قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مرحلته الثالثة في مشروعة "تطوير الأداء النوعي ورفع كفاءة التخطيط المؤسسي في الجامعات العربية" في عام 2005 بتقييم برامج مختلفة في التربية في عدد من جامعات العالم العربي بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ولمكتب الإقليمي للدول العربية Regional Bureau for Arabs states تحت عنوان "مشروع تطوير الأداء النوعي ورفع كفاءة التخطيط المؤسسي في الجامعات العربية:
وقد كانت أهداف البرامج:
1- إجراء التقييم الشامل الداخلي والخارجي لجودة برامج التربية في الجامعات العربية في ضوء معايير وكالة ضمان الجودة للتعليم العالي(QAA) في بريطانيا.
2- قياس أداء الطلبة المقبلين على التخرج في كل البرامج التي يتم تقييمها باستخدام اختبارات دولية قابلة للمقارنة إقليمياً ودولياً.
3- بناء قاعدة إحصائية تقدم مؤشرات دلالية إحصائية عن الطلبة وهيئة التدريس والعاملين والبرامج في كل جامعة عربية مشاركة.
4- توفير مجموعة من المخرجات ذات الدلالة في مجال ضمان تحسين الجودة في التعليم الجامعي.
وقد شارك في البرنامج :24 جامعة من 13 دولة عربية هي: الأردن، سوريا، لبنان، ومصر، السعودية، اليمن، قطر، البحرين، السودان، عمان، المغرب، الجزائر، فلسطين(لجامعة الإسلامية وجامعة بيرزيت وجامعة النجاح)بالإضافة إلى50 خبيراً تربوياً يمثلون كليات التربية في الجامعات العربية.
تجربة كلية التربية بجامعة الإمارات في الاعتماد الأكاديمي:
لقد سعت جامعة الإمارات العربية المتحدة لأن تقدم فرص تعلم عالية الجودة لطلبتها بما يضمن رفد المجتمع بخريجين على درجة عالية من الكفاءة والاقتدار. وفي سبيل ذلك فإنها أخذت بضمان الجودة كمفهوم رئيسي في عملها. واستعانت بخبراء عالميين مشهود لهم في أغراض التقويم الخارجي لتقويم الكليات غير المهنية(العلوم، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والشريعة والقانون، ونظم الأغذية) بهدف الارتقاء بمستواها. كما وظفت الجامعة الاعتماد الأكاديمي لضمان جودة برامجها التعليمية في الكليات المهنية(الطب، والهندسة، والإدارة والاقتصاد، والتربية)، حيث استعانت بمؤسسات اعتماد عالمية متخصصة تضم خبراء متمرسين بمعايير الجودة في التعليم العالي، وذلك بهدف الحصول على تحليل نقدي يؤدي إلى تحسين أدائها.
وقد سعت كلية التربية بجامعة الإمارات للحصول على الاعتماد الأكاديمي وفقاً لمعايير المجلس القومي(الأمريكي) لاعتماد برامج إعداد المعلمين National Council for Accreditation of Teacher Education(NCATE)، والجمعيات المنطوية في إطاره، وهي:
· الجمعية الوطنية(الأمريكية) لتعليم الأطفال الصغار National Association for the Education of Young Children(NAEYC)، لتطوير برنامج معلمة مرحلة الطفولة المبكرة Early Childhood Education.
· لجنة المجلس القومي(الأمريكي) لاعتماد برامج إعداد المعلمين الخاصة بالتعليم الابتدائي NCATE Elementary Task Force، لتطوير برنامج معلم المرحلة الابتدائيةElementary Education.
· مجلس ذوي الاحتياجات الخاصة Council for Exceptional Children(CEC)، لتطوير برنامج معلم التربية الخاصةSpecial Education.
· المجلس القومي(الأمريكي) لاعتماد برامج إعداد المعلمين NCATE، والجمعيات المهنية المتخصصة، لتطوير برنامج معلم المرحلتين الإعدادية والثانوية Preparatory and Secondary Education. وتشمل الجمعيات المهنية المتخصصة في التعليم الإعدادي والثانوي التالي:
- المجلس القومي(الأمريكي) لمعلمي الرياضيات National Council of Teachers of Mathematics(NCTM) لتطوير برنامج معلم الرياضيات.
-المجلس القومي(الأمريكي) لمعلمي العلوم National Science Teacher Association(NSTA) لتطوير برنامج معلم العلوم.
-معايير المجلس القومي(الأمريكي) لاعتماد برامج إعداد المعلمين NCATE لتطوير برنامج معلم التربية الإسلامية. كما تم الاستعانة أيضاً بأهداف برنامج معلم التربية الإسلامية بجامعة الأزهر.
-أما بالنسبة للتخصصات الأخرى التي لها أبعاد ثقافية، مثل: اللغة العربية، والاجتماعيات فقد تم الاسترشاد بمعايير المجلس القومي(الأمريكي) لاعتماد برامج إعداد المعلمين NCATE، والجمعيات الأمريكية المقابلة مع المواءمة للبيئة الإماراتية.
وقد كان مدخل كلية التربية بجامعة الإمارات للتطوير النوعي قائم على التربية المستندة على المعايير والقائمة على الأداء والتي تقترب من المدرسة البنائية، وهذا يتفق مع متطلبات الاعتماد الأكاديمي التي حدده NCATE. ويقوم هذا المدخل على ثلاثة مبادئ رئيسية، هي:
1- تصمم المنهج ليلبي احتياجات المتعلمين طويلة المدى من خلال تطوير أهداف ومخرجات تعلم واضحة وقوية تستند إلى معايير المنظمات المهنية المتخصصة وإلى أفضل الممارسات العالمية.
2- توفير الفرص للمتعلمين لتحقيق تلك المعايير، وذلك من خلال توجيه جميع المصادر والموارد والإمكانات المتاحة مادية وأكاديمية لمساعدة المتعلمين على تحقيق تلك المعايير.
3- تقييم مدى نجاح المتعلمين في تحقيق تلك المعايير، وفقا لمتطلبات تقييم الأداء.
الملاحظ في التجربة أن جامعة الإمارات لم تقم بتعديل أو تكييف برامجها القديمة للتوافق مع متطلبات الاعتماد الأكاديمي، وإنما قامت بتصميم برامج جديدة مسترشدة بمعايير NCATE والجمعيات المهنية المتخصصة التي ذكرت سابقا. وكانت نقطة البداية إعداد رؤية ورسالة جديدتين للكلية. كما تمت صياغة أهداف معاصرة، وإطار مفاهيمي واضح يرشدها لتصميم البرامج المطورة. وتم البدء في تحديد رؤية للكلية نظرا للأهمية الكبيرة للرؤية في إنجاح التطوير والتغيير المنشودين. وقد عملت الجامعة على توفير البيئة المناسبة للتطوير ودعمتها بشكل جيد من خلال: تهيئة مناخ التطوير، والاستفادة من مجموعة من الخبرات الدولية في ميدان التربية في التقويم الخارجي للكلية، والالتزام بالمعايير العالمية لإعداد المعلم وهي معايير عام 2000 التي حددتها NCATE والمنظمات المتخصصة المنطوية تحتها. هذا إضافة إلى اختيار مجموعة من أعضاء هيئة التدريس المتحمسين للعمل لتشكل عناصر تغيير. وكذلك الحرص على وجود آليات تضمن تطبيق ما تم التخطيط له.
وفي ضوء الدراسة الذاتية والتقويم الخارجي لبرامج إعداد المعلم، وضعت الكلية "خطة عمل للعام الجامعي 1999/2000" لتسهيل تحقيق الأهداف الإستراتيجية لعملية التطوير. ولقد تمت عملية التطوير في كلية التربية في عدة مراحل هي: تكوين خلفية معرفية، إعداد البرنامج، تنفيذ البرنامج، تحسين البرنامج. والشكل التالي يوضح مراحل عملية التطوير:
ومن المفيد الإشارة إلى أن NCATE لم تلزم كلية التربية بأساس نظري معين، وإنما تركت لها حرية اختيار الأساس النظري الذي تراه، ومن ثم تعد الكلية مسئولة عن تنفيذه في الواقع، أي من خلال البرامج، أساليب التدريس، والتقويم. فوثيقة معايير المجلس الوطني(الأمريكي) لاعتماد برامج إعداد المعلم(NCATE) تبدأ بالأساس المعرفي، والذي بالرغم من أنه لا يدخل في الرقم التسلسلي للمعايير، إلا إنه يشكل الأساس الذي ترتكز عليه وثيقة المعايير.
وتنص وثيقة المعايير فيما يتصل بالأساس المعرفي على: "يؤسس الإطار المفاهيمي(الأطر المفاهيمية) رؤية مشتركة لجهود الوحدة في إعداد التربويين للعمل بفاعلية في مدارس التعليم العام(الحضانة حتى الصف الثاني عشر). ويوجه الإطار المفاهيمي(الأطر المفاهيمية) البرامج، والمساقات، والتعليم، وأداء الطلبة المعلمين، والبحث، وخدمة المجتمع، ومساءلة الوحدة. و يبنى الإطار المفاهيمي(الأطر المفاهيمي) في ضوء معرفة كافية، ويصاغ بدقة، ويتفق الجميع حوله، وينبغي أن يكون متماسكاً، ومتسقاً مع رؤية الوحدة أو المؤسسة الأكاديمية، كما يكون خاضعاً للتقييم باستمرار."(NCATE, 2000, p. 10).
وكانت النتيجة أن الكلية حصلت على الاعتماد الأكاديمي في عام 2005 م بعد عمل مدته حوالي 7 سنوات استطاعت فيه الكلية أن ترتقي بنوعية الخريجين.
دروس مستفادة للتطبيق في كلية التربية بالمدينة المنورة:
اعتمادا على ما تقدم من تجارب عالمية ووضع برامج إعداد المعلم، نود أن نقدم بإيجاز النقاط الواجب العمل عليها فوراً من حيث مراجعتها وتأكيد أهميتها وتحديد الأولويات وتنفيذها. تشمل هذه النقاط:
· خبرات وتجارب العالم المختلفة تؤكد أهمية وجود جهات مستقلة لضبط جودة التعليم.
· بالنسبة لاعتماد برامج إعداد المعلم، وربما يتوجب علينا لاستكمال موضوع تقييم البرامج الأكاديمية في التربية.
· خبرات الدول المختلفة في الاعتماد الأكاديمي تبين أهمية اعتماد البرامج بشكل دائم من الهيئات المختصة لما له أثر في نوعية الخريج من هذه البرامج. وهذا يبين أهمية نشر الثقافة الخاصة بهذا الموضوع.
· التقييم والمراجعة الخارجية للبرامج عملية مفيدة لتشخيص مشكلات الواقع والبدء في عملية التحسين على أسس علمية. فنتائج تقييم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تبين نقاط هامة يمكن أن تكون البداية في المشاريع التطويرية في التربية.
· التقويم الذاتي من قبل مؤسسات التعليم العالي التي تقدم برامج إعداد المدرسين عملية مهمة لتطوير هذه البرامج مع التركيز على المنهجية أو الطريقة المعتمدة على المخرجات(Outcomes-Based Approach).
· تحديد جميع العوامل المؤثرة في جودة التعليم مثل: نوعية المدرس وبرامج إعداده وتطويره، والمنهاج والبيئة التعليمية، ودور الشركاء والأخذ بعين الاعتبار بتوصيات اليونسكو وبهذه العوامل لوضع إستراتيجية شاملة لإصلاح التعليم.
· إنشاء هيئة أو نقابة مهنية مستقلة تعنى بمهنة التعليم من حيث وضع ضوابط ومتطلبات لممارسة المهنة والتطور المستمر والترقية كغيرها من المهن.
· تجربة كلية التربية بجامعة الإمارات قيمّة ورائدة وتحتاج إلى دراسة بعمق للاستفادة من النتائج، وخاصة أنها اعتمدت برامجها الأكاديمية من مجلس معروف عالميا هو المجلس الوطني الأمريكي لاعتماد برامج إعداد المعلم. ربما عمل زيارات للجامعة والتواصل مع أعضاء هيئة التدريس هناك يساعد في نقل التجربة بما يتلاءم مع الخصوصية الفلسطينية.
· تعيين لجنة خاصة لمراجعة أدبيات ودراسات جودة التعليم العام للخروج بخطة شامله لتحديد هوية خريجي المدارس من حيث التخصصات والقدرات الحياتية والتكنولوجية اللازمة للتنمية المستدامة.
ساحة النقاش