الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يتم التواصل اللغوي من خلال عمليتي الإرسال والاستقبال، وتتمثل عمليات الإرسال في مهارتي الحديث والكتابة، أما جانب الاستقبال فينظر إليه عادة على أنه من عمل حاستي السمع والبصر، وبالتالي فهو يعتمد على الاستماع والقراءة، وكلاهما يتطلب عملا عقليا وهو الفهم الاستماعي والقرائي. 

وتعد مهارة الاستماع من المهارات اللغوية المهمة فقد اعتمد عليها القدماء في نقل التراث من الماضي إلى الحاضر قبل اكتشاف الطابعات، ولقد نقل العرب تراثهم الضخم عن طريق الراوية والنقل وفضل القرآن الكريم حاسة السمع على كل الحواس حتى على البصر باعتبارها من أقوى الحواس التي تساعد على إدراك المواقف المحيطة وفهمها، فهي أدق الحواس وأرقاها كما أنها عامل مهم في عملية الاتصال وهى مهارة لا يجيدها إلا المتدرب عليها إلى، فهناك الفروق الفردية بين الناس فمنهم من يجيد هذه المهارة ومنهم من لا يجيدها ويعود ذلك إلى أمرين هما التدريب وصحة الحواس. 

لذلك فالاستماع يمثل أعلى نسبة ممارسة فى حياة الأفراد، يليه التحدث ثم القراءة فالكتابة، وبين الاستماع والتحدث كطرفين لعملية التواصل اللغوي الشفوي علاقة وثيقة تكاملية وتأثير وتأثر، ولذلك فمن المتوقع أنه كلما نمت مهارات الاستماع نمت مهارات التحدث، والاستماع يؤثر على القراءة والكتابة. 

وتعددت الآراء التربوية حول طبيعة عملية الاستماع، من حيث كونها مهارة تنمو طبيعياً مع نمو المتعلم مثلها مثل أية مهارة أخرى، أو من حيث كونها مهارة تحتاج إلي البحث والدراسة، والقياس الكمي، أو من حيث كون الاستماع مرادفاً للسماع، أو أنها مهارة تشترك مع غيرها من المهارات الأخرى ؛ مما لا يستوجب تخصيص حصص لها، أو أوقات لتنميتها. 

أولا: مفهوم الاستماع:

وعند تعريف الاستماع، يجب توضيح الفرق بين ما يراد به وما يراد بغيره؛ فهناك بعض الفروق بينه (الاستماع) وبين السمع، والسماع والإنصات.

فالسمع: يقصد به الحاسة المعروفة، وآلته الأذن. أما السماع: فهو يقتصر على عملية استقبال الأذن لذبذبات صوتية من مصدر معين، دون إعارتها انتباها مقصودا، وبدون إعمال لفكر فيها، وهى عملية فسيولوجية، يتوقف حدوثها على سلامة الأذن، وقدرتها على التقاط الذبذبات الصوتية. 

فعملية الاستماع تبدأ بإدراك الرموز  اللغوية المنطوقة، ثم فهم معانيها، فإدراك الرسالة التي تتضمنها الرموز، ثم تفاعل الخبرات المتضمنة في الرسالة مع خبرات المستمع وقيمه، انتهاء بنقد الخبرات وتقويمها والحكم عليها قياساً على المعايير المعتمدة المناسبة لها. وبذلك ففي الاستماع يرتفع التلميذ من المعرفة الدنيا المتمثلة بالمعرفة والفهم والتطبيق إلى معرفة عليا تتضمن الإدراك والتحليل والتفسير والنقد والتركيب والتقويم.

والسماع أمر لا يتعلمه الإنسان، لأنه لا يحتاج إلي تعلم؛ فالطلاب عندما يسمعون (وهم داخل فصولهم) صفارة القطار، ومطارق الصناع، وجلبة الأسواق، فإنهم يسمعون دونما نشاط وانتباه؛ فكل هذا يعد من قبيل السماع.

أما الاستماع Listening: فقد عرفه البعض بأنه "أكثر من مجرد سماع، أنه عملية يعطى فيها المستمع اهتماما خاصا، وانتباها مقصودا لما تتلقاه أذنك من أصوات"، ويعرفه البعض بأنه "فن يعتمد على عمليات معقدة؛ فهو عملية يعطى خلالها المستمع اهتماما خاصا، وانتباها مقصودا لما تتلقاه الأذن من أصوات" وهو أيضا: استقبال الأذن لذبذبات صوتية، مع إعطائها انتباها خاصا، وإعمال الذهن لفهم المعنى.

ويرى البعض أن الاستماع هو: أحد أدوات نقل اللغة اللفظية؛ حيث يصدر الكلام عن الجهاز الصوتي للإنسان، ويحمله الهواء على شكل ذبذبات صوتية إلي أذن السامع القريب من المتكلم، حتى يستطيع أن يستقبل الذبذبات الصوتية واضحة قبل أن تتلاشى في الهواء. 

ومما سبق يتضح اختلاف الاستماع عن السماع Hearing في أن الخير يقف عند حد العملية الفسيولوجية التي تحدث عندما تتحول الموجات الصوتية إلى نبضات كهربية يتم معالجتها بواسطة الجهاز العصبي المركزي. 

أما الإنصات: "فهو الاستمرارية في الاستماع، والفرق بين الإنصات والاستماع "هو فرق في الدرجة، وليس في طبيعة المهارة" ويرى البعض أن الإنصات لا يختلف عن الاستماع، غير أنه يشير إلي درجة معينة من درجاته، ونوع من أنواعه، ويتصف بالانتباه القوى والتركيز الحاد، وهو ما يمكن أن يطلق عليه الاستماع اليقظ Arrentivel listening.

يلاحظ مما سبق، أن هناك فروقا بين السمع Hearing  والسماع Hearken والاستماع Listening والإنصات Auding. وهى –جميعها- مراحل متعاقبة، تبدأ من استقبال الأذن للذبذبات الصوتية وتنتهي بعملية الاستماع، وتبلغ الذروة في مرحلة الإنصات؛ حيث المبالغة في الاستماع والاستغراق فيه.

ويمثل الاستماع جانباً كبيراً في التعلم، وأنه وسيلتنا الأساسية في التفاعل مع الناس، وأن الأطفال يقضون ما بين 50% إلي 70% من أوقاتهم داخل الفصل في الاستماع إلي معلميهم، أو إلي زملائهم، أو إلي الوسائل السمعية ؛ ومن ثم يجب تدريب الطفل على ذلك حتى يستطيع فهم كل من حوله. 

ويتضمن الاستماع نشاطاً يحتاج إلي انتباه واع لأصوات التعبير المتحدثة، وذلك من أجل الحصول على بعض الأفكار والمعاني.

ويقصد بالاستماع السمع مع الفهم، والتفكير والاستجابة، كما هو عملية يعطى فيها السامع اهتماماً خاصاً، وانتباهاً مقصوداً لما تتلقاه أذنه من أصوات. 

ولا يصح أن يقتصر مفهوم الاستماع عند الاستماع الناقد، فقد زاد الاهتمام فى هذه الآونة بالإبداع بمناحيه المختلفة، فقد زاد الاهتمام بالإبداع عامة، والإبداع اللغوي بجوانبه المختلفة بخاصة، فكانت القراءة الإبداعية، والكتابة الإبداعية، والتعبير الإبداعي.    

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 7142 مشاهدة
نشرت فى 10 مارس 2012 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,614,720