هناك فرق كبير بين تعليم اللغة لأبنائها , وتعليمها لغير أبنائها . وقليل من الناس من يعرف ذلك, حتى بين المتخصصين في الدراسات العربية . من الذين لم يتح لهم فرصة لدراسة علم اللغة التطبيقي .
وينبغي أن يختلف الكتاب التعليمي, لتعليم العربية لغير الناطقين بـها عن الكتاب المدرسي لتعليم العربية لأبنائها, من حيث الغرض والبناء والوسيلة . ولكننا أغفلنا هذه الفروق الأساسية زمنا طويلا , وكنا – وما زلنا مع الأسف – نبعث بالكتب التي نستعملـها في مدارسنا العربية إلى البلدان الشقيقة غير العربية, التي تطلب مساعدتنا في تعليم لغتنا في مدارسها .
وبصورة عامة يكمن الفرق الجوهري بين الكتاب المدرسي المخصص للعرب والكتاب المدرسي المخصص لغيرهم في أن الأول يستعمله تلاميذ ينتمون إلى الثقافة ذاتـها ويتكلمون اللغة العربية التي يتعلمونـها , أما الثاني فيستعمله طلاب لا ينتمون إلى الثقافة نفسها ولا يعرفون اللغة العربية. فإذا كان الكتاب الأول ينبغي أن يقوم على نتائج التحليل التقابلي للغة العربية الفصحى ولهجة التلاميذ , ودراسة بيئتهم , فإن الكتاب الثاني قد يحتاج إلى التحليل التقابلي للغة العربية ولغة التلاميذ بحيث تحدد ما تتفق فيه اللغتان، وما تختلفان فيه للاستفادة من ذلك في معرفة الصعوبات التي يواجهها التلميذ في تعلم تراكيب العربية ونظامها الصوتي، كما يجب أن يتخذ هذا الكتاب بيئة الطالب ومجمل حضارته منطلقا له في تقديم الحضارة العربية الإسلامية.
وهذا يعني أن الكتاب الذي يصلح لتدريس اللغة العربية لأبنائها قد لا يصلح لتدريسها لغير الناطقين بـها .
ومنا زالت بعض الحكومات العربية تمدّ يد العون إلى المسلمين الراغبين في تعلّم اللغة العربية بمدرسين من ذوي الخبرات في تعليم اللغة العربية ؛ ولكن – ويا للأسف – خبرتهم كبيرة في تعليم اللغة العربية لأبناء العرب، وليس لغير الناطقين بـها، وكثير منهم لا يظنّ أنّ هناك فرقا بين النوعين من الدارسين؛ ولذا فجهودهم – مع اجتـهادهم الكبير – نجاحها قليل؛ للفرق الكبير بين الطالب العربي والطالب غير العربي, في تعلّم اللغة العربية.
وإعداد مواد اللغة لغير الناطقين بـها صعب, لأنه يحتاج إلى ضبط كل شيء, فضبط المفردات والتراكيب يجعل من الاعتماد على النصوص الأصلية أمراً صعباً , ويجد المعدّ نفسه مضطراً إلى التدخل وصياغة الموضوع أو جزء منه بنفسه .
وليس باستطاعة كل أحد إعداد موادّ بهذه الصفة , بل لا يدخل في هذا الميدان إلا من تخصص في علم اللغة التطبيقي وتمرّس في هذا الميدان .
وأمّا عن الحاجة إلى التقابل اللغوي وتحليل الأخطاء عند إعداد مواد اللغة، فإنّ الأمر يختلف, فإن كانت هذه المواد موجّهة إلى بيئات مختلفة وأصحاب لغات مختلفة , كما هو الشأن في معاهد اللغة العربية, فإنه لا حاجة لهذين العلمين , ولا فائدة من الاستعانة بهما مع تعدد اللغات وكذلك إذا أريد لهذه المادة أن تنتشر في أكثر من بيئة. وأما إذا أعدت هذه المواد لبيئة لغوية واحدة , فإن الاستعانة بالتقابل اللغوي وبتحليل الأخطاء قد يفيد , ولا سيما فيما يخص عملية التدرج في التعليم , والبدء بما هو متوافق مع لغتهم من العربية ، وتأخير ما هو مختلف .
نشرت فى 20 إبريل 2012
بواسطة maiwagieh
الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية: ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م. دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م. ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,661,758
ساحة النقاش