الدرس الرابع
الحياة الاجتماعية للعرب قبل الإسلام
الأهداف الإجرائية للدرس:
- تتحدث عن الحياة الاجتماعية للعرب قبل الإسلام .
- تصنف طبقات المجتمع قبل الإسلام.
- تحدد المقصود بطبقة الأحرار الصرحاء.
- تعرف طبقة الفقراء.
- تذكر صفات العرب؟
طبقات المجتمع قبل الإسلام:
انقسم المجتمع القبلى إلى ثلاث طبقات :
طبقة الأحرار الصرحاء : وهم أبناء القبيلة من نسلها الصريح ثم طبقة الموالى وهم الذين انضموا للقبيلة عن طريق الحلف أو الجوار أو العتق ومركزهم الاجتماعى يلى الصحراء ثم طبقات العبيد والرقيق وهؤلاء وساء العبيد البيض أو السود كانوا محرومين من كافة الحقوق وعليهم كل الواجبات ونلاحظ أن المجتمع القبلى بصفة عامة كان ينقسم من وجهة النظر الاقتصادية إلى طبقتين : طبقة أصحاب الأموال من التجار والملاك الزراعيين وأصحاب الإبل وهى الطبقة التى تتركز فى أيديها الثروة وتتحكم رؤوس أموالها فى الحياة الاقتصادية وهؤلاء نعما بالثراء والترف ولبسوا الفاخر من الثياب ونقلوا عن الروم والفرس كثيراً من تقاليدهم فى الطعام والشراب .
أما الطبقة الثانية فهى طبقة الفقراء من العرب الذين لم يستطيعوا المشاركة فى النشاط الجارف فى المدن وأماكن الاستقرار والذين سددت طبيعة الحياة الرعوية فى مجتمع البادية أبواب الثراء فى وجوههم وكانت الفوراق بين هاتين الطبقتين كبيرة جداً مما أدى إلى اختلال التوازن فى المجتمع اختلالاً شديداً .
صفات العرب : كان من صفات العرب الكرم الذى تجلى فى الاحتفاء بالضيف فكانوا يتباهون بكثرة الضيوف وإشعال النيران لاجتذابهم حتى يراها المسافر وكذلك بنباح الكلاب ومن داعى الهجاء إطفاء النيران ومنها أيضاً الشجاعة وذلك دفاعاً عن القبيلة أو عن الحريم والوفاء بالعهد فقد كان العهد عندهم ديناً يتمسكون به ويستهينون فى سبيله قتل أولادهم أو تخريب ديارهم ، وحب الحرية فالعربى بفطرته يعشق الحرية ويموت فى سبيلها ومنها أيضاً الصبر على المكارة والمروة والنجدة .
ولكن على الرغم من هذه الصفات انتشرت بين العرب كثير من العادات السيئة منها :
شرب الخمر : وهو من الرذائل التى انغمست فيها العرب بشكل كبير فكانت المسكرات تقدم عدة مرات فى النهار الواحد ولم يخلو بيت من عدة جرار من النبيذ ولكن بمجرد أن نزلت الآية : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ( [المائدة : 90] حطمت الجرار التى كانت تحفظ فيها الأنبذة تحطيماً وألقى بها فى عرض الطريق وقد روى أن الخمر جرت فى طرقات المدينة كمياه المطر ، وعادة شرب الخمر التى دامت قروناً طويلة قد اقتلعت من جذورها فى طرفة عين ، وأصبح الامتناع العام هو السائد .
الميسر : موبقة أخرى متأصلة فى المجتمع العربى ، هى التسلية العادية بالمقامرة لتمضية الوقت فى كل يوم ، ومن يمتنع عن اللعب كان يوصف بالبخل والتقدير . ولكن تعاليم الإسلام ، قد قضت على الميسر قضاء شريعاً وأبرأت بلاد العرب من هذا الشر المستوطن .
التطير والخزعبلات : لم يكن للعرب ثقافة تذكر ، فمن كانوا يفكرون طلاسم المخطوطات كانوا يعدون على الأصابع ، وولدت الجهالة الخزعبلات والعقائد الفاسدة ، وقد انكبوا على مختلف المعتقدات الغربية والشاذة ، فاعتقدوا فى وجود الجن والأرواح الشريرة ، التى كانوا يتقون شرها بحرق البخور فى الأماكن المهجورة ، وإليها كانوا ينسبون وقوع بعض الأمراض ، التى لبسوا التعاويذ والرقى دفعاً لها ، وكانت الروح الإنسانية فى نظرهم عبارة عن مخلوق ضيئل ، يندس فى الجسد ، عند الميلاد ، ويذهب نامياً ، وعند الوفاة تغادر الجسد ، وتبقى هائمة حول قبره . وكانوا فى أيام إمساك السماء عن المطر يوثقون بذيل بقرة بعض العيدان والأعشاب اليابسة ، ثم يشعلون فيها النار ، ويقودون البهيمة إلى الجبال . لاعتقادهم أن لهيب النار شبيه بوميض البرق ، وأن هذا التشابه كاف لاستدرار المطر . وعندما تصيبهم مصيبة يدخلون إلى بيوتهم من الباب الخلفى . كذلك كان التطير شائعاً ، فإن مر الطير من اليمين إلى اليسار كان التشاؤم ، أما إن مرت من اليسار إلى اليمين فقد كانوا يتفاءلون بذلك . وكانوا يعتقدون فى المنجمين والعرافين ويثقون ثقة مطلقة فى كل ما يقوله هؤلاء .
أما عن المرأة فى المجتمع العربى الجاهلى فقد نزلت مكاناً حقيراً فكانت تعامل كما تعامل السوائم . فلم يكن هناك حد لعدد الزوجات التى يستطيع الرجل أن يعاشرهن ؛ وبجانب جموع الخليلات هذه كان فى استطاعته – إن شاء – الاختلاط بأى عدد آخر من الخليلات ؛ وكانت الدعارة صناعة معترفاً بها بينهم ، والأسيرات اللاتى يستخدمن كوصيفات أو خادمات يرغمن على كسب المال لأسيادهن من هذا الطريق الشائن المرزى ، والنساء المتزوجات كان يسمح أزواجهن بهن بمجامعة أى رجل من أجل الذرية والنسل ، وهذا ما كان يسمى بالاستبضاع . وكانوا ينظرون إلى المرأة كأنها من الأغنام ، لا تستولى على أن نصيب من تركة زوجها المتوفى ، أو أخيها أو أقربائها ، وهى نفسها تورث كأنها جزء من تركة المتوفى ، فكان للوارث مطلق الحرية أن يتصرف فى أمرها كيفما شاء : إن شاء تزوجها ، وإن شاء زوجها بمن يقرضه عليها ، فعندما يموت الأب يستطيع الابن الزواج من أملة أبيه ، باعتبارها جزءاً من الميراث . وكانت طريقة الطلاق المتبعة بينهم لا تقل عن ذلك وحشية ، كان للرجل أن يطلق إحدى نسائه طلاقاً بائناً ، وإن يعود فيدخل بها من جديد ، دون استيفاء عدة فلما جاء الإسلام نبذ لك ، وأعطى للزوج فرصة لتدارك أمره ، ومراجعة زوجته مرتين ، فإن طلق الثالثة فقد انقطعت عروة النكاح ، ولا تحل له إلا بعد أن تنكح زوج آخر ، ففى الكتاب الكريم : )الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ( [البقرة : 229] ثم قال تعالى : ) فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ( [البقرة : 230] .
وأحياناً يقسم ألا يقربها ، وأحياناً يظاهر منها ، فيحرمها على نفه ، وحينئذ يتركها معلقة : لا هى بالزوجة ، ولا هى بالطليقة ؛ وما اتخذ مثل هذا إلا للنكاية بها ، ولم يكن أمامها أمل للخروج من هذه المحنة حتى جاء الإسلام ، وجعل للزوج مخرجاً منه ، وذلك بالكفارة ، قال تعالى : ) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( [المجادلة : 2-4] .
ومن هنا نتبين المكانة التى منحها الإسلام للنساء فقد رفعهن من قاع الحضيض إلى درجة عالية من الاحترام والكرامة . والمدنية الأوربية الحديثة ، التى تحترم الجنس اللطيف احتراماً سطحياً ، عجزت عن منحهن ما منحهن الإسلام من حقوق .
فقد ذكر القرآن أن تكون حقوق المرأة على الرجل مماثلة لحقوق الرجل عليها : )وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ( [البقرة : 228] . وقد قال النبى (صلى الله عليه وسلم) : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى " إن بذور احترام المرأة فى بد اعتادت أن يرى النبل فى وأد بناتها ، ليس بالعمل الهين ، ولا هى بالخدمة الضئيلة للإنسانية ، قال تعالى : )وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ( [التكوير : 8-9] . فعندما كان يسمع الأب بميلاد ابنة له ، كان يمتقع وجهه من الحزن والغضب معاً ، فكان على العربى إما أن يندها حية ، وإما أن يتعرض للمهانة الاجتماعية ، فكان يأخذ ابنته إلى الصحراء ويقفها على شفا حفرة يكون قد أعدها من قبلى ، ويلقى بالطفلة الصارخة الناحبة بيديه ، ويهيل عليها التراب إلى أن يدفنها حية . وقد أشار القرآن لحال الشخص الجاهلى عندما يبشر بالأنثى فى قوله تعالى : ) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَداَّ وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ( [النحل : 58 – 59] .
لقد وصف القرآن الحقبة السابقة لدعوة النبى بالجاهلية الأولى فأجمل القرآن فى كلمتين اثنتين ما كان يحتاج شرحه ووصفه إلى عدة مؤلفات .
ساحة النقاش