أولا) في الشكل: الواقعية الرقمية/النظرية العامة
1- استخدام وسائل العصر الرقمي في الفعل الكتابي الإبداعي ويدخل ضمن هذا الباب استخدام مؤثرات المالتي ميديا المختلفة من صوت وصورة وحركة وجرافيكس ..الخ في الكتابة أي اجتراح لغة جديدة كاملة ومختلفة لا تعتمد على الكلمة فقط بل تغدو الكلمة جزءا واحدا منها وفي بعض الأحيان يمكن الاستغناء تماما عن الكلمة في الكتابة كما فعلت مع بعض روابط "صقيع" مثلا.
2- استخدام البعد التشعبي (الترابطي) في الفعل الكتابي فلم تعد الكتابة خطية أفقية كما هو الحال في الكتابة المتبعة في العصر الورقي بل أصبحت كتابة ذات أبعاد مختلفة ومتعددة يوفرها إمكانية استخدام الروابط أو الهايبرتكست كما يطلق عليها، وهذه إمكانية هائلة تعطي للكاتب والكتابة غنى لم يكن متوفرا لها في السابق.
3- ما سبق يعني تغير معنى الكتابة والكاتب نفسه، فلم تعد الكتابة مجرد كلمات على ورق بل غدت عملية شمولية معقدة تعتمد على لغة جديدة مختلفة وأدوات أخرى لم تكن متوفرة للكاتب الورقي في السابق وهو ما يعني تغير فعلي على معنى الكاتب نفسه الذي لم يعد يكفيه أن يتقن لغة الكلمات بل أصبح مطلوبا منه إتقان لغة أخرى الكلمة فيها جزء من كل. وهذا الكاتب الجديد هو الكاتب الرقمي الضليع بهذه اللغة الجديدة.
4- الاستخدام المكثف للنظريات والقوانين العلمية والرياضية المختلفة في الفعل الكتابي مثلا في رواية "ظلال الواحد" استخدمت قوانين رياضية بحتة مثل حسابي التفاضل والتكامل في البنية السردية نفسها إضافة لاستخدام "قانون الثيرمودايناميكس" في العملية الكتابية وهذا غنى آخر تأخذه الكتابة قليلا ما تم استخدامه من قبل.
5- كتابة الواقعية الرقمية تحتاج لوعاء جديد يحملها فمن المستحيل تقريبا نشر هذه الكتابة في وعاء ورقي بل يجب نشرها في وعاء الكتروني قادر على حمل اللغة الجديدة وهذا الوعاء قد يكون الكتاب الالكتروني بأشكاله المختلفة أو النشر عبر شبكة الانترنت، فقد انتهى عصر الكتاب الورقي في هذه الكتابة.
6- مما سبق يمكن تعريف الواقعية الرقمية في نظريتها العامة كما يلي: هي كل كتابة مهما كان مضمونها تستخدم اللغة الجديدة والتقنيات المختلفة التي وفرتها الثورة الرقمية بما فيها النص التشعبي (الهايبرتكست) ومؤثرات المالتي ميديا المختلفة في الفعل الإبداعي. ولا يدخل ضمنها الكتابة الرقمية ذات النسق السلبي المنشورة على شبكة الانترنت التي لا تستخدم النص التشعبي ومؤثرات المالتي ميديا المختلفة.
ثانيا) في المضمون (الواقعية الرقمية/النظرية الخاصة)
1- نحن نعيش حاليا ومرحليا في عصر وسيط ومتحول بين الإنسان الواقعي (القديم) الذي يعيش في المجتمع الواقعي المعتاد (الآيل للأفول) وبين الإنسان الافتراضي الذي يعيش في المجتمع الرقمي والذي هو مستقبل البشرية شاءت أم أبت.
2- وهذا العيش بين المقامين المتصل والمنفصل يفرض إشكاليات كثيرة ومتعددة على هذا الإنسان المتحول فلا هو إنسان متصل بشكل دائم ولا هو بالإنسان المنفصل بشكل دائم أيضا، هو بين بين، أي هو كائن هجين من العالمين.
3- وهذا المتصل المنفصل معا بحاجة لكتابة توثقه وترصد تحولاته ومشاعره وانفعالاته ولحظة التحول التاريخية بين كينونته الواقعية إلى كينونته الافتراضية الجديدة. الواقعية الرقمية بنظريتها الخاصة ترصد هذه اللحظات التاريخية والمرحلية التي يعيشها الإنسان الوسيط (المتحول)."شات" نموذجا
4- لقد قلت سابقا في كتاب "رواية الواقعية الرقمية" إن العصر الرقمي أنتج مجتمعا جديدا هو المجتمع الرقمي وإنسانا جديدا هو الإنسان الرقمي الافتراضي الذي يعيش ضمن المجتمع الرقمي، وهذا الإنسان الجديد يقرأ ويكتب ويبيع ويشتري ويتعلم ويتاجر ويحارب ويحب ويكره ويمارس الجنس ضمن المجتمع الرقمي الذي يعيش فيه، وعليه فهذا الإنسان بحاجة لكتابة جديدة مختلفة تعبر عنه وعن مجتمعة المختلف وهذه الكتابة هي الواقعية الرقمية في رؤيتها الخاصة.
5- وعليه يمكن تعريف الواقعية الرقمية في نظريتها الخاصة بأنها تلك الكتابة التي تعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الذي أنتجه هذا العصر، وإنسان هذا العصر، الإنسان الرقمي الافتراضي الذي يعيش ضمن المجتمع الرقمي الافتراضي وهي أيضا تلك الكتابة التي تعبر عن التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من كينونته الأولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديد كإنسان رقمي افتراضي.
6- بناء على ما سبق فيمكن تعريف نظرية الواقعية الرقمية بشقيها العام والخاص بأنها: تلك الكتابة التي تستخدم الأشكال الجديدة (اللغة الجديدة) التي أنتجها العصر الرقمي، وبالذات تقنية النص المترابط (الهايبرتكست) ومؤثرات المالتي ميديا المختلفة من صورة وصوت وحركة وفن الجرافيك والأنيميشنز المختلفة، وتدخلها ضمن بنية الفعل الكتابي الابداعي، لتعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الذي أنتجه هذا العصر، وإنسان هذا العصر، الإنسان الرقمي الافتراضي الذي يعيش ضمن المجتمع الرقمي الافتراضي وهي أيضا تلك الكتابة التي تعبر عن التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من كينونته الأولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديد كإنسان رقمي افتراضي.
مما سبق يمكننا أن نقول بثقة مستقبلية، وداعا للرواية بكل أشكالها السابقة، ووداعا للشعر بأنواعه المختلفة بما فيه قصيدة النثر، ووداعا للقصة وللأقصوصة، ووداعا للمسرح والسيناريو بطرقهما المعهودة ولنفتح قلوبنا وعقولنا لجنس إبداعي جديد يهضم الرواية والقصة والشعر والمسرح والسيناريو والسينما ووسائل التقنية المختلفة لينتج إبداعا جديدا مختلفا عن كل ما سبق، ومتسقا مع روح العصر الرقمي والإنسان الافتراضي الجديد الذي يعيش في مجتمع المستقبل، المجتمع الرقمي العابر للمكان، هناك حيث المسافة خرافة ونهاية تؤول للصفر ولا تساويه، وهناك حيث الزمن ثابت يساوي واحد مهما اختلفت الأزمان داخل الزمن الواحد وتعددت.
و.. وداعا رولان بارت وتلاميذه ومقلدوه وناسخوه، و..أهلا بكم في العصر الرقمي.
* هذا المقال يضم المحاور الرئيسية لكتاب جديد سيصدر قريبا بعنوان "ما بعد الكلاسيكية الرقمية/نحو نظرية أدبية جديدة". والمقال ليس أكثر من عرض سريع لهذه المحاور.
المصدر: محمد سناجلة
نشرت فى 9 يونيو 2011
بواسطة maiwagieh
الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية: ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م. دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م. ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
2,660,095
ساحة النقاش