الدرس السابع
تأسيس الدولة فى المدينة
الأهداف الإجرائية للدرس:
- تتحدث عن تأسيس الدولة في المدينة :
- تحدد كيف تم بناء المسجد .
- تعرف كيف تمت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار :
- تتكلم عن الأذان وتحويل القبلة :
- تحدد متى تم فرض زكاة رمضان
1- بناء المسجد :
ظلت ناقة الرسول تسير وتخترق جوانب وأنحاء المدينة وعلى الرغم من أن الأنصار لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة أى أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل الرسول 0صلى الله عليه وسلم) عليه فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته حتى ينالوا شرف الرسول عليهم فكان الرسول يقول خلو سبيلها فإنها مأمورة فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى مربد أمام دار أبى أيوب الأنصارى فبركت وكان هذا المربد لغلامين يتيمن هما سهل وسهيل ابنى عمرو فلما بركت الناقة ورسول الله عليها لم ينزل ثم وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله واضع لها زمامها لا يثنيها به ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه فنزل عنها الرسول وسأل لمن هذا المربد فقيل لغلامين يتيمن فى حجر أسعد بن وزارة فأراد أسعد أن يهبه للرسول فرفض وأتباعه منهما وأمر ببناء المسجد .
استغرق بناء المسجد سبعة أشهر قضاها الرسول فى دار أبى أيوب الأنصارى وعمل محمد مع صحبه فى بناء المسجد وكان المسجد فناءاً فسيحاً وترك الجزء الآخر مكشوفاً وخصصت إحدى نواحيه لإيواء الفقراء الذين لم يكونوا يملكون سكناً ، ولم يكن المسجد يضاء ليلاً إلا ساعة صلاة العشاء إذ يوقد فيه أنوار من القش أثناءها . ولم يزين المسجد بفرش حتى ولا بالحصر وبجوار المسجد بنيت حجرتان إحداهما لسودة بنت زمعة والأخرى لعائشة ولم يكن (صلى الله عليه وسلم) متزوجاً غيرهما إذ ذاك وصارت الحجرات تبنى كلما جاءت زوجة .
لقد كان للمسجد رسالة اجتماعية وروحية عظيمة الشأن فى حياة المسلمين ، فقام بدور المدرسة الأولى التى تعلم فيها المسلمون كل أمور دينهم ودنياهم ، فكان المسجد ملتقى لمختلف القبائل يلتقون فيه للعبادة والتعلم والقضاء والبيع والشراء والاحتفالات ثم كثرت الأصوات حول المصلين فخصص مكان للتعليم وآخر للبيع والشراء وجعل للصلاة جانب خاص بعيداً عن الضجيج ، لقد كان بيت الله عاملاً كبيراً فى التوحيد بين المسلمين والتقريب بينهم ، والأحاديث فى فضائل المسجد الشريف كثيرة ، قال (صلى الله عليه وسلم) : " ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة " .
2- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار :
عمل الرسول (صلى الله عليه وسلم) على تنظيم صفوف المسلمين وتوكيد وحدتهم للقضاء على كل شبهة فى أن تثور العداوة القديمة بينهم ولتحقيق هذه الغاية دعا المسلمين ليتآخوا فى الله أخوين اخوين ، ومن الملاحظ أن المهاجرين كانوا فقراء تركوا متاعهم وثرواتهم ونزحوا بدينهم وعقيدتهم إلى المدينة وقد اتخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) علياً بن أبى طالب أخاً له ، وآخى بين أبى بكر وخارجة بن زيد ابن أبى زهير ، وبين جعفر بن أبى طالب ومعاذ بن جبل ، وهكذا فربط الرسول المسلمين من المهاجرين والأنصار ، وكان لهذه المؤاخاة قوة أخوة النسب بما فى ذلك الميراث حتى نزلت آيات المواريث وبهذه المؤاخاة خلق الرسول (صلى الله عليه وسلم) وحدة دينية بدل الوحدى القبلية التى كانت سائدة عند العرب .
وتفصيل ذلك أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لما قدم المدينة آخى بين المهاجرين بعضهم لبعض وآخى بين المهاجرين والأنصار ، آخى بينهم على الحق والمؤاساة وعلى أن يتوارثون عند الممات دون ذوى الأرحام وكانوا تسعين رجلاً منهم خمسة وأربعون من المهاجرين وخمسة وأربعون من الأنصار ، ويقال أنهم كانوا مائة وخمسون من المهاجرين وخمسون من الأنصار وكان ذلك قبل غزوة بدر ، فلما جرت الغزوة فى السنة الثانية من الهجرة أنزل الله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فنسخت هذه الآية ما كان يحدث قبلها وانقطعت المؤاخاة فى الميراث وصار كل إنسان يرث ذو رحمة .
وقد ذكر أنس بن مالك أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حالف بين المهاجرين والأنصار فى دار أنس .
3- إصدار الصحيفة :
كان سكان المدينة بعد الهجرة يتكونون من المسلمين (مهاجرون وأنصار) واليهود (بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة) والمشركين وهم الذين لم يدخلوا فى الإسلام فأراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن ينظم علاقة الفرد بالمجتمع فى حالة السلم وحالة الحرب وفى التفاوض ، وذلك من أجل التعايش السلمى داخل مجتمع المدينة ومن أجل ذلك أصدر الصحيفة وفيها وادع النبى اليهود وأمنهم على دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم .
نص الوثيقة (كتابه (صلى الله عليه وسلم) بين المهاجرين والأنصار وموادعة يهود)
قال ابن إسحاق ([1]) : (98) :
" وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين المهاجرين والأنصار ، وادع فيه يهود وعاهدهم ، وأقرهم على دينهم وأموالهم ، وشرط لهم واشترط عليهم :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من محمد النبى (صلى الله عليه وسلم) ، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم ، فلحق بهم ، وجاهد معهم ، إنهم أمة واحدة من دون الناس ، المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم ، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، كل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو عمرو على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وبنو الأوس على ربعتهم الأولى يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ؛ وإن المؤمنين لا تريكون مفرحاً بينهم أن يعطوه بالمعروف فى فداء أو عقل .
وأن لا يخالف مؤمن مولى مؤمن دونه ؛ وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسية ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين ؛ وإن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم ؛ ولا يقتل مؤمن مؤمناً فى كافر ، ولا ينصر كافراً على مؤمن ؛ وإن ذمة الله واحدة ، يجير عليهم أدناهم ؛ وإن المؤمنين بعضهم موالى بعض من دون الناس ؛ وإنه من تبعناً من يهود فإن له النصر والأسوة ، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم . وإن سلم المؤمنين واحدة ، لا يسالم مؤمن دون مؤمن فى قتال فى سبيل الله إلا على سواه وعدل بينهم ؛ وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضاً ؛ وإن المؤمنين ييء بعضهم على بعض بما نال دماءهم فى سبيل الله ؛ وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه ؛ وإنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ، ولا يحول دونه على مؤمن ؛ وإنه من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولى المقتول ، وإن المؤمنين عليه كافة ، ولا يحل لهم قيام عليه ؛ وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما فى هذه الصحيفة ، وآمن بالله واليوم الآخر ، أن ينصر محدثاً ولا يؤويه / وأنه من نصره أو آواه ، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل ؛ وإنكم مهما اختلفتم فيه من شىء ، فإن مرده إلى الله عز وجل ، وإلى محمد (صلى الله عليه وسلم) ؛ وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ؛ وإن يهود بنى عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم ، وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم ، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته ؛ وإن ليهود بنى النجار مثل ما ليهود بنى عوف ؛ وإن ليهود بنى الحارث مثل ما ليهود بنى عوف ؛ وإن ليهود بنى جشم مثل ما ليهود بنى عوف ؛ وإن ليهود بنى الأوس مثل ما ليهود بنى عوف ؛ وإن ليهود بنى ثعلبة مثل ما ليهود بنى عوف ؛ إلا من ظلم وأثم ؛ فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته ؛ وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم ؛ وإن لبنى الشطبية مثل ما ليهود بنى عوف ؛ وإن البر دون الأثم ؛ وإن موالى ثعلبة كأنفسهم ؛ وإن بطانة يهود كأنفسهم ؛ وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد (صلى الله عليه وسلم) ؛ وإنه لا ينحجز على ثأر جرح ؛ وإنه من فتك فبنفسه فتك ، وأهل بيته ، إلا من ظلم ؛ وإن الله على أبر هذا ؛ وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ؛ وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ؛ وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الأثم ؛ وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه ؛ وإن النصر للمظلوم ؛ وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ؛ وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة ؛ وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ؛ وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها ؛ وإن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل ، وإلى محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ وإن الله على أتقى ما فى هذه الصحيفة وأبره ؛ وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها ؛ وإن بينهم النصر على من دهم يثرب ، وإنهم إذا ادعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه ، فإنهم يصالحونه ويلبسونه ؛ وإنهم إذا ادعوا إلى مثل ذلك فإن لهم على المؤمنين ، إلا من حارب فى الدين ، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذى قبلهم ؛ وإن يهود الأوس ، مواليهم وأنفسهم ، على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة .
وإن البر دون الإثم ، لا يكسب كاسب إلا على نفسه ؛ وإن الله على أصدق ما فى هذه الصحيفة وأبره ؛ وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم ، وإنه من خرج آمن ، ومن قعد آمن بالمدينة ، إلا من ظلم وأثم ، وإن الله جار لمن بر واتقى ، ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ([2]) .
ونستخلص من هذه الوثيقة ما يلى :
1- أن للجماعة شخصية دينية وسياسية ومن حق الجماعة أن تعاقب المفسد وأن تؤمن المطيع.
2- أن الحرية الدينية مكفولة للجميع .
3- على سكان المدينة من مسلمين وغيرهم أن يتعاونوا مادياً وأدبياً وعليهم أن يردوا متساندين أى اعتداء قد يوجه لمدينهم .
4- الرسول هو الرئيس العام لسكان المدينة وتعرض عليه القضايا الكبرى وصور الخلاف الضخمة ليفصل فيها .
4- الأذان وتحويل القبلة :
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قدم إلى المدينة يجامع إليه الناس للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة ، فهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قدمها أن يجعل بوقاً كبوق يهود الذى يهرعون به لصلاتهم ، ثم كرهه . ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به للمسلمين للصلاة .
فينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد النداء ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له : يا رسول الله ، إنه طاف بى هذه الليلة طائف . مر بى رجل عليه ثوبان أخضران ، يحمل ناقوساً فى يده فقلت له : يا عبد الله ، أتبيع هذا الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ قلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ قلت : وما هو ؟ قال : تقول : الله أكبر الله أكبر . أشهد ألا أله إلا الله أشهد ألا إله الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله . حى على الصلاة . حى على الصلاة . حى على الفلاح ، حى على الفلاح . الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله .
فلما أخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : إنها لرؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها ، فإنه أندى صوتاً منك . فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب وهو فى بيته ، فخرج إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يجر رداءه ، وهو يقول : يا نبى الله ، والذى بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذى رأى . فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلله الحمد على ذلك .
تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام :
عندما كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى مكة كان يصلى إلى الله وهو متجهاً إلى قبلته فى بيت المقدس كان يحرص أن يحتضن الكعبة المشرفة فلما هاجر إلى المدينة كان عليه أن يصلى وجهه متجهاً إلى بيت المقدس وظهره إلى الكعبة مما ألم بنفس الرسول (صلى الله عليه وسلم) وظل يدعو الله أن يصرف قبلته نحو الكعبة ومن ناحية أخرى ضاق ذرعاً بمحمد ، ففكروا أن يمكروا به ، وأن يقنعوه بالجلاء عن المدينة كما أجلاه أذى قريش إياه وأصحابه عن مكة ؛ فذكروا له أن من سبقه من الرسل ذهبوا جميعاً إلى بيت المقدس وكان به مقامهم ، وأنه إن يكن رسولاً حقاً فجدير به أن يصنع صنيعهم ، وأن يعتبر المدينة وسطاً فى هجرته بين مكة ومدينة المسجد الأقصى . لكن محمداً لم يحتاج إلى تفكير طويل فيما عرضوا عليه ليعلم أنهم يمكرون به . وأوحى إليه يومئذ ، أن يجعل قبلته إلى المسجد الحرام بيت إبراهيم وإسماعيل ، فنزلت الآية : ) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ( [البقرة : 144] وأنكر اليهود عليه ما فعل ، وحاولوا فتنته مرة أخرى بقولهم : إنهم يتبعونه إذا هو رجع إلى قبلته ؛ فنزل قوله تعالى : )سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ المَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143)( [البقرة : 142 – 143] .
صوم رمضان :
) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) ( [البقرة : 185 – 178] .
بهذه الآيات فرض صوم رمضان .
فرض زكاة رمضان وصلاة العيدين وسنة الأضحية :
وفى هذه السنة أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بزكاة الفطر وذلك قبل أن تفرض الزكاة فى الأموال وأن تخرج عن الصغير والكبير والحر والعبيد والذكر والأنثى صاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من زبيب أو مدان من بر وكان يخطب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل الفطر بيومين فيأمر بإخراجها قبل أن يغدو إلى المصلى وكان يقول أغنوهم (يقصد المساكين) عن طواف اليوم وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقسمها إذا رجع .
وصلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلاة العيد يوم الفطر بالمصلى قبل الخطبة وصلى العيد يوم الأضحى وأقام بالمدينة عشر سنين يضحى فى كل عام ولم يترك الأضحى أبداً .
وقالوا أنه (صلى الله عليه وسلم) كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين فإذا صلى (صلى الله عليه وسلم) وخطب أتى بأحدهما وهو قائم فى مصلاه فذبحه بيده بالمدينة ثم يقول اللهم هذا عن أمتى جميعاً من شهد لك بالتوحيد وشهد لىّ بالبلاغ ثم يأتى بالآخر فيذبحه هو عن نفسه بيده ثم يقول هذا عن محمد وآل محمد فيأكل هو وأهله منه ويطعم المساكين .
الزكاة :
الزكاة هى أحد أركان الإسلام الخمسة ، تجبى على الثروة الثابتة وعلى الدخل ، سواء أكان ذلك ذهباً أو فضة أو أنعاماً أو فواكه ، أو زرعاً فيؤخذ جزء منه معونة للفقراء كل عام ، ويجب أن يعطى فى تواضع تام .
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ (264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)( [البقرة : 264 – 265] .
)إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( [التوبة : 60] .
بهذه الآيات فرضت الزكاة .
([1]) نقلت نص الوثيقة من كتاب " السيرة النبوية " لابن هشام ، تحقيق وضبط وشرح ووضع فهارس مصطفى السقا إبراهيم الإبيارى عبيد الحفيظ شلبى ، الجزء الثانى ، دار إحياء التراث العربى ، بيروت لبنان ، ص ص 147 ، 150 .
[2] ) نقلاً عن ابن هشام : السيرة النبوية ، جـ2 ، ص ص 147 – 150 .
ساحة النقاش