الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

طبيعة عملية القراءة

تشترك جميع اللغات الإنسانية في ثلاثة مكونات أساسية هي: الأصوات، والدلالات، والتراكيب. وفي ضوء هذه المكونات اتسمت كل لغة بنظامها القرائي؛ حيث تمثل القراءة في كل لغة أفضل مظهر فكري، وأعظم إنتاج حضاري. وهي تتكون من عمليتين منفصلتين: العملية الأولى: الشكل الإستاتيكي، أي الاستجابة الفسيولوجية لما هو مكتوب. والعملية الثانية: عملية عقلية يتم من خلالها تفسير المعنى، وتشمل التفكير والفهم والاستنتاج. فالقراءة بهذا المعنى عملية تفكير معقدة تشمل أكثر من مجرد تعرف الكلمات المطبوعة، وتعتبر العملية الأولى هي الوسيلة لتلك الغاية الثانية، أعني التفكير والفهم والاستنتاج.                            

وهناك عدد من النظريات والنماذج والشروح للسلوك اللغوي القرائي، تختلف باختلاف النظر إلى طبيعة عملية القراءة، ومفهومها، وكيفية حدوثها. فينظر البعض إلى القراءة على أنها عملية تأملية تحدث في شكل عمليات مرحلية متداخلة متسلسلة، تستهدف الحصول على المعاني من المادة المكتوبة، وهي عملية دائرية تبدأ بالتركيز على الكلمة المكتوبة، وتنتهي بالحصول على المعنى، وفي هذه العملية يقوم القاريء بتحريك عينيه عبر السطور، بحيث يركز بصره على نقاط محددة، هي بمثابة مفاتيح لأهم المعاني المتضمنة، ويقوم القاريء بالتفاعل معها من خلال خبراته، ومفاهيمه السابقة؛ ليكون صورة ذهنية واضحة عن المقروء.                                                                              ( محمد سالم: 2002، 43)

وتناول "هاريس" Harris القراءة من خلال نموذج تفاعلي، فهو يعتبر أن المعنى يكمن في السياق اللغوي، وفي السياق العقلي للقاريء معا، والحصول على المعاني من المقروء يتم نتيجة للتفاعل غير المرئي بين هذين السياقين. والقاريء في هذا النموذج هو الذي يكون المعاني ويولدها، وأن القراءة هي مفتاح لعمليات عقلية تالية يقوم بها القاريء: كالتصنيف، والتحليل، والنقد، والتنبؤ.                                                   ( مراد عيسى، 2006، 81 )

ومن الملاحظ أن النموذجين السابقين ( النموذج التفاعلي، والنموذج الاجتماعي الثقافي ) يركزان على أن عملية القراءة تتم في جو من التفاعل المتبادل بين القاريء والكاتب من جهة، وبينهما معا وبين السياق الثقافي والاجتماعي من جهة أخرى، فالمعاني تكمن في السياق الفكري للقاريء من خلال خبراته ومعلوماته، وفي السياق اللغوي للكاتب وهي النصوص المكتوبة، ولا يتم فهمها إلا من سياقاتها الثقافية والاجتماعية لكل من القاريء والكاتب، كما يؤكد النموذجان على أن القراءة ما هي في جوهرها إلا مفاتيح لعمليات أخرى كالتصنيف، والتحليل، والنقد، والإبداع.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1019 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,796