الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

الدرس الثالث

ديانات العرب قبل الإسلام

الأهداف الإجرائية للدرس:

-       تحدد بعض ديانات العرب قبل الإسلام :

-       تذكر مفهوم عبادة الأصنام .

-       تكتب آلهة العرب قبل الإسلام.

-       تذكر الأديان السماوية فى شبه الجزيرة العربية.

شهدت بلاد العرب كثيراً من العقائد الدينية المختلفة قبل الإسلام ويمكن تقسيم أديان العرب فى الجاهلية إلى قسمين :

1-   أديان وضعية وهى الوثنية .

2-   أديان سماوية وهى اليهودية والنصرانية .

عبادة الأصنام :

انتشرت عبادة الأصنام والأوثان فى سائر بلاد العرب وكان مركزها الأقوى فى مكة ويرجع سبب عبادة الأصنام إلى أن بنى إسماعيل لما ضاقت بهم سبل العيش فى مكة نتيجة لكثرة عددهم تركوها وساحوا فى البلاد وحمل كل منهم حجراً من حجارة الكعبة تعظيماً لها وتبركاً بها فحيثما نزلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة وعلى مدى الدهر عبدوها ونسوا ما كان عليه آبائهم فصاروا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان روى أن عمرو بن لحى خرج من مكة إلى الشام فى بعض أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء وبها يومئذ العماليق رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التى أراكم تعبدونها ؟ فقالوا له : هذه الأصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم أفلا تعطونى منها صنماً فأسير به إلى أرض العرب فأعطوه صنماً يقال له هبل فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه وكان عمرو بن لحى يطعم الناس ويكسوهم فى المواسم ولهذا لم يرفضوا له أمراً وكانت التلبية من عهد إبراهيم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك حتى كان عمرو بن لحى فبينما كان يلبى تمثل له الشيطان فى صورة شيخ يلبى معه فقال عمرو لبيك لا شريك لك فقال الشيخ إلا شريكاً هو لك فأنكر ذلك عمرو وقال وما هذا فقال الشيخ قل تملكه وما ملك فغنه لا بأس بهذا فقالها عمرو فدانت بها العرب فصاروا يقولون لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه ومالك فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده .

ثم عمرت الأوثان الكعبة وانتشرت فى سائر بلاد العرب وقد بلغ عدد الأوثان فى مكة عام الفتح 360 صنماً وضعت حول الكعبة . أما عن عقيدتهم فى تلك الأصنام فكانوا فريقين الأول كان يعبدها على أنها تشفع لهم وتقربهم إلى الله أما البعض الآخر فكان يعبدها على أنها هى الآلهة التى تضر وتنفع وتعطى وتمنع وتحى وتميت . ولم يكتفى أهل مكة بالتقرب إلى أصنام البيت الحرام وأوثانه وحدها بل وضعوا أصناماً فى بيوتهم تقربوا إليها فى الليل والنهار وكان سائر الناس فى الحجاز وفى جزيرة العرب يفعلون ذلك حتى الأعراب كانوا يحملونها معهم ولم يكن فى قريش رجل بمكة إلا وفى بيته صنم إما مستورد وإما من صنع مكة وكان فى مكة رجل يقال له أبو تجارة يعمل الأصنام فى الجاهلية ويبيعها وكان الرجل إذا دخل بيته يسمح الصنم وإذا خرج يمسحه تبركاً به ولعجب ما نرى بيت الله الحرام يضم صور الملائكة والأنبياء التى تمثل النصرانية فى قاعة واحدة مع الأصنام وهذه المتناقضات ملئت حياة قريش . وكان الرجل إذا أراد السفر تمسح بالصنم حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله فلما بعث الله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالتوحيد قالت قريش : ) أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ( [سورة ص : 5] .

وقد استحدث بعضهم أصناماً جديدة جلبوها من أسواق الشام مصنوعة من المرمر وكانوا حين عودتهم إلى مكة يضعونها فى البيت الحرام .

ومن آلهة العرب قبل الإسلام :

1-  هبل : وهو تمثال ضخم من عقيق أحمر على شكل إنسان مكسور اليد اليمنى ولهذا صنعت له قريش يداً من ذهب تعظيماً لشأنه وقد وضع أمام هبل سبعة قداح يشرف عليها رجل يعرف بصاحب القداح فكان من يعزم على شىء يضرب القداح عليه سواء كان زواج أو سفر وغيره من أمور الحياة فيخرج الجواب بنعم أو لا .

2-  اللات : هو صنم قديم عبارة عن صخرة مربعة بيضاء أقيم عليها بيتاً عظيماً وقامت على خدمته كما فعلت قريش بالكعبة وكانت الطائف مركز عبادته إلا أن قريش أيضاً عظمته وكذلك سائر العرب فكانوا يتقربون إليه ويسمون أبناءهم به وعندما أسلمت ثقيف أرسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) المغيرة بن شعبة فهدمها وأحرقها .

3-  العزى : وكان فى مكان يسمى نخلة فى الطريق من مكة إلى العراق وكانت العزى من أعظم آلهة العرب وكانت قريش تخصها بالزيارة وتذبح عندها الذبائح وقد أرسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد الفتح خالد بن الوليد إليها فأزالها .

4-  مناة : وكانت صخرة سوداء على ساحل البحر الأحمر فى الطريق بين مكة والمدينة وكانت الأوس والخزرج وغيرهم يعظمونها وقد أزالها بعد الفتح أبا سفيان بن حرب أو على بن أبى طالب على اختلاف الروايات بأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) .

وكانت العرب تقدس هبل واللات والعزى ومناة وتقسم بهم وتقول بأنهن بنات الله وشفاعتهن مقبولة عنده .

وقد ورد ذكر هذه الثلاثة فى الآية الكريمة : )أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى( [النجم : 19-20] .

ثانياً : الأديان السماوية فى شبه الجزيرة العربية :

اليهودية : كانت اليهودية بخيبر وما جاورها ، ويثرب ، وفى بلاد اليمن ، والحق أن اليهودية لم تجد قبولاً ، ولا انتشاراً فى بلاد العرب ، ولعل ذلك لأن اليهود يزعمون أنهم شعب الله المختار ، فذلك لم يقبل العربى أن يدخل ديناً يجعله فى طبقة دعاة هذا الدين ، وأيضاً فقد كانوا لا يهمهم نشر دينهم ، بقدر ما يهمهم جمع الأموال ، هذا إلى أن أخلاقهم التى كانوا يتصفون بها من اللؤم ، والغدر ، والخيانة ، والحرص والشره إلى المال ، والتى تعتبر على الضد من أخلاق العرب – زهدت العرب فى دينهم .

المسيحية : ظهرت فى فلسطين ثم انتشرت فى الشام واليمن وبخاصة فى نجران ، وفى شمال الجزيرة فى دولة الغساسنة ، وقد كانت وثيقة الصلة بالروم ، فمن ثم انتشرت فيها المسيحية أكثر من غيرها ، وفى الحيرة فقد تنصر معظم الأسرة المالكة . ثم دخلت إلى بلاد العرب إلا أنها لم تستطيع التغلب على الوثنية فى بلاد العرب أولاً أن المسيحية كانت تعاليمها معقدة وفرقها عديدة من نسطورية ويعقوبية وملكانية مما صرف العرب عنها ، كما كانت تعاليمها منافية لأخلاق العرب فمن تعاليمها " من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر " ومن تعاليمها السلم والابتعاد عن الحرب والعربى لا غنى له عن الحروب .

الحنفاء من العرب : وهؤلاء لم يعبدوا الأصنام بل كانا على بقية من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ومن هؤلاء ورقة بن نوفل وعبد الله بن جحش وأمية بن أبى الصلت . وقد اكتفى هؤلاء بالابتعاد عن عبادة الأوثان ولم يتقربوا إليها واكتفوا بذلك مع الاقتناع بفساد معتقدات قومهم دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة الجهر بآرائهم والمناداة بها علناً ولهذا لم تكن علاقتهم مع قومهم سيئة ولم يحتكوا بهم بعكس الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذى كان صاحب رسالة وعقيدة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 112 مشاهدة
نشرت فى 26 أكتوبر 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,451