أ) القراءة تساعد التلميذ على النجاح فى الدراسة :
نظراً لأن أى تعلم أو نمو يتخذ من القراءة وسيلة أساسية له؛ فقد خصصت له الخطط الدراسية نصيباً كبيراً من عدد ساعاتها، باعتبارها الأرض الصلبة التى يقوم عليها بناء التلميذ، وخاصة فى المراحل الأولى من التعليم، لأنها أهم عامل تقوم عليه العملية التعليمية كلها، وأصبحت القراءة الناجحة أهم وسيلة لتعليم منتج مثمر.
ومن ثم فالقراءة واحدة من مواد قليلة، تتطلب أن يكون كل التلاميذ متمكنين فيها، حتى يسير تعلم الفرد بنجاح؛ فكل المواد الدراسية تعتمد أساساً على القراءة، والعجز فيها يعنى عجزاً فى عملية التحصيل، وأصبح طبيعياً أن الكفاية فى القراءة مرتبطة تماماً بالنجاح فى الدراسة، ولا غنى لأى مادة عن عملية القراءة؛ حتى تتم فيها عملية الفهم أولاً، والتحصيل ثانياً؛ فهى أهم عنصر تقوم عليه العملية التعليمية كلها.
ومعنى ذلك أنها وسيلة الإعداد العلمى للفرد، وعن طريقها يمكن للفرد أن يحل كثيراً من المشكلات العلمية التى تواجهه.
"وهى أداة العالم فى الاستزادة، وفى أن يضيف إلى حصيلته الثقافية فى كل يوم شيئاً جديداً مما تخرجه المطابع ليدعم فكره بأفكار غيره، وبذلك يتسنى له الإنتاج الخصب".(سامى عبد الله 2003 ، 79)
فمعنى أن يقرأ التلميذ أنه لن يحدث قط ارتداد إلى الأمية، وأن يحسن القراءة معناه: أن يدرس جيدا للغة والعلوم وباقى المواد، وأن يقبل على القراءة، ويحب الكتاب، ويعنى ذلك مستقبلاً "التعليم المستمر"، ويعنى التثقيف والموسوعية، أما إذا توقف عن القراءة فذلك يعنى: توقف نموه الذهنى والثقافى والعلمى".
وقد أثبتت البحوث التربوية التى أجريت على التلاميذ، "أن هناك ارتباطاً إيجابياً مرتفعاً، بين القدرة على القراءة كما تقيسها الاختبارات المقننة للقراءة والتقدم الدراسى".
(سامى عبد الله 2003، 77)
ب – القراءة وسيلة اكتساب المعرفة :
القراءة توسع دائرة خبرة التلاميذ وتنميتهم، وتنشط قواهم الفكرية، وتهذب أذواقهم، وتشبع فيهم حب الاستطلاع النافع لمعرفة أنفسهم، ومعرفة الآخرين، ومعرفة ما يحدث فى أزمنة وأمكنة بعيدة، وهو يرغب بازاء هذا فى معرفة ما يتصل بالأشياء والحوادث المألوفة له، وكلما أشبعت رغبته فى الاطلاع ازدادت خبرته، وصفا ذهنه، واكتسب سعة المعرفة بالعالم الذى يعيش فيه.
وبالإضافة إلى أهميةِ القراءة للطلاب فى مجال دراستهم، فإنها تساعد بصورة عامة على التكيف الشخصى خاصة أن عصرنا يتسم بعدم الاستقرار،حتى أنه سمى بعصر، القلق ولذلك فإن الشباب - وأغلبهم قليل الخبرة - فى حـاجة ماسة إلـى التوجيه والمساعدة، للتغلب على كثير من المشكلات التى تواجههم ، إذا أضفنا إلى ذلـك ما تفـرضه طبيعـة مجتمعاتنا المحافظة، والتى تجعل كثير من الشباب يحجمون حياء عن طرح بعض الأسئلة لوجدنا أن القراءة تمنحهم إجابات وافية عن كل ما يجول فى خواطرهم ويقلقهم .
ولقد حدد ( كورى Cory ) المشكلات التى يواجهها الشباب،والتى تسهم القراءة فى حلها وهى:
- التكيف الاجتماعى مع أقرانهم فى السن .
- التحرر من سلطة الوالدين مع الاحترام والمحافظة على حبهما.
- التعرف على أجسامهم خاصة فى مرحلة المراهقة .
- بدء تحمل المسئوليات الاجتماعية والاقتصادية .
- الثقة بالنفس وتكوين قيم أخلاقية . (إسماعيل أبو العزايم ،1983، 14 )
وتعد القراءة بالنسبة للفرد أحد منافذ المعرفة، فتقدم له ما يحتاجه من المعلومات والأفكار، وتضع أمامه طموح الماضى والحاضر وأماله وعن طريقها يمكن للفرد أن يمتد من البيت والأسرة والمجتمع عبر البحار إلى العالم كله فى ماضيه وحاضرة.
وبواسطتها يطل الإنسان على الفكر الإنسانى طولا وعرضاً، وعمقا واتساعاً، وهى لا تقف بالإنسان عند معرفة عصره فقط، وثقافة معاصريه، ولكنها تعبر إلى الماضى، ثم تشق له غيار المستقبل أملاً وإشراقاً وتطلعاً؛ فالفرد بالقراءة يلتقى مع فكر الإنسان المتنوع، فهو بالقراءة مع الأديب يكتسب ذوقاً ورهافة حس، ومع العالم يقرأ عن العدم وتطوره واكتشافاته لظواهر الكون، يسبح بها فى الفضاء ويغوص فى الأعماق ويمشى على الأرض.
ولا ريب فى أن القراءة الواسعة لا تعين على فهم الحياة والتعبير عنها فحسب، بل هى شىء لا يستغنى عنه للوصول إلى مستو رفيع فى القراءة الجيدة أقدر كثيراً على فهم ما يقرأ من القارئ المحدود الثقافة، ويمكن القول بصفة عامة: إن العلاقة الذهنية التى يدركها تكون أكثر خصوبة ووضوحاً وتأثيراً.
(ج) القراءة تبنى شخصية التلميذ:
ترتبط القراءة بجوانب نمو الشخصية؛ فالقارئ شخص ناضج، ولديه القدرة على الارتقاء فى هذا النضج؛ فالقراءة نتيجة للنمو ومؤدية إليه، وهذا ما يعزى إليه تحرر المتعلم من معظم الأعراف الفاسدة، والخرافات المتوارثة، وتميز المتعلمين بالإبداع العقلى، والابتكار العلمى، والاتزان الشخصى.
والقراءة لها تأثيرها فى بناء شخصية الإنسان وتكوينه؛ فالإنسان صنع بيئته وصنع ثقافته، فقراءته تكون تفكيره وتخلق لديه اتجاهات أو تعدلها، وتوجد عنده الكثير من الميول، أو تقضى عليها، وهى فوق هذا تعطى الإنسان القارئ شخصية متميزة؛ فغذاؤه العقلى عن طريقها يعطيه بين زملائه وأقرأنه إحساساً بالثروة الفكرية وغنى فى التفكير، وسموا فى الثقافة فيحس بذاته بين الآخرين، وينال تقديرهم، فهل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون.
كما أن أهم وسيلة للتنمية الفكرية والوجدانية هى القراءة؛ ذلك لأن الفرد لا يمكن أن يتقدم أو ينمى نفسه بدون تعرف وسائل ذلك التقدم، وهذه التنمية، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالقراءة، والقراءة الجادة المستمرة، وما نظن أن مخترعاً عظيماً أو أدبياً بارعاً ولد هكذا، بل إن الابتكار والاختراع وليد المعاناة وليد القراءة والكد والتعب؛ إذ أن هناك علاقة وطيدة بين الفكر واللغة، وبمقدار ما يقرأ الفرد يسمو فكره وتظهر مواهبه، وتتسع آفاقه وتبزغ ابتكاراته.
ولذا كان أول ما نزل من القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً بالقراءة فى قوله "أقرأ"، وهذا أول ما خوطب به الرسول الكريم وخوطب به كل إنسان من بعده، فإذا أمر الله الإنسان بأن يقرأ فإنما يأمره بأن يطمح إلى الكمال ويسعى إليه، وبهذا الأمر تصبح القراءة حقاً شائعاً لكل إنسان بل واجباً محتوماً على كل فرد يريد أن يحيا حياة صالحة.
وقد نبغ كثير من العلماء والمفكرين فى مجالات شتى من العلوم بواسطة القراءة، دون أن يدخلوا المدرسة، وينالوا الشهادات الرسمية، وكان طريقهم فيما وصلوا إليه من نبوغ وتفوق، الاعتماد على القراءة "فمن يقرأ تاريخ العلماء والأدباء والفلاسفة العظام، يجد أن الصفة الجامعة بين هؤلاء جميعاً هى الفهم القرائى، وأى إنسان يحاول أن يتصدى للقيادة الفكرية والاجتماعية أو السياسية لابد أن يقرأ ويقرأ.
ولهذا يعتبر فولتير صائباً فى إجابته عن سؤال "من يقود الأمم" حين قال " يقوم الأمم هؤلاء الذين يقرءون ويكتبون".
ولا نتوقع أن يصل إلى القيادة أمى؛ لأن الأمم لا تتقاد إلا لمن يتوفر فيه سعة الإطلاع والثقافة والمرونة وقوة الشخصية، ذلك الشخص الذى يواكب روح العصر، ويتمثل اتجاهاته، ويتكيف مع متطلباته، ولا تتوفر هذه الصفات إلا الإنسان القارئ الجيد، ومن ثم فكل رجل عظيم قارئ عظيم.(سامى عبدالله ،2003، 80)
(د) القراءة تنمى ثقافة تلميذ هذه المرحلة :
تلعب القراءة دوراً عظيماً فى تثقيف التلميذ، وتساعده على تكوين فلسفة خاصة للحياة، تساعده على فهم ذاته وفهم الآخرين من حوله، والعلاقة بين الثقافة والقراءة علاقة تبادلية، بمعنى أن القراءة تنمى ثقافة الفرد وتوسع دائرة خبرته، كما أن الثقافة تجعل الفرد قارئا جيداً.
وفى ظل العصر الحاضر تبدو الحاجة ملحة إلى القراءة؛ فعصرنا يتميز بالتفاعل الحى الغنى مع الثقافات الأخرى، وازدياد التكامل بين أجزاء العالم المختلفة يوماً بعد يوم، ويتميز أيضاً بطموح الإنسان فيه إلى العدالة والحرية والرخاء والتفاهم الدولى، وهو عصر الانفجار المعرفى والمعرفة البشرية، التى تتضاعف كل عشر سنوات، بل كل ثلاث سنوات، والآن تتضاعف كل ثمانية عشر شهراً، وستتناقص المدة التى تتضاعف فيها المعرفة، ولابد من مسايرة العصر حتى لا نكون تابعين للآخرين.
وتتميز ثورة المعلومات فى عصرنا بأنها جذرية ومتلاحقة إضافة إلى أن الانفجار المعرفى والانفجار السكانى، يحتاجان إلى صدمات حضارية لإزالة هذه الإشكالية، وهذا يتطلب منا التركيز على أسلوب التفكير أكثر من التركيز على مادة المعرفة.
ووسيلة ذلك كله القراءة الجادة المستمرة الواعية والهادفة، مما يمكننا من ملاحقة ذلك التطور، وتلك القفزات الحضارية الهائلة فى تاريخ البشرية، ولا تكفى القراءة فقط، بل لابد أن يعمل الإنسان فكره فيما يقرأ.
والقراءة وسيلة هذا التلميذ فى تزويده بالأفكار والمعلومات، كما أنها تساعده على أن يقف على تراث الجنس البشرى، وهى أهم الينابيع التى يستقى الإنسان منها معلوماته وهى : التجارب الشخصية، والحديث مع الناس و القراءة، ولاشك فى أن القراءة أوسعها، وأقلها كلفة، وأبعدها عن الخطأ فعن طريقها يستطيع الإنسان مواصلة تعليمه وثقافته دون الارتباط بعمر أو مرحلة دراسية، وهو ما تؤكد عليه التربية الحديثة، من الاتجاه إلى العناية يغرس مهارات التعلم الذاتى المستمر لدى التلاميذ منذ نعومه أظفارهم، ولا ريب أن القراءة هى الوسيلة الفعالة لتحقيق هذا الاتجاه، وخلق المواطن القادر على تثقيف نفسه، وإعداده للحياة.
وكما تذكر( كارن زيلان ، Carn Zelan , 1985 )أن القراءة تخلق صلة وثيقة بين الفرد القارئ وبين جوانب الحياة، كالمعرفة، والثقافة اللتين ولدتا الأعمـال والروائع الأدبية ، وللقراءة أهمية أخرى باعتبارها وسيلة من وسائل المتعة، والتسلية ، وظروف عصرنا تفرض على الفرد أن يخصص وقتاً للمتعة والتسلية تخفيفاً من ضغوط الحيـاة ، وعلى الرغم مـن وجود كثيـر مـن وسائـل المعرفة إلا أن الكلمة المكتوبة ستظل هى باب المعرفة الواسع.( كـــارن زيلان ،1985: 53 )
هـ – القراءة تساعد التلميذ على حل مشكلاته :
فى ظل العصر الحاضر يواجه الإنسان أموراً لا حصر لها، وتتطلب منه القراءة والكتابة، وتسبب للأمى مشكلات كثيرة، بل إن حاله يستدعى الشفقة، ومن هذه المشكلات حاجته إلى قراءة لافتات الشوارع، وأرقام الأتوبيسات، والتليفونات ونشرات الأدوية، والإعلانات المختلفة، والبريد، والاستفتاءات والصحف اليومية، وجداول السكة الحديد والخرائط وقراءة الكتب، التى تقدم الإرشادات العملية مثل إجراء التجارب، وكتب الإرشاد والطهو والعلوم وما إليها.
كما أنه يواجه مشكلة انخفاض مستوى المعيشة، وكيفية التغلب عليها بزيادة الإنتاج، وابتكار وسائل حديثة فى قطاعات العمل المختلفة، كما يواجه مشكلة كيفية استخدام الوسائل المستخدمة فى تكنولوجيا الصناعات وغيرها، بأن الشخص الذى يقرأ يستطيع أن ينجز من الأعمال أضعاف ما ينجزه الشخص الذى لم يتلق أى نوع من التعلم؛ فالقراءة بمفهومها الحديث لم تعد وسيلة لنقل التراث الإنسانى، بل أنها أصبحت أداة من أدوات حل المشكلات وليس غريباً أن نجد بعض الذين يقرءون، يقرءون بغرض حل المشكلات التى تعترضهم من خلال قراءاتهم للآخرين؛ لأنه بذلك كمن يستثير غيره.
و – القراءة تساعد التلميذ على الاستمتاع والراحة:
من الوظائف التى يمكن أن تؤديها القراءة للتلميذ تحقيق المتعة والراحة النفسية، وتعتبر القراءة فى حد ذاتها متعة للقارئ، ولا سيما إذا تخطت حدود المناهج المفروضة، وكانت من اختيار الفرد، ولذلك فإنما يفرض قراءته على الإنسان بدون إرادته واختياره تكون الإفادة منه قليلة.
وتعد القراءة أهم طريق يمكن أن يأتى عنه استمتاع الشخص وامتناعه؛ فبرغم من أن وسائل الإعلام المختلفة كالراديو والتليفزيون والسينما قد جذبت الكثير من الناس إليها، إلا أن القراءة لا تزال أهم مصدر لطلب الراحة للنفس، وإذا ما أصبحت القراءة عملية استمتاع للقارئ استطاع أن يقضى وقتاً تراه فيها متلذذاً، وهو يعيش أراء الآخرين وأفكارهم، وهذا يتوقف إلى حد كبير على وجود الميل إلى القراءة.
وتزداد أهمية القراءة باعتبارها وسيلة إمتاع الفرد، ولا سيما فى هذا العصر الذى غلبت فيه القيم المادية على القيم الإنساني، والتى تأزمت وتعقدت فيه أمور الناس بدرجة رهيبة، وتؤدى القراءة هذه الوظيفة؛ لأن القارئ فى العادة ينتقل بالقراءة من المحيط الذى يعيش فيه إلى آفاق أخرى أكثر اتساعاً، وأهدأ جوا، وأبعد عن مشاكل الحياة وأزماتها، وهو فى بعض الأحيان قد يتقمص شخصية بطل المأساة أو المبلاة، وهو فى هذا قد يقارن ما هو فيه، بما كان فيه البطل الذى يقرأ عنه.
ومجال الأدب مجال خصب للقراءة من أجل المتعة والاستمتاع؛ حيث إن قراءة الأدب تنسى الإنسان مشاكله، وتبعده عما يقلقه، وتساعده على إنعاش عقله وتفتحه؛ فيعيش بعض الوقت فى ساحة روحية مسترخياً متمتعاً بما هو فيه، ولا شك أن هذا يساعده على تجديد نشاطه وحيويته.
ويعد اختيار موضوعات كتاب القراءة تبعاً لما يميل إليه الطلاب فى القراءة خير معين لتؤدى القراءة وظيفتها فى الترويج عن النفس والتسرية عنها.
ز – القراءة تساعد الفرد فى التوافق الشخصى والاجتماعى:
فكل جيل من الأجيال تواجهه مشكلات رئيسه فى عملية التوافق الشخصى والاجتماعى، والقراءة تساعد الشباب على اكتساب الفهم والاتجاهات، وأنماط السلوك المرغوب فيها، والمشكلات التى يواجهها الشباب تتمثل فى الحاجة إلى الصحة الجسمية، وعلاقاتهم مع الزملاء، والاستقلال عن الوالدين، وكيفية الوصول إلى مستوى الكبار اقتصادياً واجتماعياً والثقة بالنفس، واكتساب فهم أساس، واتجاهات ضرورية لهذا المشكلات، وعن طريق القراءة يستطيع الشباب أن يأخذوا خبرة الآخرين التى تساعدهم فى عملية التوافق وحل المشكلات.
وتساعد القراءة التلميذ على اختيار العمل الملائم، والاستعداد له، وتحمل المسئولية الاجتماعية باعتباره فرداً من أفراد هذا المجتمع، وهى وسيلة لتهذيب النفس وإصلاح الخلق؛ فقراءة قصص الأنبياء والأبطال والمصلحين تحببنا فى أنماط سلوكهم وتحملنا على الاقتداء بهم.
ويساعد النجاح فى القراءة على شعور التلميذ بالرضا، وإقباله على المدرسة، أما إذا فشل الفرد فى القراءة فيترتب عليه رغبة فى ترك المدرسة، ومشاعر عدوانية تجاه ما يتعلق بالقراءة من مواد أو أفراد، ويعزى بعض التسرب فى المرحلة الابتدائية إلى فشل التلاميذ فى القراءة.(وجيه المرسى ،2001 ، 67)
(2) وظيفة القراءة للتلميذ فى علاقته مع مجتمعه:
لا شك فى أن المجتمعات التى تنغلق على نفسها، وتصادر الفكر والرأى، ولا تشجع العلم والمعرفة، تعرض نفسها للتخلف والتدهور والفقر والجهل؛ فالتقدم الحقيقى للمجتمعات يكون بقدر ما يسمح فيه بتبادل الآراء واحتكاك المعرفة، وصراع الفكر؛ فالقراءة هى الشعاع الذى يبدد ظلمات الجهل والفقر والمرض، ولذا يعد من أهم أهداف اليونسكو محو الأمية لتحقيق التفاهم العالمى.
وتتمثل أهمية القراءة بالنسبة للمجتمع فى عدد من الجوانب نتحدث عنها بشىء من التفصيل فى النقاط التالية:
(أ) القراءة أداة الاتصال بين التلميذ ومجتمعه :
تلعب القراءة دوراً هاماً فى تحقيق التفاهم بين أفراد المجتمع الواحد ووسيلة هامة من وسائل الاتصال بين أفراد ذلك المجتمع، بل أهمها على الإطلاق؛ حيث يتسم الاتصال بوسائل الاتصال الأخرى غير القراءة بأنه اتصال محدود بزمان ومكان معينين، ولم يقنع الإنسان بهذا الاتصال المحدود؛ ولهذا أعمل فكره فى ابتكار وسيلة يتغلب بهما على هذه القيود الزمانية؛ فاخترع طريقة صناعية للإفهام هى الكتابة، طريقة صناعية للفهم هى القراءة، وبهذا أمكنه أن يفهم عن الماضين بقراءة آثارهم، وأن يترك أفكاره ليفهمها عنه من سيأتون بعده.
وبواسطة القراءة تستمر حياة المجتمع، سواء كان نامياً أم على جانب كبير من التقدم على حد تعبير جون ديوى؛ فالقراءة لازمة لحياة الفرد النامى وحياة المجتمع الراقى، فالثراء الفكرى الذى يحتاجه الفرد ويحصل عليه بواسطة القراءة يحتاجه المجتمع أيضاً؛ فالاتصال الفكرى هو الدعامة الأولى التى يقوم عليها المجتمع.
لقد أعطى رجالُ التربية اهتمامًا متزايدًا للقراءة ؛ لأنها إحدى فنون الاتصال اللغوى ذات الصلة العميقة بحقل التربية والتعليم ، فهى وسيلة لتوسيع معلومات الطلاب اللغوية، و تساعدهم على التقدم الدراسى فى كل المواد . (عبد المنعم سيد عبد العال 1998: 9 )
ولاشك أن المجتمع الذى يقرأ، ويتبادل أفراده الأفكار والآراء دوماً هو مجتمع قوى قادر على الحياة والنمو؛ لأن الصلة الفكرية بين أفراده قوية، وهذا يعنى أن خبراتهم مشتركة ومصالحهم واحدة، أما المجتمع الذى انعدمت هذه الرابطة الفكرية بين أفراده أو ضعفت، مثل هذا المجتمع يصيبه الانحلال والضعف لا محالة، فمهما بلغ عدد أفراده ومهما توالدهم.
والقراءة ليست وسيلة اتصال أفراد المجتمع الواحد فقط، بل هى أيضاً وسيلة هامة للاتصال الفكرى والحضارى بين أفراد المجتمع العالمى، وشعوب الكرة الأرضية، ويساعد هذا الاتصال فى زيادة التقارب والتفاهم بين شعوب الدول المختلفة، وهذا يؤدى إلى معالجة المشاكل المزمنة التى تكون بين الدول بالأساليب السياسية والدبلوماسية بدلاً من أسلوب الحروب.
ويؤدى الاتصال بمجتمعات الدول الأخرى إلى تبادل المصالح والخبرات، وتبادل التعاون بين الدول فى ظل نظرة جديدة تدعى "النظام العالمى الجديد".
ب – القراءة أداة التقدم الاجتماعى :
تسهم القراءة فى رقى المجتمعات الإنسانية؛ فهى وسيلة فذة للنهوض بالمجتمع، وارتباط بعضه بعض، عن طريق الصحافة، والرسائل والمؤلفات والتقدم والتوجيه، ورسم المثل العليا، ونحو ذلك مما تقوم به الكلمة المكتوبة مقام الألفاظ المنطوقة.
ليس ثمة شك فى أن تقدم المجتمعات يرتبط بتقدمها فى مجال العلم والتكنولوجيا، ودراسة العلم وتطبيقه يحتاجان إلى القراءة؛ فبالقراءة مثلاً يستطيع الإنسان أن يعرف كيف يطورها؛ فالمجتمع لا يستطيع أن يبنى ويشيد إلا إذا كانت القراءة هى الأداة الأولى فى تطوير صناعة ما أو إنشائها".
وبالقراءة تسير الأعمال فى كل وزارات الدولة، ومؤسساتها، ويعرف كل إنسان ما عليه من حقوق وواجبات؛ فالقراءة لها دور خطير فى تنظيم المجتمع أفراد يتعاملون، ويتبادلون المصالح، وحكومة تهيمن على هذه الحياة الاجتماعية، ومن اليسير أن ندرك أهمية القراءة فى تنظيم ورقى المجتمع إذا تصورنا أن موظفى إحدى الوزارات أو إحدى المصالح قد امتنعوا يوماً عن كل ما فيه قراءة.
ولقد أشار كثير من الساسة إلى أن بناء المصانع سهل، ولكن بناء البشر صعب، وليس ثمة شك فى أن المدرسة التى تستطيع تعليم القراءة الجيدة لتلاميذها، تؤدى بمجتمعها إلى التقدم والرفاهية، وليس أدل على ذلك من أن روسيا حين نجحت فى إطلاق أول قمر صناعى لها، اهتزت الأوساط التربوية فى أمريكا سعياً وراء معرفة سبب ذلك، وبعد دراسات مستفيضة أرجع السبب فى تقدم روسيا على أمريكا إلى أن المدرسة الأمريكية فشلت فى تعليم التلاميذ القراءة الجيدة.
فلولا القراءة ما تقدمت الحضارة اليونانية قديماً، وحضارة الإسلام منذ مطلع العصر الإسلامى حتى العصر المملوكى، ولما تقدمت حضارة روسيا وأمريكا، وجدنهما تغزوان الفضاء وتدوران حول القمر، ونحن نتفرج فقط، دون حتى أن نسأل ما سر تقدم هؤلاء؟ لقد تقدم المسلمون إبان نهضتهم؛ لأنهم اهتموا بالقراءة لأسباب دينية، واهتموا بالترجمة عن الحضارات القديمة، فتمثلوا تلك الحضارات ثم جاءت النهضة الأوربية وبدأت من حيث أنتهى المسلمون، ومن ساعتها ونحن عاله، على غيرنا نستورد كل شىء حتى غذاءنا.
ج – القراءة تساعد على نقل التراث الثقافى وتطوره :
تطلق الثقافة على الأشياء التى يعرفها الناس، والتى تعلموا القيام بها، والتى يعتقدون فيها، والتى يستخدمونها، والتى يقدرونها، والتى يستمتعون بها.
والتراث الثقافى والاجتماعى ينتقل من جيل إلى جيل، ومن فرد إلى فرد، عن طريق ما يدون من سجلات، وما يخط أو يطبع من كتب يقرؤها كل من يشاء حين يشاء، ثم أن الصلة بالمادة المكتوبة أو المطبوعة تساعد فى رفع مستوى المعيشة، وفى دعم الروابط الاجتماعية، وفى تنمية التذوق وتعميق العواطف الإنسانية.
ومعنى ذلك أن القراءة هى الوسيلة فى نقل هذا التراث وتطويره وتنميته، ومن أجل هذا كانت القراءة نشاطاً تعليمياً أولته المدرسة جل اهتمامها وأخذت به الأطفال منذ نعومة أظفارهم.(سامى عبد الله 2003 ،80)
وتعد القراءة وسيلة هامة من وسائل التقارب العالمى، فلم يعد العالم اليوم يعيش فى عزلة؛ لأن وسائل الاتصال الحديثة قد قربت المسافات، وبالتالى قربت بين الكثير من الثقافات، وجعلت عملية اللقاح الثقافى بين المجتمعات ظاهرة عالمية، لا تقتصر على مجتمع دون مجتمع ولا على جماعة دون أخرى؛ فقد تأثر العرب بالحضارة اليونانية والفارسية والرومية وأثروا فى الحضارة الغربية، ويدخل الآن كثير من عناصر الحضارة الغربية فى ثقافتنا العربية.
ساحة النقاش