هناك اتجاهان في تقديم الثقافة الأجنبية ، بما في ذلك تقديم الثقافة العربية الإسلامية، هما :
1- تخصيص وقت لتعليم الثقافة.
2- عدم تخصيص وقت لذلك.
حيث يكون الدارسون غير قادرين على استيعاب الثقافة من خلال استخدام اللغات الأجنبية التى يتعلمونها . ومعنى هذا أن الاتجاه الأول يمكن الأخذ به في المراحل المتقدمة من تعليم اللغة ... ومن هنا كان التدريس بالاتجاه الثاني أفضل وذلك لأننا لا تهدف إلى تدريس الثقافة في حد ذاتها , بل نهدف إلى تدريس اللغة من خلال محتواها الثقافي إذ أن هدف تعليم اللغة الأجنبية ليس الإشباع الفكري فحسب , بل إن الهدف الأساسي والأهم هو الاتصال.
تمثيل الثقافة العربية الإسلامية في تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية:
من الأفضل أن ذلك يتم من خلال مواد المهارات اللغوية من قراءة ومطالعة, أو محادثة أو حوار, وقواعد نحوية أو نصوص أدبية , أو إملاء وخط مما يجعل الموضوعات المختارة فيها الاستشهاد والتمثيل بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية لأنها أعلى درجات البلاغة والإحسان فى القول, على ألا يؤدى ذلك إلى المبالغة والتكلف ولا بأس كذلك من إيراد نصوص من الأمثال والحكم البليغة .
فمادة القراءة والمحادثة والنصوص يلاحظ في أهداف تعليمه، فضلا عن زيادة المعلومات والمفردات , والثروة اللغوية , وفى مستوى التعبير , وتذوق الجمال, ويلاحظ فيها الاختيار الهادف فى عرض سير الصالحين والعظماء , وتارخ حياتهم , ونماذج من أخلاقهم وسلوكهم, للتعريف بهم مثلا وقدوة فى السلوك
وفى المحادثة والحوارات مثلا حين يتدرب الدارس على نماذج من الصيغ والتراكيب التى تدور في الحديث اليومي , يحسن أن تستمد من الآداب الإسلامية , كذلك التحية اليومية في الحال والترحال هي السلام عليكم والدارس حين يتعلمها يتعلم – بالإضافة إلى أسلوب التحية اليومي – تعبيرا إسلاميا .
وفى النحو يجدر انتقاء الأمثلة من القرآن والسنة لتنمو في الدارس خلال ذلك روح الإسلام والصفات الحميدة . إلا أن انتقاء الأمثلة في النحو من القرآن الكريم ليس من الصواب – وخصوصا في المستوى الأول- . ذلك لأن أسلوب القرآن الكريم أسلوب بليغ فوق قدرة المتعلم في المرحلة الأولى .
معايير اختيار نصوص الثقافة الإسلامية في كتب تعليم اللغة العربية لغير الناطقين .
عادة ما يواجه المسئولون عن البرامج التعليمية إشكالية تؤرقهم ألا وهي إعداد المواد التعليمية تلك التي غالبا ما تأخذ شكل الكتاب, ولعل هذه الإشكالية راجعة إلى أن أيا من العمليتين – الإعداد والتأليف تحتاج إلى مجموعة من المعايير والضوابط والمواصفات التي بدونها تصبح كلتاهما عملية غير علمية.
لذلك توجد معايير خاصة لانتقاء نصوص الثقافة الإسلامية في الكتاب المدرسي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها , تتحقق من خلالها الأهداف المنشودة , وهذه المعايير تقع في أربعة مباحث:
المعايير الثقافية :
اللغة والثقافة يسيران جنبا إلى جنب , وينظر إلى الثقافة على أنها المهارة الخامسة بعد المهارات اللغوية الأربعة المعروفة ،وبما أن اللغة هي وعاء الثقافة ’ فان من العسير تعلم لغة بدون التعرض لأسلوب حياة أصحابها وقيمهم واتجاهاتهم وأنماط معيشتهم أو باختصار ثقافتهم , ومن هنا لا يمكن أن يهمل مصممو الكتاب المدرسي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها الثقافة الإسلامية في محتوى الكتاب , وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يغفلوا عن أن الثقافة السائدة في المجتمع السعودي هي الثقافة الإسلامية ذات الملامح المميزة ،ولابد أن يضعوا في الحسبان إن هذا المجتمع ليس مغلقا أو قائما بذاته , انه جزء من مجتمع عالمي معاصر يتأثر به ويؤثر فيه.
ويؤكد البعض أهمية تضمين كتب تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مجموعة من الغايات التي تطمح الثقافة الإسلامية إلى تحقيقها , ومنها ما يلي :
-بيان العقيدة الإسلامية بمبادئها وتصوراتها الصحيحة , وترسيخها في نفس المسلم , ليكون قادرا على مواجهة الأفكار والمذاهب الهدامة وإغراءات التنصير .
- إيجاد المجتمع الإسلامي المثالي الواقعي , وتكوين الشخصية الإسلامية المتكاملة , وصقل الهوية المميزة للأمة الإسلامية التي تجمع أفرادها بمصير تضامني إسلامي واحد .
- تصحيح ثقافة المسلم وتجديدها , وإعادة بنائها على أصول الإسلام ومبادئه بعيدا عن الخرافات والأساطير والتقاليد الجاهلية .
- توفير مناخ إسلامي متشبع بآداب الإسلام وتعاليمه وقيمه في جميع مجالات الحياة.
-تصحيح الأفكار الخاطئة التي أشاعها أعداء الإسلام حتى يتمكن المسلم من الموازنة بين الآراء والاتجاهات الفكرية المعاصرة ونقدها .
فالثقافة الإسلامية هي ثقافة معيارية تحدد للطالب مواصفات السلوك الواجب، والأمر الذي يجب أن يشغل مصممي الكتاب المدرسي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها هو نوعية الإطار الثقافي الذي يساعد على الاحتفاظ بالهوية الإسلامية التي باتت مهددة بالخطر أمام عولمة الثقافة وتأثيرها الواسع المدى عبر وسائل الإعلام ، ولكن في الإسلام من المقومات ما هو كفيل لحفظ هذه الثقافة الإسلامية لو انطلق العمل من الغايات السابقة.
وقد حدد رشدي طعيمة وآخرون( 1983: 40 -46) مجموعة من المعايير التي ينبغي أن تراعي في المحتوى الثقافي للمادة التعليمية الأساسية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وهي:
- أن تعبر المادة عن محتوى الثقافة العربية والإسلامية .
- أن تعطي صورة صادقة وسليمة عن الحياة في الأقطار العربية .
- أن تعكس المادة الاهتمامات الثقافية والفكرية للدارسين على اختلافهم .
- أن تتنوع المادة بحيث تغطي ميادين ومجالات ثقافية وفكرية متعددة في إطار من الثقافة العربية الإسلامية .
- أن تتنوع المادة بحيث تقابل قطاعات عريضة من الدارسين من مختلف اللغات والثقافات والأغراض .
- أن تتسق المادة ليس فقط مع أغراض الدارسين ولكن أيضا مع أهداف العرب من تعليم لغتهم ونشرها .
- ألا تغفل المـادة جوانب الحياة العامـة والمشتركة بين الثقافات .
- أن يعكس المحتوى حياة الإنسـان العربي المتحضـر في إطار العصر الذي يعيش فيه .
- أن يثير المحتوى الثقافي للمـادّة المتعلّمة الرغبة في تعلّم اللغـة والاستمرار في هذا التعلم .
- أن ينظم المحتوى الثقافي , إما من القريب إلى البعيد أو من الحاضر إلى المستقبل , أو من الأنا إلى الآخرين , أو من الأسرة إلى المجتمع الأوسع .
- أن تقدّم المــادة المستوى الحسي من الثقافة ثم تتدرج نحو المستوى المعنوي .
- أن توسع المـادة خبرات المتعلم بأصحاب اللغـة .
- أن ترتبط المـادة الثقافية بخـبرات الدارسين السابقة في ثقافاتهم .
- أن يقـدّم المحتوى الثقافي بالمستوى الذي يناسب عمر الدارسين ومستواهم التعليمي .
- أن تلتفت المـادة وبشكل خاص إلى القيم الأصيلة المقبولة في الثقافـة العربية والإسـلامية .
- أن تقدم تقويما وتصحيحا لما في عقول الكثيرين من أفكار خاطئة عن الثقافة العربية والإسلامية .
- أن تتجنب إصدار أحكام متعصبة للثقافة العربية .
- أن تتجنب إصدار أحكام ضد الثقافات الأخرى .
ولاشك في أن الجانب الثقافي يأخذ مكانة مهمة في تعليم اللغة العربية بوصفها لغة ثانيه؛ والسبب في ذلك اعتبار الثقافة طريقة حياة الإنسان في جميع نواحي الحياة، لذلك أصبح لزاماً أن تتضمن المادة التعليمية جميع العناصر الثقافية للغة المستهدفة، ولما كان التعامل مع الناطقين بغير اللغة العربية لا يعتمد على إتقان المهارات اللغوية فقط، بل يعتمد على فهم ثقافة أهل اللغة وعاداتهم وآدابهم وتقاليدهم، لذلك ينبغي تناول مجالات الثقافة الإسلامية بشكل متوازن عند إعداد المحتوى الثقافي للمادة التعليمية.
المعايير التربوية :
هي مجموعة من المفاهيم والحقائق المتصلة بعناصر منهج تعليم العربية لغير الناطقين بها المشتقة من الثقافة الإسلامية والمجتمع المحلى للغة العربية والاتجاهات المعاصرة في ميدان تعليم اللغات الثانية .
والتربية الحديثة ترى أن تعلم اللغة الثانية كالعربية ينطلق من الخبرات المباشرة لدارسي هذه اللغة،وثمة عوامل أخرى لابد من الأخذ بها عند تعليم اللغة العربية لغير الناطقين ومن أبرزها :
- مراعاة الفروق الفردية لدارسي اللغة الثانية , سواء اللغوية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وهناك فروق أخرى مثل: القدرات العقلية والاستعدادات النفسية.
-التشابه بين اللغة الأم واللغة العربية المتعلمة .
- وجود الأنشطة الثقافية التي تعزز اللغة العربية وثقافتها من محاضرة ورحلة وزيارة وتهنئة وغيرها .
-التواصل المباشر عن طريق التعزيز الايجابي المقترن بمدى التقدم الذي وصل الدارسون إليه والتعزيز السلبي المقترن بالأخطاء والمشكلات التي تواجههم .
في ضوء ما تقدم، يمكن إيجاز المعايير التربوية لاختيار نصوص الثقافة الإسلامية في كتب تعليم اللغة العربية لغير الناطقين على النحو التالي:-
أ) أن يترجم محتوى نصوص الكتاب الدراسي الأهداف التعليمية المنبثقة من الثقافة الإسلامية.
ب) أن تبنى نصوص الكتاب على النمط اللغوي العربي الفصيح.
ج) أن يعتمد اختيار مفردات النصوص والأبنية الصرفية والنحوية فيها على معايير خاصة.
د) أن تكون اللغة المستخدمة في النصوص أصيلة منتقاه من مجالات الثقافة الإسلامية.
هـ) التوازن في عرض موضوعات الثقافة الإسلامية في محتوى كتب تعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها بالجامعة الإسلامية.
ساحة النقاش