الثقافة الإسلامية و تعليم اللغة العربية:
العلاقة بين الإسلام واللغة العربية – كما ذكر - أصيلة وثابتة لا يشك في أهميتها الباحثون المسلمون وغير المسلمين. وأصبح الاهتمام بالروح الإسلامية في مناهج اللغة العربية يمثل أمرا ضروريا، ويزداد الأمر وضوحا إذا رأينا الحقائق من عدد كبير من المسلمين الذين يقبلون على تعلم العربية لغرض إسلامي محض كي يتسنى لهم التعرف على الإسلام ومصدريه الأصليين القرآن الكريم والحديث الشريف، حتى يتمكنوا في ضوء ذلك من ممارسة الحياة الإسلامية، أو لغرض متابعة دراستهم فهم يقبلون على العرب لأنها لغة التعليم. إن سد حاجة هاتين الطائفتين من الدارسين هو الأصل في إنشاء معاهد تعليم اللغة العربية في البلاد غير العربية .
وحتى بالنسبة لمن يرغبون فى الاتصال بالبلاد العربية لأجل العمل في الهيئات الدبلوماسية أو الصحافة أو لأجل الاتصال بأعمال الشركات والأعمال التجارية فإن الثقافة الإسلامية - في قليل أو كثير - تمثل أمرا لا مفر منه لأن ثقافة العرب في أساسها هي الثقافة الإسلامية. وفى ضوء ما سبق ... فخلوّ خطط الدراسة ومناهجها من عناصر الثقافة الإسلامية يجعلها جافة خالية من الروح وتقلل من أهمية دراستهم. لذلك ينبغى أن تسود الثقافة الإسلامية المواد اللغوية المقدمة فى تعليم اللغة العربية للأجانب.
العلاقة بين اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية:
تعد العلاقة بين اللغة العربية والمواد الأخرى ذات أهمية بالغة، إذ أن الربط بينهما يؤدي إلى نوع من الانسجام بين نوع المفردات وكميتها، ونوع التراكيب المقدمة في كتب اللغة العربية وكتب المواد الأخرى، كما أنّ اللغة هي الوسيلة في تحصيل هذه العلوم والسيطرة عليها، وما لم تنم القدرات اللغوية للتلميذ نموّاً مطرداً فإنّ قدرته على تحصيل المواد المقدمة له سنة بعد الأخرى سوف تضعف .
وإذا كان الربط بين مناهج اللغة العربية والمواد الأخرى مهم ومطلوب بهذا الشكل، فإنّه بين اللغة العربية والدين الإسلامي بثقافته العربية الإسلامية المتنوعة أكثر أهمية وطلباً، إذ أنّ العلاقة بينهما وثيقة، ويكفي أنّ الله تعالى أشار إليها في كتابه العزيز حيث أكّد أنّ مصدر هذا الدين – القرآن الكريم – نزل من عند الله تعالى باللسان العربي، قال تعالى: "إنا أنزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون" سورة يوسف آية 2، وقال: "نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين" ( سورة الشعراء، الآيات: 193-195).
ولمّا كان الربط بين اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية وثيقاً إلى هذا الحد، فإنّه ينبغي أن يراعى هذا عند وضع أهداف مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وعند اختيار محتويات هذه المناهج، وأنشطتها، وأساليب تدريسها، وذلك لإشباع دوافع الطلاب ورغباتهم، خصوصاً وأنّ عدداً كبيراً منهم تحركهم لتعلم اللغة العربية دوافع دينية في المقام الأوّل، وتؤكّد دراسة " الناقة 1985م " أنّ الدوافع الدينية هي أقوى محركات الدارسين لتعلم العربية، ومن ثمّ نرى ضرورة دمج جوانب الثقافة العربية الإسلامية في محتويات كتب اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ ليستفيد الدارس بها من ناحية، ومن ناحية أخرى يدرك العلاقة الوثيقة بين اللغة العربية وعلوم الشريعة الإسلامية، وينبغي عند بناء برنامج لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها الوقوف على نوعية الدارسين ومواصفاتهم، فإذا كان البرنامج موجهاً للمسلمين ومهتماً بتقديم مفاهيم إسلامية، فاختيار الأمثلة والنصوص ومواصفات الصور والرسوم المستخدمة في البرنامج سيتأثر بهذا الاعتبار.
ومن مميزات اللغات التي تُدرَّس لغير الناطقين بـها أنَّها :
- لا يتم التواصل والتعبير بـها في المجتمع عامّة ، بل يبقى محدودًا بين عدد من المتخصّصين ، لأغراض خاصَّة ، أو بين أقليّة عرقيّة من الناس ، لأغراضٍ نفسيّة أو وطنيّة أو دينيَّة .
- عادةً ما يبدأ الدارسون في تعلّم اللغات غير الأُمّ في سنّ يكون التّعلّم الفطري السريع للغة قد انقضى .
- يستدعي إتقان القواعد النحويّة والصرفيّة للّغات غير الأُم جهدًا كبيرًا ، ويستغرق سنوات عديدة ، بينما يكتسب الطفل قواعد لغته الأم ويجيد استعمالها دون عناء .
- المناهج النّاجحة في تعليم اللغة غير الأم هي التي تحاول خلق بيئة قريبة الشبه بالبيئة الطبيعيّة لاكتساب المهارات اللغويّة (الاستماع والقراءة والكتابة والتكلُّم ، وتعتمد على محيط التلميذ ووسطه المباشر في اختيار المواضيع وتقديم التعابير، سواء عند تقديم المفردات أو القواعد .
والغرض العام من تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها هو تسليح المسلم ليستطيع أن يتثقف بالكتاب ثقافة إسلامية تجعله أعرف بدينه ودنياه، وبتجارب من سبقه، وبهذا يصبح أحسن تصرفا في الحياة، وأرقى في سلوكه وعقليته وأكثر شعورا بحقوقه وواجباته، بالإضافة إلى العديد من الأسباب الآخرين منها :
- نشر اللغة العربية تحدثاً وكتابةً بين أبناء العالم المسلمين والناطقين بغير العربية، تحقيقاً لوحدة الأمة عن طريق توحيد لسانها باستخدام اللغة العربية (اللسان المبين).
- إعداد أبناء العالم الإسلامي وتأهيلهم للقيام بالدور الحضاري الريادي المنوط بهم والذي يستوحي ويستمد تعاليمه من الشرع الحنيف ويستند إلى الدستور السماوي "القرآن الكريم" في إعمار الأرض وتحقيق خلافة الإنسان في الكون.
- خلق وعي إسلامي بين أبناء الأمة الإسلامية يكون هدفه الأول أساساً هو العمل على ربطهم برباط الأخوة الإيمانية (المتعارفين شعوباً وقبائل الفاهمين لدورهم، المتفاهمين في شئونهم بالحسنى، المحكمين الله فيما شجر بينهم).
- إعادة نشر العلوم الإسلامية وتوسع قاعدتها ببسطها للبحث والدراسة والمناظرة بغية إفادة البشرية جمعاء بما أنتجته الحضارة المسلمة الإبداعية الفكرية من تراث خالد واستغلال شبكات المعلومات الإليكترونية في ذلك.
نشرت فى 20 إبريل 2012
بواسطة maiwagieh
الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية: ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م. دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م. ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,661,661
ساحة النقاش