الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

التعلم المعرفي : 

يركز المنحى المعرفي في التعليم على اتساق التدريس مع كيفية تفكير الطالب أثناء تعلمه للمهمات. ويعتقد مؤيدو هذا المنحى بأن فهم ما يدور في ذهن الطالب داخليا يستحق الاهتمام ذاته الذي نعطيه لفهم العوامل الخارجية التي تؤثر على عملية التعلم. والمعرفيون يرون أن التعلم عملية بنائية، ولذا يركزون على فكرة أن الطالب هو الذي يحدث أو يظهر عملية التعلم وبأن تأثير العوامل الخارجية كالمعلمين والمواد التعليمية وأية مؤثرات أخرى فهي مهمة فقط في حال عملها على توفير خبرات تمّكن المتعلم من بناء معان جديدة.

ومن المضامين المهمة للاتجاه المعرفي في التدريس ضرورة أن يكون التدريس معتمدا على فهم التفاعل ما بين استقبال الطالب للمثيرات وتفسيره لها. ولذا فان من واجب المعلم وضع فرضيات حول الطريقة التي يتعرف بها الطالب على المعلومات وتفسيره لها وتنظيمه إياها وتطبيقه لها.

وفي بدايات تأسيس ميدان صعوبات التعلم (في نهاية الستينات) تم عزو التباين في الأداء الأكاديمي للطلبة ذوي صعوبات التعلم إلى ضعف في العمليات المعرفية لديهم، ولكن التدخلات العلاجية التي استهدفت علاج هذا الضعف في العمليات المعرفية تم رفضها من قبل الباحثين في ذلك الوقت وبخاصة برامج تدريب القدرات. ويتضمن المنحى المعرفي في تعليم الطلبة ذوي صعوبات التعلم عدة نماذج منها: نموذج تدريب القدرات المحددة، المنحى النمائي، ومنحى معالجة المعلومات.

وقد ركز الاتجاه المعرفي الحديث في تعليم الأطفال ذوي صعوبات التعلم بشكل أساسي على معالجة ما يعرف بالعمليات ما وراء المعرفية (Metacognition) والتي يقصد بها وعي الفرد لتفكيره حول التعلم وكذلك على طريقة الفرد في معالجة المعلومات، بمعنى أن هذا الاتجاه يسعى لتعليم الفرد كيف يفهم بصورة أفضل العمليات المعرفية الخاصة به وتعليمه  الانغماس بمثل هذه النشاطات المعرفية، ويشجع هذا الاتجاه الطلبة كي يتبنوا أسلوب حل المشكلات. ويركز التدريس المعرفي على زيادة وعي الفرد لمتطلبات المهمات، واستخدام الاستراتيجيات المعرفية المناسبة ومراقبة الفرد مدى نجاح الاستراتيجية المستخدمة. وقد استخدم التعليم المعرفي وطبق في عدة موضوعات أكاديمية كالاستعداد القرائي والرياضيات والتعبير الكتابي ومهارات الذاكرة. وترى البحوث التربوية أن التعليم المعرفي مناسب  للأطفال ذوي صعوبات التعلم ونجاحه يعتمد على عدة متغيرات منها: معرفة المعلم بالمحتوى الدراسي والخبرات التعلمية السابقة للطالب و دافعيته.

وكثيراً ما يظهر الأفراد ذوو الحاجات الخاصة أشكالاً مختلفة من العجز المعرفي  (Cognitive Deficits)  وقد يكون هذا العجز مسئولا عن العديد من المشكلات الأكاديمية والسلوكية لديهم. واستناداً إلى ذلك، حرص الباحثون في ميدان التربية الخاصة في العقود الثلاثة الماضية على تصميم برامج تهدف إلى تدريب هؤلاء الأفراد على استخدام الاستراتيجيات المعرفية الفعالة.

وتشمل هذه الاستراتيجيات أساساً استخدام أساليب تعديل السلوك المعروفة لتغيير العمليات المعرفية (الأفكار والمشاعر) على افتراض أن تغييرها سيؤدي إلى تغيير السلوك الظاهر. ولما كان الأمر كذلك، فغالباً ما يُشار إليها باسم استراتيجيات تعديل السلوك المعرفي (Cognitive Behavior Modification) وتتضمن البرامج الموجهة نحو تدريب الاستراتيجيات المعرفية التدريب الذاتي (Self-Instruction)  والمتابعة الذاتية (Self-Monitoring)  واستراتيجيات تطوير الذاكرة (Memory Strategies)  واستراتيجيات حل المشكلات (Problem Solving Strategies).

وحاجة الأشخاص المعوقين إلى برامج تدريبية لتطوير قدراتهم على تأكيد الذات لا تقل عن حاجة الأشخاص العاديين بل هي تزيد عنها في حالات كثيرة. وأسباب ذلك عديدة وهي ترتبط بشكل أو بآخر بمفهوم الذات لدى الشخص المعوق وباتجاهات الآخرين نحوه وبخبراته السابقة وبخصائصه الشخصية. وقد أصبحت برامج التدريب على تأكيد الذات مألوفة في دول كثيرة. وتأخذ هذه البرامج أشكالاً مختلفة فمنها ما هو فردي ومنها ما هو جمعي. وفي الواقع، فإن الأشخاص المعوقين أخذوا يشكلون جمعيات أو مؤسسات بهدف الدفاع عن أنفسهم كأفراد في المجتمع لهم حقوق وعليهم واجبات. وتهدف هذه البرامج إلى تدريب الأشخاص المعوقين على الاستجابة بشكل ملائم للموقف (كالتعبير جهاراً عن عدم الارتياح من سلوك الآخرين السلبي بدلاً من الإذعان والشعور بالقلق أو الخجل).

ويستطيع المرشدون والمعلمون وأولياء الأمور تدريب الأشخاص المعوقين على تأكيد الذات بإتباع الخطوات الرئيسة التالية: (1) التدريب على التمييز بين تأكيد الذات والعدوان من جهة وعدم تأكيد الذات والكياسة من جهة أخرى،(2) مساعدة المتدربين على تحديد وقبول حقوقهم الشخصية وحقوق الآخرين، (3) إزالة المعوقات الانفعالية والإدراكية لسلوك التدعيم الذاتي، (4) استخدام الممارسة النشطة والمكثفة في المواقف الطبيعية وفي المواقف التدريبية (كلعب الدور مثلاً) لتطوير مهارات التدعيم الذاتي.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 121 مشاهدة
نشرت فى 10 مارس 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,662,262