتتابعها مع طبيعة الدارسين بحيث تكون قابلــة للتعلـم لديهم.
و) تعلم اللغة يكون أكثر فاعلية وتحقيقاً لاكتساب اللغة وممارستها حين يوجــه المعلـم الدارسين ويثير اهتمامهم وينمي ميولهم، ويوقظ حاجاتهم وأغراضهم ويوجه تدريسه نحو ما يشعرهم أنهم يتعلمون ما يشبع حاجاتهم ويحقق أغراضهم من تعلم اللغة.
إن معرفة من يقوم بوضع منهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بكل من النظام الصوتي والصرفي والتركيبي والدلالي للغة العربية، وتمكنه من خصائص العربية والصعوبات التي يمكن أن تواجه متعلميها من غير الناطقين بها وما تكشف عنه الدراسات التقابلية، كل هذا يجعله قادرًا على توصيف المحتوى اللغوي واختياره بشكل يتناسب وقابليته للتدريس والتعلم، ويجعل الصياغة اللغوية متناسقة مع خصائص اللغة متجنبة ومعالجة للصعوبات التي يمكن أن تواجه المتعلم.
وإذا أعدنا النظر في هذه الأسس الخمسة نكتشف أنها تترابط وتتكامل في علاقات تأثـير وتأثر، فهي أشبه ما تكون بالبناء الخرساني المتماسك، والذي إذا سقط منه عمود تهاوى المبنى كله. فالأساس الأول، وهو الخبرة اللغوية لا يمكن أن تتـحدد وتخـتار دون أن تسـتند إلى الثقافة العربية الإسلامية، لأن اللغة تحمل ثقافتها ؛ أي ثقافة ناطقيها وهو الأساس الثالث. كما أن هذه الخبرة اللغوية بمحتواها الثقافي لا يمكن أيضاً أن تختار وتعد بشكل سليم إلا في ضوء طبيعة وخصائص متعلميها من غير الناطقين بها، إذن فالمتعلم يؤثر في الخبرة اللغوية والثقافية المقدمة له، كما أن هذه الخبرة تؤثر في المتعلم من حيث هي وسيلته لتعلم اللغة. بالإضافـة إلى ذلك لابد أن تكون الخبرة اللغوية والثقافية المقدمة في المنهج قابلة لأن تعلم وأن تتعلم في الوقت نفسه، لذا يأتي الأساس الخامس، وهو دراسة طبيعة عمليتي تعليم اللغة واكتسابها ليحدد لنا مدى قابلية الخبرة للتعلم. يحكم كل هذا طبيعة اللغة العربية وخصائصها، وهو الأساس الثاني، بمعنى أن هذه الخبرة اللغوية مستمدة من اللغة ولابد أن تتسق هذه الخبرة مع طبيعة اللغة وخصائصها وإلا كنا نعلم خبرة لغوية غير منسوبة للغة بعينها، لذا فإغفال أساس من هذه الأسس عند إعداد منهج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين يؤدي إلى قصور في المنهج وفشل في تعليم اللغة وتعلمها.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 576 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,614,823